شيء عن التوتر الطائفي..

شيء عن التوتر الطائفي..

عقاب يحيى

يتساءل شاب من شباب الثورة في الداخل : يقول : أنا علماني.. ومع ذلك وصل بي الأمر إلى الحقد على الطائفة العلوية برمتها لما تمارسه، أو يُمارس باسمها من جرائم، فكيف هو حال الإسلامي السني وعامة الشعب، ويسألني الرأي فيما يعتبره خطراً كبيراً يحيق ببلادنا والوحدة الوطنية فيها ..

ـ نحن لا نستطيع تغطية الشمس بغربال التبرير، ولا بالشعارات الجميلة الإنشائية . نعم ارتفعت وتيرة التعبئة الطائفية كثيراً الأشهر الأخيرة،وصارت حديث الخاص والعام، وهناك توتر، وأحقاد، وأحكام بالجملة، وتوجهات شبه شاملة لدى الآخرين إزاء " الطائفة العلوية: التي ترتكب الآثام بيافطتها,, وكثير من أعمال هي في ذهن المواطن أنها نتاج نظام طائفي، ومساهمة كثيري العلويين في القتل، وصمت كثيرهم، بينما قلة منهم من انخرطت في الثورة، وهناك كثير يقفون بين البين بين، فتكثر الشبهات في الخلفيات .

كتبنا مراراً في التركيبة الطائفية وموقعها الفعلي وتأثيرها، وتمرد آلافاً مؤلفة عليها، ورفض حسابهم عليها، وأن التمايز يجب أن يكون على أساس الانتماء السياسي والفكري. وأن آلافاً عديدة محسوبون على الطائفة العلوية ناهضوا النظام، من خلفيات معادية له، وامتلأت السجون بهم، وبعضهم صفيّ، وقدّم حياته ثمناً لموقف المعارض،وآلافاً حوصرت وحوربت بلقمة العيش، وهجّرت قسرياً. وآلافاً عديدة انتمت للثورة، وهناك من شارك، ومايزال، بفعالية وصدق فيها.. وكثير من الشواهد التي لا تحتاج البرهان والتأكيد ..

ـ لكن .. علينا الاعتراف أيضاً أن الكتلة الرئيسة، وطالما أنها لم تعلن موقفاً واضحاً محسوبة في خندق النظام . وأن قيادات الأجهزة الأمنية، وعديد عديد من قيادة المؤسسة العسكرية، وعناصرها الفاعلة هم من الطائفة العلوية، وما زالوايبدون حماساً للقتل وتنفيذ خطط النظام الإبادية، بل هم من صناع القرا. والكثير الكثير من فرق الموت والشبيحة، والمعبأين حتى درجة قطع رؤوس الأطفل وتقطيعهم بالبلطات ينتسبون لتلك الطائفة..

ـ لنعترف أيضاً : أن الطاغية الأب نجح في منتصف السبعينات بصوير نظامه ممثلاً لهم، وحامياً من آخر سيذبح على الهوية، وأن وريث الحقد والعته، وطاقمه من طغمة الإجرام .. نجح ـ حتى الآن ـ في زرع الخوف من آخر أكثري، وفي منع الكتلة الرئيسة من التعبير الصريح عن مواقفها المعارضة ـ إن وجدت ـ وأن كثير القتلة واصحاب القرار ما زالوا كتلة متراصة، بينما تبدو حركة المعارضة المحسوبة على الطائفة قليلة الفاعلية، والمحدودية،ومحاصرة بضغوط بيئتها القوية من جهة، وبتأتآت الكثير فيها وطروحاتهم غير المقبولة من جهة ثانية، وبضعف الوتيرة، والسقف..

ـ بالمقابل لا نستطيع أن نغفل وجود عقولوطروحات متطرفة، وتكفيرية، وأصابع مشبوهة الخلفيات ترى في المطحنة الطائفية مشاريعها فتعمل على تغذيتها، والدفع بها، بما في ذلك التشجيع على بعض عمليات الثأر، والقتل، والاختطاف، وإصدار الأحكام بالجملة وكأن الطائفة ـ كل الطائفة العلوية ـ هي النظام، وكتلة متجانسة واحدة تقوم بفعل القتل وإصدار الأوامر،وبالتالي يجب محاربتها وتخليص البلاد منها كلها.. بينما يكثر الحديث هذه الأيام عن تطهير مذهبي يقوم به نظام الإجرام إعداداً لحدود دويلة طائفية نعتقد أنها مستحيلة التحقيق لأسباب كثيرة تناولناها مراراً، وأنها قد تجول في أذهان بعض العقول المريضة من أهل الحكم الطائفيين، ونشرها ضمن وسائل وتلاوين التعبئات والتجييش ..

ـ نعم هناك جو عام من الشحن والمقت.. وحتى الحقد في أوساط شعبية،وحتى مثقفة،وسياسية ضد الذي يجري، وبعضه يتجه نحو الطائفة العلوية بتعابير مختلفة، خاصة وأن الظاهر على السطح، أمام ضعف فاعلية المعارضة المحسوبة على أبناء الطائفة، يسهّل إصدار الأحكام الكلية ..

ـ لكن، وبواقع الحالن ولئن كان المؤكد أن نظام الطغمة طائفي حتى العظم في أحد وجوهه وركائزه وخلفياته وبنيانه العقائدي المستبطن، فإنه بالقطع ليس نظام الطائفة العلوية، ولا يعبر عن جميع فئاتها، أو عن جوهر توجهاتها،ومواقفها من الوحدة الوطنية، ومن مستقبل سورية الدولة المدنية الديمقراطية لجميع أبنائها ..

ـ نعم هناك تقصير لقوى المعارضة في قلب الطاولة على مخططات النظام، وتغيير المعادلة، وهناك مسؤوليات كبيرة عليها، وعلى الحراك الثوري أيضاً، والمحسوبين على الطائفة بوجه الخصوص ـ وإن كانت عديد النماذج،ولو قليلة منخرطة في الثورة بكليتهاوتمارس فعلاً جريئاً في تصديها لهذه الظاهرة ـ كي يُسحب البساط من يد النظام ومن تحت استغلاله..وكي نواجه محاولاته الخبيثة لجرّ الثورة والبلاد إلى حرب أهلية : مطحنة ..