الداعية المربي عمر التلمساني

المستشار عبد الله العقيل

 (1322 - 1406ه / 1904 - 1986م)

توطئة

هو الداعية الأستاذ عمر عبد الفتاح بن عبد القادر مصطفى التلمساني، تولى منصب المرشد العام للإِخوان المسلمين بعد وفاة المرشد الثاني الأستاذ حسن الهضيبي في نوفمبر 1973م.

مولده ونشأته

ترجع أُصوله إلى (تلمسان) في الجزائر، وُلد في مدينة القاهرة 1322ه / 1904م بشارع (حوش قدم) بالغورية، وكان جده ووالده يعملان أول الأمر في تجارة الأقمشة والأحجار الكريمة.

كان جده سلفي النزعة، قد طبع العديد من كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فنشأ المترجم له في جو بعيد عن البدع، وتلقى دراسته الابتدائية في مدارس الجمعية الخيرية، ثم التحق بالمرحلة الثانوية بالمدرسة الإلهامية، ثم انتظم في كلية الحقوق، وبعد التخرج سنة 1933م اتخذ له مكتبًا للمحاماة في شبين القناطر وانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكان أول محامٍ ينضم للجماعة ويقف فكره وجهده دفاعًا عنها، كما كان من المقربين من الإمام الشهيد حسن البنا، يصحبه في أسفاره وجولاته داخل القطر المصري، ويستعين به في الكثير من الأمور.

تزوج وهو ما يزال طالبًا في الثانوية العامة، وتوفيت زوجته في أغطس عام 1979م بعد عِشرة دامت أكثر من نصف قرن، رُزق منها أربعة من الأولاد: عابد وعبد الفتاح وبنتين.

لم يشغله عمله في المحاماة عن تثقيف نفسه، فقد كان كثير المطالعة في موضوعات العلوم المختلفة، كالتفسير والحديث والفقه والسيرة والتاريخ والتراجم.

كما كان متتبعًا لمؤامرات الخصوم ومخططات أعداء الإسلام في الداخل والخارج، يرصدها ويدرسها ويحدد الموقف منها ويتصدى لها بالحكمة والموعظة الحسنة، ويفند دعاواها ويبطل مقولاتها ويدحض شبهاتها، بثقة المؤمن الذي يعرف نفاسة ما عنده، وتفاهة ما عند غيره، فليس بعد الله من معين ولا بعد الإسلام من دين.

كيف عرفته؟

عرفته أول ذهابي إلى مصر للدراسة الجامعية سنة (1369ه/  1949م)، حيث كنا نلتقيه وكبار الإخوان المسؤولين عن الجماعة بعد استشهاد الإمام حسن البنا وقبل اختيار المرشد الثاني الأستاذ حسن الهضيبي ونتلقّى عنهم ونستمع إلى دروسهم ونصائحهم، وكنا نلمس دماثة خلقه وتواضعه وابتسامته الرقيقة وحنوّه على الإِخوان وبخاصة الشباب المتحمس الذي يتعجّل قطف الثمرة ويريد رد الاعتداء بمثله على من ينالون من الجماعة، فكان أستاذنا التلمساني يوصي بالصبر، والثبات، والحلم، والأناة واحتساب الأجر والثواب عند الله تعالى.

عهد مع النفس

ترك عمر التلمساني آثارًا طيّبة لدى كل من عرفه أو اتصل به؛ لما يتمتع به من صفاء النفس ونقاء السريرة وطيب الكلام وحلو الحديث وجمال العرض وحسن الحوار والمجادلة، وفي هذا يقول عن نفسه: «ما عَرَفَتْ القسوة يومًا سبيلها إلى خلقي، ولا الحرص في الانتصار على أحد، ولذلك كنت لا أرى لي خصما، اللهم إلا إذا كان ذلك في الدفاع عن حق، أو دعوة إلى العمل بكتاب الله تعالى، على أن الخصومة من جانبهم لا من جانبي أنا.. لقد أخذتُ على نفسي عهدًا بألا أسيء إلى إنسان بكلمة نابية، حتى لو كنتُ معارضًا له في سياسته وحتى لو آذاني.. ولذلك لم يحصل بيني وبين إنسان صدام لمسألة شخصية» انتهى.

ومن هنا نرى أنه لا يخرج من مجلس التلمساني إنسان إلا وهو يحمل في نفسه الإكبار والتقدير والحب لهذا الداعية الفذّ، الذي تتلمذ على يد الإمام البنا وتخرج في مدرسته وانتظم في سلك جماعته داعية صادقًا مخلصًا.

أخلاقه وصفاته

كان شديد الحياء، كما لاحظ فيه ذلك كل من رآه عن قرب، وكان جليسه ومحاوره يشعر بأن الأحداث القاسية والطويلة التي عركته في ظلمات السجون قد صهرت نفسه حتى لم تدع فيها مكانًا لغير الحقيقة التي يؤمن بها، إذ ظل خلف الأسوار أكثر من سبعة عشر عامًا، فقد دخل السجن عام (1368ه/  1948م)، ثم في عام (1974ه/  1954م)، ثم في عام (1402ه/ 1981م) فما زادته الابتلاءات إلا صلابةً وثباتًا.

في حديث له مع مجلة (اليمامة) السعودية بتاريخ 14/1/1982م قال: «إنني بطبيعتي التي نشأتُ عليها أكره العنف بأي صورة من صوره، وهذا ليس موقفًا سياسيًا فقط، ولكنه موقف شخصي يرتبط بتكويني الذاتي، وحتى لو ظُلمت فإنني لا ألجأ إلى العنف، من الممكن أن ألجأ إلى القوة التي تحدث التغيير، ولكني لا ألجأ إلى العنف أبدًا».

خطاب إلى الرئيس

وفي خطاب مفتوح وجهه لرئيس الجمهورية المصرية نشرته جريدة الشعب القاهرية بتاريخ 14/3/1986م يقول:

«يا سيادة الرئيس.. إننا مسلمون مصريون يهمنا أول ما يهمنا أن يكون شعبنا آمنًا مستقرًا هادئًا في ظل تشريع الله (سبحانه وتعالى) وإن مصلحة هذه الأُمة أن يطبق فيها شرع الله، ولا أكون مغاليًا إذا قلت: إن تطبيق شرع الله في مصر سيكون فاتحة خير لجميع المنطقة من أولها إلى آخرها، وهناك يسعد الحاكم ويسعد المحكوم ويطمئن الحاكم ويرتاح الشعب كله».

توجيهاته

وفي كلمته التوجيهية للشباب والدعاة من الإِخوان وغيرهم قال: «إن الصعاب التي تعترض الدعاة في هذا العصر عاتية غاشمة، فالقوة المادية في يد أعداء الإسلام وقد اتحدوا مع اختلافهم، على حرب المسلمين، وأكبر تركيزهم على الإِخوان المسلمين. وعلى أساس الموازين البشرية لم يكن لجنود طالوت المؤمنين طاقة بجالوت وجنوده، ولكن لما أيقنت عصبة الإيمان أن النصر من عند الله، وليس مرهونًا بالعدد والعدة هزموا كتائب جالوت بإذن الله.

إنني لا أستهين بقوة العدو، ولا أطلب من الدعاة أن يخلدوا إلى التواكل ومصمصة الشفاه وتحريك الأعناق يمنة ويسرة وضرب الأكف بعضها ببعض، إنها نكبة النكبات القاضية الماحقة الساحقة، ولكن التمسك بالوحي المنزل من عند الله، والجهاد بكلمة الحق في إصرار واستمرار، والاستهانة بكل صنوف الإيذاء، وضرب المثل العليا من أنفسهم في الرجولة والبطولة والثبات، ويقينهم بأن الله مبتليهم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ليعلم الصادقين من المزيفين.. هذا كله من أسباب النصر في سنن الله، وقصص القرآن الكريم خير شاهد على ذلك، فهي حافلة بالكثير.

أما الشباب فإن العزيمة التي تواكب وعيه العميق، في غير حاجة إلى الكثير من التجارب ولكنها بحاجة إلى الكثير من الصبر والالتزام بتوجيهات الوحي من الكتاب والسُّنَّة ثم من سيرة السلف الصالح الذين قيدوا تصرفاتهم بها، فحقق الله لهم من العزة والسؤدد ما يشبه الخوارق» انتهى.

ثباته ومواقفه

عُرف الأستاذ التلمساني بالصلابة والقوة داخل السجون وخارجها، ولم يلن قط لإرهاب أو تهديد، كما عُرف بالزهد والتعفف والخشية من الله وحده دون سواه والحرص على مرضاته حيث يقول: «ما خفتُ أحدًا في حياتي إلا الله، ولم يمنعني شيء من الجهر بكلمة الحق التي أؤمن بها، مهما ثقل وقعها على الآخرين ومهما لقيت في سبيلها من العنت.. أقولها هادئة، رصينة مهذبة، لا تؤذي الأسماع ولا تخدش المشاعر، وأتجنب كل عبارة أحس أنها لا ترضي محدثي أو مجادلي، فأجد من الراحة النفسية في هذا الأسلوب ما لا أجده في سواه، ولئن لم يكسبني هذا الأسلوب الكثير من الأصدقاء إني قد وقيت به شر الكثير من الأعداء» انتهى.

إن المواقف الصادقة والأحاديث الصريحة والعمل الجاد ومواجهة المشكلات بجرأة وثبات والصمود أمام التحدي من خصوم الداخل والخارج على حد سواء كانت السمة البارزة للأستاذ التلمساني، ففي حديث مفتوح للرئيس أنور السادات بمدينة الإسماعيلية حضره الأستاذ التلمساني، بناءً على دعوة وجهت إليه، وبُثّ في الإذاعة والتلفاز على الهواء مباشرة، اتهم السادات جماعة الإخوان بالفتنة الطائفية وساق أنواعًا من التهم الباطلة فما كان من الأستاذ التلمساني إلا أن انبرى واقفًا يرد على السادات بقوله: «الشيء الطبيعي بإزاء أي ظلم يقع عليَّ من أي جهة أن أشكو صاحبه إليك، بصفتك المرجع الأعلى للشاكين - بعد الله - وهأنذا أتلقى الظلم منك، فلا أملك أن أشكوك إلا إلى الله». وما إن سمع السادات مقولة التلمساني حتى أصابه الذعر والرعب وناشد التلمساني أن يسحب شكواه، فقال التلمساني بقوةٍ وأدبٍ وتأثر: «إني لم أشكك إلى ظالم، وإنما شكوتك إلى ربٍّ عادل يعلم ما أقول»!

أسلوبه

هذا الأسلوب الراقي في الحوار الذي طبع تصرفات التلمساني كلها، لم يكن متكلّفًا بل كان سمة بارزة لأقواله وأفعاله وأخلاقه وعلاقاته مع الأفراد والجماعات، الرؤساء والقادة وجماهير الناس، دون تفريق بين كبير أو صغير أو غني أو فقير، وهو مؤمن بمبادئ الإخوان المسلمين المستقاة من الكتاب والسُّنَّة وما أجمع عليه سلف الأمة.

جماعته

ويرى أن هذه الجماعة هي الحركة الإسلامية الصادقة في هذا العصر حيث يقول:

«إن المتتبع لخطوات جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها عام (1347ه/ 1928م) إلى اليوم لا يستجلي منها إلا تضحيات متتالية في سبيل العقيدة وجهودًا مكثفة منتجة في مختلف نواحي النشاط الاجتماعي في هذه الحياة، وتدعيمًا متواصلًا لربط الصلات الأخوية بين مختلف الشعوب الإسلامية، وإشاعة السلام بين دول العالم أجمع.

حورب الإخوان المسلمون حروبًا ضارية فتاكة من مختلف الاتجاهات المحلية والعالمية، وبرغم ذلك فلم يثبت في يوم من الأيام أنهم أشاعوا الفتنة أو فرقوا الوحدة أو دمروا المؤسسات أو تظاهروا مخربين في الطرقات أو هتفوا بسقوط فلان وحياة علان، بل كان سمتهم السلام، وعملهم البناء، ودينهم الوفاء، وبرغم هذا كله فهم موضع النقمة حتى من الذين لم يتفقوا على شيء إلا اتفاقهم على محاربة الإخوان المسلمين. إن المسلم لا يعرف أن الدين لله والوطن للجميع، ولكنه يعرف أن كل شيء في هذا الوجود لله وحده، فمن أراد أن يصرفه عن هذا المعنى، فهو مخادع يريد أن يصرفه عن مكمن القوة ليسهل ابتلاعه.

إن المسلم لا يعرف (ما لله لله، وما لقيصر لقيصر) لأنه يؤمن كل الإيمان بأن قيصر لا شيء له مع الله، وإلا كان شريكًا في ملكه، والمسلم ينكر الشرك بكل صوره» انتهى.

زهد وتواضع.. وبساطة

هذا هو الأستاذ التلمساني الداعية والمربي والقائد، عاش حياة الصدق مع الله والعمل لدين الله والارتباط بدعوة الله، وصبر وصابر ورابط وجاهد متمسكًا بحبل الله المتين، وعاملًا مع المجاهدين الصادقين سواء كان في موقع الجندية أو موقع المسؤولية وسواء أكان داخل أسوار السجون أو خارجها، لم يتبدل ولم يتلون ولم ينحرف ولم يطمع في زخارف الدنيا، وبهارج المناصب، بل عاش حياته عازفًا عن رغائب الدنيا مقبلًا على الله، يسكن في شقة متواضعة جدًا لا تكلّف فيها، حتى إنني تأثرت غاية التأثر حين زرته فيها وغالبتُ الدموع لئلا تفضحني، فأين نحن من هؤلاء الرجال الذين استعلوا على الدنيا بإيمانهم وقدموا الغالي والرخيص في سبيل دينهم؟!

كانت الشقة في حارة المليجي الشعبية القديمة في (حي الظاهر) بالقاهرة وفي زقاق ضيق وسلّم قديم متداعٍ، وكان أثاث الشقة غايةً في البساطة، برغم أنه ينحدر من أسرة غنية لها مكانتها الاجتماعية المتميزة ولكنه زهد التلمساني وبساطته وتواضعه.

كان التلمساني محبوبًا من شرائح المجتمع المصري وطبقاته جميعًا، بل كان الأقباط يحبونه ويحترمونه، وحتى رجال الدولة يهابون مواقفه ويعرفون فضله.

أما الإِخوان المسلمون فكانوا جميعًا يرون فيه المثل والقدوة ويتسابقون للتلقي عنه وتنفيذ كلّ إشارة منه، فقد كان الحب في الله جوهر العلاقة بينه وبينهم، والعمل على تطبيق شرع الله هدفهم، ومرضاة الله (عز وجل) مبتغاهم. وكانت زياراته البلاد العربية والإِسلامية والمسلمين في ديار المهجر، بلسمًا شافيًا لجراح الأمة، وتوجيهًا حكيمًا لما يجب على المسلمين أن يعملوه نحو دينهم وأمتهم وأوطانهم، فكانت دروسه ومحاضراته وأحاديثه ولقاءاته ونصائحه وتوجيهاته كلها تحث الأمة وبخاصة شبابها وأصحاب الرأي فيها والنخبة من علمائها على أن يتحملوا المسؤولية وينهضوا بالتبعة ويؤدوا دورهم، كلٌّ في موقعه نحو عودة الإسلام ليحكم أرضه ويسود العالم كله، فتلك مهمة الدعاة إلى الله في كل عصر وحين، وهي رسالة الله إلى أنبيائه ومن ثم إلى ورثة الأنبياء من العلماء العاملين والدعاة الصادقين والمؤمنين المخلصين.

مؤلفاته وآثاره

أسهم الأستاذ التلمساني في إثراء الفكر الإسلامي ببعض الكتب التي أصدرها في موضوعات شتى، ومن أشهر مؤلفاته:

- شهيد المحراب عمر بن الخطاب

- الخروج من المأزق الإِسلامي الراهن

- الإسلام والحكومة الدينية

- الإسلام والحياة

- آراء في الدين والسياسة

- الملهم الموهوب حسن البنا أستاذ الجيل

- حول رسالة (نحو النور)

- ذكريات لا مذكرات

- الإسلام ونظرته السامية للمرأة

- بعض ما علمني الإخوان المسلمون

- قال الناس ولم أقل في حكم عبد الناصر

- أيام مع السادات

- من فقه الإعلام الإسلامي

- من صفات العابدين

- يا حكام المسلمين ألا تخافون الله؟

- في رياض التوحيد

- لا نخاف السلام ولكن.

إلى جانب الكثير من افتتاحيات مجلة الدعوة القاهرية، وما كتبه حول الشؤون الإسلامية في المجلات والصحف الأخرى والمحاضرات التي كان يلقيها في المنتديات في البلاد العربية والإسلامية وديار الغرب والدروس والتوجيهات في الكتائب الإخوانية والمعسكرات والمخيمات.

قالوا عنه

يقول الأستاذ محمد سعيد عبد الرحيم في كتابه (عمر التلمساني المرشد الثالث للإخوان المسلمين):

«... هلك الطاغية وخرج المعتقلون الذين قضوا في السجون سنوات طويلة، خرجوا وقد صقلتهم المحنة فقويت نفوسهم واشتدت عزائمهم. لئن كانت أبدانهم قد وهنت فإن أرواحهم أصبحت أكثر تعلقًا بما عند الله واستصغارًا لكل عرضٍ زائل، وانتفى من قلوبهم الخوف.

خرجوا من المحنة رجالًا كالجبال في شموخهم وصمودهم. في السجن حفظوا القرآن الكريم ونهلوا من العلم، وفي السجن تغلبوا على شهوات أنفسهم، وفي السجن خبروا الناس وعرفوهم على حقيقتهم. لقد كان السجن لهم مدرسة أي مدرسة، أعطتهم أكثر مما أخذت منهم. ومن هؤلاء الرجال خرج الأخ عمر التلمساني... إن الله سبحانه قد أعدّه ليقود الجماعة في هذه المرحلة... فكان هو القائد المناسب الذي قاد السفينة وسط الأعاصير بحكمة وصبر، ولين وأناة مع إيمان ثابت وعزم لا يلين. لقد انتشرت الدعوة في عهده انتشارًا لم يسبق له مثيل، وأقبل الشباب على الإسلام، حتى أصبح التيار الإسلامي هو التيار الغالب في الجامعات وفي النقابات... بل في مصر كلها؛ لأنه استطاع أن يقود السفينة بخبرة القائد المحنك، ومهارة الربان القدير وتمكن أن يجتاز بها المزالق والمخاطر ويوصلها إلى بر الأمان.

لقد عاش (رحمه الله) كل المحن وقضى في سجون مصر قرابة العشرين عامًا، وكان من أكثر الإخوان صبرًا وجلدًا على تعذيب الزبانية في السجون ومع ذلك ورغم قسوة العذاب وسوء المعاملة كان لسانه لا يفتر عن ذكر الله ودعوة إخوانه إلى الصبر والثبات... وكان كذلك عفّ اللسان لم تُسمع منه كلمة نابية في حق جلاديه وظالميه، وإنما كان يكل أمرهم إلى الله فهو حسبه ونعم الوكيل» انتهى.

وفاته

اختاره الله إلى جواره يوم الأربعاء 13 من رمضان المبارك عام 1406ه الموافق 22/5/1986م، حيث توفي بالمستشفى بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهز 82 عامًا، ثم صُلِّي عليه بجامع عمر مكرم بالقاهرة، وكان تشييعه في موكب مهيب شارك فيه أكثر من ربع مليون نسمة - وقيل نصف مليون - من جماهير الشعب المصري فضلًا عن الوفود التي قدمت من خارج مصر، وقد أكرمني الله بالمشاركة في التشييع مع بعض إخواني من البلاد العربية والحمد لله.

هذا هو الأستاذ عمر التلمساني المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين في العالم، وتلك نبذة موجزة عن سيرته، نسأل المولى الكريم أن يتقبله في الصالحين من عباده، وأن يُلحقنا بهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

وسوم: العدد 883