مرمرة

داعس ابو كشك

مرمرة هو اسم السفينة التركية التي قادت اسطول الحرية لكسر الحصار عن قطاع غزة ,وتعرضت لعدوان غاشم من قبل اسرائيل فجر يوم الاثنين في المياه الدولية  وكان على متنها مئات المتضامنين العرب والاجانب وعلى راسهم الشيخ رائد صلاح والمطران كبوتشي الذين كانوا من 40 جنسية مختلفة وكان غالبيتهم من الاتراك الذين وحدتهم الارادة والهدف وان اختلفت جنسياتهم .

ان الحصار الذي فرض على قطاع غزة منذ ثلاث سنوات من قبل الاحتلال الاسرائيلي وما نتج عنه من تداعيات سلبية اثرت بشكل مباشر في حياة سكان قطاع غزة حيث ادى هذا الحصار الى تدمير القطاع بكامل اركانه الحياتية ولم يكن تشكيل حركة غزة حرة الا تلبية لنجدة سكان قطاع غزة وكسر الحصارعنهم وما اسطول الحرية الذي قدم الى غزة في من اجل اسعاف طفل وانقاذ شيخ وبناء بيت الاترجمة للشعور الانساني رغم كل التحديات و عدم وجود موقف حاسم اتجاه انهاء الحصار و خاصة من الدول العربية التي لم تعمل لغاية الاّن على فك هذا الحصار و ان القرارات التي اتخذت في القمم العربية وضعت في الأدراج و لم تسمن أو تغني عن جوع , ولكن اسرائيل بهجومها على قافلة الحرية وما ادى ذلك من استشهاد العديد من المتضامنين وجرح العشرات واعتقال المئات واحتجاز السفن ومصادرة المواد الطبية والغذائية في ابشع جريمة يتم اقترافها في هذا العالم المتحضر, وكأن صمت العالم على ما تمارسه اسرائيل اعطاها  رخصة بانها فوق القانون ولا تذعن للقرارات الدولية. فمنذ قيام اسرائيل عام 1948 وهي  تتلقى دعما غير محدود من الولايات المتحدة الامريكية  الامر الذي منحها الضوء الاخضر لممارسة اي فعل تريده دون اي عقاب.

 فالقارئ للتاريخ السياسي يلاحظ ان اسرائيل قامت اولا باغتصاب فلسطين عنوة دون اي اجراء دولي وتتهرب من دفع استحقاقات السلام وتقوم بتهويد القدس وزيادة وتيرة الاستيطان وشن الحروب والقيام باغتيال عدة شخصيات عربية في عقر دارهم و اختطاف السفن و الطائرات دون ان يكون هناك موقف معارض لتلك الاعمال وما قرار مجلس الامن الخجول الباهت بعد العدوان الاسرائيلي على اسطول الحرية الا استمرارا للموقف الذي تعودنا عليه و كأن الضحايا الذين امتزجت دماؤهم بمياه البحر المتوسط وقذفتها الامواج الى شاطئ قطاع غزة حاملة معها رسالة سلام تعكس الموقف الدولي المتخاذل الذي لم يرتق الى حجم التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني و المتضامنون العرب و الأجانب , بينما قامت اسرائيل بارسال  رسالة حرب هدفها تسخين المنطقة و العودة بها الى المربع الأول في الوقت الذي كره فيه العالم تلك الحروب و راح ينشد السلام ,فقرار مجلس الامن جاء غيرماكنا نتوقع في  ان تكون ردة فعل مجلس الامن اقوى واشد لكي يلامس دماء الضحايا ولكن هذا القرار اعطى اسرائيل مزيدا من التمرد والضرب بعرض الحائط بكل القرارت الشرعية .

ولو كانت اسرائيل تعي ان هناك محاسبة لما أقدمت على فعلتها ولكن موقف الولايات المتحدة المؤيد والداعم لاسرائيل يجعلها دوما فوق المحاسبة و المساءلة , فلو حدث ذلك مع سفينة اسرائيلية فماذا سيحدث؟ فالجميع يعرف انه  لأتفه الاسباب تقوم اسرائيل بشن حرب دون اي رادع و هناك قوى متنفذي في العالم تساوي بين الضحية و الجلاد .

ومرمرة التي مرمرت اسرائيل وتعرضت الى هجوم عسكري غير مسبوق في ظل تشدق العالم يوميا على حقوق الانسان ، فكان نتيجة عملها هذا ان عمّت المظاهرات والاستنكارات مختلف بقاع العالم وخاصة في تركيا التي وصل بها الامر الى التهديد بقطع العلاقات اذا لم تقم اسرائيل بالافراج عن المعتقلين ورفع الحصار عن قطاع غزة ، فعملها هذا كان نقمة عليها في ظل التأييد العارم في كل عواصم العالم للحق الفلسطيني و المطالب برفع الحصار و فرض الحالة في قطاع غزة على الأجندة السياسية .

ان الانقسام الذي يمر به الوطن منذ ثلاث سنوات و في الوقت الذي يتضامن فيه العالم معنا , يتطلب هذا منا أن ننهي الانقسام و نعلن الوحدة الوطنية احتراما و تقديرا للدماء الزكية التي سالت و اذا لم نقدم على ذلك و بقينا في حالة الانقسام فاننا كمن يدفن رأسه في الرمال ,فالأولى أن نعيد حساباتنا  و أن نغلب التناقض الرئيسي على تناقضاتنا الثانوية من أجل تحقيق مشروعنا الوطني و الخلاص من الاحتلال و اقامة الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس. و ان المطلوب تشكيل لجنة تحقيق دولية لكي تكشف مدى العنجهية الاسرائيلية و عدم التزامها بالقانون الدولي الانساني ومعاقبتها على فعلتها هذه و اجبارها على الافراج عن المتضامنين العرب و الاجانب و عن سفن أسطول الحرية و ما تحمله من مواد طبية و غذائية , و اذا لم تتحرك الشرعية الدولية بقدر أكبرلنصرة الشعب الفلسطيني ووضع حد للاحتلال الاسرائيلي و سياسته القمعية , ستبقى اسرائيل محمية من أي اجراء عقابي .