ودِمشقُ تسقي وردَها دَمَها
ثريا نبوي
يا بُلبلَ العاصي تَرَنَّمْ.. قُمْ وواصِلْ *
ذَبَحوكَ يا صوتَا تَحرَّرَ
مِن قيودِ الخوفِ تمتلِكُ المفاصِلْ
فانداحَ عزمُ الشامِ لا يخشى مَباءاتِ المقاصِلْ
بَانياسُ والكَفَنُ الوضيءُ رِداؤها.. هبَّتْ
ودِرعا وَمضةُ البَرقِ الذي قَلَبَ المَشاهِدْ !
ومَعَرَّةُ النُّعمانِ تتلو سورةَ الأنفالِ
في صبرٍ تُدَبِّجُهُ انتفاضاتُ الرجالِ:
على التَّحَرُّرِ مَن يُعاهدْ؟
حِمْصُ الحُروفُ هي الرَّحيلُ وقد تَعهَّدَ جُرحُها مَلءَ الدَّواةْ
وحَماةُ ريشتُها تُسَدِّدُ عجزَ قاموسِ الصلاةْ
فتُعلِّمُ التاريخَ يكتُبُ أنَّها فرضُ الجهادِ
بلا ركوعٍ أو سجودٍ للطغاةْ
بلْ إنَّها فرضُ التَّحدِّي حين نُفجَعُ في الفلاة
بِكَسرِ آلةِ الاتِّجاهْ
وتَعُدُّ مِسْبَحَةَ الشَّهادةِ بالمئاتِ
لكي يعودَ لمَجدِها نهرُ الحياةْ !
مِقلاعُها الحَجَريُّ يرجُمُ -في ثباتٍ-
رِجْسَ أفئدةِ البُغاةْ
ودِمشقُ تسقي وَردَها دَمَها.. تراتيلَ الحُداةْ
جُوريَّةُ الوِرْدِ استفاقتْ لم تُخَدِّرْها التفافاتُ الحُواةْ
والمِرجَلُ الحَلَبيُّ يغلي نافثًا غيظَ الأُباةْ !
= = =
شرَفُ الخصومةِ قد علا منهُ الأنينْ
ومُخيَّمُ الرَّمْلِ السَّجينْ
ينشقُّ بعد حصارِهِ عن ديرْ يسينْ
ثلجيَّةٌ كُرةُ النِّضالِ فما لها والمُرجفينْ !!
= = =
يا قائدَ اليرموكِ أين المُلْتَجا؟ هل مِن إيابْ؟
القتلُ يَبْرُزُ مِن مضاجعِنا..مآذنِنا..يُخَبَّأُ في السَّحابْ
نحتاجُ بأسَ ابنِ الوليدِ يُحِدُّ شفراتِ العقابْ
فالشِّبلُ بشارُ "المُمانِعُ والمُقاوِمُ" ذو العرينِ المُستَعارْ
مَن يترُكُ الجولانَ ترسُفُ ثمَّ لا يُقصيهِ عارْ:
عن ذبحِ أسرابِ العصافيرِ الجميلةْ
أو دَهْسِ قافلةِ الإرادةِ بالكراهيةِ الثقيلةْ
فِعلَ النَّعامِ أتى ليهربَ مِن ربيعِ العُرْبِ إعصارِ الحقيقةْ
ومضى على دربِ التجاهُلِ دَبَّرَ القَمعُ الطريقَةْ
مازالَ يلبَسُ ألفَ وجْهٍ للعِنادِ بعنتريَّاتٍ صفيقةْ
وعباءةً تحميهِ حاكتْها بليلِ الغدرِ طهرانُ الصديقةْ
= = =
كم باتت الجولانُ في قاعِ المَهانةْ؟
كم يا أخا الحجَّاجِ تَسألُكَ الأمانةْ؟
كم في غرامِ المُلكِ تُهرِقُ والظَّما كأسُ الحِمى؟
يا شاطيءَ العاصي إليكَ يعودُ حُرٌّ بعدما
نحروا الصُّمودَ.. استأصلوا مِنه الفَمَا
نهرَ الكرامةِ صُبَّ في البحرِ الدَّما
لِيُعانِقَ المجدُ الأثيلُ الأنجُما !
= = =
في سِجنِ تَدْمُرَ يُسْتَشارُ أبو لَهَبْ
والمسجدُ الأَمَوِيُّ دَنَّسَهُ الرَّهَبْ
وكتائبٌ سوداءُ خَبَّأَ غِمدُها سيفًا مَجوسيَّ الأَرَبْ
أَرَأَيْتَ أُمًّا مَزَّقتْ أبناءَها إرَبًا .. إرَبْ؟
فجِراحُهم قد سُجِّرَتْ وعلى شواطئِها تَجَوَّلَتِ الخُطَبْ
ونِزارُ غابَ فمن سيبكي الصمتَ في قبرِ العَرَبْ؟
يا ثورةَ الغُرَباءِ هُبِّي يا براكينَ الغضَبْ !
= = =
لا تيأسي يا أختَ قاهرةِ المُعزِّ
إذا التقى فيْضُ الدماءِ
وفارَ تَنُّورُ الإباءِ
فإنَّ أمرًا قد قُدِرْ
وتريَّثي فالنصرُ يَغْنَمُ خيْلَ ظُلمٍ قد قُبِرْ
في سَفْحِ قاسيونَ المَجامِرُ تنتظِرْ
والفجرُ قد لاحت بشائرُهُ فهيَّا نعتبِرْ:
يا بُسْنَةَ الشَّامِ استعيدي ما تَبَدَّلَ واندَثَرْ
مَيْسونُ قد ألقتْ جدائلَها على وجْهِ القمَرْ
نِيرونُ.. في سُعُرِ السياسةِ-يامُكابِرُ- مُزدَجَرْ
فلتَبكِ يا بْنَ الوَحشِ قُرطُبَةً يُضيِّعُها البَطَرْ !
= = =
*هو إبراهيم قاشوش منشد(ارحل يا بشار) والذي ذبحته قوات البطش واقتلعت حنجرته، وألقتهُ مع غيره من الشهداء في نهر العاصي، وما زالت هي أنشودة الثورة في سوريا، وقد غناها الشباب في ميدان التحرير في القاهرة، بل غناها االعالم كله
الجوريّ: وَرد له أنواع لا تحصى، وهو ورد مضمخ بالعبير، روح الورد وماؤه يستخرجان غالبًا من وردة دمشق المسماة أيضًا: وردة كل الشهور "لإزهارها المستمر الذي يعطر أجواء البساتين العتيقة