الحملات الانتخابية التي تخللتها مظاهر العنف دليل على فشل واضعي خطة تنظيمها

تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات تصور مشاهد عنف تخللت بعض الحملات الانتخابية ، ومع أننا لا ندري هل هذه المشاهد آنية أم مضاوية نظرا لاستهلاك وتبادل رواد هذه  الوسائل كل ما يصلهم في غياب التحري والتثبت من صحته ومصداقيته الزمنية  ، فإن وقوع العنف في الحملات الانتخابية  سيبقى دليلا على فشل واضعي خطة تنظيمها .

ومعلوم أن أساليب الحملات الانتخابية عندنا لا زالت لم ترق إلى تلك التي تعتمدها دول لها خبرة في تنظيمها حيث تخصص أماكن معينة تضرب فيها "أكشاك" أو شبه خيام  توضع فيها مطبوعات تتضمن بيانات  وشروح تتعلق بالبرامج الانتخابية ، فيقوم المارة بسحبها قصد الاطلاع عليها ، وقد يطلبون بعض التوضيحات من أشخاص يكلفون بذلك  ، ويتم الأمر بأسلوب حضاري يعكس وعيا ونضجا لدى الناخبين و كذا لدى القائمين بالحملات الانتخابية .

وخلاف ذلك نجد العشوائية تطبع تنظيم حملاتنا الانتخابية ، وعوض أن  تحدد أماكن معينة توضع فيها مطبوعات تتضمن معلومات عن البرامج الانتخابية  ، تكتفي الأحزاب المتنافسة  بطبع أوراق لا تزيد المعلومات المثبتة عليها عن أسمائها ورموزها  وصور مترشحيها مع بعض المعلومات عنهم وشعارات تزكيتهم ، فيوكل توزيعها إلى بعض الشباب المستأجرين لهذا الغرض يبعثرونها في الشوارع والطرقات يرمون بها تحت أبواب المساكن أو في صناديق البريد .

ونظرا لكون الذين يتولون الحملات الانتخابية لا يلتزمون بأماكن معينة بل يقتحمون كل الأماكن الممكنة من أسواق أو ساحات أوأماكن عمومية ... وغيرها حيث يشتد التنافس عليها بين مختلف الأحزاب ، فيجند كل واحد منها مستأجرين يقع التراشق بينهم  بالسباب والشتائم ، وغالبا ما يتطور الأمر إلى صدام وعنف .

وقد يكون سبب هذا العنف هو سخط عام عن أداء بعض الأحزاب، فيكون ذلك سببا في منعها من تنظيم حملاتها الانتخابية في بعض الجهات أو يعض الأحياء ، وربما يكون ذلك كيد و تآمر على بعضها البعض حيث تجيش فئات من أنصارها أو ممن تستأجرهم  لمطاردة بعضها البعض والحيلولة دون تنظيم حملاتها الانتخابية في ظروف مواتية  أو أجواء عادية .

ولا بد من الإشارة إلى أن الجهات المسؤولة عن وضع خطة منظمة للحملات الانتخابية مع السهر عليها قد اضطرها ظرف الجائحة إلى اعتماد خطة  لم تحظ بقبول الأحزاب السياسية المتنافسة ،الشيء الذي جعلها تخالف تلك الخطة  في غياب المراقبة اللازمة ، وهو ما انتهى إلى نشوب العنف كما صورته الفيديوهات التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي إن صح أنها كانت آنية وليست ماضوية.

ولقد سبق أن أشرنا في مقال سابق إلى ضرورة تخليق الحملات الانتخابية بحيث  يجب بقوة القانون  أن تخلو من مظاهر العنف اللفظي، وتبادل تهم التخوين بين الأحزاب السياسية ، والاكتفاء بتقديم وعرض البرامج الانتخابية ، وترك الخيار للناخبين لاختيار الأنسب منها بالنسبة إليهم من حيث واقعيتها ومن حيث إمكانية إنجازها وتحقيقها .

ولا شك أن الأحزاب التي تفتقر إلى برامج انتخابية  حقيقية تعول على  الوعود العرقوبية وعلى بيع الأحلام والأوهام للناخبين  مع اعتماد  أساليب التجييش والتحريش والتشجيع على العنف اللفظي والمادي من خلال استغلال العواطف الجياشة والمندفعة للناخبين  من أجل الإيقاع بخصومها سعيا وراء كسب الأصوات بهذه الأساليب  المنحطة وغير الحضارية.

وخلاصة القول أننا ما زلنا بعيدين عن ممارسة حضارية بخصوص تنظيم الحملات الانتخابية مسؤولين ،وأحزاب سياسية، وناخبين الشيء الذي سيكون له دون شك تأثير سلبي على نتائج الانتخابات  في ظرف نحن أمس ما نكون فيه إلى تولي كفاءات حقيقية تدبير شؤون بلادنا للنهوض بها نهضة طموحة في مستوى تطلعات هذا الشعب الذي عبر بإلحاح وباستمرار عن القطيعة مع كل أشكال التدبير والتسيير الماضوية الفاشلة  والتي كرست تعطيل انطلاق قاطرة التنمية المنشودة.

ومع العلم المسبق بأن ما ندعو إليه سيبقى مجرد صرخة في واد ، فإننا نراه واجبا وطنيا ودينيا في نفس الوقت عملا بما يدعو إليه ديننا الحنيف من نصح لله ولكتابه ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم .

وسوم: العدد 945