الصحوات جهود وتضحيات

محسن المطراوي

[email protected]

تحت لهيب الشمس المستعرة، وفي العراء بلا سقف يحميهم، يصطف ابناء الصحوات لاداء الواجب الوطني في محاربة قوى الدجل والظلام وحماية ثغور مدنهم، بعد ان فشلت القوات النظامية من تأمين حمايتها، وهي عملية سبق للعراقيين ان مروا بها في مواجهة حرب العصابات الكوردية، واعتماد قوة الفرسان لحماية ابناء كردستان من الاجندات الخبيثة التي كانت تخطف وتغيب وتقتل الابرياء باسم الجيش العراقي , وكان لتلك التجربة حضور في ضمائر ابناء هذه المدن، حيث ادركوا ان قوى واجندات بدأت تقتل العراقيين باسم الطائفة والمذهب، وتستهدف ابناء القوات المسلحة في محاولة لاشعال الفتنة والحرب الاهلية، وتطوع هؤلاء الابطال لافشال هذا المشروع الخبيث، ونجحت المهمة بتوفيق الله، وعاد الامن الى ربوع العراق من الشمال الى الجنوب، ذلك ان التفجيرات التي تحصل في العراق مصدرها واحد سواء كانت في الموصل ام في كربلاء، ذلك المصدر الذي قال عن الصحوات انها تشكل خطرا على الامن القومي الايراني ... الامن الذي لايستقيم الا بقتل العراقيين واقتتالهم مع ان الامر لا يعني الايرانيين من قريب ولا من بعيد، سوى ما يتعلق بالنفوذ الايراني الذي ضيق رجال الصحوة عليه الخناق، وقطعوا خطوط امتداده ونفوذه عبر تنظيم القاعدة .

ما من شك ان الحكومة العراقية لا يخفى عليها ذلك، وهي التي لمست ذلك بشكل واضح، الا ان علامات استفهام كثيرة نضعها على طريقة تعاطي الحكومة مع هذا الملف، فهي لم تقبل بدمج الصحوات بالقوى الامنية مع انها قبلت الامر مع المليشيات التي ثبت تورطها في جرائم قتل وتهجير العراقيين، وأوقفت الدعاوى المرفوعة بحقهم ومساءلتهم عن الجرائم. لكنها مع الصحوات لم تؤمن ديمومة رواتبهم مع بخسها وجعلت من يوم تسلم مستحقاتهم صيدا سهلا لقوى الارهاب، وفتحت عليهم بوابة الدعاوى الكيدية والمخبر السري سيئ الصيت، والذي ستثبت الايام انه لم يكن سوى صفحة من صفحات النفوذ الايراني، وحين سعت لذر الرماد في العيون احالت ابناء الصحوة لوظائف مهينة لا تليق بمؤهلاتهم العلمية، فرفض ابناء الصحوة الالتحاق بها وبالتالي اقصوا عن مهامهم الدفاعية والامنية، ليتركوا على قارعة الطريق نهبا لانتقام القاعدة والمليشيات في عملية تعكس الجحود الكبير واللامبالاة، وهي سابقة تقطع الطريق على أي مشاركة وطنية في بناء الامن والتعاون مع الحكومة، وفوق ذلك تركت عوائل شهداء الصحوة بلا معيل وبلا دعم حكومي لمواجهة انتقام المسلحين وسط غياب المعيل و قساوة الحياة المعاشية .

ولكي لا تعم الصورة السلبية وتسوّد الدنيا في عيون ابناء الصحوات، نشير الى تبني واحتضان طارق الهاشمي وتصديه لعملية الدفاع عن حقوقهم اعترافا منه بما قدموه،  وادراكا للبعد الاستراتيجي الامني الذي لا يدركه الا ذوو الاختصاص والخبرة .

فبعد الحادث الاجرامي الذي استهدف طابور من ابناء صحوة الرضوانية المتجمعين لاستلام "300" دولار هي راتب شهر نيسان، لم نجد من يقف الى جانبهم سوى مكتب الهاشمي الذي تواجد في مستشفى اليرموك، ليقف على طبيعة الخدمات الطبية المقدمة ومن ثم استقبال الهاشمي لعوائل الشهداء وتقديم تعويضات مادية لهذه العوائل  ومواساتهم والتخفيف عنهم، وتحفيز ابناء الصحوة على التمسك بمهمة الدفاع عن العراق، ومقاتلة تنظيم القاعدة ومن يختفي وراءه .

ان الحكومة مدعوة لاتخاذ موقف محدد من ابناء الصحوة وان لا يكون ما قدمه الهاشمي بديلا عن الموقف الرسمي، وعلى الاقل تامين الحماية و تأجيل  المساءلة والمتابعة القانونية حتى اشعار اخر، والسماح لابناء الصحوة بحيازة السلاح للدفاع عن النفس، ومعاملة شهداء الصحوة اسوة بشهداء القوات المسلحة، وان يحظى ابناء الصحوة باهتمام جميع المسؤولين بما يعزز ثقتهم بالحكومة، ويزيدهم اصرارا على قهر الارهاب، وما لم تنجح التجربة فأن الامن في العراق سيكون على مهب الريح وسيكون الاستقرار حلما بعيد المنال.