وفاء وغدر

د.عدنان علي رضا النحوي

د.عدنان علي رضا النحوي

www.alnahwi.com

[email protected]

من خلال تجارب الحياة ، يلقى الإِنسان الوفاء من بعضهم ، ويلقى الغدر من آخرين . إنها سنّة الله في الحياة الدنيا ، وما أظنّ أن هنالك أحداً من الناس لم يلق حيناً وفاءً وحيناً غدراً ، وربما غلب الوفاء أحياناً ، وربما غلب الغدر أحياناً أُخرى ، وكل ذلك يمضي على حكمة لله بالغة وسنة ماضية وقدر غالب وقضاء نافذ .

مررتُ في كثير من التجارب مع هاتين الصورتين من الحياة . ورأيتُ الدروس والعبرَ لا تكاد تنتهي ، ولكنني زدتُ يقيناً وإِيماناً أن جمال الحياة في الوفاء وقبحها في الغدر .

وتمثلت أَن هذه القضيّة " وفاء وغدر " دارت على شكل حوار بين اثنين . فلنستمع إِلى الحوار :

حب ووفاء

الأوَّل :

بَـحَـثْتُ  عَنِ الوَفاءِ فَلمْ أَجِدْهُ
ولا بـيْنَ السّهولِ ولا iiالرَّوابي
ولا  بَـيْنَ المنازِلِ iiوالحَوَاري
عـجِـبْتُ وكُلمّا صادَقْتُ iiخِلاٍّ
وَحِرتُ مَعَ المُنافِق ، كَمْ جَهولٍ
ومَهْما  جُدتَ بالمعروفِ iiسَمْحاً
فَـلا حَذَرٌ ولا الإِحْسَانُ iiيُجْدي
يُـجـمِّع مِنْ سَوادِ اللَّيْلِ iiمكْراً
عَـجِـبْـتُ  وكُلمَّا آنسْتُ ودَّاً
رَجـعْتُ  وخِنجَرٌ مِنْه بظهري









عَلَى شَرَفٍ ولا في بَطْنِ iiوَادي
ولا  بَـيْنَ الحَواضِرِ iiوالبَوَادي
عـلـى طول المرابعِ iiوالبلادِ
سـأَلتُ  أصاحِبٌ ذا أم iiمُعَادي
يَـظـنُّ نِـفـاقَهُ فِطَنَ الرَّشَادِ
تُـسَـوَّدُ عِـنْدَه بيضُ الأَيادي
ولا صَـفْـوُ الـمحبَّة iiوالوِدادِ
ويَنْشُر  في الصَّبَاح مِنَ iiالسّوادِ
وشِـمْتُ  بَوَادِرَ الرَّجُلِ iiالجَوادِ
يُمَزِّقُ  في الضّلُوعِ وفي iiالفُؤَادِ

الثاني :

روَيـدَكَ يا أَخي ! بَالغْتَ حَقّاً
أيُعْقَلُ أَنْ تكون الأَرْضُ iiخِلْواً
ويَـعْـبَثُ في مَحارِمِها ذِئابٌ
ألـم  تـعـلَـمْ بأنّ الله أبْقَى
وطـائـفةً  مَعَ الأيامِ iiتَمْضي
كأنَّ المسكَ بعضُ شذى هُداها
هُمُ الغَيثُ المنَزَّلُ في iiالرَّوابي
فـتـهتَزُّ الرُّبَى زَهَراً iiوتَغْنَى
هُـمُ الأَمَل المنوِّرُ ما iiادْلهِّمتْ
هُمُ  البُشْرى إِذا يَئِستْ iiنُفُوسٌ
كَـأنَّ  وفـاءَهم غَيْثٌ iiمُغِيثٌ
أولـئـك  جُودُهم ودٌّ iiمصفّى
لَـقَدْ  أوفَوْا مَعَ الرحمن iiعَهْداً
فـكـيفَ تَرُومُ مِن قومٍ iiوَفاءً
وقـد نكَثُوا العُهودَ iiوضَيَّعُوها














وتُـهْتَ  عَنِ الحَقيقَة iiوالسَّدَادِ
مِـن  الأَبْرَارِ أوْ أنْوارِ iiهَادي
ويَـعْبَثُ في المرابِع كُلُّ iiعَادِ
رِجـالاً  لـلـهدايَةِ iiوالرَّشادِ
عَـلـى  عَبَقٍ مُظَفّرَةَ iiالجِهادِ
أزاهِـرُ  فـوّحَتْ في كلِّ نادِ
إِذا  مـا أَجْدَبَتْ خُضرُ النِّجادِ
وتـزْخَرُ  بالعَطَاءِ iiوبالحصَادِ
لَـيـالٍ بـالنوازِل iiوالعَوَادي
وغَـابَـتْ في التعلُّلِ iiوالرُّقادِ
تُـرَوَّى  مـنه أكْبادٌ iiصَوَادِي
أَبَـرُّ فـلا يُـخـالَطُ iiبالفَسَادِ
فـطـابَ  وَفاؤهُمْ بَيْنَ iiالعِبادِ
وتـطـلبُ مِنْهُمُ صفْوَ iiالوِدادِ
وَمَـا صَـدَقوا بِهاربَّ iiالعِبادِ

الأول :

صَدَقْتَ أَخِي ! نَصَحْتَ وقُلْتَ حقَّاً
جَـزَاك الله عَـنّـا كُـلَّ iiخَـيْرٍ
سَـيْـبـقَى  في الحَياة أَخُو وَفاءٍ
ويَـبْـقَى  في الحياة رِجَالُ iiغدر
لـيُـبْـلَـى بَعضُهُمْ حقّاً iiببعضٍ
فـيُـوْخَـذَ  خـائِنٌ حيناً iiويُمْلَى
وتـمـضِـيَ سُـنّـةٌ لـلهِ iiفِينَا
ونُـطْـوَى بَـعْدُ في ظُلماتِ قَبْرٍ
لـيـومٍ تُـفـصَـل الأَحكامُ iiفِيه
فـيـنْـعَـم بـالجِنانِ أخو iiوَفاءٍ
*              *             ii*
أَخـي  حُسْنُ الوَفاءِ صَفَاءُ دِيْنٍ ii:
ومـن نَـكَثَ العُهُودَ يَضلّ iiسَعْياً
يُـزَيِّـنُـهـا  له الشَّيطانُ iiحَتّى
جَـمـالُ حَـيـاتِنا صِدْقٌ iiوحبٌّ
وهـل تُـجْـزَى يَدُ الإحسان iiإلاّ















وجِـئـتَ إِلـيَّ بـالدُّرَرِ iiالجِيادِ
وزادَكَ  مِـنْ هُـداهُ بِـخَيْر iiزَادِ
يُـمْـحَّـصُ بَـيْنَ أحداثٍ iiشِدادِ
وأَهْـلُ خَـديِـعـة وحُشودُ iiعادِ
ويُـعْـلَـمَ كـلُّ مـخْـفِيٍّ iiوبادِ
لـهُ  حِـيـنـاً لـيَهْلِكَ بالتمادي
وَحـكـمـةُ  خـالِقٍ وسَبيلُ هادِ
لـنُـنْـشَـر  لـلحِسَابِ وللمَعَادِ
وتَـعـظُـمُ فـيْه أَهْوالُ iiالتَّنَادي
ويُـلْـقَـى  خَـائنٌ في قَعْرِ iiوادِ
*              *             ii*
جَـمـالُ فـي الحياةِ وطِيبُ iiزَادِ
ويَـشْـقَـى  في هَوى فِتَنٍ iiشِدادِ
يُـقـادَ  بِـغَـيِّـهـا شَرَّ iiانْقيادِ
هـمـا صَـفْوُ الوَفاءِ أو iiالمَبَادي
بـإحْـسـانٍ يَـفيضُ مِنَ iiالفُؤادِ