العلامة الشيعي الوسطي محمد حسين فضل الله

clip_image002_93253.jpg

محمد حسين فضل الله مرجع دين شيعي ولد في مدينة النجف في العراق وأقام في لبنان حتى وفاته يوم 4 تموز عام 2010م.

ولد العلامة محمد حسين فضل الله في النجف في العراق في 19 شعبان لعام 1354 هـ/1935م. بدأ بالدراسة في الحوزة العلمية في سن مبكرة جداً، كان تقريباً في التاسعة من عمره، وعندما وصل إلى سن السادسة عشر بدأ بحضور دروس الخارج، يعتبر من أكثر علماء الشيعة انفتاحاً على التيارات الأخرى.

ترعرع السيد فضل الله في أحضان الحوزة العلمية الكبرى في النجف بالعراق، وبدأ دراسته للعلوم الدينية في سنّ مبكرة جداً.. ففي حوالي التاسعة من عمره، بدأ بالدراسة على والده، وتدرّج حتى انخرط في دروس الخارج في سنّ السادسة عشرة تقريباً، فحضر على كبار أساتذة الحوزة آنذاك. وقد كان السيد فضل الله من الطلاب البارزين في تحصيلهم العلمي في تلك المرحلة، ويُذكر في هذا المجال أن السيد محمد باقر الصدر قد أخذ تقريرات بحث فضل الله إلى السيد الخوئي لكي يُطلعه على مدى الفضل الذي كان يتمتع به، فأعطاه الخوئي وكالة لقبض الأموال الشرعية، فكانت وكالته المطلقة له في الأمور التي تناط بالمجتهد العالم. وقد أثر عن السيد فضل الله أنه كان من الأوائل البارزين في جلسات المذاكرة، حتى برز من بين أقرانه ممن حضروا معه، فتوجّهت إليه شرائح مختلفة من طلاب العلم في النجف آنذاك، فبدأ عطاءه العلمي أستاذاً للفقه والأصول. ثم بدأ بعد ذلك بالتدريس العلمي حيث أصبح أستاذاً للفقه والأصول في حوزة في النجف. وقد شرع في تدريس بحث الخارج منذ ما يقارب العشرين عاماً ويحضر درسه العديد من الطلاب من شتى أنحاء العالم الإسلامي عموماً والعربي على وجه الخصوص.

انتقل محمد حسين فضل الله من العراق إلى لبنان في سنة 1966م، وأسس هناك حوزة المعهد الشرعي الإسلامي. وحدثت له عدة محاولات اغتيال نتيجة لانتهاجه الخط الإسلامي المعتدل، وبدأ يلقي الخطب والمحاضرات هناك. وقد أنشأ عدة جمعيات خيرية ومبرات للأيتام.

أصبح السيد محمد حسين فضل الله (آية الله العظمى) وهو لقب يطلق على كل ما يحصل على درجة الاجتهاد في الفقه الشيعي، وقد جمع فتاواه في كتاب فقه الشريعة المكون من ثلاثة أجزاء. وهناك اختلاف في اجتهادهِ عند الشيعة.

تتميز فتاواه وأفكاره بمناقشة المسلمات وخصوصاً في الفكر الشيعي، مما أدى إلى معارضة قوية من بعض المراجع الشيعة، ولاسيما إنكاره لقضية كسر ضلع فاطمة الزهراء.

تميّز العلامة فضل الله بتجربة فقهية وأصولية تجديدية جعلت منه صاحب فتاوى جدلية وممهّداً الطريق نحو اجتهاد استحساني في فهم الكتاب والسنّة، وقد ساعده على ذلك فهمه الارتجالي للقرآن الكريم، انطلاقاً من تفسيره "من وحي القرآن"، وذوقه الرفيع في اللغة العربية وآدابها، والذي يُعتبر الركن الأساس في فهم النصّ، ويمكن لنا أن نذكر عدّة مميّزات في هذا المجال:

اعتماد سماحته على الرؤية القرآنية كأساس في الاجتهاد والاستنباط بوصفه الأساس التشريعي والدستوري الأول في سلّم مصادر التشريع، وقد مكّنه ذلك من الوصول إ لى معطيات فقهية جديدة تمثّل فهماً قرآنياً أصيلاً.

محاولة تخليص الفقه من التعقيدات التي أفرزها تأثّر الممارسة الاستنباطية والتنظير الأصولي بالفلسفة التجريدية، ما أدى إلى تشويش الفهم العرفي في تعامله مع النصّ في دلالته ومعطياته. وليس ذلك إنكاراً لأهمّية الأصول كما توهّم الكثيرون، وإنما هو العمل على التوفيق بين النظرية والتطبيق التي خالف فيها كثيراً من الفقهاء لسبب وآخر.

الشمولية في الرؤية الفقهية، حيث تتحرّك العملية الاستنباطية لتجمع كل المفردات المترابطة التي تشكّل المنظور الإسلامي المتكامل، خلافاً للمنهج التجزيئي الذي يعمل على تقطيع أوصال الأحاديث التي تنتمي إلى وادٍ واحد.

الذوق الأدبي الراقي، والقدرة اللغوية المتميّزة عند سماحته، أعطى لممارسته الاستنباطية عمقاً وأصالة وصفاءً من جهة، ووفّر له فهماً أدقّ وأعمق للنصوص الشرعية من جهة أخرى.

وبالإضافة إلى كل ذلك، امتلك سماحة السيد (دام ظلّه) الجرأة العلمية على طرح نظريّاته الفقهية عندما يتوصل إلى قناعة ثابتة بها، ورأى أنّه في ظل وضوح الرؤية لدى الفقيه، ليس ثمّة مبرّر له في الاحتياط، لأن الاحتياط لا بدّ أن يرتكز على دراسة واقعية لظروف المكلّفين لا لظروف المجتهد، لأن الاحتياطات التي لا أساس علمياً لها، أوقعت المكلّف بالحرج والمشقّة في كثير من المجالات الابتلائية، ولذا أفتى سماحته بطهارة كلّ إنسان، وبجواز تقليد غير الأعلم، وباعتماد علم الفلك والأرصاد في إثبات الشهور القمرية، وغير ذلك، وقد قال بعض الفضلاء وهو يشير إلى بعض الفتاوى السابقة، إنه وصل إلى نفس النتائج. أما عن مرجعية السيد (دام ظله): فإن الاطمئنان بذلك كافٍ وهو حاصل من خلال بروز فقاهة سماحة السيد (دام ظله) العالية من خلال استمراره على الاستنباط وتدريس بحوث الخارج منذ أكثر من ثلاثين سنة وصدور الابحاث الاستدلالية لديه بما يزيد على العشرة مؤلفات مما ليس موجودا عند غيره.. كما ان انتشار تقليد سماحته بين المؤمنين في أقطار الأرض مما يحصل الاطمئنان ايضاً إضافة لوجود شهادات أهل الخبرة من أهل العلم والفضل ومنهم.

للسيد محمد حسين فضل الله الكثير من المؤلفات، وتتوزع هذه المؤلفات ما بين مجلدات وما بين كتيبات صغيرة في الفقه، ومناحي إسلامية متعددة، والمجتمع، إضافة إلى عشرات المحاضرات والندوات.

قام السيد محمد حسين فضل الله بإنشاء جمعية المبرات الخيرية، والتي انبثقت عنها الكثير من المدارس والمستشفيات والمعاهد الخيرية والمبرات والمعاهد والمراكز الصحية والدينية والثقافية في لبنان.

وسوم: العدد 867