بكائية بين يدي الطيف الغالي
بكائية بين يدي الطيف الغالي
أ.د/
جابر قميحةمقدمة
كان ضابطًا في الجيش بايع الإمام الشهيد حسن البنا على أن يحكم بكتاب الله وسنة رسوله إذا تولى أمر مصر، فلما تولى قيادة مصر نكص، ونقض العهد، وغدر كما شاء له الشيطان، وبعد نكبة 1967م، يقال إنه قال في جمعٍ من أصحابه: لو كان حسن البنا حيًّا ما نزلت بنا هذه النكسة. فكتبتُ هذه الكلمات في حينها، وأنا أنقلها كما كتبتها من 40 عامًا دون تغيير كلمةٍ واحدةٍ:
الإمام الشهيد حسن البنا
يا حسن البنا
بالله عليك
دعنا نتوارى منك
ونبعد عنك
هُنـَّا
هنـَّا
لا تسألْ عنا.. لا تأمنَّا
وتبرّأ منَّا
إنا هُنَّا
كنا الأعلَوْن فصرنا الأدنَيْنَ
فـاتركنا للعارْ
واتركنا للنار
فبعدك تُهـْنا .. هُـنَّا
أنَّى كنا..
والظالم منَّا
فرَّطنا فيك
وقتلناك.. وهنَّا
وتركنا فوق الأرض خيوط دماكْ
وحملناك
في ليل الثكلى والأشواك
لا ندري أنَّى ندفن جثمانكْ
فتركناكْ... وبكيناك
وتوارينا مكشوفي السوْءاتْ
تطردنا اللعْـناتْ
تلهبنا الويلات
مقروحي الجبهات
بسياط الذلة في درب العميانْ
حتى جاء الأغرابُ الغربان
وحفروا الأرض
ودقوا العمدان
وشادوا البنيان
وبذروا الحب
وزرعوا الصحراء حدائقَ غُـلبْ
وأكلوا الأب
وأكلنا بعدك زقوم القهر
أُلـُقِمنا الصخر
وشربنا من غسلين حميما...
****
ويقول القاتل في مجلس سمر مفضوح
"لو كان البنا فينا اليوم
ما كنا هنًّا
ما تهْنا
ما جاء الأغراب الغربان
أو سقط بنا البنيان"
****
يا مَن تبكون البنا اليومْ
طيف البنا اليوم ينادي
في كل بلادي:
لا ألفينَّك بعد الموت تندبني
وفي حياتي ما زودتني زادي
****
يا هذا
كم حذركم حسن البنا
كم أنذركم حسن البنا
بصوته العاصفْ
ونبره القاصفْ:
"إني أرى خيولهمو وراء الواد
يقودها فرعون ذو الأوتاد".
فقاوموه.... وحاربوهُ
واكسروه
فلم تصدقوهْ.. كذبتمــــوه
وقلتمو: تبت يداكْ
فنحن أمة لا تعرف الهلاكْ
ومصر مقبرة الغزاة
من مسها بسوءٍ
هدَّه الإله
طاردتموهْ.. أبكيتموهْ
سددتـمو الآذان بالأصابعِ
وقتلتموه
واليومَ
طيفه بأرضنا ويومنا يقول
بصوته المندد:
"أمرتهم أمري
بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا النصحَ
إلا ضحى الغدِ
****
والآن ضاع كل شيءْ
خالفتموه ثم ضاع كل شيء
أحزنتموهْ
أبكيتموه
ثم ضاع كل شيء
قتلتموه
ذبحتموه في الطريق
قدتمو دماءه غنيمة وفيءْ
فضاع كل شيء...
لم يبقَ شيء
شوهتمو نداءه ودعوتَـهْ
شنقتمو أحبابَـهُ وصفوتَـهْ
شردتمو أبناءَهُ وإخوتَـهُ
ودستمو محرابه ومصحفه
في خسةٍ، وحطةٍ، وفي سفَـهْ
ودمرتْ بِـلادْ
وهَـتَّـكت أعراضَـنا الكلابْ
واستمرأت لحومَـنا الذئاب
واستعمرت هضابْ
واستُعبِـدتْ بلاد
وقادنا فرعونُ ذو الأوتاد
يا حسرةً على العبـادْ
يا حسرة على العبـادْ