أوبريت الشك

م. محمد ماهر عمر مكناس

ديوان شعر (4)

المقدمة :

مدنية .. الغرب ..!!

في إحدى الأمسيات الباردة ..  وفي مدينة ( ميسيساجا ) .. دخلت  مع أفراد عائلتي أحد المطاعم المنتشرة هنا وهناك .. فرأيت القائمين على خدمة الناس فيه فتيات في عمر الزهور لم يتجاوزن خمسة عشر ربيعا .. تأثرت في نفسي لهذا المنظر الكئيب .. وتذكرت قصيدة الشاعر عمر بهاء الأميري والتي مطلعها ..

البائسات المائسات                     كآلة من غير روح

دخلت وأولادي المطعم

في ليلة برد شتويه

ننعم بالدفء وبالمغنى

وأغاني ( الجاز) الغربيه

( موسيقى ) ناعمة حينا

أو صخب يزعج أذنيا

************

وإذا بفتاة قد جاءت

يحملها جناح العفويه

سألت أطفالك .. قلت بلى

ميسون وعامر وسميه

نسرين ونعمة ورنيم

وعبد الله وأميه

**************

 

ضحكت والحسرة تقتلها

ورياح الحقد الأبديه

في عمر الورد وقد وقعت

ببراثن تلك المدنيه

***********

أما أهلوها فقد غفلوا

عن صفحة خد ورديه

عن فتحة ثغر تجرحني

وبلكنة قول عسليه

وأسائل من كان حولي

أترى هل هذي مدنيه ؟

*******

ابنتكم قد زاغت عنكم

ومشت بطريق وحشيه

فذئاب الحي تلاحقها

وكذا آساد البشريه

********

  لحظات رهيبه !!! انتظار

وجلست أنتظر الحبيبه ..

في لحظة الصمت الرهيبه ..

والقهوة السمراء أشربها كئيبه ..

والقاعة الحمراء أحسبها مريبه ..

وتمر ساعات ولم تأتي الحبيه ..

طال انتظاري واعترتني حالة الشك الرهيبه ..

وأقول في نفسي ترى أين الجبيه ..

أترى اعتراها ..

أترى أتاها هاجس ..

********

 

طال انتظاري ساعة ..

والقاعة الحمراء ملأي ..

********

 

ولمحت طيف حبيبتي تمشي بخطوات وئيده ..

وهرعت أتبعها بنظرات شريده  ..

لا لست أعرفها لقد كانت مكيده ..

********

 

ورجعت لا ألوي على شيء  ..

********

  أحبك .. يا زوجتي الحبيبة ..!!!

أينما ذهبت .. وحيثما حطت بي الرحال .. فإن ذكراها لا تكاد تفارق مخيلتي .. كلمات كتبتها لليد الحانية والقلب الرحيم .. وأنا على سرير المرض في مدينة ( هونغ كونغ ) ..!!!!

********

أحبك يا ( حبيبة* )  فاذكريني

أحبك فالهوى أذكى شجوني

أحبك كلما طافت بقلبي

سحابات من الحب الدفين

أحبك كلما مرت ليال

أحبك كلما زاد حنيني

********

 

فقلبك قابع في جوف قلبي

يردد نغمة الألم الحزين

وذكرك شاخص دوما بفكري

يراقب دمعتي ويرى أنيني

وطيفك لا يفارق نور عيني

أعود إليك إن زاغت عيوني

********

( حبيبة ) أقبلي يكفيك بعدا

ويكفي مقلتي أرق العيون

********

  أوبريت .. الشك ..!!

     قطعة تمثيلية تخيل فيها الشاعر فتاة اسمها ليلى أحبها وأخلصت له .. غاب عنها فترة من الزمن ثم عاد فشك في  خيانتها واتهما في شرفها ، فما لبثت أن ألقت بنفسها من الشرفة فماتت .. ولكنه يكتشف بعد فوات الأوان أن الشاب الذي كان عندها هو ابن أختها الذي كان يرعاها فترة مرضها .. فحزن عليها حزنا شديدا ..!!!!

هو: (ليلاي) يا ليل المنى

يا قبلة الشعراء

(ليلي) نهار من سنا

بسماتك الغراء

*************

هي :أحبيب قلبي إنني

بهواك طارت مهجتي

لم أهو قبلك في الورى

فاقبل مناي محبتي

********

 

هو:(ليلاي) كم من ليلة

ليلا رعيت نجومها

لم أنس أول نظرة

لما رشفت سمومها

غادرتني في ثورة

عظمى حملت همومها

********

هي : البعد حطم مهجتي

ورأيت فيه شقائي

والدمع قرح أعيني

في بكرتي ومسائي

**************

 

هو:يا ليت قربك قد دنا

وبلغت منك رجائي

وأزحت عن قلبي الضنا

من بسمة اللعساء

************

هي: أقبل إلي لتلقني

في شكوتي وأنيني

أنت الأنيس لوحدتي

أنت الهوى ومعيني

*************

 

هو: ما بال دمعك قد جرى

فوق الخدود أبيني

ءأذعت سري في الورى

وهتكت ستر شجوني

وحجبت عن عيني الكرى

حتى لمست جنوني

********

هي: ما ذقت من قبل الهنا

حتى يهون شقائي

قضيت عمري في الونى

مسلوبة الآراء

********

 

هو: قولي بربك خبري

مالي رأيتك واقفه

خلف الستائر تنظرين

إلى الفتى كالخائفه

هذا دليل المفتري

(ليلى) فأنت المسرفه

********

هي:أبعد ظنونك إنني

ما كنت يوما مسرفه

عذبتني وهجرتني

وأبيت ليلي واجفه

********

 

هو: أوقعت نفسك في الضنى

وحملت كل شقاء

موتي بغيظك قبلنا

كالصخرة الصماء

**************

هي : هذا الفتى قد جاءني

في حالة الإعياء

أبدى ضروبا من سنى

وشهامة الشرفاء

********

 

يهمس في نفسه بصوت خفيض :

إني قرأت بجفنها

سرا من الأسرار

تلك الخيانة عينها

تبدو وراء  ستار

تبغي خداعي إنها

لن تحظ  با لأوطار

********

 

تصرخ بصوت مرتفع وبعصبية زائدة ..

ماذا تقول ..!! خيانة

مني وراء ستار

لم  أحظ منه بقبلة

أو لمسة أو عار

قد كان عونا في الورى

في وحدتي وصغاري

********

 

هو.. بصوت منخفض كئيب ..

بحديثها يبدو الخنا

مترادف الأجزاء

تبدو بسيماها لنا

كالنقطة السوداء

********

تصرخ بعصبية ..  وهي تهم بالخروج إلى الشرفة ..

مالي أراك مرددا

ضربا من الأسماء

تبدو أمامي واقفا

في البيت كالضعفاء

إن كان قولك صادقا

فالثأر للشرفاء

********

 

يهمس أيضا وكأنه يكلم نفسه ..

( ليلى ) أنادي علها

صوت الفتى أن تسمعا

ضمن الفؤاد محلها

دلت وأحشائي معا

( ليلى ) توارى ظلها

عن أعيني لن ترجعا

********

 

تطل من نافذة الشرفة وهي تبكي ..

الشك أثقل كاهلي

والقلب بات مصدعا

سأريح نفسي علني

ألقى القضاء الأجمعا

فإذا الحقيقة حصحصت

فاسكب لذلك أدمعا

*************

 

تتقدم لتلقي نفسها من الشرفة العالية لتنتحر ..  يركض هو محاولا إنقاذها دون جدوى .. يصيح بصوت هيستيري حزين ..

ماذا أتنحر نفسها

يا سحق قلبي الواله

أو هل جنون مسها

فغدت صريعة فعله

ذهبت لتسكن رمسها

وبقيت مثل الواله

***************

يدخل الفتى وبيده كيس مليء بالأدوية والعلاجات الطبية وهو يصيح بأعلى صوته ..

هذا الدواء فأبشري

نعم الشفا يا خاله

قد كنت أجمع بعضه

من مخزن وبقاله

***************

 

يتقدم إلى الشرفة وينظر إلى جسد حبيبته المهشم .. ثم يعود وهو يصرخ باكيا بأعلى صوته ..

( ليلاي ) كم فعلت بنا

الأوهام من أرزاء

قد كنت في نعم الجنا

ياعين طاب بكائي

***************

 

الفتى يذهب إلى الشرفة يستطلع الخبر ثم يعود وهو يصرخ باكيا بأعلى صوته

ماذا فعلت بخالتي

يا أتعس التعساء

********

هو يبكي بكاء حزينا ..

( ليلى ) أفرق بيننا

واش من الأعداء

عودي بربك إننا

كالماء   للصهباء

********

  أوبريت  ..  حب .. بريء ..!!

شاب ثري أنيق المظهر .. متخصص في إغواء الفتيات .. يدخل متأبطا يد فتاة في ريعان الشباب .. يحاول إغواءها بالكلمات المعسولة والوعود والعهود .. وتتطور العلاقة بينهما حتى تصل ذروتها ، تحاول معه إصلاح ما فسد ولكن دون جدوى .. يتركها وحيدة تجتر آلامها وأحزانها .. ثم يعود بعد حين وبصحبته فتاة أخرى في ريعان الشباب .. ولكنه يفاجأ بالضحية الأولى قد انتحرت .. !!  حاول طمس جريمته أمام الفتاة التي وقفت خائفة مذعورة .. ولكن رجال الشرطة قدموا قبل فوات الأوان .

رويدا رويدا كحبو الوليد

رويدا رويدا كفاك وعيد

رويدا يكاد الفؤاد يطير

رويدا فإن الشفاه تريد

ألسنا بعهد البراءة نعدوا

تعالي إلي تعالي نعيد

تعالي فإني أسير الجمال

تعالي نذوب بحب سعيد

*****************

 

ينظر إلى ثوبها الممزق

أتبكين ثوبا تمزق قولي

غدا ستميسي بثوب جديد

بذلت تجاهك صفو الشباب

كفاك بكاء  كفاك جحود

********

 

هذه الصفحة لإكمال القصيدة السابقة

 

سراب .. سراب .. !!

العالم كله يتقدم بخطىً حثيثة نحو الحضارة والرقي والتقدم العلمي والتكنولوجي .. والأمة العربية لا تزال تروح في مكانتها .. وهي تطلق الشعارات الكاذبة والخطب الرنانة .

 

سراب ... سراب

في نصف قرن من زمن ..

مرت وفي العين وسن ..

أعيش بها وطيوف الأحلام ..

ماذا جنينا خلال تلك الأيام ..

ماذا أضفنا في حساب الزمان ..

ماذا صنعنا في رحاب الإيمان ..

ماذا .. ماذا .. ؟!!

سراب .. سراب .. سراب ..!!

********

 

مواليا  . . !!.. . ليالي البعد …. !!!

في لحظات البعد والفراق .. لقد وجدت أن أفضل ما أعلل به نفسي في وحدتي .. الغناء ومناجاة الحبيب ..!!

حبيبتك التي لا تنساك

يا ليل .. يا ليل ..

قضيت ليل الأسى والبعد انا سهران

والدمع بلل عيوني من مدمعي الهتان

ازاي بتنسى ودنا وابتبدله بهجران

********

اذكر ليالي الصفا والبر يرعانا

والروض نور علينا وظل الدوح ينعشنا

ارجع لعهد الصبا يا حبيبي

يا زينة الغزلان

يا ليل .. يا ليل ..

********

مواليا …!!!   الحبيب النائم ..!!

أتذكر يا حبيبي  .. ليلة التقينا .. فاحتضنت الشفاه الشفاه .. كالأم حين تحتضن وليدها .. وراحت تختلج وتهنز وتتراقص على دقات القلوب .... إلى أن استرخيت وغبت عن الوجود .. وأنا أنشدك وأغني هذه الكلمات .. رجائي عندك ألا تنساني ..!!

                                                                                   

    حبيبتك إلى الأبد ( zx )

 يا ليل .. يا ليل ..

الليل أرخى سدوله والحبيب نايم

ملء الهنا والعذول عن حبنا نايم

********

والبدر في الأفق مثلي في هواك هايم

يا مالك الروح عيني في الدجى ترعاك

********

جعلتلك مهجتي ريم الفلا مرعاك

فارتع بها واطف نار المغرم الهايم

يا ليل .. يا ليل ..

           ******************

             

 

مواليا .. حيران .. !!

يا ليل مالي بظلمتك حيران  ..  !!

 

مواليا

يا ليل .. يا ليل ..  يا ليل ..

يا لي مالي بظلمتك حيران ..

أذوق مرارة البعد والصد وأنا حيران ..

حبي جفاني وتركني مازلت أنا حيران ..

ليه رميت القلب بالصد والهجران ..

وتركتني أرعى نجوم الليل وأنا سهران ..

ارحم فؤادي بوصلك واترك الهجران ..

حتى أذوق الهنا يا زينة الخلان ..

يا ليل مالي بظلمتك حيران ..

   يا ليل .. يا ليل ..  يا ليل ..

********

 

مواليا .. القلب العاشق .. !!

 

القلب يعشق كل جمي وإلا إيه ..

والصب عاشق جمالك يا حبيبي بقوله إيه ..

سأتل الحبيب وصاله قال لي ليه ..

والصد من المحبوب أشعل فؤادي بنار يا حبيبي ليه ..

وتركني أرعى نجوم الليل سهران أنا ليه ..

ارحم فؤادي بوصلك يا حبيبي ما تقول ليه ..

********

 

سفينة الأحزان .. !!

          تلا قينا مصادفة من غير ميعاد ، وما أجمل اللقاء على غير ما موعد .. وتفجرت بيننا فجأة عواطف مجهولة  ..  تناجينا بالهمسات  ..  ثم توقف اللسان عن الكلام  ..  وبدأت لغة العيون إلى أن حانت لحظة الفراق ..  تواعدنا ولكن لم يكتب لموعدنا  الحياة مرة أخرى ..  كان رجاؤها قبل الفراق أن لا أبوح باسمها ..  فكانت مني لها هذه الكلمات .. دون اسم  ولا عنوان  ..

وأبحرت سفينتي سفينة الأحزان ..

في لجة عميقة غريبة الألوان ..

لتمضي الأوقات والأزمان ..

لعلها تحط في جزيرة الأمان ..

حتى بدت جزيرة تلوح للعيان

لكنني لم ألق في ربوعها الأمان

فأبحرت قافلتي في غيهب الظلام

                                       ********

 

تجوب شطآنا من الأحلام ..

عبر دروب صعبة تغص بالزحام ..

مسرعة تحدوبها الأنغام ..

جارية في البحر كالأعلام ..

تسير في النور وفي الظلام ..

********

 

تعبت من تجوالها ..

سئمت من ترحالها ..

نظرت في سمائها ..

رغبت في انسامها ..

سرحت في نجومها ..

وغيث في أحلامها ..

********

 

آثرت أن أرسو وأستريح ..

في شاطئ مريح ..

محبب فسيح ..

وبارد وشيح ..

كي اذهب الهموم عن قلبي الجريح ..

وأمعن النظرة في وجهها المليح ..

********

 

وسرت في المحال ..

في السهل والتلال ..

في وعر الجبال ..

أغنيتي ابتهال ..

أحببت أن أعيش في الخيال ..

في غابة كثيفة الأعشاب والظلال ..

********

 

في واحة شقراء ..

أعشابها شقراء ..

أشجارها شقراء ..

ظلالها دروبها تلالها شقراء ..

رفعت كفاي إلى السماء ..

مبتهلاً ألح بالرجاء ..

********

 

وتابعت سفينتي طريقها المجهول ..

تجرفها الأمواج والسيول ..

ومنيتي نائمة وتوصها مأمول ..

وأخذت شمس النهار طابع الأقول ..

وعندها رأيت أن أرسو للنزول ..

********

 

وتابعت سفينتي سفينة المآثر ..

تحفها الصعاب والمخاطر ..

قناطر في إثرها قناطر ..

ومنيتي نائمة مغمضة المحاجر ..

وبسمة تثير بي أعذب المشاعر ..

********

 

حتى رست في شاطئ الرخام ..

بعيدة عن موطن الزحام ..

ونورها يضئ في غياهب الظلام ..

ولونها ينير بي لواعج السقام ..

وحولها الريحان في الأكمام ..

في جبهة عريضة فسيحة الزمام ..

********

 

بلونها الأبيض ..

كأنه العسجد ..

كأنه رقائق البللور ..

مشعشع بالنور ..

********

 

لكنني ما كدت أستريح ..

وقلبي المشتت الجريح ..

في مثل هذا الشاطئ المريح ..

كأنني على بساط الريح ..

********

 

انتابني شئ من الحذر ..

أحسست بعد ذاك بالخطر ..

********

 

رأيت عن شمالي واليمين ..

سيفين مرهفين مسلطين ..

في جبهة كأنها اللجين ..

********

 

لونهما كقطعة الذهب ..

وقعهما كشعلة اللهب ..

همت عند ذاك بالهرب ..

لكنني أحسست بالتعب ..

********

 

لم أقو بعدها على القرار ..

فلذت بعد ذاك بالفرار ..

********

 

بسرعة رهيبه ..

ولهفة عجيبه ..

وهيئة كئيبه ..

وحالة مريبه ..

********

 

وقفت في مفترق الطريق ..

وفي حالة كأنني غريق ..

والبحر حولي هائج عميق ..

أعيد ذاك المنظر الرقيق ..

********

 

حتى بدت في الأفق جنتان ..

أطيارها في أعذب الألحان ..

ملتفة الأزهار والأفنان ..

وفيهما ( عينان ) تجريان ..

********

 

تحف من حولهما الشجر ..

( دمعهما ) كأنه درر ..

وقعهما كأنه شرر ..

********

 

أعشابها عجيبه ..

أزهارها غريبه ..

ألوانها خشبيه ..

********

 

( الواحة ) الخضراء ..

( والنبعة ) الزرقاء ..

( والغابة ) الشقراء ..

( والوجنة ) الحمراء ..

( والجبهة ) البيضاء ..

********

 

اجتمعت حديقة الألوان ..

بالورد والنرجس والريحان ..

والسوسن الباهي والاقحوان ..

********

 

وانبجست ( عينان ) تجريان في السحر ..

ورأت بعيني سحابات المطر ..

وامتزجت دموعنا ما شابها كدر ..

وغايتي أن أغرس الورود والشجر  ..

أسقيها من دمعي إذا انهمر ..

لكنها الدموع .. رهيفة العبر ..

لا تنبت الأعشاب والشجر ..

بل تحفر الأخدود والأثر ..

********

 

وقفت بعد رحلة شديدة المحال

أحيل طرفي هائماً في هذه الظلال ..

أحس أني قابع أعيش في الجبال ..

أقول في خاطري أرد المقال ..

سبحان رب العز والجلال ..

سبحان من أبدع هذا الحسن والجمال ..

********

 

وتابعت سفينتي طريقها المرسوم ..

تحفها الرياح والغيوم ..

********

تقربها العواصف ..

تلفها البروق والرعود القواصف ..

********

 

لكنها لابد أن تسير ..

في دربها الطويل ..

في الحر والهجير ..

في البرد والرياح والأعصير ..

********

لتصل السفوح ..

وتفتح الفتوح ..

وتصعد ( الهرم ) ..

وتصل القمم ..

********

تطل بعد ذاك من أعالي الفضاء ..

لتشبع الأهواء ..

********

كيما ترى ( البحيرة ) الحمراء ..

********

في وسطها اللآلئ المنضوده  ..

وضمها الأفراح معقوده ..

********

 

قالوا التلال مقدسه ..

ما كان لي أن ألمسه ..

وبخاطري شوق إليها لا أرى أن أحبسه ..

وبقلبي الآهات تزكي في اللقاء هواجسه ..

ما كان رفقاً بقلبك أن أردك بائسه ..

قررت أن أغزو التلال وأن وصفها مقدسه ..

وبدأت أبحث عن طريقي راغباً أن ألمسه ..

********

 

لم أستطع أن أدخل ( السفوح ) ..

سفوحها الثلجية ..

لم أستطع أن أصل ( القمم )..

قممها الوردية ..

********

 

تلك ( القمم ) .. !!

قد أودعت في قلبي السقم ..

قد أورثت في رأسي الدوار ..

في الليل والنهار ..

********

 

شموخها أذهلني ..

شبابها حطمني ..

جمالها كبلني ..

بياضها أوهمني ..

********

 

قد أخطأ الجميع في المقال ..

مواطن الثلوج في الأعالي ..

********

لكنني وجدتها حقيقه ..

القمم الوردية الرقيقه ..

سفوحها الثلجية السحيقه ..

********

بعيدة عن واقع المقال ..

كأنها ضرب المحال ..

أو أنها طيف من الخيال ..

********

 

آه لو أني كنت في تلك القمم ..

كي أسمع النغم ..

أو أدرس الحكم ..

********

كي أرقب الشموخ والإباء ..

في قمة الشموخ والإباء ..

********

 

وعدت بعد ذاك كي أتابع المسير ..

في الحر والهجير ..

ولسعة السعير ..

********

وقفت في الرمضاء ..

في الساحة البيضاء ..

أبحث بعد ظمأي عن قطرة من ماء ..

وكنت أخشى دائماً غياهب الظلماء ..

لاحت لعيني من بعيد ( بركه ) من ماء ..

لكنني لم أحظ باللقاء ..

وعشت بالشقاء ..

********

 

وحرت الأيام ثم دارت الأيام ..

شعرت فيها أنني أعيش في الأحلام ..

وظمأي يزيدني ضرباً من الأسقام ..

( والبركة ) البيضاء تزيدني اضطرام ..

( وساحة الرمضاء ) تزيدني حمام ..

وأقبل الظلام يتبعه ظلام ..

وأصبحت مصيبتي ضرب من الأوهام ..

قررت عند ذاك الانهزام ..

********

 

وتابعت سفينتي في غيهب الظلام ..

وابتعدت عن غيظها  في غاية السلام ..

واتجهت تعدو تريد شاطئ الأنعام ..

تمتع الأنظام في ( أعمدة الرخام ) ..

ملتفة معقودة كأنها الأعلام ..

لعلها تعيش في الأنغام ..

في عالم الأحلام ..

********

 

وصلت في نهاية المطاف ..

لشاطئ ( الأرداف ) ..

رابية ناعمة الألطاف ..

عالية رائعة الأوصاف ..

كروية ما بينها التفاف ..

مستورة يلفها العفاف ..

لما التوت .. دعتني لا تخاف ..

واهنأ بروضات بلا خلاف ..

********

 

وتابعت سفينتي تسير بالتفاف ..

وابتعدت عن شاطئ ( الأرداف ) ..

لتلتقي ( أصابعاً ) نحاف ..

كأنها زنابق دانية القطاف ..

نحفها من حولها ( الأصداف ) ..

كأنها أسنة رهاف ..

**********

قالوا هناك ( بقعة ) مثيرة ..

في قرية صغيرة ..

أعشابها وثيرة ..

وديانها غزيرة ..

فقلت قد أدركني الهرم ..

والعود يحتاج إلى الهمم ..

********

قبعت عند ذلك في نهاية الطريق ..

أعب من شفافها أطايب الرحيق ..

أعيش في وصالها في بحرها العميق ..

في عمقه السحين ..

وفارقتني بعد أن أصبحت كالغريق ..

بدايتي غريق .. ‍‍!!

نهايتي غريق .. !!

********

 

بين نارين

 اشتعلت جذوة الحب بيننا ، وشربنا كأس الهوى حتى الثمالة ، غبت عنها فترة وجيزة من الزمن ، ثم عدت لأراها في أحضان رجل آخر   .

 

سأرميها وان كانت من الأحلام تسقيني

سأتركها وان باتت

تقبلني فترويني

ولست بنادم يوما

ولو بالهجر تكويني

فقلبي قد يؤنبني

وعقلي سوف يحميني

وقلبي بات يدفعني

بلقياها يمنيني

********

مضت أيام فرقتنا

ونار الشوق تكويني

إباء النفس يمنعني عنا لتفكير بالدون نداء القلب يجذبني بلقياها يمنيني غداة يلمنا شمل ونصدح في الأفانين ونجمع بين أذرعنا قطافا من رياحين

********

  تلوى غصنها طربا وداعي الحب يدعوني رأت عيني ضفائرها كأغصان البساتين تمر نسائم فإذا سناها بات يحييني تبلغني تحيات من الأحباب تدنيني رمت في القلب أسهمها فصاح القلب يشكوني

********

رجعت وقلبي المضني إلى أوراق تشرين(1) أردد ذكر من أهوى لعل الذكر يسليني وأغدو في الربا تيها وأسرح في الأراضين إله الكون يكلؤني ولطف منه يحميني فأمر الله رب العرش بين الكاف والنون(2)

********

  شعرت بهمسة حولي دروس الحب تمليني وذي لمساتها أضحت بنار الشوق تكويني أحلم..؟!! ذاك يا روحي أجابت وهي تبكيني ضممت الصدر فانفتحت أمامي حرب تشرين شممت العطر في واد شقاء البعد ينسيني نظرت بوجهها قالت أبعد الموت تحييني

*  تم استبدال الاسم الحقيقي سمية بالاسم حبيبة لتكون القصيدة أكثر شمولية .

1)  ) كانت أول رسالة منها إليَّ في شهر تشرين .

(2)  المقصود بعبارة بين الكاف والنون مأخوذ من الآية الكريمة ( إنما أمره إذا أرد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) .

وسوم: العدد 731