تحركات في دمشق وحلب، وخرق النظام لخطة أنان
الثورة السورية في أسبوع
(14-22 مايو 2012)
تحركات في دمشق وحلب،
وخرق النظام لخطة أنان
يشهد وقف إطلاق النار الذي بدأ العمل به منذ 12 أبريل الماضي بحسب خطة موفد الأمم المتحدة كوفي أنان خروقات كبيرة من النظام تسببت بمقتل ما يزيد عن 900 مواطن بالرغم من وجود المراقبين، ففي خان شيخون بإدلب وقعت مجزرة ذهب ضحيتها 34 شخصاً بسبب القصف العنيف الذي طال المدينة يومي الإثنين والثلاثاء 14 و 15 أيار.
القصف المدفعي تارة والمروحي تارة أخرى تناول مناطق سورية بالتناوب، وفي ذات الوقت أحياناً، ففي دير الزور بلدة القورية وحي الجبيلة، وبلدات الحراك واللجاة وإنخل ومعربا في حوران، وخان شيخون وجسر الشغور في إدلب اسفر القصف عن دمار ونزوح كبيرين، وفي قصف مدفعي على بلدة دوما بريف دمشق سقطت قذيفة على أحد المنازل ما تسبب باستشهاد كافة أفراد العائلة القاطنة فيه، وفي خان شيخون تعرض فريق المراقبين لإطلاق نار على موكبهم إلا أن أحدا منهم لم يصب بأذى.
حمص لا تزال تتعرض لقصف بالمدفعية الثقيلة والهاون على كل من الخالدية وجورة الشياح وقلعة الحصن والبياضة والرستن استمر طيلة الأسبوع الأخير وتسبب بإصابات كثيرة وسقوط شهداء بالإضافة لأضرار بالغة في البنيان.
أما في حلب فقد تظاهر آلاف الطلاب في ساحة جامعتها الرئيسية تزامنا مع وصول المراقبين وقاموا برفع علم الثورة فوق البوابة الرئيسية، مما أثار قوات الأمن التي قامت بمهاجمتهم وإطلاق الرصاص المباشر عليهم ما تسبب بعدة إصابات بحسب الهيئة العامة للثورة.
في يوم جمعة خرجت 847 مظاهرة في عموم سورية وهتف المتظاهرون بإسقاط النظام والحرية، وحيوا أبطال جامعة حلب والجيش الحر، وقد خرجت 194 مظاهرة في إدلب و134 في حماة و130 في حلب، وقامت الأجهزة الأمنية وقوات الجيش النظامي بمهاجمة أغلب نقاط التظاهر وإطلاق الرصاص المباشر واعتقال المئات ومداهمة المنازل، مما تسبب باستشهاد مايزيد عن 30 شخصاً بينهم نساء وأطفال.
كما شهدت دمشق انفجارين وقعا في حي برزة أمام جمع العباس، وفي حماة تفجيرات عدة وانتشار أمني متزايد يقطع أوصال المدينة، وفي حمص تفجيرات ضخمة وقصف تسبب بقتل 15 شخصاً والعديد من المصابين.
من جهته ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن سيارة مفخخة انفجرت في دير الزور وتحديدا في الشارع الذي يوجد فيه فرع المخابرات العسكرية والمخابرات الجوية والمستشفى العسكري، وتلا الانفجار إطلاق رصاص كثيف، وقد حمّلت المعارضة النظام مسؤولية التفجيرات التي أسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 109 أشخاص، مؤكدة «أن نظام بشار الأسد بدأ يفقد السيطرة على المدينة»، واعتبر ناشطوا الثورة السورية أن «هذا الأمر هو الذي دفع نظام الأسد إلى اعتماد استراتيجية التفجيرات كما فعل في مدينتي دمشق وحلب».
من جهتها أعلنت كتائب "الصحابة" في دمشق وريفها تنفيذ عملية نوعية لاغتيال رموز النظام (خلية إدارة الأزمة) والتي سارع التلفزيون الرسمي لنفيها، فيما لا تزال الأمور غامضة نسبياً. وقد شهدت دمشق الأسبوع المنصرم اندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام و الجيش الحر في منطقة جسر الليوان في كفر سوسة والمتحلق الجنوبي وسمع إطلاق رصاص كثيف في كل من ساحة العباسيين وشارعي بغداد والثورة ، أما ريف حماة فقد تعرضت فيه صوران لقصف عنيف من قبل عصابات الأسد اسفر عن استشهاد أكثر من 40 شخصاً تحت القصف.
وعلى الصعيد الدولي حثت الكويت وقطر والإمارات والبحرين رعاياها على عدم السفر إلى لبنان، وطلبت من الموجودين هناك المغادرة بسبب الأوضاع الأمنية التي وصفها محللون بأنها انعكاس غير مباشر للأزمة السورية، فيما دعت الحكومة اللبنانية هذه الدول إلى إعادة النظر في قراراتها. من جانبه حذر ملك المملكة السعودية عبد الله بن عبد العزيز في برقية إلى الرئيس اللبناني ميشال سليمان من فتنة طائفية تعيد لبنان إلى شبح الحرب الأهلية، مؤكداً متابعة بلاده بقلق تطورات أحداث طرابلس بسبب استهدافها إحدى الطوائف الرئيسية، ومضيفاً تطلعه إلى حكمة الرئيس اللبناني في محاولة التدخل لإنهاء الأزمة، وحرصه على النأي بالساحة اللبنانية عن الصراعات الخارجية وخصوصاً الأزمة السورية.
وفي سياق متصل أبلغ الرئيس الأميركي باراك قادة دول مجموعة الثماني أثناء استضافته لهم في كامب ديفيد ضرورة رحيل بشار الأسد عن السلطة. مشيراً إلى اليمن كنموذج لانتقال سياسي يمكن أن ينجح في سورية، وصرح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون باستعداد بريطانيا لإرسال عسكريين إلى سورية لزيادة الضغط على الأسد، في حين أشار المستشار في الكرملين الروسي ميخائيل مارغيلوف إلى عدم تغير موقف بلده من الأزمة في سورية، مشدداً على أنه "لا يمكن تغيير النظام بالقوة"، ومتسائلاً في نفس الوقت عمن سيتسلم السلطة في حال تنحي النظام الحالي.
كما وصل مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحفظ السلام هيرفيه لادسوس إلى العاصمة السورية دمشق مع جان ماري جيهينو نائب المبعوث الأممي كوفي أنان والجنرال السنغالي باباكار غاي - المستشار العسكري للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون - للقاء مسؤولين بنظام الأسد، وقد أعلن لادسوس أن الوصول إلى مرحلة الانتشار الكامل للمراقبين العسكريين والمدنيين قد تم بسرعة "غير مسبوقة"، وذلك عقب اجتماعه مع أعضاء بعثة المراقبين الدوليين في دمشق.
وفي ذات السياق أبدى الأمين العام لحلف الناتو الجنرال أندرس فوغ راسموسن عدم وجود أي نية لدى الحلف للتدخل عسكرياً في سورية، مضيفاً أن الحل الأفضل في سورية هو التزام نظام الأسد بخطة أنان لوقف إطلاق النار، ومديناً بشدة قمع قوات الأسد السكان، وداعياً "القيادة السورية" إلى تلبية التطلعات المشروعة للشعب السوري.
اقتصادياً أعلنت الحكومة الكندية منع تجارة المواد الكمالية مع سورية، وفرض عقوبات مالية على ستة أشخاص وهيئات جديدة تابعة لنظام الأسد، فيما أكدت مصادر بريطانية معلومات تفيد بمساعدة إيران لسورية على تخطي الحظر المفروض على نفطها، وتسخيرها ناقلة مملوكة لحكومتها ترفع اعلاماً متعددة وتستخدم شركات متعددة لنقل النفط الخام من سورية إلى أراضيها، فيما كشف وزير الطاقة الفنزويلي رفاييل راميريز أن بلاده أرسلت شحنة ثالثة من الديزل إلى سورية، مضيفاً باستعداد بلاده للمساعدة.
من جهتها وصفت صحيفة واشنطن بوست الأميركية المسيرات التي بدأت تتصاعد في مدينة حلب وخاصةً أيام الجمع بأنّها مؤشّر على انضمام قاعدة أساسية مؤيدة لنظام الأسد لحركة الاحتجاجات التي امتدت إلى مختلف ربوع البلاد، مشيرةً في الوقت نفسه إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون تسريع الخطط وعمل الاستعدادات اللازمة لتأمين الترسانة الكيماوية في سورية، في ظل تفاقم الأزمة في البلاد، ووسط مخاوف من سيطرة متطرفين عليها.