الأديب أحمد الجندي في ذكرى رحيله

أنا لا أتصور أن أحداً ممن عاصر الشاعر الظريف أحمد الجندي يمكن أن ينساه .. فقد اعتبره البعض دائرة معارف كاملة وعده البعض الآخر أحد ظرفاء دمشق في هذا العصر  .. وكان يحل ضيفاً على برامج الأدب والمنوعات في إذاعة دمشق ومن بعدها التلفزيون السوري .. ولا يزال الرواة ينقلون عنه بعض نكاته وأحاديثه .. بينما ينفرد محبو الشعر بنقل بعض قصائده الهامة ..

التقيت به شخصياً عدة مرات في دار مجلة الثقافة بدمشق لصاحبها الأستاذ مدحة عكاش .. وكنت أسعد بلقائه أيما سعادة .. وعندما قرأت شعره فتنت به ..  وعرفت تفاصيل حياته بعد ذلك من خلال مذكراته ( لهو الأيام ) ..

والشاعر أحمد الجندي من مواليد سلمية 1910 ، تعلم القراءة والكتابة بالعربية والتركية في تركيا بعد نفي والده إلى هناك ، ثم أكمل دراسته الإبتدائية في سلمية بعد عودة والده ، ودخل الثانوية الزراعية فيها لكنه لم يقتنع بهذا النوع من الدراسة ، فانتقل إلى حمص ونال الشهادة الثانوية من المدرسة الأرثوذكسية فيها عام 1930 ، انتقل بعد ذلك إلى تجهيز دمشق لدراسة الحقوق ، ولكنها لم توافق مزاجه فانتقل لدراسة الطب .. ولم يتفق مع هذا النوع من الدراسة أيضاً .. فعاد إلى حمص ثم طرطوس  ليعمل في التدريس .

عين رئيساً لديوان محافظة الحسكة عام 1937 ثم إلى حماه حيث مكث فيها اثني عشر عاماً ، وبعد ذلك تسلم رئاسة ديوان محافظة دمشق وظل فيه حتى عام 1961 حيث نقل إلى مجمع اللغة العربية ليعمل رئيساً لدائرته , ومديراً لمجلته وبقي فيه ‏حتى إحالته على المعاش عام 1971 واستفاد من وجوده في المجمع حيث عكف على تحقيق مجموعة من كتب التراث الهامة منها ( ديوان ابن النقيب – ديوان فتيان الشاغوري – كتاب قطب السرور في أوصاف الخمور لأبي اسحق ابراهيم – ديوان عرقلة الكلبي – ديوان خمرة بابل وغناء البلابل لعبد الغني النابلسي ... وغيرها يشاركه في كثير من الأحيان محققون آخرون .

نظم الشعر باكراً وبدأ بالشعر الرمزي ثم مال إلى التقليدي الإتباعي ، ونشر أشعاره في مجلة الدنيا والصباح بداية ، ثم بدأت الصحافة تتخاطف أشعاره ومقالاته خاصة أنه يعتبر أيضاً من كتاب المقالة المميزين .

من أهم مؤلفاته المطبوعة : في الشعر ( قصة المتنبي ) وفي الدراسة ( شعراء سورية – ديك الجن الحمصي – بدوي الجبل – سعد الله الجابري ) وفي المذكرات ( لهو الأيام ) .

وله في مجلة مجمع اللغة العربية  مابين عامي 1961 – 1971 الكثير من المقالات 

كتب للإذاعة السورية الكثير من البرامج ، وشارك في أكثر من برنامج فيها .. وظل رغم شيخوخته وبدانته المفرطة نشيطاً دؤوباً حتى وفاته في 8 حزيران 1990 .

وسوم: العدد 724