الكرسي.. بين السّر والسحر
م. عبد السلام السلامة
ليس غريبا أن يقاتل القذافي وبشار الأسد وعلي صالح ومبارك وابن علي حتى آخر لحظة من أجل البقاء في الكرسي!!
إنه مبلغ الجنون أن يوافق ابن علي على ترك قصوره المترعة بالدرر والجواهر والمليارات طواعية ويسافر إلى جدة ليعيش شريدا تلاحقه العدالة بسبب جرائمه التي أوصلت المواطن التونسي إلى ما وصل إليه البوعزيزي أو قريبا من ذلك..
وإنه منتهى الحمق أن يتخلى حسني مبارك عن عرش مصر طواعية ليتحول بعدها إلى جسد مسجى مثل جسد توت عنخ آمون ينقل على محفة بين السجن والمحكمة..
وإن القنبلة التي انفجرت بين قدمي علي صالح ففعلت فيه ما فعلت، وأفسدت منه ما أفسدت، أهون ألف مرة من أن يساق إلى المشنقة بسبب المجازر التي ارتكبها في اليمن
وإن ما فعله مبارك في مصر، وابن علي تونس، وصالح في اليمن، لا يزيد عن عشر معشار ما فعله القذافي في ليبيا أو آل الأسد في سوريا..
السر في تمسك هؤلاء الحكام بالكراسي معروف.. ولكن لماذا يتقاتل من هم في المعارضات من أجل الوصول إلى الكراسي؟؟!!!
إنهم لم يسرقوا ولم يقتلوا ولم يعذبوا ولم يغتصبوا.. فهم لا يحتاجون الكراسي لتحميهم من عواقب جرائم لم يرتكبوها
وإنهم لم يشمّوا رائحة الكراسي أو يذوقوا طعمها فيدمنوها..
وإنها لن تكون لهم - إن وصلوها - مثلما كانت لمن سبقهم من الحكام وسيلة للسرقة أو سبيلا للفرعنة
إنهم سوف يكونون - إن وصلوا الكراسي- تحت الرقابة القاسية التي تحصي عليهم أنفاسهم..
وهم سيتحملون بعد ذلك مسؤوليات طاحنة لمواجهة الفساد الذي تركه المجرمون السابقون في كل المجالات
وهم سيواجهون مطالب شعوبهم التي لن يرضيها شيء بعد أن أدمنت على كل أنواع التمرّد والتفلّت واللامبالاة وعدم الثقة خصوصا تجاه ما هو حكومي أو تابع لمؤسسات الدولة.
إن كرسي الحكم الذي يأتي بعد الدكتاتور سوف يكون ألعن من فوهة التنور لمن يجلس عليه .. فلماذا يتصارع للجلوس عليه من يتزاحمون في صفوف المعارضة ؟
لا شك أنه كرسي مسحور.. فهل ثمة من يقدر على فك السحر عنه ؟
مساكين والله أنتم أيها المتصارعون في المعارضات. والويل - كل الويل - لمن لمن يرى نفسه يوماً متربعاً على ذلك الكرسيّ اللعين.