الشيخ الداعية حازم صلاح أبو إسماعيل

( ١٩٦١م - معاصر)

داعية إسلامي وسياسي مصري، ومحام له مرافعات في قضايا شهيرة، من بينها المحاكمات العسكرية للإخوان المسلمين. 

استبعد من المنافسة في الانتخابات الرئاسية الأولى بعد سقوط الرئيس حسني مبارك بحجة ازدواج جنسية والدته.

الميلاد، والنشأة:

ولد حازم صلاح أبو إسماعيل عام 1961 في قرية بهرمس التابعة لمحافظة الجيزة بمصر، وورث صيتا واسعا في الأوساط الشعبية عن والده الشيخ صلاح الذي كان داعية وأحد أعضاء حركة الإخوان المسلمين، كما أن والدته حاصلة على الدكتوراه في علم تفسير القرآن ودرّست في دول غربية. 

وهو متزوج وله ثلاثة أبناء.

الدراسة، والتكوين:

حصل على الإجازة في الحقوق من جامعة القاهرة عام 1983.

الوظائف، والمسؤوليات:

اشتغل بالمحاماة التي أعجب بها، وقال إنها "عمل حر يبقي إحساس صاحبه بالحرية والتجرد والاستقلالية والبعد عن التزلف والانكسار"، وتولى منصب مقرر الفكر القانوني في نقابة المحامين، وانتخب عضوا في مجلس النقابة عام 2005، كما تولى أيضا منصب مقرر معهد المحاماة لمدة عامين.

التجربة السياسية:

لم يكن اشتغاله بالسياسة منذ وقت مبكر أمرا غريبا، فلأسرته حضور سياسي، وقد كان جده عضوا في مجلس النواب وكان جده الأكبر من علماء الدين وإماما بمعهد الخديوي إسماعيل.

له مواقف معلنة تجاه قضايا سياسية مصرية مختلفة، من أبرزها اتفاقية السلام مع إسرائيل التي وعد بإلغائها في حال فوزه بالانتخابات.

وصف إيران بأنها نموذج ناجح لدولة تخلصت من النفوذ الأميركي لتقف على قدميها، معلنا في الوقت نفسه اختلافه العقائدي معها.

اتهم الولايات المتحدة وإسرائيل بالسعي لتقويض انتخابات الرئاسة المصرية لمصالحهما.

سبق له أن ترشح لمجلس الشعب مرتين عام 1995 و2005 عن جماعة الإخوان المسلمين، ونجح في المرتين لكن النتائج الرسمية لم تعترف بنجاحه.

قاطع انتخابات 2010م، وشارك في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وشارك في قيادة إحدى مليونيات التحرير التي عجلت بموعد الانتخابات الرئاسية بعد أن كانت مقررة عام 2013.

سعى للمشاركة في الانتخابات الرئاسية التي جرت بمصر في مايو/أيار 2012، لكنه استبعد منها بحجة ازدواج جنسية والدته وحصولها على الجنسية الأميركية.

أسس حزب الراية وعارض خلال فترة حكم مرسي بعض سياسات جماعة الإخوان المسلمين، لكنه دافع عن شرعية مرسي وضرورة إتمامه مدته القانونية.

انتقد وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي قبل الانقلاب العسكري بشهرين، ووصفه بأنه يقوم بدور الممثل العاطفي ليستجلب رضا الناس ويساعده في ذلك عدد من الإعلاميين.

اعتقل بعد يومين من الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013 بتهمة "التحريض على العنف" في منطقة بين السرايات بالجيزة، وحمّل منظمات حقوق الإنسان جزءا كبيرا من مسؤولية ضياع البلاد في تلك المرحلة.

قررت هيئة محكمة جنايات القاهرة -التي كانت تنظر في قضية تزويره مستندات والدته وتقديمها إلى اللجنة العليا للانتخابات- حبسه مدة سنة مع الشغل بتهمة تطاوله على هيئة المحكمة ودخوله في جدال مع القضاة.

حكمت المحكمة المذكورة لاحقا على حازم صلاح أبو إسماعيل بالسجن سبع سنوات بتهم ملفقة...

حازم صلاح أبو إسماعيل.. عبقري لم يقدُره قومه:

كتب الأستاذ (سمير إغجو) يقول :

حديثي في هذه الكلمات عن شخصية أعدها من الشخصيات المعاصرة الفريدة من نوعها. لا أجازف إن قلت إنه رجل لا كالرجال، أو بتعبير أدق، "رجل في زمن قل فيه الرجال"، وافقني الرأي أو لا توافقنيه. دافع حديثي عن هذه الشخصية أنها بقدر شهرتها مهضوم حقها بكيفية تتقطع لها الأكباد.

رجل متدين على الثقافة الإسلامية الأصيلة، مثقف ومفكر عميق، اهتم بمشاريع الدعوة والثقافة الإسلامية منذ نشأته، سياسي خبر دهاليز السياسة منذ نعومة أظافره، وترشح لعدة مناصب سياسية، وكان من أشد معارضي حكومة الرئيس المصري المخلوع، قانوني مشتغل بالمحاماة منذ أكثر من عشرين سنة في شتى فروع القانون العام والخاص مما جعله من فقهاء القانون المتمرسين.

رجل محبوب لدى الجماهير حتى لدى مناكفي التيار الإسلامي، إنه د. محمد حازم صلاح أبو إسماعيل، الشريف المناضل المسجون في سجون الظلم والطغيان منذ ما يقارب أربع سنين ونصف. لست بصدد الترجمة للدكتور حازم أو ذكر مناقبه فأنا لست هنالك، لكني أحببت رصد مواقفه وتحركاته في مدة السنتين الوجيزتين منذ ثورة يناير المصرية إلى سنة اعتقاله إثر الانقلاب العسكري، ذلك بالإشارة إلى استثنائية عبقريته ونضجه السياسي والفكري الذي لم يلق مع الأسف استجابة أو حتى التفاتة يسيرة من النخب السياسية بشتى أطيافها حتى الإسلاميين، وإلى تحليلات وتنبؤات هذا الرجل، تلك التي لو أٌخذت محملَ الجد لرسمت خريطة مغايرة لمصر لولا مشيئة الله النافذة.

الشيخ حازم لم يكن مرتاحاً لتخطيطات وتحركات العسكر، وكان دائماً يشير إلى ذلك، إلى أن خرج 

الشيخ حازم لم يكن مرتاحاً لتخطيطات وتحركات العسكر، وكان دائماً يشير إلى ذلك، إلى أن خرج "السيسي" القائد العام للقواة المسلحة آنذاك وشرع في التلميح للشعب أن يعولوا على الجيش.

سأذكر ثلاثة مواقف لشخصيتنا بشأن مستقبل بلاده تبين لنا أن هذا الرجل كان له وعي استثنائي بالمرحلة الانتقالية التي كانت تعيشها بلاد مصر، سيتبين من خلالها ومن خلال تنكر الأطياف السياسية لها أنه فعلاً رجل غريب بين قومه. ومع الأسف لم يُلتفت إليه حتى وقع الفاس في الراس كما يٌقال، وتحققت تنبؤاته وتحليلاته.

الموقف الأول هو "دعوته لتعجيل الانتخابات الرئاسية بعد الثورة"، حيث كانت سلطة البلاد حينئذ في يد العسكر بشكل انتقالي ووعد بتسليمها بإقامة الانتخابات بعد مدة لا تتجاوز ستة أشهر. 

لكن الشيخ حازم بحصافته السياسية كان متوجساً من غدر العسكر، وكان يدرك أنه سيراوغ من أجل الاستئثار بسلطات الدولة، لذلك أصر على التعجيل بالانتخابات وبأن تكون قبل التصويت على الدستور.

وهنا انبرت كثير من الأحزاب السياسية والتيارات بغباء سياسي منجلٍ إلى استهجان فكرة الانتخابات قبل الدستور متعللين بالخوف من صعود رئيس يجعل لنفسه صلاحيات غير محدودة في الدستور الذي سيوضع أثناء حكمه. لكن غاب عنهم، وحضر عند حازم -وليس الأمر بغيريب- أن المجلس العسكري هو الذي "سيسلق" الدستور ويقيد صلاحياته لصالحه ضد أي رئيس يُنتخب، حينئذ تكون الصلاحيات الحقيقية لدى المجلس العسكري ويكون الرئيس لعبة في يده.

لمزوا الشيخ حازم بأسطوانة "أخونة الدولة"، مع أنه لم يسبق له أن انتمى للإخوان المسلمين تنظيمياً. 

فتركوه وحيداً يندد، ويحذر، ولم ينبس أحد ببنت شفة.

ثم كانت المفاجأة أن أصدر المجلس العسكري بيانا يفيد فيه أنه باق على السلطة لمدة سنتين بدل ستة أشهر، متعللين بعدم استقرار أوضاع البلاد. تحققت هواجس الشيخ حازم فعلاً، فشرع في سبيل ذلك بخوض معركة ضارية وحده تقريبا مقابل تخاذل الأطياف السياسة، وانخرط في مظاهرات حاشداً أنصاره إلى أن ضغط على المجلس العسكري وأعلن المشير طنطاوي ضرورة تبكير الانتخابات.

الموقف الثاني، والذي لا يقل انبهاراً عن الأول: دعوته للقوى السياسية وللحشود الشعبية بعدم مغادرة ميدان التحرير حتى بعد خلع حسني مبارك، وأنه لا يجب أن يُؤتمن العسكر، مشيراً إلى أن الأوجب هو البقاء حتى تُسقط جميع رؤوس الفساد في أجهزة الدولة وتتحقق أهداف الثورة. 

ولم يفتأ يؤكد على أن الوسيلة الوحيدة لتحقييق هذه الأهداف هو ببقاء الشعب واقفاً على قدميه وعدم تسليمه أمر البلا إلى أي جهة معينة.

لكن القوى السياسية رمته بالتوجس الزائد، وأن الأمر أهون من ذلك.

ثم بعد ذلك حدث مع أشرت إليه في النقطة السابقة من تكالب المجلس العسكري على السلطة بعد سبات الأحزاب السياسية.

أما موقفه الثالث، فيعجب المرء أشد العجب والله من شدة ألمعيته في مقابل دروشة وسذاجة الشخصيات السياسية الأخرى بلا استثناء. 

هذا الموقف تمثل في دعواته المتتالية إلى ضرورة التغيير الجذري لجميع مؤسسات الدولة التي طالها الفساد، وعلى رأسها الداخلية وجهاز القضاء. وقد استمر في الدعوة إلى ذلك في أثناء حكومة الدكتور محمد مرسي -فك الله أسره-، وأبدى تعجيه وتنكره الواضح من هذا الصمت وغض الطرف عن كل هذا الفساد المستفحل وكأن الثورة أتت لخلع رأس الفساد فقط، وترك جسده المتعفن ينخره الدود إلى العظم!

وطبعاً لما أحس المرتزقة وأصحاب المصالح بخطورة دعاوى أبي إسماعيل، ألبوا عليه أجهزة الإعلام بصنوفها متهمينه بمهاجمة القضاء الشامخ! والجيش العتيد المتكون من خير جنود الأرض! فأقاموا الدنيا عليه ولم يقعهدوها.. ولمزوه بأسطوانة "أخونة الدولة"، مع أنه -وياللمفارقة- لم يسبق له أن انتمى للإخوان المسلمين تنظيمياً. فتركوه وحيداً يندد ويحذر ولم ينبز أحد ببنت شفة، حتى الحزب الحاكم ذو الأغلبية البرلمانية!

مثل الشيخ حازم نموذج الوعي السياسي العميق في مقابل الدروشة السياسية الساذجة، ونموذج الفكر والدعوة الإسلامية المثقفة القائمة على بصيرة في مقابل السطحية.

مثل الشيخ حازم نموذج الوعي السياسي العميق في مقابل الدروشة السياسية الساذجة، ونموذج الفكر والدعوة الإسلامية المثقفة القائمة على بصيرة في مقابل السطحية.

أما موقفه الذي سأختم به، والذي بقي غصة في حلق المصريين حتى من ناصب له العداء من قبلُ، لكن تبين له أن الرجل كان أعقل وأيقظ من كل النخب السياسية عن بكرة أبيها بلا مبالغة تذكر. 

أقصد تنبؤه بالانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب "محمد مرسي".

يستطيع المرء أن يستشف من عموم مواقفه وكلامه أن الشيخ حازم لم يكن مرتاحاً لتخطيطات وتحركات العسكر، وكان دائماً يشير إلى ذلك عرضاً في لقاءاته الإعلامية، إلى أن خرج "السيسي" القائد العام للقواة المسلحة آنذاك وشرع في التلميح للشعب بخطاب له أن يعولوا على الجيش.

فخرجت الصحافة المأجورة تكتب مقالات في هذا الاتجاه "عولوا على الجيش"، "اعتمدوا على الجيش"، "الجيش هو الأمل".. وصاروا يتحدثون في الإعلام عن نزول الجيش لينقذ البلاد عند الضرورة. فانبرى الشيخ حازم وحده معتمدا على كلام الجيش ومجموعة من القرائن إلى التأكيد على أن هذا جريمة واضحة تمثل انقلاباً على الدستور، وأن هنالك انقلاب يلوح في الأفق، لكن لم تسعفه الحكومة ولا الكتل السياسية، بل رموه بالمبالغة وسوء الظن بالجيش.

عند تأملي لمواقف حازم أبي اسماعيل، لا أجد قصة تجسد معاناة الرجل مع قومه إلا قصة الشاعر "دريد بن الصمة" مع قومه حيث يحكي خذلانهم وصدهم عنه بعدما نبههم للخطر القريب، فقال في أبياته التي تقطر ألماً:

أمرتهم أمري بمنعرج اللـوى *** فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغـدِ

فلما عصوني كنت منهم وقد أرى ***  غوايـتهم وأننـي غير مهتـدِ

فمـا أنا إلا من غزيةَ إن غوت *** غويت وإن ترشد غـــزيـةُ أرشـــــدِ

قد مثل الشيخ حازم -فك الله أسره- نموذج الوعي السياسي العميق في مقابل الدروشة السياسية الساذجة، ونموذج الفكر والدعوة الإسلامية المثقفة القائمة على بصيرة في مقابل السطحية والغفلة أو الاندفاع العنتري غير المدروس، ونموذج النضال ضد الطغيان في مقابل المداهنة أو غض الطرف وإفاء الرأس في الرمل. وعزاؤه أنه ليس الوحيد الذي صد عنه قومه حين أراد لهم النجاة، بل هي سنة تكاد تكون مطردة.

المصادر :

١- موقع الجزيرة نت.

٢- الموسوعة التاريخية الحرة. 

٣- مواقع الكترونية أخرى.

وسوم: العدد 967