ضَعِي حَـدّاً

ضَعِي حَـدّاً

وحيد خيون

[email protected]

ضعي حَدّاً لهذا المَوْجْ...

ضَعي حَدّاً لهذا المَرْكِبِ الجاري

بلا إذْنٍ ولا تأشيرَةٍ من حارِسِ الدار

ضَعي حَدّاً لتَغْريدي

وتنهيدي ومُنْطَلَقي وأطواري

ضعي حَدّاً لتعريفي لمعنى البَحْرْ...

ولا تقِفي لإعْصاري

ضعي حَدّاً إلى لُغَتي

وتأريخي وتجرِبَتي وأفكاري

ضعي حَدّاً الى حَدّي

قفي ضِدّي

وهُزّي كلّ َ أوتاري

ضعي لغةً لقاموسي

ضعي لَحْناً لناقوسي

ضعي نَهْجاً تسيرُ عليهِ أقداري

ضعي للريحِ نافِذة ً ...

ضعي سَدّاً و أنهارا لأمطاري

أنا في هذهِ الدنيا

أجوبُ شواطئَ الخرسى

بلا مرسى

وأرمي في بحارِ الكونِ لؤلؤتي

وأنسى أنني قد جئتُ يوماً من هنا أسْتَعْطِفُ الأيامْ

بجسْم ٍ ناحلٍ عاري

و ألقطُ لؤلؤَ الدنيا بمِنقاري

أنامُ بِبِزّةِ التأريخِ

تأريخي الذي مازالَ يجهلُ كلّ َ مِشْواري

ويُنْكِرُ كلّ َ مَنْ حَولي

وخارِطَتي التي فقَدَتْ

خطوطَ العرضِ والطول ِ

رمَتْ بي دونَ إيعازٍ على آفاق ِ مَجْهول ِ

فقولي....

كيفَ أقـْضِي العُمْرَ أمشي دونما جِهَةٍ

ولا حَدّ ٍ ولا أرقامْ

وكيفَ أطيرُ مكسوراً

وكيفَ أسيرُ في دربٍ بلا أقدامْ

وكيفَ أنامُ والأحْلامُ توقِظُني 

و مَنْ عنكم يُعَوّضـُني

دخلتُ منازِلَ الأيام ِ أقرِضُها وتقرِضُني

وقدْ فوّضْتُ أوقاتي التي كانتْ تفوّضُني

وأخشى لو غدَاً رَحَلوا

وطالتْ بيننا السّبُلُ

وما حطّوا ركائِبَهُمْ وما نزَلوا

أشدّ ُ جميعَ أنفاسي

وأبكي دونما خجَلٍ مِنَ الناس ِ

وثمّ لعالَمِ الموتى سأنْتَقِلُ

وصلتُ أنا لآخِرَتي , فهل وصلوا ؟

إلى الماضي وما صَنعوهُ في قلبي وما فعَلوا

إلى مستقبلي الآتي

ضعي حدّاً لهذا العاصِفِ العاتي

ضعي حَدّاً لصورتِكِ التي باتتْ تطارِدُني

 وتملأُ لي سماواتي

ضعي حدّاً لعَيْنَيْكِ اللتَيْنِ أقالَتا مَلِكي

و أحْرَقـَتا حضاراتي

ضعي حدّاً إلى أمواجِ عيْنَيْكِ ...

ضعي أُفـُقاً لِمِرآتي

ضعيني في طريقِ الوصْلْ

أزيلي مِن فؤادي النّصْلْ

فإنّ النّزْفَ في ذاتي

ضعي حدّاً لموتٍ دونَ آخِرةٍ

وليلٍ دونَ مُنْقـَلـَبٍ لأقمارِ

ضعي حدّاً لوجهٍ دونَما جهةٍ

وقلبٍ مثلِ عاصِفةٍ

وأفكارٍ كإعْصارِ

ضعي حدّاً لروحٍ فارقَتْ جسَداً

وغابَتْ منذ ُ أيّامٍ عن الدارِ

ضعي حدّاً لموجٍ يقلبُ الدنيا

وعاصِفةٍ تعُجّ ُ بدون ِ إنذارِ

ضعي حدّاً لقافلةٍ مضتْ من غيرِ خارِطةٍ

ولا عادتْ لِمُنْطَلقٍ ... ولا جاءَتْ بأخْبارِ

وصلنا الآن فاعْتـَرِفي

ولا تتردّدي أبداً ولا تقِفي

فإنّ الحُبّ َ يعْزِفُني بقيثارِ

و ينثرُني كعَصْفٍ في مَهَبِّ الرّيحْ

يُحَوّلُني لأوتارٍ فأوتارٍ فأوتارِ

يُعَسْكِرُ في خيام ِ العُمْرْ

كجيشِ قاهرٍ صلِفٍ وجَبّارِ

متى حرّكْتِ فوجاً من شعوري قَدْرَ مِقْدارِ

تحَرّكَ في ضميري فوجْ

تصيحُ جميعُ أشْجاري

ضعي حدّاً لهذا الموجْ