الجَنَّةُ صارت إبليساً يا بيروتْ!!

بيروتُ أَتَتْ تَشْرَبُ قَهْوَتَها

في عَيْنيها إيقاعُ غَدٍ

طلَّ على الشَّمْسِ!!

كَيفَ أَتاها بُركانٌ  

يَمضَغُ لُغَةَ الموتِ؟؟!

وكَيفَ يموتُ بعينيها

جَمالُ الأَمسِ؟؟!

منْ فَجَّرَ فَخَّ الموتِ،

بعينيكِ أَيا بيروتْ؟؟!

منْ جرَّحَ في شَفَتَيكِ

كلامَ اللهِ دموعاً...

تَتَساقَطُ فوقَ دِماءِ هديلِكِ؟؟!

كَيفَ الوردُ بِعينيكِ يموتْ؟؟!

ويمامُكِ مكسورٌ فوقَ شَظايا الجُرمِ،

فَمنْ سيُعيدُ جِيتارَكِ يصدحُ أَلحاناً

وجنازاتُكِ تمشي وجعا فينا

يا بيروتْ؟؟!

والكَأسُ يَجولُ بِحُزنِكِ هَلَعاً

فَتَجَرَّعتِ الكأَسَ كعتمَةِ مشنَقَةٍ

تَتَذَوَّقُها شَهواتُ الحوتْ!!

فسأَلتُ دُموعاً في عينيها تَجولْ؟؟

فاشتَعَلَتْ بينَ عيوني حرائِقُ موتٍ

وجوابٍ في كَلِماتِ البوحِ ذُبولْ!!

ماذا بوسعِ الكلِماتِ تقولْ؟؟!

والبوحُ بِحارٌ منْ دَمِها

والعطرُ بُكاءٌ

والطَّيرُ أُفولْ!!

منْ قَتَلَ الصُّبحَ على بواَّبَةِ غيمَتِها؟؟!

منْ شَنَقَ النَّايَ بِشارِعِها؟؟!

منْ فَتَحَ الأَبوابَ؟؟!

ومنْ أَدخلَ نارَ جَهَنَّمَ؟؟ منْ؟؟

حتىَّ اغتَسَلَتْ بالدَّمِ أَمانيها!!

فَسَماؤكِ أَوَّلُ نقشٍ في التَّاريخِ،

فكيفَ تَجَرَّأَ إبليسٌ؟؟!

كَيْفَ تَجَرَّأَ أَنْ يَحرِقَ فيكِ،

حَضارَةَ شَمسٍ...

فَمَشَتْ فوقَ هُمومِ التَّاريخِ،

دُموعُ الكُتُبِ؟؟!

يا وَطَنَاً تَسكُنُهُ الجنَّةُ،

كيفَ اغتَّالَ الموتُ ضفائِرَ قَلبِكَ؟؟!

كيفَ الجنَّةُ صارتْ إبليساً

يذبَحُ صوتَ السُّحُبِ؟؟!

حَرَقوا فيكِ أَصابِعَكِ،

كي لا تَحمِلْ قنديلَ الفَرَحِ!!

صلبوا فيكِ سواعِدَكِ،

كي لا تَقْطفْ قوسَ القُزَحِ!!

كيفَ انكَسَرَتْ بيروتُ على دَمِها؟؟!

لم يَحضُنْ حُزنَ مشاعِرِها

غيرُ دُخان!!

كيفَ اشتَعَلَ المَرفأُ نيرانا

وخَرائِطُ صُبْحِهِ تجري مَرثاةً؟؟!

فبكى اللهُ على جُرمٍ

أَوقَدَ فيها الطُّوفانْ!!

فالبَحرُ شموعٌ تذوي

في حُزنِ دَمٍ

يَتَرَنَّحُ فوقَ المقصَلةْ!!

بُركانُ الموتِ أَتى

يَغتالُ دِماءَكِ يا بيروتُ،

فَضَجَّتْ كلُّ شوارِعِكِ بذهولٍ

يفضَحُ خُبْثَ المسأَلةْ!!

فَقَدَتْ بيروتُ جدائِلَ وجدٍ

تتطايَرُ مِثلَ منازِلِها

من سيُمَشِّطُ شعرَ أَمانيها

وعلى الأبوابِ دِماءُ الصُّبحِ؟؟!

كيفَ احتَرَقَتْ كلُّ مراياها

ومراثي الوقتِ تُجَلَّلُ عينيها

بدُموعِ النَّوحِ؟؟!

نادتْ بيروتُ وما سَمِعَ الصَّوتَ،

سوى نيرانٍ وحُطامْ!!

والتِّيهُ بعينيها ينعَفُها وجَعاً

ويُراقِصُها بينَ رُكامٍ ورُكامْ!!

لا صوتاً يخرجُ من دَمِها

إلَّا صوتُ الله!!

لا غَيْمَةَ تَهمي إلَّا  غَضَبُ الله

سِياطاً...

تَجلِدُ شيطاناً في ثوبِ مَلاكْ!!

أَسمَعُ آهةَ بيروتَ

صَداها بينَ هلاكٍ وهَلاكْ!!

أُدرِكُ كمْ من آهٍ أَوجَعَت التَّاريخَ،

فأَينَ يُخَبِّئُ وجهَهُ من كارِثَةٍ...

اسمَعُها انسانيَّةَ إنسانٍ

في عَيْنَيْهِ جَمرُ الله!!

والتَّاريخُ يَصيحُ وفي يدِهِ قَلَمٌ

سالَ دِماءً...

تَتَوَجَّعُ فوقَ جَماجِمَ بيروتَ،

ولا يَتَوَجَّعُ ليلُ ضَمائِرَ ...

تَمشي...

منْ شَرَفِ الأرضِ حُفاهْ!!

وسوم: العدد 890