صدق الثوار وكذب الأنظمة

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

في تونس أطل حاكم تونس الساقط أثناء الثورة فقال :

(أمضيت خمسين سنة من عمري في خدمة تونس , والآن قد فهمتكم ) .

عجيب والله!!!! أبعد خمسين سنة من خدمة سيدك يازين العابدين حتى استطعت أن سيدك , وسؤالي هو :

لو كنت حقاً في خدمة سيدك لكنت فهمته من أول خدمتك , وليس بعد أن أراد سيدك طردك فقلت لقد فهمتك ياسيدي الشعب , بعد أن سرقت ونهبت ومنعت ممارسة الاسلام وأخفيت وعذبت

فأين كنت تعيش حتى تفهم سيدك بعد خمسين سنة ؟

حسني مبارك يقول , لم أكن اسعى للسلطة في حياتي قط , ولم أكن انوي الترشح مرة أخرى , فقد بلغ العمر بك عتياً , ومهدت كل شيء لتوريث حكم جمهوري , وأخفيت كل صوت منافس لك , وقلت أيضاً إن سقوطي يعني تمزيق البلاد ,وتحولها لحرب طائفية بين مواطنيها وعليكم القبول بي وبورثتي لكي لايحصل ذلك , مع أنه في عهدك فرقت بين المواطنين وأعطيت الأمن توجيهاتك , إن اختلف رجل قبطي ورجل مسلم , فعاقبوا المسلم بشدة , ولاطفوا القبطي المسيحي بكل معسول الكلام وإن كان هو الجاني , حتى تثير الحساسية بين الطائفتين وتهدد بالحرب الأهلية حتى لايسقطوك لاحقاً , كما فعلت في تفجير الكنائس في الاسكندرية

في اليمن نفس الديباجة المطلة علينا , إن لن تقبل بي ياسيدي فسوف تكون الحرب الأهلية وتقسيم البلاد

في ليبيا نفس الصوت من هناك فالقذافي يقول : ستقسم ليبيا وستتحول إلى كيانات ,وستنقلب فيها الأمور لحرب أهلية وقبلية وحزبية

ويطل علينا مجرم سورية , وفي آخر تصريح له , إن سقط  سوف تقسم سورية لدويلات عرقية وطائفية وستعم على جميع المنطقة , ويحاول بشتى الوسائل إثارة النعرات الطائفية في البلاد محاولاً الكذب على العالم , وعليهم التصديق في ضرب أمثلة حية على ذلك قبل وقوعها إن سقط , مع أنه وأبوه المقبور سلكوا سلوك طائفي في كل زمان حكمهم العفن والقذر .

فكل الثورات لم تقم ولا ثورة واحدة منطلقة من عقيدة حزبية أو دينية أو عرقية , وإنما قامت بسبب الظلم والاستبداد والذي أدى لتملك المحسوبين على النظام كل مقدرات البلاد , ففي سورية على سبيل المثال :

95% من الناتج القومي يذهب لجيوب 5% من الشعب السوري , وال95% من الشعب السوري يعتمد على ال5% الباقية , ورامي مخلوف الحرامي لوحده يسيطر على 60%من الناتج القومي , وهذه الأسباب أدت إلى إفقار المجتمع والتخلف والفساد الاداري والمالي , وسيطرة الأمن على جميع مفاصل الحياة , مع تفريغ البلاد من مبدعيها ومفكريها وعقولها .

وللأسف اقتنع الكثير وصدقوا كذب الرئيس وخافوا من الحرب الطائفية وتقسيم سورية , مع أن هؤلاء الأنظمة هي التي كرست التقسيم وكرست مفهوم الوطنية وحاربت كل فكرة مهما كانت بسيطة , في كونها تهدف للتجميع وليس للتفريق .

والعراق بعد الاحتلال هو سندهم في كذبهم المعهود , مع أن العراق رغم ماحصل فيها ويحصل فيها وقف شعبها ضد تقسيمها , والسبب في حربها الأهلية هو الاحتلال الغربي والايراني , وعندما يخرج الاحتلال الغربي منها , فعندي ثقة مطلقة أن شعبها سيتوحد تحت مظلة العراق ويعود العراق إلينا قوياً حارساً أميناً لبوابتنا الشرقية , وسيزيح هؤلاء الصفويين المتحكمين في رقاب العباد والبلاد الآن .

فالنظام السوري كرس في البلاد النعرات العرقية والطائفية , ولكن الثورة في سورية كمثيلاتها في الدول العربية الأخرى كانت بعيدة عن منطق الحرب الأهلية والتقسيم , وفي سورية لم تكن الثورة طائفية ولن تكون , هي فقط ضد نظام غاشم فاسد , فالنظام السوري صحيح ميوله طائفية , ولكنه في نفس الوقت فالداعمين له من كل الطوائف والأعراق .

وأتوجه لجميع الطوائف والأعراق في سورية , أن هذه الثورة ليست طائفية ولا عرقية أبداً , ويحضرني التشبيه الآتي :

لنفرض سورية عبارة عن حديقة كبيرة , وفي وسطها قصر كبير  يعيش فيه الحاكم, والذي يمنع الناس من التمتع بجمال هذه الحديقة , لأن ساكني القصر هم من مختلف أنواع الحيوانات والزواحف الخطرة , فمهمة الثورة هي تنظيف هذا القصر من كل هذه المخلوقات القبيحة

ومهمة الثورة هي فقط هو هذا التنظيف حتى يتمتع كامل الشعب السوري بحديقتهم الجميلة تلك

فالثورة موجهة فقط لهذا الهدف , وهي لن تكون موجهة لطائفة أو عرق أو ملة ما ,فالخطر الموجود في القصر مهدد لكل من يرتاد هذه الحديقة .

هذه هي مصداقية الثوار , وتلك هي ادعاءات من في القصر والتي لاتنتمي لأي مصداقية مهما صغرت , ولا يوجد خطر على أحد بعد تطهير القصر من رجسه وحشراته ومفترساته .