سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، من خلال اتيين دينيه

حول الكاتب والكتاب

كتاب: اتيين دينيه وسليمان بن إبراهيم: "محمد رسول الله"، ترجمة: عبد الحليم محمود، و محمد عبد الحليم، الطبعة الثّالثة، دار المعارف، القاهرة، مصر، من 369 صفحة.

تعرّض ناصر الدين رحمة الله عليه للسيرة النبوية عبر بعض "اللّوحات التصويرية" بتعبيره، مايدلّ على تأثره الواضح بحياته الفنية والمتعلّقة بموهبته في الرسم. 61

أعلنها بصريح العبارة، أنّي رفضت بقوّة أن أرفق الكتاب بلوحات فنية تحمل صور سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ويرى أنّ تصوير الأنبياء "من الوثنية، وخرقا لقدسياتهم وانتقاصا لمكانتهم". أقول: وهذا من عظمة الحاج ناصر الدين، وهو الرسام الذي أبدع وتميّز وتفنّن. 64

اعتمد على كتب الأولين كابن هشام، وطبقات بن سعاد، وكتب الذين عاصروه كالسيرة الحلبية.61

اعتمد على حياته التي قضاها مع سكان الصحراء بالجزائر، ويعتبر أنّ سكان البدو مازالوا يحافظون على نفس الحياة التي عاشها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وكذا "محادثاتنا الطويلة مع الحجاج حين كنّا في الحجاز لأداء الحج" . 61

لايعتمد على المستشرقين، بل يحذّر منهم. 61

يرى أن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي لايقبل المعارضة. 62

قال: سأستغني عن ذكر المعجزات التي نسبت إلى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد التحاقه بالرفيق الأعلى. لأنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم هو الوحيد من الأنبياء الذي لم يعتمد في رسالته على المعجزات، ومعتمدا على بداهة رسالته، وبلاغة القرآن الكريم. ومن معجزاته صلى الله عليه وسلّم أنّه استغنى في رسالته عن المعجزات. 62

رى أنّ عظمة العربي المسلم تكمن في كون صورة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، منقوشة في قلبه. 65

للتذكير، اتيين دينيه هو فرنسي أسلم وأصبح اسمه: الحاج ناصر الدين رحمة الله ورضوان الله عليه، وقبره ببوسعادة، وكان وفيا ومحبا للجزائر، وعاش فيها، وكان يكثر الزيارة إليها، وأوصى بأن يدفن بالجزائر، وخصّص رسوماته العالمية المبدعة للجزائر، وطبيعتها، وتقاليدها. وكان يتمنى أن يموت بالجزائر، لكن شاء ربّك أن يموت بفرنسا سنة 1929، وينقل بعدها للجزائر حسب وصيته. وأعترف أنّ هذه الصفات الخالدة، هي التي دفعتني لقراءة كتابه هذا، وربما كتبه مستقبلا.

بعض المنصفين من المستشرقين تكون لهم لمحات ذكية في تناول السيرة". أقول: أعجبني كثيرا هذا المقطع. تحياتي، ومحبّتي.

ترجمة الكتاب، كانت في غاية الإتقان، والجمال، والأمانة. وأنصح بقراءة الكتاب لروعة ترجمته، والاحترافية العالية التي اتّسم بها المترجم.

سوء هواء مكة

يفرض الخروج على سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من مكة، وهو رضيع إلى بادية بني سعد، والسبب -حسب الكاتب- سوء هواء مكة، الذي سينعكس سلبا على صحة الطفل، إن مكث فيها أثناء طفولته.

تفرض عليه الهجرة من وطنه مكة، ويخرج مختفيا تحت جنح الظلام، وتهديد سادة قريش، ومجموعة من القتلة الشباب الأقوياء.

يعود لمكة وطنه الأوّل فاتحا، ومنتصرا، ويقول لمن قاتلوه طيلة سنوات طوال: اذهبوا فأنتم الطلقاء، وهو الذي يملك القوّة الضاربة التي لاقبل لقريش بها.

يخرج من مكة وطنه الأوّل، للمدينة وطنه الثّاني، الذي آوه ونصره، ويفضّله على وطنه الأوّل مكة، ويلقى ربّه من المدينة موطنه الثّاني.

يخرج سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من موطنه الأوّل وهو الرضيع، ويلقى ربّه في موطنه الثّاني وهو الفاتح المنتصر، وبين الرحلتين فتح للأوّل دون المكوث فيه، وعودة للثّاني للمكوث فيه.

تحدّث الحاج نصر الدين رحمة الله عليه، عن فساد هواء مكة، حين خرج سيّدنا رسول الله صلى الله عليا وسلّم منها رضيعا لبني سعد. وتحدّث عنه حين عاد إليها بعد 4 سنوات، وهو طفل في الرّابعة من عمره، ليقول أنّه في صحّة وقوّة، لأنّه طيلة 4 سنوات كان بعيدا عن هواء مكة الفاسد. وتحدّث عنه حين ذهب للتجارة للشام مع عمّه، وقال: هذه فرصة ليخرج سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من هواء مكة الفاسد.

أعترف أنّي لأوّل مرّة أقرأ عن "الهواء الفاسد لمكة"، وأنّه -حسب الكاتب- من رحمة الله بسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أنّه لم يمكث بمكة حيث الهواء الفاسد وهو رضيع. ومن علامات قوّة وصحة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، مكوثه في بني سعد لمدٌة 4 سنوات حيث الهواء النقي، أي خارج بمكة. وخروجه للتجارة مع عمّه وهو مراهق، كانت فرصة ليتخلّص سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم من الهواء الفاسد لمكة. والسبب الرئيسي لإرسال سادة قريش أبناءها للرضاعة، وقضاء الطفولة خارج مكة، هو ابعاد أبنائهم من الهواء الفاسد لمكة.

تحدّث الك عن هواء مكة الفاسد. ويقصد -حسب قراءتي- أنّ وضعها "بوادي غير ذي زرع، وفقدانها لنافذة على البحر، ومحاصرتها من طرف جبال صخرية تمنع عنها الهواء المفيد، ضف لها صحراء لاماء فيها، ولا زرع، ماجعل هواءها فاسد -حسب الكاتب-

يقارن الكاتب بين مناخ مكة وغيره، كمناخ بني سعد. ويرى أنّ شوارع مكّة ضيّقة، ومكة محاصرة بالصخور التي تمنع عنها الهواء النقي.

لماذا لم تذكر كتب السيرة النبوية سيّدتنا آمنة بنت وهب؟

العرب تؤرّخ لأيّامها العظام، كيوم الفيل، وبناء الكعبة. وتؤرّخ لسادتها العظام، كعبد المطلب، وأبي طالب، وأبي سفيان، والمغيرة، وحاتم، والفارس عنترة، وغيرهم كثير.

ولا تؤرّخ لفقرائها، وعبيدها، وجواريها. وشعراء العرب يؤرخون للفخر، والهجاء، والغزل، والرثاء. وهذه للسادة، وليست للفقراء والمساكين.

وعدم ذكر سيّدتنا أمنا آمنة بنت وهب، رحمة الله ورضوان الله عليها، تدخل -في تقديري- ضمن هذه الزاوية. وعدم ذكرها لايثير شكا، ولا ريبة، ولا توجسا.

وذكرت العرب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهو الفقير اليتيم، لأنّه ابن سيّد مكة، والمتحدّث مع أبرهة الحبشي، وعمه سيّد مكة. ولهذا السبب -وحسب العرب- تمّ ذكره.

وبعد بعث سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، رسولا للعالمين، راحت العرب تستحضر طفولة، وشباب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، من طرف أسيادنا الصحابة المؤمنين به، ومن طرف المنكرين لرسالته، والذين أقروا صفاء طفولته، وتميّزه عن أقرانه من الشباب من حيث الطهر والصفاء، وقبل البعثة.

وقام سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم شخصيا، بالتحدّث عن طفولته، وشبابه قبل بعثته الشريفة. وجاء القرآن ليخبرنا عن بعض طفولة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه.

مايجب ذكره في هذا المقام، أنّ الذين تعامل معهم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قبل البعثة، وبطريقة مباشرة، وأصبحوا جزءا من حياته، كأبيه، وأمه، وزوجه سيّدتنا أمنا خديجة، كلّهم من نسب طاهر نقي، لاتشوبه أدنى شائبة، وبشهادة أعدائه من كفار قريش، قبل غيرهم، وإلى يوم الدين.

سيّدتنا أمّنا خديجة أوّل من أسلم من الرجال والنّساء

بمجرّد مادخل سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على سيّدتنا أمّنا خديجة رحمة الله، ورضوان الله عليها، آمنت به، دون تردّد، ولا تراجع.

قال الكاتب: كانت تعلم أنّه رسول للعالمين، وكانت تنتظر هذه اللّحظة، ولذلك لم تتفاجئ، واستقبلت النبأ العظيم، بهدوء، وفرح، وشوق.

نفس الحالة، والشوق، واليقين، عاشها سيّدنا الصّدّيق، رحمة الله ورضوان الله عليه. فأسلم لأوّل مرّة رآه حين عاد من الغار، بعد نزول الوحي عليه لأوّل مرّة.

أقول: أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، حين عاد من غار حراء ودخل بيت الصّدّيق قبل سيّدتنا أمّنا خديجة، لأسلم الصّدّيق في حينه، ومن قبل سيّدتنا أمّنا خديجة، لأنّه أعلم النّاس بأخلاقه، طيلة طفولته وشبابه، وقد كان ينتظر هذا اليوم.

لم يكن هناك سؤال وجواب وامتحان وانتظار، بين سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع أسيادنا خديجة بنت خويلد، والصّدّيق، رضوان الله عليهما.

أقول: تقسيم الأوائل من أسيادنا الصحابة الذين أسلموا إلى رجال ونساء، ظلم في حقّ سيّدتنا أمّنا خديجة، لأنّه في هذه الحالة، توضع في نفس مرتبة الرجال الذين أسلموا بعدها. وفي الحقيقة، هي أوّل من أسلمت من الرجال والنّساء، ولم يسبقها رجل من أسيادنا المبشرين بالجنة، ولا أسيادنا الخلفاء الراشدين، ولا أسيادنا آل البيت، رضوان الله عليهم جميعا.

من اعتبر أنّ أحدا أسلم قبل سيّدتنا أمّنا خديجة، وسيّدنا الصّدّيق، رحمة الله، ورضوان الله عليهما، عامدا متعمّدا، فهو كذاب أشر، وحاقد على أسيادنا، وأمهاتنا، رحمة الله، ورضوان الله عليهم جميعا.

تحدّثنا عن الدقائق الأولى التي أعقبت نزول الوحي، وكيف أمنت سيّدتنا أمّنا خديجة، وسيّدنا الصّديق، دون طرح سؤال، ولا اختبار، ولا طلب إذن. وسيّدنا علي كان يومها في العاشرة من عمره، وطلب منه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن يستأذن أباه، وأن يكتم إسلامه، وهذا مالم يحدث مع سيّدتنا أمّنا خديجة، وسيّدنا الصّدّيق. وركزنا على الذين لم يطلب منهم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم الاستئذان، ولا كتمان إسلامهم. وسيّدتنا أمّنا خديجة، لأنّها الأولى التي أسلمت من الرجال والنّساء، وركّزنا على سيّدنا الصّدّيق لأنّه الأوّل الذي أسلم من الرجال، وبعد سيّدتنا أمّنا خديجة. وتبقى القائمة مفتوحة للثالث، والعاشر، والمائة، والألف.

كتبت عبر صفحتي، وبتاريخ: 10 أوت 2017، وبالحرف: "تكمن عظمة سيّدتنا أمنا خديجة في كونها أوّل من أسلم من الرجال والنساء وتلك درجة لم يصلها أحد من الرجال والنساء، ومن الظلم البيّن القول أنّها أوّل من أسلمت من النّساء دون ذكر الرجال".

سبق لي أن انتقدت سيّدنا الحافظ بن الجوزي، رحمة الله ورضوان الله عليه، في كتابه الخالد: "مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب"، حين عدّد 40 صحابي الذين كانوا من الأوائل الذين أسلموا، ولم يذكر سيّدتنا أمّنا خديجة. واعتبرت -وما زلت-، أنّ سيّدنا الحافظ بن الجوزي، رضوان الله عليه، أخطأ في حقّ سيّدتنا أمّنا خديجة، حين لم يذكرها، وهي أوّل من أسلم من الرجال والنّساء جميعا.

أسيادنا الصّدّيق، وعمر بن الخطاب، وآل البيت

أقول: أدخل إسلام سيّدنا عمر بن الخطاب، رحمة الله ورضوان الله عليه، الفرح والسّرور لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأسيادنا الصحابة، وآل البيت الذين أسلموا يومها. وفي الوقت نفسه، أغضب إسلامه سادة قريش، والمشركين من قريش.

وقفت على ملاحظة -وأطرحها لأوّل مرّة في حياتي-، وهي: تتحدّث كتب السيرة، وبالتّفصيل، عن إسلام سيّدنا عمر بن الخطاب، -ولم يكن من الأوائل الذين أسلموا-. وتتحدّث عن إسلام سيّدنا الصّدّيق باختصار شديد جدّا، وهو أوّل من أسلم من الرجال، بعد سيّدتنا أمّنا خديجة بنت خويلد، التي كانت أوّل من أسلمت من النّساء والرجال، ولم يسبقها أحد من الرجال والنّساء.

لم أقرأ -لغاية هذه الأسطر- إجابة، ويمكن للقارئ المتتبّع أن يقف -في تقديري- على الإجابة التّالية: لم يثر إسلام سيّدنا الصّدّيق انتباه أسيادنا الصحابة، وآل البيت، وكفار قريش، لأنّهم يعلمون الصداقة الوثيقة بينه وبين صديقه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، منذ الطفولة، والمراهقة، والشباب، والتطابق بين أخلاق الصديقين، والتفاهم، وصفاء السريرة، ونقاء الفطرة، ويكفي أنّ سيّدنا الصّدّيق لم يكن يشرب الخمر قبل البعثة. والغرابة، كانت ستكون لو لم يسلم سيّدنا الصّدٌيق. بينما سيّدنا عمر بن الخطاب، كان من الأعداء، ومن المجاهرين بالعداوة لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وكان صاحب قوّة وسيف ومنعة، ودخل الإسلام علانية، وإسلامه كان بداية كسر الصمت المفروض على الإسلام من قبل قريش، وبداية مرحلة الجهر أمام مرأى ومسمع من سادة قريش، ماجعل قريش تفقد سندا قويا، وسيفا ضاربا، وعشيرة مانعة.

نفتخر بكوننا نحب أسيادنا الصّدّيق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأمهات المؤمنين، وآل البيت، والصحابة، لأنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أحبّهم، وقرّبهم، ورفعهم، وأكرمهم.

وكلّ من يكره أسيادنا الصّدّيق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأمهات المؤمنين، وآل البيت، والصحابة، فهو حاقد ومبغض لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لأنّه صلى الله عليه وسلّم أحبّهم، وقرّبهم، ورفعهم، وأكرمهم. ولا خير في من يحقد، ويشتم، ويهين، ويكذب، ويبغض من أحبّه، وقرّبه، ورفعه، وأكرمه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

العظيمة الطّاهرة الصّدّيقة أمّنا عائشة، تغار من العظيمة الطّاهرة أمّنا خديجة

أقول: كلّما تحدّثت كتب السيرة النبوية عن سيّدتنا أمّنا خديجة، إلاّ وأرفقتها بالحديث عن غيرة سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة، رحمة الله، ورضوان الله عليهما.

عظيمة تغار من عظيمة. وعظيمة تتقرّب بغيرتها لدى زوجها العظيم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ولو جاءت سيّدتنا أمّنا خديجة بنت خويلد، بعد سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة، لأبدت غيرتها، وقالت في سيّدتنا أمّنا عائشة -أو غيرها-، ماقالته فيها.

نحب سيّدتنا الصّدّيقة أمٌنا عائشة، بنت سيّدنا الصّدُيق، رحمة الله ورضوان الله عليه، لأنّ زوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أحبّها، وفضّلها على نسائه.

كلّ من يكره، ويشتم، ويبغض، ويحقد، ويرمي سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة بما ليس فيها، فقد كره، وشتم، وحقد، على زوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، الذي أحبّها، وفضّلها على نسائه، ورماه في زوجه، وفراشه، وطهره، وشرفه، وعفّته، ورجولته صلى الله عليه وسلّم.

لم تستعن قريش بأجنبي لقتل ابنها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم

أقول: كفار قريش وهم في أوّج الحرب ضدّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وحين عزموا على قتله، أخذوا من كلّ قبيله شاب قوي ينوب عنها في قتله صلى الله عليه وسلّم. ولم تستعن قريش بقوّة أجنبية كالروم أو الفرس، لتحارب، وتقتل ابنها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ومن معه من أسيادنا الصحابة، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا.

أقول: الاختلافات، وسوء التفاهم، والصراعات، وقطع العلاقات الدبلوماسية بين الإخوة والجيران، ظاهرة صحية، في انتظار أن يوجد لها الحلّ يرضي الطرفين، أو أكثر. لكن الاستعانة بالصهيوني، والغربي، والمسلم الأعجمي، والعربي، ضدّ الأخ والجار، فهذا من الخيانة، والجرم، الذي لم تفعله قريش وهي تحارب من تراه أشدّ أعدائها صلى الله عليه وسلّم.

عظمة أسيادنا الصّدّيق وعلي بن أبي طالب

قال الكاتب: حين علم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أن قريش عزمت على قتله، أخبر سيّدنا علي بن أبي طالب، رحمة الله ورضوان الله عليه بالخبر، وطلب منه أن يبيت في فراشه ويلبس لباسه، وطمأنه أن قريش لن تصل إليه، ولن تقتله، ولن يحدث له مكروه.

أقول: كان سيّدنا علي بن أبي طالب يومها أعزب. أي لم يغامر بأحد من أفراد عائلته.

في المقابل، سيّدنا الصّدّيق غامر بحياته، وحياة والديه، وحياة ابنه سيّدنا عبد الله، وحياة ابنتيه سيّداتنا أسماء، وأمّنا عائشتة، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا، وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لم يطمئنه بأنّه لن يقتل، وأنّ قريش لن تصل إليه.

سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا بنت الصّديق

بعد موت سيّدتنا أمّنا خديجة، رحمة الله ورضوان الله عليها، خطب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم إحدى سيداتنا أمهات المؤمنين، رحمة الله ورضوان الله عليها، وفي نفس الوقت -حسب الكاتب-، خطب سيّدتنا أمّنا عائشة من سيّدنا الصّديق، وقد كانت صغيرة، ووافق سيّدنا الصّدّيق على الفور.

أقول: كانت سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة، مدلّلة في بيت زوجها صلى الله عليه وسلّم، ومدلّلة في بيت أبيها الصّدّيق، ، ومدلّلة لدى قومها.

سيّدنا الصّدّيق كان سيّد قومه، ومن سادة العرب، وزوّج ابنته لصديق العمر والصبا والشباب، لسيٌدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وبإرادته، وهو الغني، والسيّد، والحكيم، وأعرف العرب بالأنساب، وفرح بزواج ابنته فرحا شديدا، ولم يندم يوما على تزويجها. إذن، تمّت الخطبة بين السيّد العظيم سيّدنا رسول صلى الله عليه وسلّم، والسيّد العظيم سيّدنا الصّدّيق، ليتزوّج السيّدة العظيمة أمّنا الصّدٌيقة عائشة، وبرضى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ورضى سيّدنا الصّدّيق، ورضى سيّدتنا أمّنا الصّدٌيقة عائشة، ودون ضغط، ولا إكراه.

عظمة النجاشي في كونه كان أمينا مع أسيادنا الصحابة

أقول: تعامل النجاشي، رحمة الله ورضوان الله عليه، مع أسيادنا الصحابة رحمة الله، ورضوان الله عليهم جميعا، على أنّهم أمانة في عنقه يجب الحفاظ عليها، ولذلك ردّ هدايا قريش، التي كانت عظيمة تناسب عظمة النجاشي. وتكمن عظمة النجاشي، في كونه حافظ على الأمانة التي بين يديه، والمتمثّلة في أسيادنا الصحابة، حتّى رجعوا آمنين سالمين

يوم الهجرة عظيم، لكن كلّ أيّام سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم عظيمة

اعتبر الكاتب أنّ يوم الهجرة، هو أعظم الأيّام في حياة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والمسلمين، وذكر جملة من الأسباب.

أقول: كلّ أيّام سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم عظيمة، ولا يمكن أن يفاضل بينهما القارئ المتتبّع. ومن الخطأ -في تقديري-، تفضيل أيّام سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، لأنّ أيّامه كلّها عظيمة.

يمكن أن نتحدّث عن عظمة يوم، وواقعة، ونذكر فضلها وعظمتها، لكن لايمكن القول أنّها أفضل الأيّام، والوقائع من الأيّام والوقائع الأخرى التي شهدها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فكلّها عظيمة.

ممّا وقفت عليه، وأكتب عنه لأوّل مرّة في حياتي، أنّ المسلمين يؤرخون بتاريخ هجرة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. والهجرة تعني خروج سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أي نحتفل بيوم الخروج من مكة. وفي المقابل، لايؤرّخ المسلمون بفتح مكة. وكان الأولى -من الناحية النظرية-، الاحتفال بيوم العودة لمكة، وليس الاحتفال بيوم الخروج من مكة، لمكانة مكة لدى المسلمين. وهذا مايؤكد -ودون سعي ولا ترتيب منّي-، أنّ أيّام سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، كلّها عظيمة.

حين اختار سيّدنا عمر بن الخطاب، رحمة الله ورضوان الله عليه، يوم الهجرة كتاريخ للمسلمين، إنّما قدّم -في تقديري- الفعل، والحركة، والتأثير، والبداية الصعبة المشرقة، والانطلاقة القوية، على المكان أي مكة، رغم مكانتها في قلوب المسلمين.

عظمة الصّدّيق، والأخوة

اشترى سيّدنا الصّدّيق، رحمة الله ورضوان الله عليه، بماله الناقة التي حملت سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم الهجرة، واشترى بماله قطعة الأرض التي بني عليها أوّل مسجد في الإسلام، وأخذ معه ماله. مايعني، أنّه -وهو المهاجر المطارد المحاصر-، دخل المدينة من أوسع الأبواب، وأقواها، وأعلاها، وتلك من عظمة سيّدنا الصّدّيق.

ممّا وقفت عليه، أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أقرّ التآخي بين المهاجرين والأنصار ، بعدما رأى رأي العين الأخوّة فيما بينهم مجسّدة في مظاهر عدّة. مايعني أنّ القرار جاء تبع لتجسيد الأخوة في الميدان، لأنّ الأخوّة لاتبنى بقرار سياسي يصدره الحاكم، إنّما هو سلوك يومي، يتجسّد في مظاهر عدّة، وبعفوية، ودون تكلّف.

عتاب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأسيادنا الصّدّيق وعلي بن أبي طالب

يعاتب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أسيادنا الصّدّيق، وعلي بن أبي طالب، رحمة الله ورضوان الله عليهما، أثناء إحدى الغزوات -لاتحضرني الآن-، لأنّ اليأس يساهم في قوّة جيش العدو.

عاتب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أثناء صلح الحديبية، سيّدنا عمر بن الخطاب، رحمة الله ورضوان الله عليه، لأنّه عارض سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، في بعض بنود معاهدة صلح الحديبية، لأنّه رأى فيها الذّلّة والمهانة للمسلمين، وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم رأى فيها العزّة، والمنعة، والنصرة للمسلمين.

عاتب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، سيّدنا علي بن أبي طالب، لأنّه لم يمتثل لأمر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، الذي أمره بمحو كلمة "رسول الله"، واستبدالها بكلمة "محمد بن عبد الله"، كما طالب بذلك سهيل بن عمر، مفاوض قريش في صلح الحديبية.

أثناء غزوة الخندق، رأت زوجة سيّدنا حسان بن ثابت، رحمة الله ورضوان الله عليهما، يهوديا يتربّص بالديار، فطلبت منه أن يخرج إليه ليقتله، فأجابها: دعيني لشأني، أنت تعرفين أنّي رجل شعر، ولست رجل حرب. فتحينت الفرصة، وقتلته، ثمّ طلبت من زوجها سيّدنا حسان بن ثابت، أن يسلبه سلاحه، قائلة: مامنعني أن أسلب سلاحه، إلاّ لأنّه رجل.

أريد أن أقول، بعد هذا الذي ذكره الكاتب: عادي جدّا أن يعاتب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أسيادنا أصحابه، وقادته، وآل بيته. وعادي جدّا، أن يتسلّل مايتسلّل لكلّ نفس، ومهما كانت قوية، من بعض الخوف، والعناد، واليأس، لأسيادنا الصحابة، وقادة الجيش، وآل بيته صلى الله عليه وسلّم. وهذا لايمسّ من مكانتهم العالية، ولا يقدح في شجاعتهم النّادرة.

مادون سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فليس بالمعصوم، ولم، ولن يكون المعصوم من الخوف، واليأس، والقنوط، والعناد، التي تمرّ بالكبار العظام، في فترة من فترات حياتهم، لكن ليس دوما.

خيانة يهود المدينة للعهود

استمرّ قتال سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليهود المدينة بسبب غدرهم، ونقضهم للعهود مدّة 4 سنوات، وخلال فترات 2هجري-6هجري.

أقول: لايفهم من هذا أبدا، أنّ محاربة الصهاينة المحتلّين للأرض تكون على مراحل، بل الظروف المحيطة والمفروضة، عنصرا من عناصر المواجهة.

أقول: غدر اليهود فطرة، وأصل، ومن الخيانة الاعتقاد أنّ حبر المعاهدات مع الصهاينة، يلغيه.

أوّل عمل قام به سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهو متّجه لغزوة خيبر، أن قطع الطريق، عن قبيلة غطفان، المتحالفة مع يهود خيبر، والذين كانوا يقطعون الطريق عن المسلمين، لحرمانهم من التجارة مع الشام، ماجعلهم يتضرّرون تجاريا، واقتصاديا.

أقول: كلّ من يتعامل مع الصهاينة، من عربي، ومسلم أعجمي، فهو عدو. ومواجهة الصهاينة تستوجب أوّلا مواجهة الخونة من العرب والمسلمين، الذين وقّعوا، وهرولوا.

مدح سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأسيادنا الصحابة من خلال غزوة خيبر

بعث سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، سيّدنا الصّدّيق لفتح خيبر، فأبلى بلاء حسنا، لكنّه لم يستطع فتحها. ثمّ بعث سيّدنا عمر بن الخطاب، فأبلى بلاء حسنا، لكنّه لم يستطع فتحها. ثمّ بعث سيّدنا علي بن أبي طالب، فأبلى بلاء حسنا، وكان الفتح على يديه، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا.

أقول: أسيادنا الصّدّيق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، قادة عظام، ومن المقرّبين لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ولايضير مكانتهم، ومنزلتهم العالية، إن لم ينجحوا في غزوة، أو محاولة، أو رأي، أو مشورة. ولا يلامون، ماداموا أبلوا بلاء حسنا، وكرّروا المحاولة، وكانوا مخلصين لقائدهم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

قلتها وأعيدها: مدح سيّدنا رسول الله صلى لأسيادنا الصحابة، وبما يراه أنسب لأصحابه، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا. ومدح الصحابي الفلاني، بما لم يمدح به الصحابي الآخر. ومن الحقد الدفين، تعمّد ذكر مدح سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لصحابي بعينه، وتعمّد إخفاء مدح سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم لصحابي بعينه. فهذا من سوء الأدب، وقلّة الأدب مع سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأسيادنا الصحابة، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا.

عظمة سيّدتنا الطّاهرة الصّدّيقة أمّنا عائشة من خلال تهمة الإفك

أقول: لأوّل مرّة أقف على تهمة الإفك من هذه الزاوية، وهي: عانت سيّدتنا أمّنا الصّدّيقة بنت الصّدّيق عائشة، رحمة الله ورضوان الله عليها، عدم إنجاب الولد، لأعظم خلق الله، سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ولا عجب إن أحدث لها ألما، وهي الصغيرة، والمدلّلة في بيت زوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأبيها سيّدنا الصّدّيق، رحمة الله ورضوان الله عليه،

ورغم هذا الألم، يضاف لها ألما آخر، أشدّ ألما ووقعا وخطورة، وهو تهمة الإفك. وسيّدتنا أمّنا الصّدّيقة الطاهرة عائشة، كانت كبيرة عظيمة جليلة قوية، حين تحمّلت بشجاعة نادرة، عدم إنجاب الولد، وتهمة الإفك.

عانت سيّدتنا الصّدّيقة الطاهرة أمّنا عائشة، الغيرة مع سيّدتنا أمّنا خديجة، رحمة الله ورضوان الله عليها، التي أنجبت أسيادنا من أبنائها، لزوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهي العجوز، وسيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة، حرمت الولد، وهي الصغيرة في زهرة عمرها.

وعانت سيّدتنا الصّدّيقة الطاهرة أمّنا عائشة، الغيرة مع سيّدتنا مارية القبطية، رحمة الله ورضوان الله عليها، حين أنجبت سيّدنا إبراهيم، رحمة الله ورضوان الله عليه، لزوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وقد تزوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، بعد سنوات من زواجه بسيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة. فأنجبت الولد، وظلّت سيّدتنا عائشة دون ولد. فلا عجب أن تغار، ممن أنجبت الولد، وقد تزوجت من بعدها.

تتمثّل معاناة سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة في كون: سيّدتنا أمّنا خديجة أنجبت الولد، وهي العجوز. وسيّدتنا أمّنا مارية أنجبت الولد، وليست العربية، وتزوجت بعدها. وحرمت سيّدتنا أمّنا الصّدّيقة عائشة الولد، وهي الصغيرة، والعربية.

غيرة سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة، من سيداتنا أمهاتنا خديجة ومارية، ظاهرة صحية، وفطرة سليمة، وعادية، وتتّصف بها كلّ امرأة، تعيش أقلّ ممّا عاشته سيّدتنا الصّدّيقة عائشة. كيف وقد حرمت الولد، وهي الصغيرة، ومن تزوجت قبلها، ومن بعدها، رزقت الولد.

أقولها لأوّل مرّة: من أراد أن يفهم سيّدتنا الطاّهرة الصّدّيقة أمّنا عائشة، فليقف مطولا عند آثار حرمان الولد لديها وهي الصغيرة، فسيقف حينها على أسرارها، وعظمتها، وقوّتها، وغيرتها، وطهارتها. والظلم الذي تعرّضت له من أصحاب تهمة الإفك، ومن الحاقدين عليها فيما بعد، وعلى أبيها سيّدنا الصّدّيق، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا.

بالمناسبة، أستعمل مصطاح تهمة الإفك، ولا أستعمل مصطاح "حادثة الإفك"، الذي يستعمل في كلّ كتب السيرة، لأنّ تهمة خطيرة مسّت فراش سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وزوجه سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة، وصديق العمر، وحبيبه، ومستشاره، ومصدّقه، سيّدنا الصّدّيق. أتساءل، كيف يطلق عليها أسيادنا علماء السيرة بـ"حادثة الإفك"، وهي في الحقيقة تهمة الإفك؟.

أقول: مازلت أرى أن عبارة "حادثة الإفك"، التي استعملها أسيادنا علماء السنة، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا، في عصرنا الحالي، -أقول: في عصرنا الحالي-، لاتفي بالغرض، وهم يتحدّثون عن اتّهام سيّدتنا الصّدّيقة عائشة أم المؤمنين، رضوان الله عليها. ولذلك، فضّلت في عصرنا الحالي، أن أستعمل مصطلح "تهمة الإفك"، لأنّها -في تقديري-، تعبّر عن هول الجريمة، والخيانة، والغدر، التي أصابت سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وزوجه سيّدتنا الصّدّيقة عائشة أم المؤمنين، والصّدّيق رحمة الله ورضوان الله عليه، باعتباره صديق العمر، وصهر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأب سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة.

أستعمل في كتاباتي لقب "الصّدّيقة"، على سيّدتنا أمّنا عائشة. وبدأت في استعماله بعدما قرأت كتاب "الصّدّيقة بنت الصّدّيق"، وعرضته، لعباس محمود العقاد، رحمة الله ورضوان الله عليه. ومن يومها، وأنا أستعمل لقب: الصّدّيقة عائشة، وأقول: سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة، رحمة الله ورضوان الله عليها. وبهذا أكون قد حفظت الحقوق الملكية للعقاد، واعترفت له بفضل السّبق، ولم أنكر ذلك يوما.

الألقاب لايُتعبدُ بها، وللقارئ المتتبّع أن يطلق ألقابا عظيمة جليلة تليق بمقام أسيادنا الصحابة، وأمهات المؤمنين، وآل البيت، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا، وبما يحفظ قدرهم ومنزلتهم وسبقهم وجهادهم وفضلهم على العالمين، مع الاحتفاظ بالألقاب التي أطلقها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم عليهم، والرجوع إليها. ولذلك نقول: سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة، رحمة الله ورضوان الله عليها، عن علم، وإصرار، ويقين، ودراية، وفقه، ووعي.

من حجر أمّنا خديجة لحجر أمّنا عائشة

من عجائب ماوقفت عليه، وأكتب عنه لأوّل مرّة، هو: بدأ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم رسالته، من حجر سيّدتنا أمّنا الطّاهرة خديجة، رحمة الله ورضوان الله عليها، حين جاء يرتجف من غار حراء، لهول ماتلقاه من وحي، فراحت تهدّئ روعه، وتزيده ثباتا، وتمسح عنه العرق، وتطمئنه على ما رأى وسمع، وهو في حجرها.

وختم رسالته، وهو على حجر سيّدتنا الطّاهرة الصّدّيقة أمّنا عائشة، رحمة الله ورضوان الله عليه، حين استأذن من نسائه أمهاتنا، رضوان الله عليهن جميعا، أن يمرّض في بيت زوجه سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة. وهي تقف إلى جواره، في اللّحظات الأخيرة من حياته، قبل أن يلتحق بالرفيق الأعلى، وهو في حجرها.

بدأ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، رسالته من حجر سيّدتنا أمّنا خديجة، ولقي ربّه وهو في حجر سيّدتنا الصّدّيقة أمّنا عائشة.

ماأعظم سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وما أعظم سيّدتنا الطاّهرة أمّنا خديجة، وما أعظم سيّدتنا الطّاهرة الصّدّيقة أمّنا عائشة.

إمامة سيّدنا الصّدّيق لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وللمسلمين

أقول: آخر عمل قام به سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قبل أن يلتحق بالرفيق الأعلى، أنّه أعطى أوامره لسيّدنا الصّدّيق، رحمة الله ورضوان الله عليه، بإمامة المسلمين، وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

كان سيّدنا عمر بن الخطاب، رحمة الله ورضوان الله عليه، عظيما حين طالب من أسيادنا الصحابة، رحمة الله ورضوان الله عليهم جميعا، أن يبايعوا سيّدنا الصّدّيق بالخلافة، لاعتبارات تتعلّق بإمامته للمسلمين، وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولم يذكر ميزات أخرى يتميّز بها سيّدنا الصّدّيق، وهي كثيرة عديدة، واكتفى بميزة إمامة الصّدّيق لإمامة المسلمين، وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وكأنّه يقول: ميزة الإمامة تعدل كلّ الميزات.

سيّدنا عمر بن الخطاب، لم يفرض نفسه ولا ابنه، وكان باستطاعته فعل ذلك. وسيّدنا الصّدّيق، لم يفرض نفسه ولا ابنه، وكان باستطاعته فعل ذلك. وقادة الجند الكبار العظام، لم يفرضوا أنفسهم، وكان باستطاعتهم فعل ذلك.

ماحدث من اضطراب، وفوضى عقب التحاق سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالرفيق الأعلى، ظاهرة صحية، خاصّة وأنّهم لم يقدروا تحمّل فراق سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم عنهم، وكان هول الصدمة كبيرا، والدولة فتية.

ملاحظات عامة

قال الكاتب: فرض صيام شهر رمضان، كان تدريبا للمسلمين لما سيلاقونه في الفتوحات الإسلامية القادمة، وشرح ذلك من خلال غزوة بدر. 187

قال الكاتب: المنافقين في المدينة كانوا ينقلون أسرار المسلمين، مقابل أجر يتلقونه من يهود المدينة، وكفار قريش. 191

ذكر الكاتب عبر صفحتي 191-192، أنّ سيّدنا عيسى عليه السّلام جاء بالسيف، وبشّر بالسيف، ونقل أمثلة من الإنجيل.

قلتها وأعيدها: غزوة بدر كانت بالنسبة للمسلمين، لأجل الاستحواذ على القافلة، لحاجتهم الماسة إليها. وكانت المحافظة على القافلة -في البداية-، هي الهدف الأساسي لغزوة بدر. إذن العامل الاقتصادي محوري في غزوة بدر، بالإضافة إلى عوامل أخرى، لمن أراد أن يضيف. 195

قال الكاتب: غالى سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في فدية عمّه سيّدنا العباس، الذي كان ضمن أسرى بدر. 209

أسلم عدد من قريش في مكة، لما سمعوه من معاملة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وأسيادنا الصحابة لأسرى قريش. 210

وسوم: العدد 972