الشيخ الداعية د. أنس أحمد كرزون

fgfdhdddd1021.jpg

( ١٩٥٨ - ٢٠٢٣م )

هو الشيخ الداعية د. أنس أحمد حسن كرزون من مواليد حلب الشهباء في سورية عام 1958م.

ونشأ في بيئة صالحة، فوالده الأستاذ والمربّي الكبير أحمد حسن كرزون، وكانت أسرته تسكن قرب السبع بحرات قرب الجامع الكبير في مدينة حلب في عمارة ضمَّت أسرة الشهيد محمد دبابو، والشهيد أسامة إدلبي، والشهيد حسان كرزون الأخ الأصغر للشيخ أنس.

الدراسة، والتكوين:

درس أنس كرزون مراحل التعليم المختلفة في مدارس حلب، وحصل على الثانوية العامة ( الفرع العلمي) بتفوق .

وكان يدرس الإجازة (الليسانس) في كلية الهندسة المدنية في جامعة حلب.

هاجر مع والده وأسرته إلى السعودية أيام الثمانين هرباً من بطش الطاغية.

حصل على الماجستير من كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وكانت رسالة الماجستير تحت عنوان ( التقية عند الشيعة والخوارج وموقف أهل السنة منها).

ثم حصل على شهادة الدكتوراه من كلية الدعوة وأصول الدين في جامعة أم القرى في مكة المكرمة، وكانت الرسالة تحت عنوان ( منهج الإسلام في تزكية النفس).

الوظائف، والمسؤوليات:

عمل مدرساً في العديد من المدارس حيث أعطى دروساً في الرياضيات.

ثم أصبح محاضراً وأستاذاً في جامعات السعودية.

شارك في تأسيس قناة أهل القرآن في السعودية.

كما ساهم في التدريس في معاهد حفظ القرآن مع الأخوين سرميني في مكة.

مؤلفاته:

ترك الشيخ د. أنس كرزون العديد من المؤلفات النافعة، نذكر منها:

1-التقية عند الشيعة والخوارج وموقف أهل السنة منها ( رسالة ماجستير).

2- منهج الإسلام في تزكية النفس ( رسالة دكتوراه).

3-رياحين القلوب.

4-عطر المجالس.

5- ورتل القرآن ترتيلاً.

6-مشاهد من بيوت الصحاية.

7-صحابة رسول الله.

8-وصايا وفوائد لحفظ القرآن .

9-هذا ميدان السباق.

10- آداب طالب العلم.

11-نفائس الوصايا.

12-بدائع التوجيهات النبوية.

13-وبلغ الأربعين سنة.

14-الهمة العالية.

15-الحفرة السعيدة.

16-شفاء النفس وغذاء الروح.

17- دليلك إلى السعادة والنجاح.

18-ربيع القلوب.

19- أمراض النفس.

20- نور الدين محمود الزنكي: القائد المجاهد.

21- الأمانة تاج وسياج.

22- رياض الجنة: توجيهات في الدعوة والخطابة.

23- أبناؤنا أمانة.

24-الشباب مع الهدي النبوي.

25-صحابة رسول الله وجهودهم في تعليم القرآن.

26-الشباب وأوقات الفراغ.

وله العديد من البرامج على القنوات الفضائية، نرجو من ورثته تفرغيها وطبعها والمحافظة عليها.

حياته الأسرية:

وفضيلة الشيخ متزوج من السيدة الفاضلة رغد أحمد المهندس، وله منها ستة أولاد: 4 ذكور: أكبرهم براء، وبه كنيته، ومحمد، وبلال، وأحمد، وله ابنتان: زهراء، وهدى. حفظهم الله جميعاً.

وفاته:

توفي فضيلة الشيخ السوري د. أنس أحمد كرزون في السعودية بسبب نوبة قلبية مفاجئة في مساء يوم الجمعة في مدينة جدة في 5 / رجب /1444 للهجرة / الموافق: 27/1/2023م عن عمر ناهز الخامسة والستين عاماً، تقبله الله في أهل القرآن، وألحقه بالمهاجرين والشهداء والصالحين والصابرين..

أصداء الرحيل:

وداعًا أبا البراء…

   وكتبت الداعية (رفاه مهندس) تقول: مهيباً حيياً عرفناه وهو يصرّ بطلب أختي الصغيرة اللبيبة رغد ، وقد انكسرت حواجز اللاءات عند والدي بأقدار الله تبارك وتعالى؛ إذ صارت هجرتنا إلى مكة المكرمة بدون وثائق دراسية و خارج كل توقعات الخطط والتدابير التي عنينا بفلسفتها آنذاك .

وقد كان شاباً مرموقاً معروفاً برجاحة عقله، وغلبة تفكره وصمته وأدبه الجم وعلمه ودينه حافزاً لوالديّ -رحمهما الله -كي يوافقا على هذا الخاطب المتميز بعدما أغلقوا الباب أمام الكثير ممن لم تنشرح لهم صدورهم.

وقد كان زوجي وهو من أكثر الناس معرفة به وأخوة له يقول لوالدي: إنني أعرفه حق المعرفة، و أنا أزكيه من بين إخواني الذين تعرفت عليهم خلقاً وديناً وعلماً وفهماً وقد كان…

وصار الشاب الوقور أنس كرزون أخاً رابعاً لي، وزوجاً لأختي ، وأهله و أخواته بما يؤثرون به أختي هم أهلي و أخواتي .

لقد تربى أنس أبو البراء بين مدرستين، وحفظ الوداد لكليهما واختار منهما ما يستطيعه من مدرسته ومدرسة أبيه الأصيلة، وما لا يخالف من مدرسة أمه ومنهاج مشايخها الذين درجت على فكرهم وفهمهم .

وكان باراً وفياً بوالديه وأهله أيما بر وأيما وفاء، وأعانه الله بزوج تبتغي الأجر والمثوبة تحتسب عمل الخير للقريب والبعيد، والمقطوع وعابر السبيل.

وكان كذلك باراً بأساتذته وقد آثروه وأحبوه وعهدوا إليه أخبارهم وأسرارهم.

وشهد تغيرات أحوالهم وانقلابهم من الصحة إلى المرض فلم يتردد في معونتهم وتفقد مطالبهم و احتياجاتهم، وقد عرفت من ذلك الكثير الكثير .

عاش لتأسيس حلقات القرآن الدعوية وبرع في ذلك واستفاد منه خلق كثير .

و قد صار العديد من طلابه أساتذة يدرسون القرآن بعد ذلك ويتأثرون ويؤثرون .

اعتنى في كتاباته ومحاضراته بأبواب التزكية والرقائق وتهذيب النفس .

كان وادعاً هادئاً يستقبل الأحداث الجسام بصبر وتأنٍ بالغين، وقد امتحن من أول شبابه باعتقال أخويه التوأم: أسامة وحسان وفرج الله عن أسامة ومضى حسان شهيداً سعيداً ،كما فقد أخاه الأصغر محمد في حادث سيارة بين مكة وجدة، وعاش متصبراً ومصبراً لوالديه حانياً عليهما، رحيماً بهما، عطوفاً على أخواته، رحيماً بزوجه وبأهله جميعاً .

رحمك الله يا أخي أبا البراء أنس، وتقبلك في الخالدين الأبرار

وكتب د. محمد محمود حوا في التعزية بالشيخ الراحل:

الأخ الكبير الشيخ أنس كرزون رحمه الله تعالى، وأسكنه فسيح جناته.

عرفته قبل قرابة ثلاثين عاما وكانت أول تجربة لي في العمل بعد التخرج من الجامعة تحت إدارته في قسم المناهج في برنامج القرآن الكريم (الذي صار فيما بعد الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم).

كان نعم المدير والموجه والأخ الكبير

استمر في عمله واستكمل مع العاملين معه مناهج المعاهد القرآنية للهيئة حول العالم

واليوم يرحل الأخ الحبيب المتواضع المتعاون صاحب اللطف والأنس الذي يألف ويؤلف

صاحب الهم خادم القرآن وأهله حول العالم

تقبله الله في الصالحين

عزائي مواساتي لأهل القرآن في كل مكان ولأسرته وإخوانه ومحبيه ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون

الشيخ الدكتور أنس كرزون في ذمة الله..

وكتب الشيخ د. محمد بشير حداد: سامحوني يا سادة: فقد زلزلت للرحيل المفاجىء لأخي الحبيب الشيخ الدكتور أنس كرزون رحمه الله،

وقد انتقل قبل قليل الى جوار ربه الكريم في مدينة جدة مساء اليوم الجمعة:

5 / رجب /1444 الموافق:

27/1/2023 عن عمر ناهز الخامسة والستين تقبله الله في أهل القرآن وألحقه بالمهاجرين والشهداء والصالحين والصابرين..

ماذا أقول عن أخي الشيخ أنس وقد تزاملنا في المدرسة الابتدائية وفي الجامعة وفي الهجرة لمكة المكرمة..

أخي الحبيب الشيخ أنس كرزون هو اللطف

هو الهمة

هو الأنس

هو الصفاء هو الود هو الكرم هو الحب هو الرهافة

هو النبل

هو العزة

هو الصدق

هو اللباقة هو الحكمة   يعمل باستراتيجة وضعها للنفس وأولويات رتبها للدعوة وللقرآن وللحياة فنال ما عمل له ووقف حياته له وكان موفقا في ذلك ولله الحمد ،

ترك جملة من المؤلفات اللطيفة الهادفة . ..

أتقدم بأحر التعازي للسيدة زوجته ولأولاده ولأخيه ولأخواته ولعديله أخي الحبيب الشيخ مجد مكي ولأرحامه آل المهندس ولآل الكرزون ،ولتلاميذه ولصحبه ولمحبيه ممن عملوا معه في خدمة القرآن الكريم وتعليمه في كل مكان..

إنا لله وإنا اليه راجعون.

اللهم أجرنا في مصيبتنا واجبر كسرنا وأسكنه فردوس جناتك، وبارك في أولاده وعقبه، ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله وأحسن لنا الختام.

وكتب عديله الشيخ مجد مكي يقول:

توفي في مدينة جدة بعد غروب يوم الجمعة 5 من رجب 1444 عديلي الحبيب وأخي الأثير الدكتور الشيخ أنس بن أحمد كرزون إثر أزمة قلبيَّة مفاجئة عن خمس وستين عامًا، أمضاها في التعليم والتربية والدعوة إلى الله عز وجل وخدمة القرآن وأهله.

كنا أصدقاء في حلب، ونشأنا في بيئة علمية وتربوية ودعوية متقاربة، كنت طالبًا في كلية الشريعة بجامعة دمشق ومن روّاد جامع الروضة، وكان هو طالبًا في كلية الهندسة المدنية في جامعة حلب، مع الأخ الحبيب الشهيد أسامة إدلبي، وكانا جارين في منطقة السبع بحرات، وأسّسا حلقة لحفظ القرآن الكريم مع بعض الإخوة الذين سبقونا إلى الدار الآخرة، منهم الأخ عبد الرحمن فرواتي، والأخ أحمد قباني من طلاب الطب البشري..

وتتلمذ عند فضيلة الشيخ عبد الوهاب طويلة في جامع العكش، وكان مع نخبة من إخوانه من مؤسِّسي هذا العمل المسجدي المبارك.

ثم تجدَّدت صلتنا في مكة المكرمة، بعد هجرتنا إليها في أوائل الثمانينيات، وتصاحبنا في دراستنا بجامعة أم القرى، وفي تدريسنا في مركز تحفيظ القرآن بمدرسة الفلاح بجُدة الذي أسسه مع فضيلة الشيخ عدنان السرميني.

حصل على الماجستير من كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى بمكة المكرمة عن التَّقيَّة عند الشيعة، والدكتوراة عن "منهج الإسلام في تزكية الأنفس".

كان الأخ الحبيب الشيخ أنس من روَّاد العمل القرآني بجُدَّة، وامتدّ أثره إلى أنحاء العالم الإسلامي، وبهمته ودأبه تأسَّست الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم.

وكان مشرفًا على القناة القرآنية ( قناة أهل القرآن) .

وترك عددًا من الآثار العلمية النافعة، وخلف أبناء كرام بررة.

أكتب هذه الكلمات أعزِّي بها نفسي أولاً، فهو صديق أثير ، وعديل حبيب، وكنت على صلة وثيقة، ومحبة وطيدة.

وأعزي زوجته الكريمة رغد مهندس أم البراء، وأبناءه: براء، ومحمد، وبلال، وأحمد، وابنتيه: زهراء، وهدى.

وأعزي آل كرزون، وآل المهندس، وآل مكي، وجميع أحبابه وأصدقائه .

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وأكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بالمَاءِ والثَّلْجِ وَالبَرَدِ، ونَقِّهِ منَ الخَطايا كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وأبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأهْلًا خَيْرًا مِنْ أهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وأدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وأعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ أو مِنْ عَذَابِ النَّارِ".

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأخي أبي براء، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيَّينَ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنا وَلَهُ يا رَبَّ العالَمِينَ، وَافْسحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ.

وإنَّا لِلَّهِ وَإِنّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.

الأخ الداعية أنس أحمد كرزون... "في رثاء تجربة"

كما كتب زهير سالم* في وداع الراحلين يقول:

وكان وقع نبأ وفاة الاخ الداعية أنس كرزون عليّ بالأمس فاجعا...

لم أعرف الداعية "أنس كرزون" بعد خروجنا من حلب، وأثار شجني فيه ما قرأته فيما كتب مؤبّنوه، وما ذكروا فيه من خلق ودين وعلم وجميل عطاء.

اللهم اغفر له وارحمه وزده إحسانا وعفوا وغفرانا..

وإنما الذي أثار شجني، وزادني هما على همي من نبأ وداعه؛ انني قرأت في خبر نعيه أن السمط الذي خرجنا به ومعه من بلدنا في مطلع الثمانينات؛ لم يبق من فرائده وجواهره الا القليل..

وعهدي بأنس رحمه الله تعالى فتى يافعا، إذ أنا مدرس شاب، يدخل غرفة الإدارة "في ثانوية بني أميه العلمية" على استحياء، ويقترب من طاولة أبيه، أخينا التربوي القدير صاحب المدرسة ومديرها الحقيقي، فيتكلم معه بشأن خاص بصوت خفيض ثم يخرج. تلك كانت كل معرفتي بالراحل الحبيب، الذي قرأت في نعيه بالأمس نعيا، لتاريخ ومرحلة من تاريخ سورية الحديث.

تحدث الكثيرون أن "أنسا آنسه الله" في حفرته وجعلها عليه سعيدة حقا، خرج من حلب، من كلية الهندسة، شابا او فتى مع أبيه، ليصير إلى مكة، حيث استأنف حياة جديدة في بيئة جديدة، وعلم جديد.

وكانت ذاكرتي مشدودة، في خبر النعي، إلى ثانوية بني أمية العلمية، المحضن التربوي الجامع الذي كنت أقول فيه: وإذا أغلقت عليّ وعلى طلابي باب الصف، كنتُ الملكَ المتوج فيه بلا منازع، وأنا الذي أثبت وأنفي، وليس "كامل ناصيف ولا عمر الدقاق" الذين تولوا في تلك المرحلة تأليف كتب العربية، فأهمهم أمر الفيتوري، أكثر مما أهمهم أمر عمر ابو ريشة أو عمر بهاء الدين الأميري..!! تلك كانت معارك عشناها، وانتصرنا بها لأننا خضناها على بصيرة، وليس خبطَ عشواء.

تلقيت نعي أنس، رحم الله أنسا ورحم الله أباه من قبله ورحم الله من مضى من جيل كان في قلعة "ثانوية بني أمية العلمية" من أساتذة ومربين وطلاب. في غرفة المدرسين في تلك المدرسة كنا نلتقي والشيخَ عبد الله علوان، ومدرس الرياضيات القدير عبد القادر الخطيب، والشيخ فلان والسابق فلان، فتكون الهنيهات التي نقتنصها في حضرة أولئك من أجمل دروس الحياة.

وفي تلك القلعة المدرسة قمنا وأذكر لا للفخر، ولكن للأسوة، بإعادة نخل الكتب المدرسية في مادة الأدب العربي، عنوانا عنوانا، وفكرة فكرة، وشاهدا شاهدا، فبينا في ملحق غزير، وجه الحق في الأسماء والمصطلحات والعناوين والقصائد والشواهد… ووزعنا كل ذلك على من يلوذ بنا من مدرس وتلميذ..!!

وتلقيت بالأمس نعي كل ذلك في نعي الراحل الحبيب بن الحبيب انس أحمد كرزون..

لا أعلم لماذا لم يتوقف الناعون، بالأمس عند صرح ثانوية "بني أمية العلمية" وصرح ثانوية الغزالي، والراحل أحمد كنعان، وصرح المعهد العربي الاسلامي، لماذا لم يذكروا صرح التعليم الليلي، الذي أعان كثيرا من العمال السوريين من غير أبناء "الذوات" و"علية القوم" الذين كانوا يشتغلون في المصانع في النهار، ويواظبون على معاهد التعليم الليلي فأصبحوا اساتذة وعلماء!!

لا أدري لماذا لا يفخر الناس بمثل هؤلاء وهم أولى بالفخر؟؟!!

يدور رأسي وأنا استقبل نعي الفتى الشاب الخجول يدلف الى غرفة المدرسين، ويهمس بكلمات في أذن أبيه، وينقلب كياني وأنا أودعه في هذا المقام بمثل هذه الكلمات..

لماذا عاش الفتى ومات بعيداً عن محضنه..؟؟

لماذا كتب علينا ان نكون الجيل من أهل الشام يسقي زرع غيره؟؟ وسقيا زرع الغير كما تعلمون من أقبح القبيح.

يقولون بل يزعمون أن حافظ الاسد عندما كنا في بلدنا كان يوجه لنا اللكمات..!! وي وما أسخفه من زعم، وما أسخفها من ذريعة، وهل كان المنتظر منه أن يوزع علينا الأعطيات كما على رموز الجبهة الوطنية التقدمية، ولو قبلنا لأضعف لمن يقبل العطاء!!

وأعيد صياغة ما زعموا، وأنا منذ أربعين سنة أقول:

نعم عندما كنا على الحلبة، حلبة الصراع، كنا نتلقى اللكمات والركلات، ولكننا كنا نوجهها أيضا.. وحين قفزوا بنا هربا إلى الأمام باتوا لا يحسنون ولا نحسن إلا السباب.

أريده درساً لجيل!!

وأنظر في وجوه بعض الذين قدموا للسوريين هذا الفقه، فقه الهرب إلى الأمام، والهرب كله هزيمة، وأعيد عليهم السؤال ومنذ نصف قرن أيضا، نحن لم نؤمن بطريقتكم ففررنا، أما انتم فماذا تصنعون مع الجبناء أمثالنا من الفرارين؟؟

ما هو حكم مقامكم بيننا وقد سبقكم إلى ما زعتم أنه الحق كبار أهل طريقتكم ومددكم؟؟

لقد أرهقنا منذ نصف قرن فقه المدعين، الذين أفتوا على مدى ثلاثة قرون بحرمة القهوة، وقالوا شاربها كافر حلال الدم. وكأن التكفير والتحريم في أيديهم مثل ساطور الجزار…

وداعك يا أنس يا ابن أبي أنس، يا ابن مدير وراعي ثانوية بني أمية العلمية قد هيج الأشجان..

اللهم اغفر له وارحمه واعل مقامه، وأحسن عزاء أسرته وأهله ومحبيه..

كان من المبكر ان نقول وداعا أيها الراحل الحبيب

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

لندن: ٦ / رجب/ ١٤٤٤

٢٨/ ١/ ٢٠٢٣

________

*مدير مركز الشرق العربي

كلمات في ترجمة الأخ الحبيب الشيخ د. أنس كرزون:

وكتب (محمود عقيل) مقالة نشرها في رابطة العلماء السوريين يقول فيها:

حرص رحمه الله على حفظ كتاب الله غيبًا مع مجموعة طيّبة من الشباب في حلب، وأتمَّ حفظه كاملًا في عمر مبكر.

في فترة أحداث الثمانينيَّات خرجت أسرة الأستاذ أحمد كرزون رحمه الله إلى السعودية، حيث التحق والده رحمه الله مشرفًا تربويًّا في جامعة أم القرى، وتابع الشيخ أنس الذي كان يدرس الهندسة المدنية في جامعة حلب دراسته في العلوم الشرعيَّة في قسم الدعوة بكلية أصول الدين في جامعة أم القرى بمكة المكرمة .

وكان له السبق والفضل إذ قام مع ثلة من الإخوة الكرام بتأسيس وتقوية أنشطة وحلقات حفظ القرآن الكريم في مدرسة الفلاح في باب مكة تحت إدارة الشيخين الفاضلين عدنان وهشام سرميني رحمهما الله.

جمعني والشيخ أنس وعدد محدود من الإخوة لقاء بعد صلاة الفجر مرة أسبوعيًّا، كان الشيخ يتنقل فيه بقراءة شرح صحيح مسلم للنووي رحمهما الله بين الفقه والتفسير والأصول والأدب والأخلاق حسبما يفتح الله عليه من فتوحات وفيوضات ووقفات تربويَّة.

وكانت له لقاءات شبيهة لقراءة صحيح مسلم للنووي وغير من كتب التراث الشرعي.

وجدنا من الشيخ أنس علمًا غزيرًا ومواقف متَّزنة وبُعد نظر وتقبُّلًا للرأي الآخر برحابة أخلاق وسعة صدر قلما تجدها في الناس.

لم يكن يغتاب أحدًا ولا يشرع في ذلك، وإذا حاول من معه فتح موضوع فيه شيء من ذلك تراه يتغير وجهه ويحاول تغيير الموضوع بأسرع ما يمكن.

   وإذا كان المتكلم أكبر منه عمرًا أو مكانة، كنت تراه يتبسم ويغض الطرف عسى أن يتوقف المتكلم مع محاولته المتكررة لتغيير الموضوع.

حفظ القرآن وهو شاب يافع في حلب، وكان إمامًا في جُدة لمسجد الحي في شارع فلسطين، ولم يقبل أن يتنازل عن مواقفه المعتدلة رغم الضغوط الكبيرة عليه أن يتكلم فيما لا يرضاه من مواضيع خلافيَّة متشددِّة حتى خسر موقعه بسبب تمسكه بالاعتدال ورفض تفسيق أو تكفير من كانوا يرون ذلك في بعض فئام المسلمين.

له عدد كبير من المؤلفات النافعة وكثير منها كانت مناهج موجَّهة لطلاب الهيئة العالميَّة لتحفيظ القرآن الكريم التي امتدَّت أذرعها لتشمل عددًا كبيرًا من بلاد العالم الإسلامية وغيرها حيث نال خيرهم وفضلهم الجاليات المسلمة في تلك البلاد، ومنها كندا حيث باشرت في تأسيس بعض الحلقات، وعملت معهم عدة سنوات في الإشراف على الحلقات ومتابعتها مع إخوة فضلاء هناك.

وكان الأخ الحبيب أنس عالي الأخلاق، طيبًا محبًّا، كثير التبسُّم، حسن المعشر، يحبه من يجالسه ويألفه سريعًا ويرتاح إليه.

وكان متواضعًا وعزيزًا، وطيِّبًا وخلوقًا، ولكنه وقاف عند ما لا ينبغي الخوض فيه، فلا يتيح لأحد المجال لكلام فيه انتقاص أو انتقاد وخاصة فيما لا يترتب عليه عمل أو يؤدي إلى فرقة بين المسلمين.

بعد فقد أخيه حسان في سجن تدمر شهيدًا، ووفاة أخيه محمد في حادث سيارة بعد الحج قادمًا من مكة إلى جدة، بقي الابن الوحيد من الذكور لوالديه، فكان بارًّا بهما، وبقيت والدته المريضة المقعدة عنده عدة سنوات قبل رحيلها، ولم أجد أحدًا في عمره مثله حزينًا ومنكسرًا ومتأثِّرًا على فقد أمِّه رغم مرضها الشديد الذي أقعدها في الفراش لمدة تزيد على خمسة عشر عامًا.

بدت مظاهر التعب عليه ليلة الجمعة، واجتمع بأولاده بعد صلاة الجمعة وذكرهم وأوصاهم، وشعر بعد صلاة المغرب من يوم الجمعة بهبوط شديد في الضغط، نقل إثرها على مشفى الجدعاني في جدة بكامل وعيه وحضوره، وتوفي بعد ربع ساعة ليلة السبت 6 من رجب 1444الموافق 28 كانون الثاني 2022 عن خمسة وستين عامًا.

رحم الله شيخنا وأخانا وحبيبنا الذي غادرنا مسرعًا إلى ربه، عسى أن يلقاه وهو عنه راض، ونسأله سبحانه أن يغفر له ويتقبله في مقعد صدق عند مليك مقتدر مع النبيين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.

وندعوه سبحانه حين يحين الوقت أن يلحقنا بأولئك وهو راض عنا بفضله ورحمته، وأن يغفر لنا تقصيرنا ويستر علينا في الدنيا والآخرة ويدخلنا جميعًا الفردوس الأعلى من الجنَّة.

اللهمَّ تقبل أخانا أنس في عبادك الصالحين، واغفر لنا ولهم أجمعين، وصلِّ اللهمَّ على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض عنا يا رب رضى لا سخط بعده.

خادم القرآن الكريم فضيلة الشيخ الدكتور أنس كرزون في ذمّة الله.

وعلى إثر هذا المُصاب الجلل الذي أثّر في نفسي أيّما تأثير، لا يسعنا إلا التسليم بقضاء الله وقدره والتوجه بأخلص التعازي إلى أولاده وزوجه وأسرته الكريمة وأحبابه وإخوانه القرّاء في العالم الإسلامي كله.

ولقد خالطته عن قرب في البقاع المقدسة وفي الجزائر أثناء مشاركاته العديدة في ملتقيات القرآن الكريم الدولية التي أقامتها مدرسة الشيخ عبد الحميد بن باديس للقراءات بقسنطينة ، فوجدته نِعم الناس عِلما ونُبلا وتواضعا وبشاشة وتفانيا في خدمة القرآن والإسلام والدعوة إلى الله بلسانه وقلمه وموهبته الإعلامية عبر قناة أهل القرآن التي عمّ خيرها ونفعها العالمَ كله ، فازددت له حُبّا وتقديرا ودعاء، ومهاما عددت مناقبه فلن أوفيه حقه ، فحسبه أنه من أهل الله وخاصته وحسبه قوله تعالى (ومَن يخرج مِن بيته مهاجرا إلى اللهِ ورسوله ثمّ يدركه الموتُ فقد وقع أجره على اللّه) وقوله تعالى (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات).

فرحمه الله تعالى، وأكرم نزله، وأعلى من مقامه، وألحقه بالشهداء والصالحين، وآجرنا الله جميعا في مصيبتنا وعوضنا خيراً.

(إنّا للّه وإنّا إليه راجِعون).

مصادر الترجمة:

  • صفحة الشيخ مجد مكي.
  • صفحة رفاه المهندس.
  • تعزية د. محمد بشير حداد.
  • رابطة العلماء السوريين.
  • مواقع الكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1021