فيروس كورونا

سعيد مقدم أبو شروق

خواطر أكتبها للمستقبل

فيروس كورونا

الحلقة 1

لم ينته عام على فاجعة السيول في الأهواز حتى وقعنا في فاجعة أخرى، فاجعة فيروس كورونا.

ظهر هذا الفيروس القاتل في الصين وقد أصاب الآلاف وقتل أكثر من ألفين وخمس مئة صينيا لحد الآن، ولم يجدوا له دواء مضادا حتى هذه اللحظة.

ومن الطبيعي أن تشاع شائعات في مجموعات التواصل يصعب عليك أن تتحقق من صحتها، منها إن هذا الفيروس سلاح بيولوجي تسرب من مختبرات الحرب الصينية سهوا، فطغى على صانعيه؛ وأصابهم قبل أن يصيب غيرهم.

وقيل إنه أرسل إلى الصين من مختبرات الحرب الأمريكية.

انتقل هذا الفيروس من الصين إلى أكثر من ثلاثين دولة وأثار الرعب بين الساسة والشعوب في العالم كله.

ويتساءل الكثيرون بهلع:

هل أصبنا بوباء عالمي سوف يفتك بالخلق كلهم؟!

ونظرا للعلاقات الاقتصادية بين إيران والصين، كنت أتوجس من دخول هذا الفيروس المسري إلى إيران ومن ثم إلى الأهواز؛ وقد تحقق هذا التوجس أسفا!

دخل فيروس كورونا مدينة قم الدينية، وانتشر إلى المدن المجاورة لها حتى وصل إلى الأهواز.

*****************************************

خواطر أكتبها للمستقبل

فيروس كورونا

الحلقة 2

خرجت صباح الأحد 23 من شباط ذاهبا إلى إحدى المدارس التي أدرس فيها، كان الطلاب في ذعر وقد سمعوا أن فيروس كورونا دخل الأهواز!

كنت أول من يدخل المدرسة، لم أترجل من سيارتي، ليس حذرا من الطلاب، وإنما كنت أقرأ رواية 1984 لجورج أورويل في الجهاز اللوحي، وقد أرفع رأسي فألمح الطلاب وقد تضاءل عددهم!

لم يكونوا كالأيام الماضية! لا نشاط ولا ركض ولا مزاح!

دخل المساعد بعد نصف ساعة، وكأنه تعمد التأخر، كان قد وضع كمامة خضراء خفيفة على فمه، نزل من سيارته وخاطب الطلاب في عجب:

لماذا أنتم هنا؟!

وكانت هذه إشارة لمغادرة المدرسة.

قرأت صفحة أخرى من الرواية، ورفعت رأسي لأرى أن المدرسة قد خلت من الطلاب. الجميع غادروا فارين إلى بيوتهم.

في اليوم الثاني أعلن الحاكم العسكري أن تعطل المدارس والجامعات وجميع المراكز التعليمية في جميع أنحاء الأهواز أسبوعا كاملا تفاديا لانتشار الفيروس.

ودعت المؤسسات الصحية الناس بالبقاء في منازلهم وعدم مغادرتها خشية انتشار كورونا القاتل.

*****************************************

خواطر أكتبها للمستقبل

فيروس كورونا

الحلقة 3

حاولنا أن نحصل على كمامات اتقاء من فيروس كورونا، لكننا لم نستطع!

جميع الصيدليات في المحمرة كتبت على زجاج أبوابها:

لا توجد كمامات، الرجاء عدم الدخول!

وسمعت أن البعض يبيعها بأسعار مرتفعة جدا.

ولكن لا بأس! لدينا الكوفية، والتي نستطيع أن نتلثم بها بدل الكمامة.

أعلن اليوم التلفزيون الإيراني إن عدد المصابين بفيروس كورونا وصل إلى 150 وعدد الموتى إلى 20 شخصا.

لكن الشعب لا يصدق هذه الأخبار، خاصة وأن النائب عن مدينة قم أحمد أمير آبادي أعلن قبل ثلاثة أيام أن الفيروس دخل قم منذ ثلاثة أسابيع، وأن عدد الوفيات تجاوز الخمسين.

والعجيب في الأمر أن الحكومة لم تفرض الحجر الصحي على هذه المدينة لتمنع انتشار هذا الوباء الخطر!

البعض يرجع السبب إلى الانتخابات البرلمانية، والتي أجريت الجمعة الماضية.

والبعض الآخر يقول إن الحجر الصحي قد يسيء إلى قداسة المدينة، وإلى الأضرحة التي توجد فيها.

على كل، فات الأوان وقد وقع الفأس بالرأس، انتقل الفيروس إلى معظم مدن إيران، وإلى الأهواز.

أمس قرأت خبرا في مجموعات التواصل أن حافلتين من (راهيان نور) قادمتين من مدينة قم دخلتا المحمرة!

إن كان هذا الخبر صحيحا، فقد حلت بنا المصيبة.

*****************************************

خواطر أكتبها للمستقبل

فيروس كورونا

الحلقة 4

بقلم: سعيد مقدم أبو شروق

عطل المسؤولون المدارس أسبوعا آخر، وبدأ العراق والكويت ودول أخرى يعطلون مدارسهم، وهذا يعني أن القضية ليست هينة.

أمس اتصلت بأحد الأصدقاء وهو خبير يعمل في مختبر المستشفى صباحا، وفي مختبر خاص عصرا، سألته:

هل شاهدت حالة مشكوكة بفيروس كورونا.

قال إنه لم ير أي حالة مشكوكة.

لكن المشكلة أن هذا الفيروس جديد التسلل في الإقليم، ويقال إنه يبقى لمدة أسبوعين في جسم الإنسان ثم تظهر أعراضه!

أي ربما هناك مصابون لا يعلمون أنهم مصابون، ولهذا لم يراجعوا المستشفى لحد الآن.

تنشر رسائل كثيرة هذه الأيام في مجموعات التواصل تفيد بأن المأكولات والمشروبات الحارة قد تقي من الابتلاء بهذا الفيروس القاتل، ولهذا طحنت أم شروق الزنجبيل وأضافته على الماء الحار وطلبت منا أن نشربه.

ومن الطريف أن ابننا ذا الثالثة كان ينتظر بفارغ الصبر لتجهز أمه الزنجبيل، لكنه عندما احتسى حسوة ووجدها حارة، دفع الإناء ورفض أن يشرب المزيد.

أما أخوه ماجد، فقد شرب على مضض.

ومن المضحك أيضا، أن رسالة وصلتنا عبر الواتساب تطلب من الجميع أن يدخنوا غدا الحرمل عند الساعة العاشرة صباحا ليعقموا المدينة كلها!

تذكرت قبل عام، عندما زرنا أحد أصدقائنا وكان الوقت صيفا والمكيف يعمل، وفتحت ابنته باب الصالة ونست أن تغلقه؛ فقال لها مازحا:

هل تريدين أن تبردي المحمرة بأكلمها؟!

وصدق المثل الذي يقول إن الغريق يتشبث بكل حشيش، فقد أمسى الناس ومن شدة هلعهم من الفيروس المسري الذي تسلل إلى مدنهم من مدينة قم، يدخنون الحرمل في بيوتهم، يشربون السوائل الحارة، يأكلون البصل والثوم...

ومن الطبيعي أن هناك طيف يتعامل مع القضية ولا كأنها موجودة!

فهو يخرج ويخالط ويسخر من الفيروس وممن يحتاط منه، ويقول لمن يوصيه بالحذر مبتسما:

هي موتة واحدة ... فلمَ الهلع والاضطراب والحزن؟!

ولعل هذا الطيف هو الذي ينجو من الوباء إذا ما انتشر في المدينة كلها، لا سمح الله.

وسوم: العدد 875