يا أنت يا هذا العراق
خلف دلف الحديثي
[email protected]روحٌ بآلامِ العِراقِ تطلُّعا
تلتفُّ أنفاسُ العذابِ بروحِهِ
عُمراً نعيشُ على الكفافِ من الطّوى
ويدُ الجياعِ تلمُّ رجْعَ فُتاتِه
عمرٌ يُقاضينا وعيني ما رَأتْ
يَجني من اللاءاتِ إثْمَ جنوحِهِ
عهدانِ مرّا كانَ وقتاً يزْدهي
لَمََّ الضياءُ منَ المنائرِِ حُلمَهُ
ولقدْ عدوْتَ وظلَّ خطوُكَ ماكثاً
هي قد تمرُّ وربَّما لنْ تنْتهي
هي قد تمرُّ وقدْ تجيءُ بعِدْلها
لك أنْ تسجّلَ في دفاترِ درْبِها
لكَ أنْ تقولَ بما جرى متزمِّلاً
قد أصْبحَ الحقُّ الصُّراحُ مُضيّعاً
عريانةٌ كلُّ الجراحِ عروبةً
مبتورةٌ حتّى المروءةُ بيننا
لقدِ استغاثَ دمُ الطفولةِ صارِخاً
فطوَتْهُ أرْضٌ أنْبتتْ حِنّاءَها
اللهَ منْ موتٍ يُزاولُ قمْعَنا
ضجَّتْ سرايا اللهِ تسْعى حُسَّرا
ما زلْتَ وحدَكَ والسّيوفُ تكسَّرتْ
ما انّهدّ رُكنٌ في مهَبَّ دمارِها
يا بُرْعمَ النيرانِ أنْبتْ مِخْلباً
وَلِيُورِقَ الفلاذ غصْنَ رجولةٍ
وهّاجَةً قطراتُ ضوْءِ مواجعي
فالأرضُ أمسكَتِ الطفوفُ نزيفَها
المُدَّعونَ وما ادَّعوْهُ لِفتنةٍ
يتفاخرونَ بسَفكِهمْ لِدِمَائِنا
إصبرْ فمشتجرُ الخطوبِ سيَتنهي
يا موْتُ زُرْهُمْ والتمِسْ لكبيرِهِمْ
قفْ يا أخي جَنبي وفتّشْ عنْ دمي
مهِّدْ لجُرْحِكَ واحترسْ ولأيِّهِمْ
أدري يقيناً في عظيمِ خَسارتي
بِتنَا بأعْباءِ التَّسنُّنِ نكْتوي
مِتْنا وأدرانُ السّياسةِ لطّخَتْ
عِشْنا يتامى في بطاحِ جراحِنا
فهناكَ ما حَصدَتْ أكفُّ دُعاتِهم
كُتلٌ مبَعْثرةٌ وأجداثٌ علَتْ
رصدَتْ مَناياها وقدْ ثمِلتْ بها
فاسْودَّ أفْقُ الرّيحِِ سامَ نقاءَنا
سيظلُّ حبْلُ خِناقِهِمْ برِقابِنا
صِرْنا عبيداً والجُناةُ تسُوطُنا
فغداً إذا حُمَّ المدارُ وأطبَقتْ
وأتَتْ وخيْرُ جرَاحِهِمْ مفغورةً
وَيْلُمِّهِمْ مِمَّا جنتْهُ أكفّهُمْ
اللهَ منهُمْ كُشّفَتْ سوْءَاتُهُمْ
سيُحَاسبونَ مَخاضُ كلِّ كَريهةٍ
ستقصُّ أيدٍ ما جفَتْ أسيافَها
وتُعيدُ راياتُ التألّقِ زَهْوَنا
وغداً شآبيبُ الرّصاصِ تُذِيقُهمْ
منْ كلِّ قلبٍ راحَ ينبضُ بالوَفا
مُتخضِّبٍ للهِ في أنقى دمٍ
قُلْها مَخاضُ الأرْضِ سوْفَ يلفُّهُم
قُلْها فأعْينُنا غفَتْ مفجوعةً
قلْها فملحُ الأرْضِ أجْسادُ المَلا
قدْ قلتَها لمّا تأبّدَ ليْلُها
لمّا تباعدَ عنْ سماءِ مَجَرّتي
مُذْ أعْلنَتْ فينا القيامةُ وعْدَها
فمَسارُ أيِّ عظيمةٍ منكَ ابتدَتْ
فبغيْرِ عينِكَ لنْ يُرَى عمْقُ المَدى
سيطولُ ليلٌ في قرانا راكداً
قدْها فذي الحلباتُ ترْقبُ أهْلَها
عدْنا نُؤجِّجُ بالمَحافلِ عَدَّها
صُغْنا على الآفاقِ زمْجرَةَ الأُلى
جئْنا نرومُ الموْتَ يا زعَماءَنا
فانشُرْ جناحَ الرِّيحِ واقتَحِمِِ الوَغى
ساساتُنا قد خطَّطوا لِدمارِنا
أنا لا أسامِحُ واحداً عنْ جرمِهِ
يا حاملَ الرّاياتِ في فلواتِها
إطلقْ حدودَ الغيظِ منْ جَفناتِها
إكْشفْ دُجى الغَمَراتِ إنّ ظلامَهَ
يا أنْتَ يا هَذا العراقِ المُرْتجىمُذْ كانَ نبضاً في العروقِِ مُوزّعا
ورَحى المنونِ تهزُّ ضِلْعا مُوْجَعا
ويدقُّ في حبِّ الحصيدِ مُروّعا
لتذوقَ من ذرّاتِهِ ما جُمِّعا
صوْتاً كمثلِ إبائِهِ ما زُعْزِعا
شرِساً ويحترفُ الجنونَ مُقنّعا
مُذ غابَ غابَ سنا البريقِ ومَا وَعى
وَخبَا بزاويةِ الظلامِ مُقطّعا
في الأرضِ ينسجُ للمرَاجعِ مَرْجَعا
لكنْ سيبْقى الشَّعْبُ منكَ مُجَوّعا
وَجَعاً وتكشفُ عن مَداها البُرْقُعا
أوْ أنْ تعيشَ كما النِّساءُ مُلفّعا
بالكبرياءِ ولا تُراعَ تذرّعا
وغدا لعرْبدةِ السّفيهِ مُطوَّعا
ولنا تكيلُ النازلاتُ تفَجُّعا
مُذْ أوْجدَ الطُّوفانُ فينا مَرْتَعا
وَغدا بَداداً في الدّروبِ مُمَزَّعا
وتكحّلتْ سودُ العيونِ تصَنُّعا
ويُديرُ وَيْلاً في البلادِ تَجَمَّعا
مِنْ كل أرْوَعَ للحتوفِ تدَرّعا
وَنَبَتْ وسيْفُكَ ظلَّ سيْفاً مُشْرَعا
إلا وقامَ منَ المآسي أمْنَعا
حتّى يظلّ النابُ يلهَثُ أجْوَعا
والدّمُّ من عبقِِ الرّسالةِ أُُرْضِعا
وتمَاوَجَتْ حيْثُ اكفَهرّتْ نُصّعا
وتفجّرتْ هَلعاً ونزَّتْ مَدْمعا
ليزيدَ شَقكَ يا عراقُ توَسُّعا
وبأنّهم هَدموا المَساجدَ أجْمعا
والعُسرُ يوْماً بالمُحالِ لَيُرْدَعا
قد زادَ في ظُلْمِ العِبَادِ تذرُّعا
وتعالَ نرْفعُ بالتَّوحّدِ أذْرُعا
لا تلتفِتْ فالكلُّ يبْغي مَطْمَعا
وأنا الذي قد كنْتُ شبْلاً أصْمَعا
وبمَنْ على هدْي الحُسيْنِ تشَيّعا
ثوْبَ الطّهارةِ بالدّماءِ ترَصَّعا
نبْكي لتفجيرٍِِ لربعِكِ رَوّعا
وهُنا بأنواعِ المقالِ تَذرّعا
وأديمُ وَجْهِ الأرْضِ زادَ تَصَدُّعا
وقبورُنا فغرَتْ وَمدّتْ إصْبعا
بيدِ العذابِ وللهوانِ تَجَرّعا
ويظلُّ وشْمُ الموْتِ يزهو مُبْدِعا
والويْلُ مِنْ ويْلِ الطّغاةِ تنَوَّعا
ساحاتُها والفجرُ أعلنَ مَطْلَعا
شُهداءُ هذي الأرْضِ تزحَفُ رُكّعا
وَلمَنْ بصوْتِ الطائفيّةِ جَعْجَعا
ستُرى مَحَاجِرُهُم حَيارى فُزَّعا
فيها سيُدفَنُ مَنْ تطاولَ وَادّعى
رأسَ الذي بدمائِنا قدْ أتْرِعا
وتُزيحُ لوْناً للدُّجى مُتَسفِّعا
حمّاءَها مِنْ كلِّ زندٍ قد سَعى
وعلى احتدامِ الرّوعِ أنجدَ مُسْرِعا
وأبى على كرْهِ الأذى أنْ يخْضَعا
ويزيدُهُمْ مِمَّا اكترَوْهُ توجُّعا
وَعَلا الرّكامُ وقدْ تحشّدَ مَوْضِعا
قدْ أقسَمَتْ لأُنُوفُنَا لنْ تُجْدعَا
وبنا انْزوى صوْتُ النِّضالِ وَوُدِّعا
فلقُ الضُّحى وأبى الضُّحى أنْ يَطلَعا
وَعلَتْ رواعِدُها وموْتُكَ أمْرَعا
وإليكَ أصْغَتْ بالعَوادي مَسْمَعا
وبغيرِ صوْتِكَ لنْ يُقالَ ويُرْدَعا
مهْما أنرْتَ جُهامَهُنَّ الأسْفَعا
حتّى وتأبى أعينٌ أنْ تهْجَعا
وعديْدَها لا أنْ نُداسَ ونَخْنَعا
عصْفاً وصيّرْنا المدامِعَ مِدْفعا
فإذا ادلهَمّت وَعدُها لنْ يَشْفََعا
وَكنِ الجحيمَ إذا اسْتوى لنْ يُدْفَعا
وممَاتِنا وبِعِلْمِهِمْ قدْ وُقِّعَا
أو مَنْ بنا صرْحُ الأوَاصرِِ صَدّعا
ضاقَ المدارُ وعنكَ لنْ يتوَسَّعا
أخْشى على الأجْراسِ ألا تُقرَعا
عَمّ البلادَ سفُوحَهَا والأرْبُعا
الأرْضُ دونكَ لنْ تقومَ وَتُرْفَعا