الحرائق المستمرة في جبال اللاذقية

فيما يتعلق بالحرائق المستمرة في جبال اللاذقية والمناطق الجغرافية والديموغرافية للمنطقة نستطيع تقسيمها كالتالي :

المناطق الديموغرافية

مدينة اللاذقية وكما هي مدن ساحل المتوسط فهي منذ الفتح الإسلامي وحتى الآن مناطق يقطنها المسلمون والنصارى في تباين بنسبة كل منهما في كل منطقة مع غلبة السكان المسلمين بطبيعة الحال لعدة أسباب حيث بقي هذا المزيج بين المسلمين والنصارى حتى بداية العقد الثامن من القرن العشرين وجرى هناك تغيير ديموغرافي ممنهج ومدروس بحيث زادت نسبة سكان الطائفة النصيرية والاثنا عشرية في معظم مدن الساحل السوري واللبناني ولأسباب معروفة تتعلق بشكل رئيسي وأساسي بالنظام الطائفي الذي تسلط على أهل سوريا وبطبيعة الحال الهيمنة السورية على لبنان والتي استمرت لثلاثة عقود منتالية غيرت البنية السكانية والسياسية والعسكرية والاجتماعية في لبنان لصالح طائفة معروفة وكان هذا استنساخ منظم للتجربة السورية في البنية التي اخترقت جذور الحياة السورية وتاريخها وحضارتها

ففي مدن الساحل السوري كاللاذقية وجبلة وبانياس وطرطوس جرى تغيير واضح للبنية السكانية حيث أصبح عدد سكان الطائفة النصيرية في هذه المدن التي لم يكن فيها أي تواجد حقيقي لهذه الطائفة قبل حكم حافظ الأسد اذا ما استثنيا وجود جيد في مدينة طرطوس أكثر من غيرها في حين كان تواجد الطائفة حصرا في ريف الساحل الشامي ابتداء من جبل محسن في لبنان جنوبا مرورا بطرطوس وبانياس وجبلة واللاذقية والسمنداغ وأرزوز وطرسوز واسكندرون وصولا الى أضنة وامتدادا الى مناطق أخرى على الساحل التركي وهذه الطائفة تحكمها عادات وطقوس ولهجة وقضية وآمال وطموحات وأهداف واحدة رغم امتدادها على ثلاث دول تختلف في نظامها وقوميتها وحكوماتها ومشاريعها.

ريف اللاذقية ينقسم إلى قسمين أساسيين

1 - مسلمين سنة

2 - نصييرين

ويتخلل هذه البنية أقلية مسيحية معظمها يقطن في مناطق السنة.

جبال السنة في اللاذقية ثلاث وهي على الترتيب التالي:

جبل التركمان ويمتد من محيط مدينة اللاذقية على البحر المتوسط محاذيا لتركيا وصولا الى ريف إدلب الغربي حتى بلدة  بداما ويلتصق بجبل الأكرد ابتداء من وداي الشيخان غربا وصولا الى بلدة بداما،  وعاصمته بلدة ربيعة.

2 - جبل صهيون وهو عبارة عن ثمانية قرى سنية عاصمتها مدينة الحفة وتحيط بهذا الجبل المناطق النصيرية من كل الجهات ويبعد عن مدينة اللاذقية حوالي 20 كيلو متر.

3 - جبل الأكراد ويبعد عن جبل صهيون حوالي 15 كيلو متر وهو عبارة عن 40 قرية صغيرة عاصمته بلدة سلمى.

الجدير بالذكر قبل التعرض للحرائق فإن جبل الحفة محتل بالكامل منذ التاسع من أيار 2012 على يد عصابات الأسد والسبب الوضع الجغرافي والديمغرافي كما اسلفنا

وأما جبلي التركمان والأكراد فقد تم احتلالهما بعد التدخل الروسي المباشر ونتيجة معارك كبيرة ولم يتبق من كلا الجبلين سوى قرى وتلال قليلة ولا يمكن تجاهل أهميتها من الناحية العسكرية  الجغرافية كتلة الكباني الاستراتيجية في جبل الأكراد.

أما عن الحرائق المندلعة في كل هذه المناطق وصولا الى ريف حمص وجبال لبنان فهي ليست الأولى كما هو معلوم ولكنها لم تكن في يوم من الايام بهذا الحجم والضرر والرقعة الجغرافية الكبيرة والتي تعتبر كارثة على أصحابها وعلى القوات المحتلة هناك بمافيها هي عصابة الأسد وحاضنته الشعبية.

ولايخفى على الكثيرين أن نزوح عدد كبير من سكان مدينة حلب وادلب وسكان جبال الاكراد والتركمان والاكراد الى مدينة اللاذقية وطرطوس قد غير نسبة السكان في هذه المدن وخصوصا مدينة اللاذقية لصالح المسلمين السنة.

ومما لاشك فيه ايضا ان حركة النزوح الكبيرة التي تشهدها الآن القرى النصيرية قد خلطت الاوراق مرة أخرى وزادت من معناة الناس الموجودة أصلا

وأما عن مخازن الاسلحة التي ادت الحرائق الى انفحارها فإن عدد مخازن الأسلحة في الساحل السوري وخصوصا ريف اللاذقية كبير جدا لعدة أسباب

وأما عن اسباب الحرائق فلا نستطيع الجزم بأسبابها هل هي بفعل فاعل أم هي عفوية بسبب شدة الحر والجفاف الشديد

فقضية اشتعال الحرائق بشكل طبيعي كل عام أمر معروف لدينا ولكن أن يصل الى هذا الحجم والذي لن تتوقف تداعيته  التخريبية على الوضع الاقتصادي فحسب بل ستمتد إلى ابعد من ذلك ...والله أعلم.

وسوم: العدد 898