رسالة إلى بغداد
17آذار2012
أ.د/ جابر قميحة
رسالة إلى بغداد
أ.د/
جابر قميحةسقطت الخلافة العباسية سنة 656هـ ودخل التتار بغداد وقتلوا فيها مليونا من المسلمين ، وخربوها تماما ، وذلك لضعف الخليفة المستعصم ، وخيانة وزيره العلقمى . والأبيات الثلاثة الأولى للشاعر مهيار الديلمى ( ت 428هـ ) من قصيدة نظمها الشاعر قبل سقوط الخلافة بأكثر من قرنين .
| ( فيا صاحبي أين وجهُ الصباح أسدّوُا مسارحَ ليلِ العراق وخلْف الضلوعِ زفيرٌ أبَى * * * أنادي: فأين الرشيدُ الأبيُّ وأين الجلالُ، وأين الجهادُ وأين الحشودُ، وأين البنودُ وأين النفيرُ، وأين الزئيرُ وأين الحتوفٌ، وأين السيوفُ لقد ذاب نقفور من ذعرِه وأينَ رجالُ وفْوا بالعهود كما البحر-واللهِ-فى هدْرِه فلا أمرَ إلا لزحِف الحديد ولانصرَإلا لدينِ الهدى فإما قتيلُ، وإما أسيرُ.. وإما شريدُ بلا وجهةٍ وأين الأئمةُ ، منْ فقههم مناراتُ حق تضيء القلوبَ وهيهاتَ أُحصي، فما قد مضى كذلك كنتِ منارَ الوجود… * * * أبغدادُ عفْوا إذا ما فررتُ وأحيا بأمجادِكِ الماضياتِ وأمرك آلَ لنذلٍ غويٍ وعِلج زنيٍم ، ولصًّ لئيم هما اثنان : مُستأجَر آثمُ وجيرانُ سـوءٍ عصوْا ربَّهم كبارُ، ولكن صغار العقولِ طوالُ عـراضُ، ولكنــهم لهم صخَبُ، لا تقلْ لي: الطبول رصيدهمو غير نهب الشعوب وكم قمةٍ عقدوا ، وانتهَوْا أراهــمْ إذا نظروا للأمور وما شغلتْهم قضايا الشعوب ألمْ ترهمْ ظاهــروا إثْمـه ؟ فهتّك منا نياط القلوب ولم أرَفــيهمْ عزيزَ جنابٍ وما فيهمو راشـُد يَفتدِي يعربدُ "باما" بهم عابثـا كأنى أرى فيهمو " العلْقميَّ " وكيف يكونون مِنْ ديننا "أباما" يسوقهُمو كالقطيع سنتركهم لحسابِ الشعوب * * * أبغدادُ…دار الرشيد المجيد سلمْتِ، ودمِْت، فلا تفزعي سلمْتِ فقومي برغم الجراح وسُلي من الليل وجْه الصباح وعيشي ضُحاكِ نَديَّ الشَّذا فمازال فيك رجالُ يروْن وما فيهمو غير حرًّ… أبيِّ وكيفَ وفي عنْقِه بيعةُ على الحق قامت، وبالذكِر دامتْ فلا تَقْنطي فبشيرُ الصباِح وقومي وعيشي شموخَ الأباة وللحقَّ والعلِم والمكرماتِ أبغدادُ في يومِك المستباح | وأين غدٌ صفْ لعيني غدا أم صبغوا فجرَه أسودا؟ - وقد برد الليل – أن يبْردا ) * * * وقد حَرمَ السيفَ أن يُغمدا وأين المنابرُ… والمنتــَدى؟ وأين الزحوفُ تُذل العِـدا؟ وأين الهتافُ، وأين الصدى؟ تلاحق "نقفور" أنىَّ عَدا؟ وذاب من الذعر مَنْ جنّـدا يرُوعون بالحقَّ قلبَ الردى مضى عاتيا ثاثرا …مُـزبِـدا وبْرقِ الأسنَّة إنْ أرْعــدا ولا موتَ إلا لمن هــددا وإما جريحُ هوَى …مُقْعـدا ليقضيَ أيامَه …مُسْهـــدا غَدتْ كلُّ أرضِ بـهْم مسجدا؟ وتغمرها بالشّـذا…والهـدى يفوق الخياَل، إذا عُـدَّدا وكنتِ المهابة والسـؤْدُدا * * * أعانقُ في الغابرِ المشْهــدا فحاضرك اليوم مُلْقىً سـُدى وكلبٍ على قومك استأسْـدا غدا بالخيانةِ مٌستعـبَدا تقاضَي وخان ولن يَرشُــدا ومن أرضهم كان وثْبُ العِدَا وعارهُمو يُخجل الفرْقدا لنجدتنا لم يمــدّوا يـدا وفيضُ ضجيج يغطي المدى من الشجْب ما لَمْ ولن ينفدا وكلُّ إلى الخُلْفِ قد أخْــلدا ضريرا ، وأعورَ، أو أرْمدا وعِرضُ عليْه العدوُّ اعتدى فمِنْ قوسهم نحونا سَدَّدا ومزَّق ـ من سهمه ـ الأكبدا بعلم وفكر غـدا سـيّدا وما منهمو عادلُ يـُفـْتدَى وهانواُ فكانوا له أعْـبُدا بما قد جناه وما بددا وقد سلموا للعـِدا المِقْودا؟ فخرّواله ركَّعا سجـََّدا ؟ ومـا هـو إلا اللظى الموقَدا * * * أناديـك. هـل تسـمعين النَّدا؟ فأنفُسنا لحمـاكِ الفــــدَى وكوني عليـهم ردًى سـرْمدا ومنْ حالكِ الكرب هاتي الغدا وخـلَّي نـهارَ العـدا أسـودا أمــرَّ من الـموتِ أنْ نرقـُدا أَبـَى أنْ ينـامَ ، وأن يقْعدا تناقـضُ " بعثـهُمو" الأنْكــدا وسـنةِ سيدِنا أحمدا يشـقُّ إليك الـدجى منْشِدا مثالا لكلَّ الورى يُقَتدى كما كنتِ كوني لها مَوْردا أرى النصَر في غدكِ الموْعدا |
معاني الكلمات :
نقفور : هرقل الروم , نقض عهد هارون الرشيد , فـزحف إليه , وأنزل به هزيمة ماحقة نكراء . ولم يكن الرشيد يخاطبه في رسائله إلا بــ " كلب الروم " .
وهذه القصيدة أهديهـا لبغداد بعد سقوطها في أيدي الأمـريكان بـسبـب الخـيانة .
( والأبيات الثلاثة الأولى للشاعر مهيار الديلمي ).
