مُتْحَفُ الشِّعْر
عبد القادر أمين عبد القادر- طنطا
عضو اتحاد كتاب مصر
وَأَنْفُذُ فِى ثُقُوبِ الشِّعْر أقْتُلُهُ ..
فَيَقْتُلُنِى
وَيَمْضِى الْبَيْتُ يَحْمِلُنِى عَلَى أبْوَابِ آخِرَتِى ..
كَثِيرًا عِشْتُهُ مَوْتِى إلَى الْمَوْتِ ..
وَمَقْلُوبًا لَبِسْتَ الثَّوْبَ يَا عُمْرى ..
أتَخْشَى حِدَّةَ اللَّحْدِ عَلَى جَسَدِى ؟!
أطُولُ حَيَاتِهِ أرْضٌ تُمَزِّقُهُ ...
وَبَعْدَ الْمَوْتِ تَأْكُلُهُ ..؟!!
فَلا تَخْشَى ..
أنَا صَنَمٌ وَتَعْبُدُنِى ..
مَعَانِى الْخَوْفِ ..
عَنْ رُعْبٍ تُصَلِّى لِى ...
تُمَرِّغُ وَجْهَهَا عِنْدِى
وَتَسْألُنِى .... لِتُعْطِينِى
كَأنِّى الْكَائِنُ الْفَرْدِىُّ ..
لا أحَدٌ هُنَا غَيْرى ..
فَلا خَلْقٌ وَلا أرْضٌ ...
وَلا شِعْرٌ وَلا نَثْرٌ ... بِذَاكِرَتِى
وَأمِّيَةٌ بِذَوْقِ النَّاس أمْحُوهَا ..
وَتَكْتُبُنِى
كَأنِّى أكْتُبُ الأشْعَارَ بِالسِّرِّ !!!
أخَافُ فَضِيحَةَ الأبْيَاتِ بِالنَّشْر ..
أعَاريَةٌ مِنَ الأوْزَانِ قَافِيَتِى ؟!
وَفَاتِنَةٌ بِبَحْر الْعِشْقِ وَالسِّحْرِ ؟!
وَأهْرُبُ مِنْ سِيَاطِ الشِّعْر تُلْهِبُنِى وَلا أدْرِى
بِأَنَّ الشِّعْرَ يَأْسِرُنِى ...
وَمِنْ كَرٍّ إلَى فَرِّ..
دَخَلْتُ مَقَامَ أشْعَارى أجُرُّ الشَّطْرَ بِالشَّطْرِ ...
رَأيْتُ قَصِيدَةً حُبْلَى ..
بِألْوَانِ الْهَوَى يَسْرى ..
عَلَى سَطْرٍ ...
بِلا ظَهْرٍ ...
وَأخْرَى ...
مِنْ شُبُوبِ الْكُرْهِ كَائِنَةٌ وَقَائِمَةٌ ...
عَلَى بَخْسٍ مِنَ السِّعْرِ
وَلا أحَدٌ لَهَا يَمْضِى ...
وَلا طِفْلٌ لَهَا يَجْرِى ...
وَأخْرَى تُشْبِهُ الأيَّامَ ضَاحِكَةٌ
وَخَلْفَ النَّابِ أنْيَابٌ تُمَزِّقُنِى ...
وَهَذِى نِتْفَةٌ أخْرَى ...
هُنَا نَامَتْ عَلَى صَدْرى
وَإنْ فَاقَتْ إذَا اكْتَمَلَتْ ...
يُعَانِقُ سَوْطُهَا ظَهْرى .. فَتُلْهبُنِى
قَضَاءً ضَمَّهُ قَدَرى ...
تَمَاثِيلٌ مِنَ الأبْيَاتِ أعْرفُهَا ..
وَأكْتُبُهَا لِتَقْرَأنِي ....
رِأيْتُ الْبَيْتَ مَفْتُوحًا
وَمَصْلُوبًا لِمَنْ يَدْنُو ...
فَإنْ شَاءُوهُ مَطْهَرَةً .. تَبَدَّى وَجْهُهُ فَجْرًا ..
وَإلا دِيسَ بِالْفُجْر ..
وَبَحْرُ الشِّعْر سَاعَتَهَا سَيَغْدُو مَرْتَعَ السُّكْرِ ...
رَأيْتُ الْوَزْنَ مَكْسُورًا ...
وَفِى مِيزَانِهِ كَفٌّ يَتِيمٌ جَاءَ مِنْ يُتْمِ ..
رَأيْتُ قَصِيدَةً ذَكَرًا ...
وَشَاربُهَا ... تَدَلَّى
مِنْ سَمَاءِ الشِّعْر مِشْنَقَةً
وَسَاعِدُهَا ... تَوَلَّى لا يُسَاعِدُهَا
وَدُودُ الأرْضِ مُشْتَاقٌ لِيَأكُلَ مِنْ فُحُولَتِهَا ...
فَخَرَّتْ تَفْضَحُ الأقْدَامَ إذْ سَاخَتْ
وَشَاخَتْ وَهْىَ لا تَدْرِى ...
رَأيْتُ قَصِيدَةً قَمَرًا ...
وَأخْفَاهَا نَهَارُ الشَّيْبِ بِالأمْرِ ...
رَأيْتُ قَصِيدَةً أنْثَى ..
وَكُلُّ بَريقِ صَنْعَتِهَا ... يُبِينُ مَوَاضِعَ الصَّدَأِ ...
فَلا عَاشَتْ لِتَصْنَعَ سِحْرَهَا شِعْرًا ..
وَلا مَاتَتْ لِتَحْفَظَهَا بُطُونُ الْعُذْرِ بِالْجَهْلِ ...
رَأيْتُ بِآخِرِ الْمَمْشَى ...
وُرَيْقَاتٍ عَلَى اسْتِحْيَاءَ تَدْعُونِى لأقْرَأَهَا
وَتَأبَى حِينَ أحْمِلُهَا ..
فَقَدْ غُرزَتْ بِمِسْمَارٍ مِنَ الْفَقْرِ ...
رَأيْتُ الشِّعْرَ لِى فَأسًا وَيَحْرُثُ لِى لأكْتُبُهُ ...
وَبَعْدَ هُنَيْهَةٍ يَغْدُو كَمَا الْمِنْجَلْ ... يُدَاعِبُنِى ... وَيَتَسَلَّلْ لِيَحْصُدَنِى
وَأُبْحِرُ فِى دُرُوبِ الشِّعْر أََخْبُرُهُ ...
فَيُخْبِرُنِى ...
بِأنِّى الآنَ مُرْتَحِلٌ...
بِلا عُسْرٍ إلَى يُسْرٍ .. يُطَمْئِنُنِى
مَلاكُ الشِّعْر خَاطَبَنِى ...
بَحَثْتُ وَلَمْ أجِدْ بَيْتًا سَتَكْتُبُهُ
وَلا مَعْنَىً تُسَطِّرُهُ ...
فَيَقْبِضُنِى ...
رَأيْتُ جَنَازَتِى تَمْشِى فَأُلْهِبُهَا ..
سِيَاطَ الْكُرْهِ لِلدُّنْيَا وَلِلْوَطَنِ ...
وَلِلأبْيَاتِ وَاْلوَزْنِ ..
فَتَنْهَرُنِى .. فَأزْجُرُهَا
ألا مُدِّى ...
مَلَكْتُ إجَابَةَ الْقَبْرِ ...
وَلا شَيْئٌ سَيُفْزِعُنِى ..
وَلا أشْيَاءَ أمْلُكُهَا .. وَفِى قَبْرى سَتَمْلُكُنِى
وَتَمْثَالِى بِمَاءِ الشِّعْر أمْزُجُهُ ..
وَيَبْقَى خَالِدًا بَعْدِى مَنَارَاتٍ مِنَ الْفَخْرِ
سَلامُ اللهِ يَا قَلْبِى عَلَى شِعْرى ...
عَلَى عُمْرى...
فَقِيرًا قُدَّ مِنْ فَقْرِى ....