ممنوعة عليكم الصلاة

جميل السلحوت

[email protected]

القيود التي تفرضها "الديموقراطية" الاسرائيلية على فلسطينيي الأراضي المحتلة لا تقتصر على الحواجز العسكرية، التي تقطع أشلاء الأرض، وتدوس كرامة عابريها،ولا على مصادرة الأراضي، واحراق المزروعات والأشجار المثمرة، ولا اطلاق أيدي المستوطنين ليعيثوا في الأراضي المحتلة فسادا وبطشا وتنكيلا، ولا تقتصر على جدار التوسع الاحتلالي الذي فرق بين المرء وأخيه، وعزل الأراضي الزراعية الفلسطينية لتبقى نهبا للاستيطان والمستوطنين، ولا على القيود الجديدة المفروضة على اكثر من ستة آلاف أسير فلسطيني وعربي يعيشون ظروفا مأساوية خلف القضبان، ولا تقتصر على محاصرة القدس بالكامل وعزلها عن محيطها الفلسطيني وامتدادها العربي، بل تتعدى ذلك الى حرية العبادة، وحرية الوصول الى دور العبادة لآداء الشعائر الدينية، فالمؤمنون الفلسطينيون من أبناء الأراضي المحتلة ممنوعون من دخول قدسهم المحتلة، وممنوعون من الوصول الى المسجد الأقصى الذي يشكل جزءا من عقيدة المسلمين كونه قبلتهم الأولى، ومعراج رسولهم عليه الصلاة والسلام الى السماوات العليا، وأحد المساجد الثلاثة التي تشد اليها الرحال، والصلاة فيه ثوابها بخمسمائة صلاة، وهم ممنوعون ايضا من الوصول الى كنيسة القيامة أقدس مقدسات المسيحيين، التي يحجون اليها، وغيرذلك من المساجد والكنائس، والزوايا والتكايا، والأديرة التاريخية ودور العلم...الخ.

لكن "الديموقراطية" الاسرائيلية تساهلت في رمضان هذا العام فأعطت تسهيلات مشروطة للوصول الى المسجد الأقصى لآداء صلاة الجمعة، ومن شروطها:

 "لن تسمح الا للرجال من سن الـ45 وحتى الـ50 عاما المتزوجين ولديهم اولاد من حملة التصاريح بدخول الحرم لآداء الصلاة".

 

كما لن تسمح بدخول النساء دون سن الـ30 عاما إلا بتصاريح دخول للقدس" وأما من هم فوق الخمسين فلا شروط عليهم.

وهكذا فان الصلاة في الأقصى –حتى صلاة الجمعة- ممنوعة على من هم دون الخامسة والأربعين، وعلى غير الحائزين على تصاريح، وعلى غير المتزوجين ممن هم فوق ذلك، ، والطامة الكبرى على المتزوجين ممن هم فوق الـ 45 ولم يرزقهم الله أولادا....فهم ممنوعون ايضا.

ولكم أن تتصوروا أن بعض القرى الفلسطينية المحيطة بحدود بلدية القدس حسب التقسيمات الادارية للمحتلين، تبعد عن الأقصى ما بين كيلو متر واحد وثلاث كيلو مترات كأبوديس والعيزرية والزعيم والسواحرة الشرقية، وعناتا وحزما والرام وبيت حنينا القديمة، ومخيم قلنديا، وهم ممنوعون من الوصول الى مسجدهم العظيم للصلاة فيه...وهذا الأمر ليس جديدا، فهو قائم منذ آذار 1993، فهل يعلم ذلك "كنوز اسرائيل الاستراتيجية" في العالمين العربي والاسلامي ذلك، أم أن الخبر لم يصل اليهم، كما هو حال أعضاء الكونغرس الأمريكي الذين صفقوا بصفاقة لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو عندما تطرق الى حرية الأديان التي ترعاها وتكفلها اسرائيل؟

ولكم أن تتصوروا حال رجال ونساء يصطفون ويتزاحمون من منتصف الليل أمام معابر القدس، لا يتسلحون الا بإيمانهم، وأمنيتهم أن يصلوا لله في المسجد الأقصى، وتمنعهم "الديموقراطية" الاسرائيلية من تحقيق هذه الأمنية....فمتى ستنتهي هذه المظالم؟ خصوصا وأن القدس لا يعمر فيها ظالم.