بشار قال الدهر
14نيسان2012
يعرب الأموي
بشار قال الدهر
يعرب الأموي
فيم انتظاركَ أيها المغرورُ لم يبق منها موضع لم ينتفضْ أين الفرار وبأسها بك محدقٌ وكأنما فيه جهنمُ أَنْذَرَت الشام كل الشامِ ثأرٌ عاصفٌ هبت وفيها غضبةٌ أمويةٌ والنصر منها قاب قوسٍ إنه فارحلْ ذليلاً حيث شئت أو انتحرْ بيد الصديق أو الحليف أو العدا * * * أظننتَ أن الشامَ قد صارت لكم تُهْدى لكم وكأنها ألعوبة وتباع أو تشرى كأهون سلعةٍ خدعتْك نفسك يا غبيُّ ووالدٌ وأنيسةٌ(2) أهواؤها أغلالها وعصابةٌ مشنوءةٌ ملعونةٌ واللصُّ والسفاح والوغد الذي الصبح منهم فَتكةٌ أو غدرةٌ فظننتَ أنك في الشآم مسوَّد يُجْبى إليك طريفُها وتليدُها والناس حولك خاضعون أذلةٌ كلا، خسئت، فأنت وهمٌ عابرٌ وحكايةٌ من جدة ملتاثةٌ أو بولةٌ(3) من حاقنٍ في دجلةٍ لا دجلةٌ علمت ولم يأبه بها وذبابةٌ كانت هناك وضفدع * * * الشام باركها الإله وصانها لن يستبيح جلالها مهما عتا ورث الدناءةَ عن أبيه وأمه لا تعجبنَّ فأمُّه مقذورةٌ انظر إليها مرتين فإنها ولدت غبياً، عقله ولسانه وله العِلانُ فضائحٌ وقبائحٌ سموه بشاراً وكانت فريةً فيه المجوس طباعهم وضلالهم تعسوا طباعاً أنتنت وديانةً هم في الدنى الخبر البذيء وسبة "المزدكيةُ" عشقهم هاموا بها وكأنهم أبناؤها وكأنها وصبيهم بشارُ وارث عارهم الناس تنأى عنه من كرهٍ له يعتزُّ بالأشياءِ وهْي شوائن رضع الأثامَ فكان منه صَبوحُه فغدا له عبداً ولكنْ عن رضا والنذلُ فيما شانهُ مستغرقٌ فإذا رأى شرّاً عَرتْهُ فرحةٌ والخلقُ مذ كانوا على مفطومهم * * * الشام من قدر الإله إباؤها وحصارُها بشارَ من أقداره والقصر حيث يقيم سجن مطبق حراسه، أعوانه، أركانه يحمونه ولربما انقلبوا عِداً الآن يحيا في المخاوف يائساً ويموت فيها كل يومٍ ميتةً أكفانه أوهامه، وصبـاحه ونِدامُه كلبٌ عقورٌ، نابُه فإذا صحا جاءته أشداق الردى ولعله يرجو الممات مؤملاً فهو الشقيُّ شقاؤه من صنعه * * * بشارُ يا ابنَ الأخسرين فروعُهم يا ابن الذين توارثوا ما شانهم هل أنت جنكيزٌ ورثت حشوده هلكوا ودين الله باقٍ خالدٌ ما جاء صبحٌ أو ضحىً أو غاسقٌ لله وعدٌ وهو منجزُ وعده في الأرض أديان لها أتباعُها إسلامنا الأعلى وباقٍ بعدها بشارُ فاقرأ ذاك إن تك قارئاً والحر يبصر في الدياجي دربه والفِسْـل من جهلٍ به وسفاهةٍ والمرءُ يختارُ الذي قد راقه ولقد فعلتَ فكن لنفسك لائماً * * * بشارُ قال الدهر وهو مجرِّبٌ والمكر من خبث به وعدالة سيفاً يجندلهم فهذا هالكٌ ما اشتد فيهم بطشه وصياله وحمدته حَمْدَ الصديقِ صديقَه والظالمون أحقُّ بالظلمِ الذي ولديَّ فيما أدعيهِ شواهدٌ وإذا الظلوم هوى عليه سيفُه والخير مثل الشر، كلٌّ فرحةٌ تبقى الحياة تجيئنا بنقيضها والله حكمته تبين وتختفي * * * بشارُ جاء الصبحُ تعدو خيلُه لك سوؤه ولنا المنى في حسنها فيه لنا النصر الذي نهفو له | والشام بركانٌ عليك يثورُ غضباً وفيه ضراوةٌ وهديرُ وكأنه من هوله التنورُ تدعو البغاةَ وجمرها مسجورُ وكتائبٌ مجنونةٌ وزئير وحداؤها التهليل والتكبير قدرٌ سيطوي المعتدي مقدورُ فإذا أبيت فإنك المنحور أو بالمخاوف إنهن ثبور * * * أَمَـةً عليها زينةٌ وعطور يلهو بها ذو الجاهِ والمحقورُ سمسارها الأفّاكُ والشريرُ أغواك في قرداحةٍ مقبور(1) قد ساءَ منها الجهر والمستورُ أركانها المأفون والسكير أخنى عليه الحقد والموتور والليل منهم خمرةٌ وفجور والمالكُ الأعناقَ والمنصورُ والسيدُ الأمّـارُ والمأمور والطرف منهم خاشعٌ وحسير وفقاعة في البحر وهو يمور لحفيدها الملتاث وهو ذَعُور والشط داج صامت مهجور أحد سوى من بال والديجور ونفايةٌ يلهو بها صرصور * * * وله تعالى الحكمُ والتدبير متفرعنٌ متكبرٌ مخمور فإذا به في لجها مغمور وأبوه منذ يُفوعِه مقذور خنزيرةٌ قد نالها خنزير ومناه آثامٌ بها مبهور والسرُّ أنكى، إنه التتبير صلعاءَ فهْو الشؤمُ وهْو الزور كلٌّ أصمُّ عن الهدى وضرير الدين كفر والطباع عُهور عريانةٌ بين الأنام تسيرُ وجميعهم بضلالها مسحورُ لهم الكؤوس تدارُ والماخورُ وبه يبوءُ وفي رحاه يدور وكأنه المجذومُ والمعرور وغباؤهُ عونٌ له وظهير وغَبوقهُ وكأنه الإكسيرُ بئس الرضا المشؤومُ والموزور وكأنه وقفٌ له منذورُ وإذا رأى خيراً عراهُ نُفُور فالشهمُ شهمٌ والغَدورُ غَدور * * * وسناؤها، وعدوها المدحور فهو الرئيس وإنه المحصور وهو المكبل فيه والمذعور هم حوله أنى تلفّت سور فإذا به بسيوفهم مهبور والخوف ذئبٌ فاتكٌ مسعور وضريحه في قلبه محفور دهرٌ، وأما ليله فدهور دامٍٍ، وغِيلانٌ عليه تجور وإذا غفا فالغاشيات تغير ألا تكون قيامةٌ ونشور والقاتل الغدار والمغدور * * * سفلى وأسوأ في السِفال جذور ولهم به وهو الشنار حبور أم أنت ذو الأكتاف أم تيمور يمتد وهو مظفرٌ منصور إلا له ظفر إليه يصير وكتابه وهو الصدوق بشير ولها امتداد تارةً وفتور وله عليها صولةٌ وظهور والدهر سفرٌ في الدنى منشور مهما عتت إن البصيرة نور أعمى وإن نهاره لبصير فإذا به الناجي أو المحسور إن الهوى أرداك وهو غَرور * * * ومجرَّب: مكر الطغاة يبور يسطو بكل صحابه ويحور وإزاءه المكلوم والمأسور إلا هتفتُ بأنه مشكور وأنا – وحاذر لوميَ – المعذور فعَلوهُ، إنَّ مآلهم تخسير يعيا بها الإحصاءُ والتقديرُ فالسيفُ منا بالثناء جدير حيناً، وحيناً لوعةٌ ونذير أو مثلها والحادثات سفير وجميعها في لوحه مسطور * * * عجلى وفيه مساءةٌ وسرور والله وهابٌ لنا ونصير ولكم – فذوقوا – منكرٌ ونكير |
(1) حافظ الأسد، الطاغية الهالك، الذي توهم أنه جعل سورية دولة خاصة به، وبالأسرة الأسدية بعده، وقرداحة بلدته فيها ولد وفيها دفن.
(2) أنيسة مخلوف، زوجة حافظ وأم بشار.
(3) هناك مثل عراقي عجيب جداً وبديع جداً، يستعمل في سياق التهوين الشديد من الأمر، يقول: "بولة بشط"، وهو غاية في الإيجاز والسخرية والبلاغة.