قابيل عاد
محبوبة هارون
ثوبٌ من الهَمِّ مصر الأن تلبسُهُ
وثوب عارٍ لمن أعطى لها الثوبَا
لمن أَعَدّ كؤوسَ اليأس مترعةً
تترى فحَطَّمَ للمحبوبة القلبَا
لِمَنْ أهان المعالي واستخَفَّ بها
وأَوْدَعَ السجنَ معشوقًا لها هَبَّا
وكَبَّلَ الشمسَ فى الاصفاد بادية
وقيَّدّ البدرَ قَسْرًا مادرى عيبا
واغتال حلمًا طهورًا طُهْر ثورتها
وانقضَّ فوق الأماني أعلن الحربا
مَنْ عَقَّ أُمًّا قلاها تحتسي ألمًا
َمَنْ صَبَّ نارًا على إخوانه صَبَّا
أين العدالة من بالغدر كاد لها
من يسلب الروحَ من أعضائها سَلْبا
غال الجمالَ ونهر العدل دَنَّسَهُ
ما عاد نهرٌ لعدلٍ سائغًا عذبا
قابيل عاد ولكن فاق سابِقَهُ
فى الجرم تَبًّا له تَبًّا له تَبّا
فى البدء وارَى أخاه وانزوَى ندمًا
واليوم لا خجلا نلقى ولا رُعْبا
واراه حرقا وكم باهى بفعلتِهِ
وجاء يشرب مفتونًا بها نخبا
كم من مصابٍ جريحٍ ما لَهُ ثمنٌ
كم فى إنتظار المنى كم كم قضى نَحْبا
فتصرخ الأم بعدًا لستُ أعرفهُ
هذا غريمي سقاني المرَّ والكَرْبا
ناديتُهُ ولدي أرجو فخذ بيدي
فاختال كِبْرًا وعجْبًا راح ما لَبَّى
أرضعْتُهُ الحب والأخلاق راجيةً
إبْنًا حنونًا على الأرحام و القُرْبَى
فحَطَّمَ الحلمَ والأرحامَ قطَّعها
إذا بشعبٍ أسيرٍ قد علا شعبا
وانقضَّ فوق أخيه الكرهُ يحْمِلُهُ
حتى تناسى الشقيقُ الأهلَ والصَّحْبا
فسلَّمَ القلبَ للآهات تقتلهُ
أخفى الدواءَ وولَّى وجهَهُ غَرْبا
فأعرض البلبلُ الصداحُ مبتئسًا
والفجر غاب وولَّى ينشد الدربا
له لقاءٌ مع الإخلاص يعرفهُ
خلف السجون وكلٌّ فَوَّضَ الرَّبَّا