تحت دَمْعِ السَّحَاب!

تحت دَمْعِ السَّحَاب!

صقر أبو عيدة

[email protected]

سَأَغْرِسُ في حُقُولِ الْقَلْبِ وَرْدَ قَصِيدْ

وأُرْسِلُها طُيُوراً كَي تَجُوبَ حُدُودْ

وَأَمْنَحُ كُلَّ أَشْعاري

لِمَنْ مَلأَ النّهارَ نَدًى لِبُرْجِ حَمامْ

وَأَفْئِدَةً تَرَى الأَيّامَ تَخْلُو مِنْ نُجُومِ وِئامْ

تضِيءُ بِهِا غِياباتٍ وَحُزْنَ حَبيبْ

وَمَدْرَسَةً يُغَرّدُ طِفْلُها الآتي

نَشِيدَ سَلامْ

*****

هُنا حُبٌّ فَقَدْنا ظِلَّهُ الأُمَمِي

أُولُو تَبَعٍ يَحِيكُونَ الْهَوَى ثَوباً مِنَ اللَّمَمِ

وَأَقْلامٌ تَرَى البارُودَ

عُنْوَانا

وَكْنْتُ أَرَى غُصُونَ الْوُدِّ تُكْسَرُ في حَدَائِقِنا

فتُؤْلِمُنِي إِذا ما جاءَتِ الْوَيلاتُ بِالْخَبَرِ

أَكَادُ أُجَنُّ عِنْدَ تَزاحُمِ الأَنْباءِ وَالصّوَرِ

فَيَسْأَلُني فَطِيمٌ يَرْتَجي ثَدْيَا

لِماذا الْحُبُّ أَخَفَوا حَبْلَ مَعْناهُ

عَنِ الأَزْهارِ وَالأَرْحامِ وَاللَّعِبِ

*****

هُنا حُبٌّ يَذُوبُ على صَفيحٍ قُدَّ مِنْ حَزَنِ

وَشَيخٌ في دِياري يَشْتَكِي الْوَلَدا

رِياحُ الْهَجْرِ تَذْرُو باقِيَ السّاعاتِ وَالأَمَدَا

يُراقِبُ رِحْلَةً نَفَرَتْ مِنَ الزَّمَنِ

وَيَسْأَلُني: تُحِبُّ الْوَرْدَ وَالأَلْحانَ وَالْبَلَدا؟

وَدَمْعُ الشَيبِ يَهْطِلُ في تَراقِيهِ

يَقُولُ أَرَى نَسيمَ الرّيحِ يَنْفُخُ في ثَرَى كَفَني

دَعُوا وَلَدَي

يَحِنُّ إلى ذِراعٍ كانَ يَرْقِيهِ

وَيُوصِلُني لآخِرِ نُقْطَةٍ كُتِبَتْ على سَطْري

أَلَمْ يَذْكُرْ دَبيبَ الْحِضْنِ حينَ يَنامُ في صَدْري

*****

أَبُلُّ ضَفائِرَ الشّمْسِ

أُغازِلُها لِتَغْسِلَ خَدَّ تُفّاحِي

أُعاتِبُها عِتابَ الْوَرْدِ لِلرّاحِ

فَتَذْرِفُ هَمْسَةً تَسْري بِشَرْياني

فَلا لَيلٌ يُواري الصّخْرَ في دَرْبي

وَلا سَيفي يَنِيخُ لِمَنْ سَقَى جُرْحي

*****

هُنا رِمْشٌ يُسائِلُني

لِماذا الْحُبُّ يَغْرَقُ في غَوى الشّرْطِ

وَيَنْشَفُ رِيقُهُ في الْبَحْرِ قَبْلَ تَلَمُّسِ الشَّطِّ

يَبُثُّ الْحُزْنَ بَالتّأْتيبِ وَالسّخْطِ

فَتَهْرُبُ مِنْ ظِلالِ اللّونِ أَشْعاري

وَأَكْتُبُها بِحَرْفٍ لا يَرَى خَطّي

*****

هُنا حُبٌّ

وَعَينٌ في حَوارِينا

تُناجِي اللّيلَ أَينَ أَبي؟

يُقَبّلُني قُبَيلَ النّومِ وَالدّرْسِ

وَيُشْعِلُ فَرْحَةً فَرَّتْ مِنَ الأمْسِ

يُناغِيني وَيَقْرأُ لي حِكايَةَ أُمّةٍ تَرْنُو إلى الشَمْسِ

لَها مَاضٍ تَنُوءُ بِهِ شُعُوبٌ تَلْعَقُ الألَمَا

فَيَسْمَنُ جُرْحُها أُمَمَا

وَكُلُّ جِراحِها بَرَأَتْ

وَلَمْ يَبْرَأْ سَنا الْقُدْسِ

*****

أَيا نَفْسِي

لِماذا الْحُبُّ يَهْرُبُ مِنْ دِما بَلَدِي

وَيَغْصِبُني لأَشْكَوَ بَأْسَهُ شِعْراً على الْوَرَقِ

فُحُطّي الْهَمَّ وَأْتَلِقي

كَفَى غَضَباً

وَمُدّي غُصُنَ إِصْباحٍ مِنَ الْغَسَقِ

حَلِمْتُ بِأَنّ أَحْقادِي تَكادُ تَمُوتُ تَنْطَفِئُ

أُقاسِمُ بَهْجَةَ الأَيّامِ مَنْ يَصْبُو إلى الرَّفقِ

*****

هُنا حُبٌّ

سَأَجْمَعُ فِيهِ أَورادِي

وَأَغْرِفُ مِنْ عُذُوبَتِها أَغاريدِي

عَسَى تَرْنُو إلى عَيني سُطُورُ الْوُدِّ وَاللّينِ

وَأكْتُبُها مُحِبّاً أَنْثُرُ النّشْوَى عَلى الطّينِ

وَأَمْلأُ حَقْلَ وَادِينا طُيُورَ الأُنْسِ تُلْهِمُنِي

تَراتَيلَ الْمُسافِرِ حِينَ يَغْفُو في هَوَى الْوَطَنِ

*****

حَبِيبٌ أَنْتَ في اللهِ

لَكَ الدّنْيا سَفِينَةُ بَحْرِكَ الْهادِي

فَخُذْ بِالْحُبِّ لا تَخْجَلْ

وَقُلْ لي أَجْمَلَ الضّحِكاتِ لا تُمْهِلْ

وَأَعْلِنْها لِمَنْ يَخْطُو إلى الإنْسانِ وَالأَمَلِ

بِطيبِ الْحَرْفِ وَاللّمَساتِ وَالْقُبَلِ

وَأَبْرِمُ صُلْحَ أَطْفالٍ مَعَ الْمَوتِ

وَلا تَنْظُرْ مَجِيءَ غَدٍ لِتُخْبِرَني

مَحَبّةَ قَلْبِكَ الْمَأْسُورِ في الْيَأْسِ

سَأَخْلَعُ جَفْنَ أَشْعاري

وَأَسْكُبُها عَلى النّارِ

وَأَبْني مِنْ حُرُوفِ الْحُبِّ أَرْصِفَةً إِلى جَارِي

*****

هُنا حُبٌّ وَلَكِنْ لَسْتُ أَعْرِفُهُ

يُجَرْجِرُني لِماضٍ كِدْتُ أَنْساهُ

لَهُ في الْبالِ مَظْلَمَةٌ تُنادِيني

إِلى بِيدٍ مِنَ الْحَسَراتِ تُشْجِيني

أَلُوذُ بِمَنْ يَشِيلُ الْحِمْلَ عَنْ عَيني

فَتُشْرِفُ لِي دُمُوعُ سَحابَةٍ تَمْشِي

تُرِيني الْحُبَّ في اللهِ

وَيَكْفِيني