بكاء على منبر الشعر

طالب هماش

[email protected]

بكى شاعرُ  اليأس حين

رأى السامعينَ إلى حزنهِ ناظرينْ  !

رأى فقراءَ من الناسِ

يستعطفونَ القرائينَ

في صوتهِ المستغيثِ بيأسٍ طعينْ !

كأنَّ الحنينَ الغريبَ إلى الموتِ

يعمي بصيرتهم ،

ويزايلُ أعينهم في الهزالِ الحزينْ !!

رأى راهباً يتكبّدُ أوجاعهُ

في الأناجيلِ

وامرأة ًتكتمُ الريحَ  في روحها ،

وتشقُّ بقلبٍ جريح

سويداء أحزانها

ورأى في الوجوه ملائكة طيبين .

يميلون ذات البكاء وذات اليمين !

رأهم فغيض َبهِ الحزنُ

حتى استفاضَ

فخاطبهم :

يا مساكين ليلي المسنّين  ،

أشباه نفسي اليتيمة في العالمين !

ألا  أمهلوني قليلا

لتشعلني الريحُ   بالحسرات  !

فراحوا ينوحونَ في رحم ِالليل

كالخاطئينْ !

أيا قارئَ الشعرِ إقرأ لنا من لدنكَ

مباك  ومواويلَ

أو ما يعينُ على الموتِ

إن الغيومَ الكليمة

-حاملةَ الحزنِ -

تملأُ أوجاعنا بالأنينْ  !

سمعناكَ تبكي فجئناكَ

 نحملُ ناياتنا كالرعاةِ

فرتّلْ علينا بما تستطيعُ من الحزنِ

بعض مراثيك

كي نتحمّلَ هذا الشقاءْ !

فأغمضَ عينيهِ  يبكي

على أجملِ الكلمات ِالتي قالها في الرثاءْ .

وأوغلَ في وحشة ِالصمت

كي يتبيّنَ مصدرَ هذا الحداء ْ .

هناك َرأى نفسه جالساً كمسيح ٍعلى قبرهِ

فتألّمَ فوق صليبِ العذاباتِِ

حتى اشتهته ُالعيونُ الحزينةُ

بالدمعاتِِ

وغصّتْ نفوس ُالبكاءْ  !

هناك رأى المريمات ِ

يحدّبن َأجسادهنَّ على جثةِ الأرض

والريحُ تنسل ُمن أرحامهنَّ خيوطَ الزبدْ  .

فهام َعلى حزنه وزهَدْ .

وحيَن استفاضَ به  الشعرُ

وامتلأتْ نفسهُ بالغناءْ

وحدّقَ في  الجالسينَ

ليتلو عليهم مزاميرهُ

لم يجدْ في الكراسي أحدْ

سوى أوجهٍ  ميتةٍ ،

وتماثيل متروكة للبكاء ْ !

 وفي الأفق عينٌ مقدّسةٌ

تتوسّطُ راحة َيدْ