الأديب الداعية محمد حمدان السيد

( ١٩٤٠– ٢٠٢١م)

هو الأستاذ، الأديب، الكاتب، القاص  محمد حمدان السيد (أبو زياد)، الذي يعدّ من جيل الرواد في الأدب الإسلامي المعاصر.. ينتمي إلى أسرة فلسطينية مسلمة هاجرت من فلسطين بعد النكبة، واستوطنت في مدينة درعا، ثم تنقّل في البلدان هرباً من الطواغيت، وما زال أستاذنا يعطي، ويكتب، ويتفجر حيوية ونشاطاً، حتى أدركه الموت واقفا عزيزا كريما، وسوف نعيش مع سيرة حياته العطرة لحظات، نستعرض فيها جهوده، وجهاده العلمي والأدبي في سبيل نصرة دينه، ووطنه، وأمته، ودعوته.  

مولده، ونشأته:

ولد الأديب القاص (محمد بن حمدان السيّد ) في مدينة حيفا في فلسطين في 19/8/1940م.

ونشأ في كنف عائلة متدينة، فوالده حمدان السيد – رحمه الله - كان أمّيٌّاً، يعمل في مهنة الزراعة ثم صار موظفا في شركة تكرير النفط في حيفا، وقد توفي  - رحمه الله- في دمشق عام (2002م)، وبقيت وفاته حسرة في قلب ولده المحب؛ لأنه لم يستطع أن يلقي عليه نظرة الوداع، فقد حال بينه وبين رؤية أبيه المسجى طغاة العصر من تيار المقاومة والممانعة، وكان متمسكاً بدينه جداً، شافعي المذهب.

وأما والدته فهي السيدة الفاضلة ( تمام البيك)، ربة منزل ومربية حازمة، توفيت - رحمها الله- في دمشق عام (1987م)، ولم يرها كذلك، وكانت متمسكة بدينها، حنبلية المذهب.. وكان الوالدان من الناس المتدينين الذين يحترمون العلم، ويحبون العلماء.

الدراسة، والتكوين:

تلقى الأستاذ محمد السيد مبادئ القراءة والعربية والحساب في كُتّاب الشيخ طارق في حيفا لمدةَ سنتين من (5سنوات) إلى (7 سنوات) من عمره، ثم درس في المدرسة الرسمية. 

وقرّر الأساتذة الذين امتحنوه وضعه مباشرة في الصف الثالث الابتدائي، نظراً لإتقانه القراءة والإملاء والحساب عن طريق (الكُتّاب).

وفي عام 1948م هاجرت الأسرة من فلسطين إلى سورية إثر النكبة، وكان عمره (8 سنوات)، وتلقى الدراسة الابتدائية وشهادتها (السرتفيكا) في درعا عام 1952م، ثم حصل على الإعدادية (1956م)، وهي شهادة الكفاءة أو كما كانت معروفة (البروفيه)، ثم حصل على الثانوية العامة بتفوق ملحوظ في ثانويات درعا عام (1959م).

-ثم تابع دراسته، فسجل في جامعة دمشق في البداية عام 1959-1960م في تخصص اللغة العربية، ثم نقل تسجيله إلى الحقوق في جامعة دمشق أيضاً، وحصل على (الليسانس/البكالوريوس) في الحقوق عام (1966م).

أساتذته، وشيوخه:

- وأما شيوخه، فهم كثر ، نذكر منهم: 

1- الشيخ عبد العزيز أبا زيد (درعا) رحمه الله. 

2- والشيخ سليم المصري (درعا) رحمه الله.

3- والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله.

4- والشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله،.. وغيرهم كثير.

أقرانه، وأصدقاؤه:

- وأما أقرانه وإخوانه وأصدقاؤه، فهم كثر، ولكن نذكر بعضهم هنا، فمنهم:

1-عبد الله الطنطاوي: الأديب الأريب الحلبي الكبير.

2- والدكتور حسن هويدي- رحمه الله-: الطبيب الفقيه.

3- ومحمد الحسناوي: الشاعر المبدع -رحمه الله-.

4- وعبد الله السلامة: الشاعر الحلبي المبدع والناثر المجيد.

5- ودندل جبر: المفكر والكاتب الديري المجيد الطيب.

6- ومحمد الجاهوش: المفكر الشامي، والكاتب الرائع.

7- والأخ عز الدين أبو خريش، وعبد الكريم الترعاني (شهيدا تدمر) رحمهما الله، وهما إخوة الطفولة والشباب.

9- ومحمد فاروق الإمام: الكاتب المبدع.

10- والأستاذ الدكتور غازي التوبة، الشيخ المفكر.

أعماله، ومسؤولياته:

انتسب محمد حمدان السيد إلى جماعة الإخوان المسلمين في سورية  سنة ١٩٥٣م، وكان عمره ١٣ سنة وهو في الصف السابع، وكان انتسابه على يد الأستاذ أحمد أبو نبوت في درعا، ثم تدرج في المسؤولية حتى أصبح مسؤولا في التنظيم الفلسطيني خلفا للشيخ غازي التوبة، وكذلك صار مسؤولا عن مركز دمشق، وعضوا في مجلس الشورى، وكان له دور بارز مع شباب الاخوان في إغلاق الخمارات في درعا، وشارك في المظاهرات المطالبة بتجنيد الفلسطينيين لتحرير أرضهم، وتصدى للفكر اليساري .

وعمل في لجنة المصالحة بين تيار حلب وحماة، وتكللت  جهوده مع التنظيم الدولي بالنجاح عام ١٩٩١م، وانتخب د. حسن هويدي مراقبا عاما، وكان علي صدر الدين نائبه...وعادت الوحدة والوئام إلى صفوف الجماعة.

عمل محمد السيد مدرساً في مدارس حوران، ثم انتقل عام (1967م) إلى دمشق فعمل في مهنة التعليم أيضاً. 

وعُين مفتشاً للحسابات في الجهاز المركزي للرقابة المالية، بناء على شهادة الحقوق عام (1976م)، ثم استنكف عن هذه الوظيفة، وعاد إلى التدريس. 

- انتقل إلى بلد عربي مجاور ( الأردن) بعد الملاحقة واحتلال منزله في دمشق، فخرج متنكرا  عام (1978م). 

عمل في مدارس وكالة الغوث في الأردن...

تقاعد عن العمل في أيامه الأخيرة ، وكان يقيم في الأردن .

مؤلفاته، ومقالاته:

- وللأستاذ محمد السيد من المؤلفات أكثر من عشرين كتاباً، ما بين فكرية وسياسية وأدبية (رواية، قصة، نقد)، ومن أبرز هذه الكتب: 

1-أربع روايات: وهي:

تراتيل اللجوء وصهيل العودة.

وإنه الآن ... 

المكان غير آمن ! 

وخداع الأحداث.

2-وله سبع مجموعات قصصية: 

شاطئ الرؤى الخضر .

وثورة الندم.

والمطر المر.

وخط اللقاء.

وتكلم الحجر

وخبز ودم ...

3- ومن الكتب نذكر منها: 

أ-شبهات وردود.

ب- مئة سؤال وجواب عن الفرق.

ج- الهجمة على المسلمين (المرأة في وجه العاصفة).

د- كلمات في التربية.

ه- لماذا الإعلام.

و- كيف تصبح كاتباً.

ح- تحديات ومواقف.

ط- الصحوة الإسلامية (مداخل ومخارج).

ي- جرائم العائلة الأسدية في سورية وفلسطين ولبنان.

ك- مسؤولية القلم...

4- وهناك خمسة كتب تحت الطباعة. 

5- مقالاته:

- وأما المقالات، فهي كثيرة ومنوعة ما بين السياسية، والأدبية، والفكرية منشورة في الصحف الآتية: المجتمع الكويتية، الصحوة اليمنية، الأمان اللبنانية، المسلمون السعودية (أغلقت)، البيان السورية، العرب اليوم الأردنية، اللواء الأردنية، وهناك الصحف المغربية والإماراتية. 

أحواله الاجتماعية، والأسرية:

والأستاذ أبو زياد متزوج، وزوجته داعية، تحمل الشهادة المتوسطة (بورفيه) عام (1962م)، وله منها /12/ ولداً وبنتاً: 

وأولاده وبناته كلهم -حفظهم الله- أحياء، ومتزوجون إلا ابنة تحمل الدكتوراه في اللغة العربية، وهم بارون جداً به، وملتزمون بدينهم والحمد لله.

وله من الذرية، تسع بنات جامعيات، ما بين الشريعة واللغة العربية والعلوم، اثنتان حصلتا على درجة الدكتوراه في اللغة العربية. 

وله ثلاثة أولاد ذكور، جامعيون، أحدهم في الإدارة والمحاسبة، وهو الآن في مرحلة الماجستير في تخصص الاقتصاد الإسلامي، واثنان إعلاميان، الكبير منهم (زياد)، مقدم برامج في (فضائية الحوار_ لندن). 

أخلاقه، وصفاته:

والأخ الكاتب محمد حمدان السيد إنسان طيب القلب، لطيف لمعشر، محبوب من الجميع، يألف، ويؤلف، إسلامي الفكرة، نبيل الهدف، شريف الغاية، ملتزم في سلوكه، وقد قّدره الله تعالى على الحج مرتين، وقام بأداء عمراتٍ كثيرة.

وفاته:

توفي الأستاذ محمد حمدان السيد في عمان عاصمة الأردن في يوم الثلاثاء ١٧ ربيع الثاني عام ١٤٤٣ هجرية/ الموافق ٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢١م..ودفن هناك مشيعا بالحزن والأسى والدموع.

رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

أصداء الرحيل:

اخوان سورية تنعى الأديب الداعية محمد حمدان السيد:

بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)

إنّ لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكلّ شيء عنده بأجل مسمى..

تنعى جماعة الإخوان المسلمين في سورية إليكم وإلى كل العاملين في الحقل الإسلامي، الأخ الداعية والأديب "محمد حمدان السيد / أبو زياد"، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى في مدينة عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية اليوم الثلاثاء، 18 ربيع الآخر 1443ه، الموافق 23 تشرين الثاني 2021م، عن عمر يناهز 81 عاماً، قضاها في الدعوة والتربية والأدب الإسلامي.

ولد الفقيد عام 1940م، في مدينا حيفا بفلسطين، ليغادرها مهاجراً وهو طفل صغير إلى سورية، ثم غادر سورية شاباً مهاجراً بدينه من بطش نظام الأسد.

درس الابتدائية والإعداديّة والثانوية في مدارس مدينة درعا، ثمّ درس في جامعة دمشق وتخرّج فيها عام 1966، من كلية الحقوق.

انتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين منذ نعومة أظفاره وتقلد فيها عدة مناصب قيادية واستشارية..

عمل مدرّساً في ابتدائيّات وإعداديّات مدارس وكالة الغوث الدوليّة في سورية منذ عام 1959، وحتّى عام 1978، وفي مدارس وكالة الغوث في الأردن حتّى عام 1981.

كان رحمه الله، عضواً في رابطة الأدب الإسلامي، وعضواً مؤسساً في رابطة أدباء الشام، وعضواً في رابطة الحقوقيين الفلسطينيين في دمشق سابقاً، كما كان له حضور في العديد من المؤتمرات والنّدوات الإسلامية والعربية.

وللفقيد مجموعة من الكتب والمؤلفات الأدبية، والمجموعات القصصية، منها "شاطئ الرؤى الخضر"، "ثورة الندم"، "خط اللقاء"، و"المطر المر"، و"وتكلم الحجر".

خالص عزائنا لأهله وأصدقائه ومحبيه وإخوانه في جماعة الإخوان المسلمين في سورية، وفي العالم الإسلامي.

نسأل الله تعالى أن يتغمد الفقيد برحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه، وإنا لله وإنا إليه راجعون..

جماعة الإخوان المسلمين في سورية

23/11/2021 م/ 18 ربيع الآخر، 1443ه

في وداع الراحلين الأخ الداعية الأديب محمد حمدان السيد - أبو زياد في ذمة الله

زهير سالم*

نصف قرن من السير على الطريق،  أخوين مقترنين ومتلازمين ومتقاربين ..

أبو زياد وتزدحم الذكريات والكلمات والعبرات، وقل ما شئت عن ثبات وعن وفاء وعن كرم وعن شيم ...

اللهم اغفر له وارحمه وأعل نزله واغسله من خطياه بالماء والثلج والبرد. اللهم إنه قد وفد عليك فاجعل قراه منك الجنة.

اللهم وزده إحسانا وعفوا وغفرانا، وتقبل منه جهده وجهاده وصبره وثباته، غادر فلسطين مهاجرا وهوطفل صغير، ثم غادر سورية وهو رجل مكتمل..يأبى الظلم والظلام..

أعزي فيه إخوانه في جماعة الإخوان المسلمين الذين أحبهم وأحبوه..

وأعزي فيه أختنا الكريمة الصابرة أم زياد التي كانت نعم العون للأخ أبي زياد على طريق الهجرة الطويل ..

وأتقدم بخالص العزاء لأنجال الفقيد زياد وسيف وعبد الرحمن وأسأل الله أن يجعلهم خير خلف لخير سلف، فيكملوا الدرب الذي اختاره وسار عليهم والدهم الراحل الحبيب، والعزاء موصول لكريمات الفقيد وأصهاره وأحفاده أجمعين...

إنا لله وإنا إليه راجعون..

لندن: 17/ ربيع الثاني/ 1443 

23/ 11/ 2021

____________

*مدير مركز الشرق العربي

نعي الأخ الأستاذ الأديب المجاهد محمد السيد (أبو زياد) 25تشرين22021

د. عبد الله الطنطاوي

ظهيرة هذا اليوم الثلاثاء ٢٣/١١/٢٠٢١ خسرت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا الأخ الحبيب محمد حمدان السيد (أبو زياد)، برحيله في أيام عصيبة الأمة في مسيس الحاجة إليه وإلى أمثاله من القادة الأكفياء، الذين امضوا حياتهم في صفوف الجماعة بل نستطيع أن نقول لقد أمضى الأخ الحبيب أبو زياد حياته كلها في جماعة الإخوان المسلمين، فقد كان عضوا فيها من المهد إلى اللحد، منذ كان في العاشرة من العمر مهاجرا من حيفا الحبيبة إلى درعا الشقيقة ثم إلى دمشق، ليكون أحد أبرز الناشطين في حقل الدعوة بين الفلسطينيين خاصة، وزملائه الطلاب عامة..

أبو زياد من مواليد 1940 وكانت في هجرته الأولى إلى درعا في 1948 وكان انتسابه إلى جماعة الإخوان المسلمين وهو في العاشرة من عمره واستمر في صفوف الجماعة عضوا عاملا ومجاهدا حركيا، ومؤلفا وناقدا في الميادين التي تهم أمة العروبة والإسلام في عصره..

وعندما أطبق النظام الطائفي على سوريا ولاحق الدعاة، وكان منهم الأخ أبو زياد اضطر إلى مغادرة سوريا الحبيبة في هجره أخرى إبّان الحكم النصيري الطائفي المقيت، وبصحبة أخيه العالم الحركي الرباني الشيخ سعيد حوى رحمه الله في عام 1978، ليتابع مناضلته الحكم الاستبدادي الطائفي بقوة وعزيمة لا تلين..

ومما يُذكر لهذا الأخ الحبيب أنه ما طولب لعمل شيء إلا ونفذه حتى لو كان رأيه مخالفا لما يطلب منه..

لقد فقدت الجماعة برحيله في هذه الأيام الشديدة الوطئ على الإسلام والمسلمين أحد قادتها المبرزين في العديد من الميادين، وشكّل رحيله خسارة فادحة للجماعة وللفكر الإخواني والأدب الإسلامي الرفيع..

رحمك الله أخانا الحبيب ابا زياد وأبدلك الله روضة من رياض الجنة، وستبقى آثارك معالم في طريق الدعوة والدعاة..

وإلى الملتقى أيها الأخ المجاهد بالغرفات العُلا إخوة كراما متقابلين على سرر النعيم..

والسلام عليك في الصالحين..

من كلمة رثاء لأخيه ورفيق دربه أكثر من نصف قرن : الحزين الراضي بقضاءالله وقدره :

عبد الله الطنطاوي.

وترجل فارس الكلمة ويراعه مشرع:

يوم: 27/11/2021 

محمد فاروق الإمام – مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية

محمد حمدان السيد كان بالأمس بيننا يملأ حياتنا أملاً واستشرافاً بمستقبل يحلم به لسورية التي أحب وعشق وهام، وخصّها بأن تكون مقامه الثاني بعد هجرته القسرية من فلسطين، واليوم غادرنا ولمّا يقف يراعه عن العطاء حتى آخر لحظة من تصاعد أنفاسه، مبشِّراً بغدٍ مشرقٍ يُطلُ على سورية، يبدّد دُجى الظلمة التي يلفها، وتخمد نيران الحقد الطائفي البغيض، وتجف مستنقعات الدم التي فجرها، بداية الفرعون الكبير حافظ الأسد ومن بعده ابنه المجرم بشار الأسد الذي فاقه وحشية ودموية!!

محمد السيد المعلّم الذي استلهمت منه الكثير وتعلمت منه الكثير، عرفته عن قرب، عشت معه أياماً عصيبة، وذقت وإياه من مرارة كأس النظام الأسدي العلقم، وتقلبت وإياه نتجرع مرارة النفي القسري في بلاد الله الواسعة، بلا هوية أو جنسية، وحلمت معه بعودة كريمة إلى الوطن حيث الأهل والعشيرة ومراتع الصبا، حلمت معه بعودة تكون فيها قاماتنا منصوبة، وهاماتنا مرفوعة.

بالأمس غادرنا أبو زياد، قبل أن تجف أوراقه، ولم يبخل علينا مداده، الذي كنا نستلهم منه الصبر والجلد والبذل والجهد والعطاء، دون كلل أو ملل، كما عوّدنا وكما علمنا!!

غادرنا أبو زياد ولا تزال كلماته أجراساً تدغدغ مسامعنا، فتشحن نفوسنا مزيداً من النهوض والمثابرة والإقدام، دون الالتفات إلى الوراء، إلاّ بما يزيد من عزيمتنا وإصرارنا على الكفاح من أجل إعادة الابتسامة لترتسم على شفاه الأيتام والأرامل والثكالى، ضحايا النظام السادي الذي جاء به حافظ الأسد وورسه ابنه المأفون بشار، الذي فاق أبوه وحشية ودموية، جاءنا من ظلمات القرون الغابرة!!

لم تحل بُعدُ المسافات المتطاولة، ولا الأسوار الشاهقة، من أن يخاطب أبو زياد سورية والسوريين مستنهضاً هممهم، لتمزيق أستار الظلمة عن وجه سورية الحبيبة الأسيرة، لتعود دمشق الفيحاء كسابق عهدها، منارة تشع منها الحرية والنور والمدنية والحضارة والعطاء الإنساني!!

أبو زياد السيد فارقنا بجسده، ولم تفارقنا روحه، التي ستظل تحلق في سماء قلوبنا، حتى نلحق به، فهذا قدر قافلة الرحمن، يرتفع واحدنا إلى بارئه تلو الآخر، دون أن تنقطع هذه السلسلة المباركة، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها!!

نعاهدك يا أبا زياد أننا سنظل على العهد، عهد الوفاء للقضية التي سقطت من أجلها، نعاهدك أن تظل حدقات عيوننا مصوبة إلى سورية، نقارع الظلم وأهله حتى يحكم الله بيننا، مهما غلت التضحيات وتوالت الأيام وبعدت المسافات، فكما كنت حتى الرمق الأخير من أنفساك مستلاًّ قلمك، مشهراً يراعك، تنافح به عن وطنك، وتذود به عن دينك وشرفك، سنظل على نفس الطريق وحتى صعود النفس الأخير كما كان حالك، وحتى نلاقي الله كما لقيته، أحراراً منتصبي القامة، مرفوعي الهامة، سلاحنا قرآننا وقلمنا، ومعيننا مدادنا، الذي لن يجف وفي عروقنا دم يتدفق، وبين صدورنا قلب يخفق!!

ولد “محمد حمدان السيد” عام 1940م، في مدينة حيفا بفلسطين، ليغادرها مهاجراً وهو طفل صغير إلى سورية، ثم غادر سورية شاباً مهاجراً بدينه من بطش نظام الأسد.

درس الابتدائية والإعداديّة والثانوية في مدارس مدينة درعا، ثمّ درس في جامعة دمشق وتخرّج فيها عام 1966، من كلية الحقوق.

انتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين منذ نعومة أظفاره وتقلّد فيها عدة مناصب قيادية واستشارية.

عمل مدرّساً في ابتدائيّات وإعداديّات مدارس وكالة الغوث الدوليّة في سورية منذ عام 1959 وحتّى عام 1978، وفي مدارس وكالة الغوث في الأردن حتّى عام 1981.

كان رحمه الله، عضواً في رابطة الأدب الإسلامي، وعضواً مؤسساً في رابطة أدباء الشام، وعضواً في رابطة الحقوقيين الفلسطينيين في دمشق سابقاً، كما كان له حضور في العديد من المؤتمرات والنّدوات الإسلامية والعربية.

وللفقيد مجموعة من الكتب والمؤلفات الأدبية، والمجموعات القصصية، منها’’العائلة الأسدية وجرائمها في سورية ولبنان وفلسطين‘‘، ’’شاطئ الرؤى الخضر‘‘، ’’ثورة الندم‘‘، ’’خط اللقاء‘‘، ’’والمطر المر‘‘، ’’وتكلم الحجر‘‘.

مصادر الترجمة:

١- رسالة من الأخ محمد حمدان السيد بتاريخ ١٣ أب ٢٠٢١.

٢- رابطة أدباء الشام: وسوم: العدد 956، وأعداد أخرى.

٣- موقع اخوان سورية. 

٤- مركز الشرق العربي: مديره زهير سالم.

٥- مواقع الكترونية أخرى.

وسوم: العدد 959