الشهيد عماد حبيب

﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا

عماد...

تعرفه بالبسمة... بالبشر... بالكلمة الهامسة... بالذكاء والبصيرة... بالعزم والإرادة.

عماد...

الجسم ضئيل، والقلب... واليقين... والحمية... والإباء... تملأ عينيك... تأخذ بنفسك، وتذكرك أقوال الشعراء..

عماد... اللطف اللطيف يحمل السلاح... يتصدى للبغي... يعلي رايات الجهاد... يسير في ركب الشهادة... يعرج في مراقيها... يتسنم ذروة سنام الإسلام... كما كان في رحلاته يتسنم قمم الجبال خفة ورشاقة.

رشاقة... عماد يتسنم ذروة سنام الإسلام... يخوض سبيل الجهاد... وتشرئب إليه الأعين الكليلة وتغبطه الهمم القاصدة... وتسعد بذكره القلوب...

عماد... (أبو الفداء)... وما أعظم حظ عماد من اسمه..

ولد عماد في حلب سنة 1956م، وانتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين سنة 1971م. وقد عرف الأخ بدماثة خلقه ورقته وأدبه وحيائه... حتى لا تكاد تسمع له صوتاً فإذا تكلم انسابت الكلمات من فمه جزلة فصيحة حكيمة..

عرف –رحمه الله- بحذره الذكي الشجاع، وهذه خصلة ثمينة لدى الداعية المسلم، وكانت رقته مع حذره، توهم من لا يعرفه عن قرب أنه منطوٍ ومنعزل عن المجتمع، وأن هذا الشخص النحيل أبعد ما يكون عن التنظيمات والتجمعات..

وما أن دخل الأخ عماد (كلية الطب) سنة 1975م حتى أحس بضخامة العبء الذي ينتظره مع إخوانه فشمر عن ساعد التضحية ووهب وقته كله لله. فعلى الرغم من كثافة الدراسة كان ينجح باستمرار على الرغم من الوقت اليسير الذي خصصه للدراسة..

كان –رحمه الله- لا يأوي إلى بيته إلا قليلاً فما إن ينصرف من الجامعة حتى ييمم وجهه شطر أخ قريب يزوره في الله، وينتقل إلى آخر يدعوه إلى الله.

وينكفئ إلى داره، ليطالع الكتب الإسلامية والثقافية، مما أهله للتوجيه داخل الأسر المنظمة فرشحه مسؤولوه للتوجيه، وأثبت عماد أنه الموجه الكفء الذي يضحي بدراسته ووقته في سبيل دعوته... كان رحمه الله يسبق إخوانه إلى ما يأمرهم به، فلا يكاد ينتهي وأسرته من رحلة بالدراجات حتى يخرج برحلة سيراً على الأقدام، يتبعه إحياء الليل بالعبادة والطاعة، ثم صلاة الفجر جماعة والاجتماع في أحد البيوت على حزب من القرآن.

وجمع إلى كل أؤلئك صلابة في العقيدة، وجرأة في الحق، وإقداماً على الظالمين..

ففي سنة 1977م، حينما كان الشهيد طالباً في السنة الثالثة من كلية الطب، أصدرت السلطة النصيرية أمراً بمنع الطلاب المسلمين من الصلاة في أثناء الامتحان... على الرغم من أن الطغاة يتعمدون جعل وقت الامتحان يستغرق وقت صلاة المغرب كاملة..

نعم.. منع الطلاب المسلمون من أن ينتحوا جانباً ليؤدوا صلاتهم... بينما تنصاع لأوامر الأسياد من (اليهود) فتفرغ يوم السبت من كل امتحان..!

هل يصدق هذا؟؟.. يستغرب الناس لماذا يثور عماد اللطيف الوادع الهادئ... لماذا يثور إخوان عماد البررة الأطهار... بل لماذا لا يثورون وهو يرون (اليهود) أكبر احتراماً... وأكثر حقوقاً... وأحظى عند السلطة النصيرية..

لماذا لا يثورون وقد بدأ إخوانهم من أبناء الشعب يتمنون أن تكون لهم (حقوق اليهود)!!

منع الطلاب من الصلاة.. وهددوا بسحب الأوراق، بل بالفصل من الجامعة... بل بتسليمهم لأجهزة القمع والعسف..

وجاءت الفتاوى.. فتاوى الذل تتهادى من ضعفاء العلماء... الذين سوغوا الجمع بين الصلاتين... ولكن عزة المسلم أبت على عماد وإخوانه أن يخضعوا... وضعوا النجاح في الامتحان تحت أقدامهم واستقبلوا تهديدات السلطة بجلال الله... فما أن حان وقت الصلاة... حتى هب الشهيد مع إخوانه وقفة رجل واحد فأدوا الصلاة وأعلنوا: الله أكبر..

وحين نادى منادي الله..

وترددت في جنبات الشام: ألا يا خيل الله اركبي... لبى عماد النداء..

وفي ليلة من ليالي رمضان... في الشهر الذي شهد لشهداء المسلمين على مر الزمان... اغتالت يد البغي والإثم والجور.. عمادا.. وانطلقت روحه... تحلق في أجواء الجنة... في حواصل طير خضر..

أما بعد يا أخي.. عماد...

ما كنت أحسبني قادراً على الرثاء... ولا أحسبني قادراً على الوفاء، وإذ أشعر أن الكلمات قد تنتهي... وأن لقائي معك كان كآخر لقاء رأيتك فيه... قصيراً ولكنه أطول من الزمان..

لا يسعني إلا أن أقول: طوبى لك الشهادة أبا الفداء..

انتهى المقال المنوه به

في منتصف عام 1977م أصبحت عضواً في إدارة مركز حلب، مسؤولاً عن جهاز التربية في المدينة. والمراد يومئذ بجهاز التربية هو طلاب المدارس الإعدادية والثانوية وموجهوهم. وهؤلاء الموجهون من طلاب الجامعات وخريجيها.

ومن أوائل الأمور التي قمت بها عندئذ هو أنني أجريت مسحاً تربوياً عاماً لجميع أفراد الجهاز.

المسح التربوي العام

مع أن قراءاتي التربوية متواضعة، فإن قضية المسح التربوي الذي يعني التعرف إلى المستوى التربوي العام لدى الأفراد الذين أعمل معهم، كانت ذات أهميّة كبيرة في نظري، فهي ستعينني على اكتشاف الكثير: ما نقاط القوة ونقاط الضعف عند كل منهم؟ وهل المستوى الثقافي والعلمي والدعوي لديهم في مستوى مقبول أم هو فوق ذلك أم دونه؟! وهل هناك تفاوت كبير بين المتقدمين منهم والمتأخرين؟... وإذا اكتشفتُ ذلك فيجب أن أوظف هذا الاكتشاف، وأول ذلك أن أختار مجموعة من المتقدمين ليكونوا أعواناً لي في قيادة العمل، ومجموعة أوسع من هؤلاء، تليهم في المستوى، ليكونوا "موجهين"، والباقون يكونون أفراداً عاديين، أو أعضاء أُسر فحسب.

والتوظيف الثاني لهذا الاكتشاف أن أعمل على تعزيز جوانب القوة والتقدم والتفوق، وعلى معالجة جوانب الضعف والتخلف.

وكنت أقول في نفسي: مهما أردت أن يكون "المسح" دقيقاً فلن تكون دلالته على هذا "الفرز" دقيقة، ولكن حسبي أن أسترشد به وأستأنس، فهو خير من الاعتماد على التخمين والفراسة، سواء أكان التخمين والفراسة مني، أو ممن أستشيره!.

وقد شمِلَت عملية الفرز جميع الإخوة التابعين لجهاز التربية، بمن فيهم الموجهون (أي نقباء الأسر أو رؤساء الحلقات)، وأفراد الأسر، وهم طلاب المدارس الإعدادية والثانوية. وكان عددهم يقارب الثلاثمئة.

ولدى القيام بالمسح المذكور، والاعتماد عليه في الفرز التنظيمي، تبيّن لي أن نتائجه كانت أكثر دقّة مما توقّعت. فلم أنْدَم على من قدّمتُه في مواقع المسؤولية، بناء على تلك النتائج، بل لقد حَلَّ هذا المسح لي بعض الإشكالات، وفسّر لي بعض الأمور:

- في تشكيل جهاز التربية، قبل تسلُّمي إياه، كان بعض الإخوة الموجهين يُكْثِرون الشكوى من مسؤولهم، وكان هذا المسؤول يبادلهم شكوى بشكوى، فهم يتّهمونه بضحالة الثقافة والخبرة، وهو يتهمهم بضعف روح الجندية...

وبنتيجة "المسح" الذي قمت به، تبيّن لي أن المستوى العام لهؤلاء الموجهين كان أعلى من مستوى مسؤولهم، فكان هذا هو التعليل الصحيح لتلك الشكاوى!

فلما أعيدَ بناء الجهاز زالت هذه المشكلة، وإن ولدت مشكلة جديدة، هي مشكلة ذلك المسؤول الذي أعفي من تلك المسؤولية، وصار موجّهاً فحسب، أي صار "رسمياً" في مستوى الذين كان يرأسهم!.

- لقد اخترت الخمسة الأوائل في نتائج المسح، ليكونوا أعضاء في مجلس إدارة الجهاز (وكان ترتيب عماد هو الرابع)، ووجدنا أن حيّاً كبيراً، فيه عدد جيد من الجيل الصاعد من الإخوان، لا يمثّله أي عضو في مجلس إدارة الجهاز، وهو حيّ بعيد نسبياً عن أماكن تجمعات الإخوان الأخرى. فكان لابد من ضم أخ من هذا الحيّ وإن لم يكن ترتيبه تالياً للخمسة الأوائل المذكورين، بل ربما كان ترتيبه هو الثاني عشر. ثم اقترح عليّ أحد الإخوة أن أضمّ إليهم أخاً سابعاً، ترتيبه كذلك متأخِّر قليلاً عن الأوائل، لكنه يملك مؤهلات أخرى تجعله في مصافّ أولئك الأوائل. وبذلك أصبح عدد أعضاء المجلس سبعة (وضمّ إليهم أخ ثامن فيما بعد).

لقد وجدتُ بشكل واضح أنّ الأخوين السادس والسابع اللذين ضُمّا إلى المجلس، كانا بالفعل دون مستوى أقرانهم الخمسة الأوائل. وهذا ما أكدّ أن العلامات التي حازها الإخوة في المسح العام كانت لها دلالة دقيقة!.

*****

بقي أن أذكر أمرين: الأول: عن الأسس التي اعتمد عليها المسح ثم الفرز. والثاني: إحدى المشاهدات التي ترتبت على الفرز!.

أما أسس المسح فقد كانت بسيطة من حيث المبدأ، بل ربما تعدُّ ساذجة، وفق المقاييس التي يمكن اعتمادها في علم النفس التربوي، حين يجري الحديث عن القياس والتقويم.

لقد اخترت مجموعة من الأسئلة التي تكشف مدى إحاطة الأخ بالعلوم الإسلامية الأساسية (تفسير، وفقه، وحديث، وعلوم حديث...) والثقافة الدعوية، والثقافة العامة (السياسية والاقتصادية والحركية...)

واستعنت في اختيار الأسئلة ببعض الإخوة الأكفياء. وكان أهم الإخوة الذين أفادوني بذلك هو الأخ أبا همام عبد الرؤوف.

وأذكر أن عدد الأسئلة المختارة بلغ أربعة وخمسين سؤالاً، معظمها مصوغ بالطريقة الإنشائية، لكن الإجابات المطلوبة كانت قصيرة، بمعدل سطر واحد لكل سؤال.

والعلامة التي يحوزها الأخ نتيجة الإجابة على الأسئلة المذكورة تشكّل ثلثي العلامة الكلية التي ينالها محصلةً للمسح. أما الثلث الباقي فهو علامة تقديرية تمثل الانطباع العام عن الأخ، لدى مسؤوليه في السنة الأخيرة التي سبقت المسح، ويُلحظ فيها مدى التقوى والذكاء والوعي والانضباط وحسن الأداء الاجتماعي والتنظيمي...

وبعد الحصول على العلامة الكلية يتم ترتيب أسماء الإخوة الذين شملهم المسح، وفق تلك العلامة، بشكل تنازلي، الأعلى علامةً فالأعلى... وكان ذلك يتم بشكل يدوي، إذ لا كمبيوتر، في تلك الأيام، ولا هم يحزنون.

الثاني: من مشاهداتي بعد إكمال المسح، واختيار الأوائل لتشكيل مجلس الجهاز منهم – كما ذكرتُ من قبل- تم توزيع موجهي الأسر (وهم نحو خمسة وثلاثين موجهاً) على أعضاء المجلس، بحيث يرأس كل عضو في المجلس مجموعة من الموجهين، أو مجلساً للموجهين، ويرأس كل موجه أسرة واحدة أو أكثر، وتتشكل الأسرة الواحدة من بضعة إخوة.

ويعقد كل مجلس من مجالس الموجهين، لقاء أسبوعياً، يُتدارس فيه شؤون الأسر التابعة له، وتقرأ فيه تعليمات القيادة أو الإدارة، وقد تُتدارس فيه كذلك فقرة من فقرات المنهج التربوي، التي هي، في الغالب، مادة من مواد العلوم الإسلامية.

مضى الأمر على ذلك، وكنت أسأل أعضاء مجلس الجهاز عن مجالس الموجهين، وأرتاح لما يذكرونه لي، وقد كانوا صادقين صريحين، ولكنّ المعاينة قد تكشف أموراً وتفصيلات لا يمكن ملاحظتها عبر ما ينقله عضو مجلس الجهاز. لذلك رأيت أن أقوم بزيارات لمجالس الموجهين لأزداد معرفة واطمئناناً.

*****

خلية نحل:

ومما أنجزته خلال رئاستي لجهاز التربية، أن كلفت أعضاء الجهاز، من موجهين وأفراد، أن يدرسوا المنهاج دراسة جادة، وقسمت موضوعات المنهاج إلى نوعين: نوع يقدّم الأخ فيه دراسةً جادة، يعتمد فيها على عدد من المراجع، فيكتب بحثاً في كل موضوع منها، ونوع يقرؤه من المراجع المتاحة أو المعتمدة فيقدم فيه امتحاناً. وقد وجدتْ هذه الطريقة تجاوباً كبيراً، فصار الجهاز خلية نحل، يجدّ الإخوة في إعداد البحوث، وفي تقديم الامتحانات. وكان هذا يشغلني جداً، إذ عليّ أن أدلُّ على المراجع المناسبة، وأن أقرأ البحوث التي يُعدّها الإخوة وأسجل عليها الملاحظات، وأضع العلامات المناسبة، وأجري الامتحانات وأصححها... وكنتُ أُحسّ بمتعة تنسيني تعبي.

*****

كان هذا الامتحان في شهر حزيران 1977، وشمل قرابة ثلاثمئة شاب، وكان ترتيب عماد هو الرابع بينهم.

ومن خلال عمل الجهاز ومجلسه اكتشفت من مزايا عماد ما لم أكن اكتشفته في الامتحان. فلقد اكتشفت فيه عمق الإيمان، وصفاء الطوية، ودماثة الخلق، ووضوح الفكر، وحيوية النشاط، وسعة الاطلاع، وتوقد الذكاء.

وكنت أعجب كيف يستطيع أن يجمع بين الدراسة في كلية الطب –وهي تحتاج إلى عظيم الجهد والجد والمثابرة- وبين أنشطة جهاز التربية، وهي تحتاج منه إلى ساعات طويلة كل أسبوع، تكاد تستنفد كل طاقة الرجل. فقد كان يحضر اللقاء الأسبوعي لمجلس الجهاز، واللقاء الآخر لمجموعة الموجهين التي يرأسها، وكان يوجه، فيما أ    ذكر، ثلاث أسر أو أربعاً. وكان يقوم بما ينبغي من الأنشطة المرافقة التي يتطلبها توجيه تلك الأسر.

ولم أكن أجد تعليلاً للقيام بذلك كله إلا أنه توفيق الله تعالى لأوليائه، والبركة التي يرزقهم الله بها. ولقد كنت حريصاً على أن يتمثل كل أخ من إخوة الجهاز مواد المنهج التربوي المخصص، ليس بصورة شكلية، بل بأن يقوم بالبحث والتنقيب والتمحيص، ويقدم دراسات جادة حول هذه المواد، وأن يتمثل القيم والأخلاق والسلوكات التي يدعو إليها المنهج. وأشهد، لقد كان عماد، عليه رحمة الله، من أفضل إخوانه، إن لم أقل: كان أفضلهم.

وعلى سبيل المثال: كان مطلوباً من كل أخ من أعضاء مجلس الجهاز أن يقوم باختبار الإخوة الذين يشرف عليهم، في مادة التجويد. وحتى يتأكد من أهليته للقيام باختبارهم، كنت أقوم بنفسي باختبار أعضاء المجلس الثمانية. وحين تقدم عماد للامتحان جلس أمامي وأنا –بنفسية الأستاذ الذي يختبر تلميذاً- أركز على تلاوته، وأوجه إليه الأسئلة النظرية، وأدقق لأكتشف أي نقطة خلل أو ضعف. ولكن بصري ارتد إلي حسيراً، إذ لم أستطع أعثر على أي ضعف أو خلل، بل كانت تلاوته وإجاباته على أحسن وجه أبتغيه، فأعطيته علامة المئة! وأنا مسرور.

وكنت بحاجة إلى من يساعدني في صياغة أسئلة الاختبار لمختلف مواد المنهج، وكنت أشترط أن تكون الأسئلة جامعة بين الطريقة الموضوعية (الأمريكية) وبين الطريقة الإنشائية، إذ إن لكل طريقة مزاياها. وكنت، ولا أزال، أرى أن الجمع بين الطريقيتين يكشف حقيقة القدرات للتلميذ. هذا فضلاً عن التركيز على المسائل الأكثر أهمية، وشمول الأسئلة لأوسع طيف ممكن من المسائل.

ثم إنني بحاجة كذلك لمن يعينني في تصحيح أوراق الامتحان وإعطاء الدرجات المناسبة لكل تلميذ.

وفي هذا وذاك لم أجد أفضل من عماد معيناً لي.

ولقد مرت ظروف اقتضت أن أترك مهمة رئاسة الجهاز (في آب 1978) وفي حينها رشحته ليكون هو رئيساً للجهاز، لكن إدارة المركز لم تأخذ برأيي. وانقطعت الصلة الرسمية بيني وبين عماد، نعم. لكن الصلة القلبية كانت من القوة بحيث تغلبت على انقطاع الصلة الرسمية، فبقي عماد على صلة دائمة بي. يزورني ويتفقدني ويستشيرني.

استمرت هذه العلاقة التي أعتز بها حتى يوم 28/4/1979م حيث دخلت المعتقل. وفي حزيران (بعد نحو شهر ونصف من الاعتقال) جرت عملية المدفعية، واشتعلت حلب خاصة، ومحافظات أخرى، بالثورة، وكان للشباب المؤمن دور عظيم باهر في الفداء والتضحية، وكان عماد في طليعة هؤلاء الشباب، ونال ما نحسبه شهادة في سبيل الله، هي أعلى من شهادة الطب ومن كل شهادات الدنيا.

اللهم تقبل عبدك عماداً شهيداً، وأسكنه الفردوس الأعلى، واجعله رفيق نبيك صلى الله عليه وسلم، وألحقنا به في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

وسوم: العدد 959