العز بن عبدالسلام!!

رفع الشيخ العز بن عبدالسلام راية الجهاد عندما وقَّع سُلطان دمشق، الصالح إسماعيل، معاهدة مع الصليبيين تتيح لهم أن يشتروا السلاح من أسواق الشام،

وأن يستخدموا هذا السلاح في تحركاتهم العسكرية ضد المسلمين والعرب،

فكان الشيخ يصرخ في خطبه:

- أيها الناس، علَّمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

إعلاء كلمة الله، في أن نقول كلمة الحق عند سُلطانٍ جائر، وطالبنا الله، جلَّ وعلا، أن نعد لهم ما استطعنا من قوة... فهل من إعداد القوة بيع سلاح المسلمين لأعدائهم؟!

وهل من إعداد القوة تسليم الثغور والحصون لأعداء الإسلام؟! ألا إن بيع السلاح حرامٌ حرامٌ حرامٌ، لا رخصة فيه ولا استثناء، وكل مَنْ يفعل ذلك أو يعاون عليه مرتدٌ عن دين الإسلام.

***

• وتشتعل نار ثورة أتباع الشيخ في كل أنحاء دمشق، حتى خشي عليه متابعوه من بطش السُّلطان،

فجاء إليه بعضهم، قائلين:

- اهرب يا شيخنا قبل أن يأتي جنود السُّلطان ليقودوك إلى السجن.

- كيف تريدون مني أن أهرب، بعد أن عرَّضت رقاب الأهالي لسيوف السُّلطان؟! لا والله، لن أهرب، ولن أختبئ، إنما نحن في بداية الجهاد في سبيل الله.

***

• ويحيط جند السُّلطان بالعز بن عبدالسلام في بيته، ويسوقونه مكتفاً إلى السجن، وهو يصرخ فيهم:

- ألا إن سُلطانكم جائر ومرتد،

ألا إن كل مَنْ يعينه على جوره وارتداده مرتدٌ مثله عن دين الله.

***

• وتزداد ثورة أهالي دمشق اشتعالاً، تضامناً مع شيخهم، بعد أن أُشيع أن السُّلطان ينوي قتله. لكن أمام ثورة الناس لم يجد السُّلطان بُداً من التراجع عن عزمه، وحاول استرضاء الأهالي، بتقديم الهبات، واستمال إليه خطباء المساجد، بعد أن كرَّمهم، كما سمح لأعوان الشيخ بمقابلته في السجن. لكن كل هذا لم يخفف من غضب الثائرين،

والشيخ لا يكف عن تحريضهم على الاستمرار في الجهاد، وهو في سجنه، ويقول لزواره:

- لا تشغلوا أنفسكم بأمري، فإذا قتلوني فسألقى ربي شهيداً، ويلقاه الصالح إسماعيل مرتداً، فغيِّروا بأيديكم ما لم أقدر على تغييره بلساني، وامنعوا هذه المعاهدة مع الفرنجة، التي تبيح بيع السلاح لأعداء الإسلام.

***

- يا مولانا السُّلطان، اطرد هذا الشيخ من بلاد الشام.

- إلى أين؟

- إلى مصر.

- فماذا لو حرَّض الملك الكامل على مهاجمتي؟!

- إذاً أخرجه من سجنه، عسى أن يهدأ الناس.

***

• خرج العز بن عبدالسلام، وأصبحت داره مركزاً للثورة، مما أجبر السُّلطان على نفيه إلى مصر، واستُقبل في مصر استقبالاً حافلاً، وتولى فيها منصب الفُتْيَا، ودخل في يوم على حاكم مصر، وقال له:

- إنّ إباحة الخمر في مصر أمر مخالف لتعاليم الإسلام.

- ولكن يا شيخ عز بن عبدالسلام، إن هذا كان منذ زمن أبي.

- الله... الله... ما هذا؟! أأنت من الذين يقولون إنِّا وجدنا آباءنا؟!

لا والله، لن أقبل منك هذا، حتى تهدم تلك الحانات.

• ولما دخل لويس التاسع مصر كان الشيخ على جواده، حاملاً سيفه، ويصيح: إنها ساعة الجهاد، فاحملوا على أعداء الله.

***

• أين هذا النموذج الفذ ممن يدعون إلى التطبيع مع الصهاينة؟!

وسوم: العدد 853