"قصائد لم تنشر" لأمل دنقل

"قصائد لم تنشر" لأمل دنقل

بدر محمد بدر

[email protected]

"أمل دنقل.. قصائد لم تنشر"، كتاب جديد صدر مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة، يضم عشرات القصائد التي لم يسبق نشرها، بالرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاما على وفاة "دنقل"، لتنضم إلى التراث الأدبي لهذا الشاعر الموهوب.

في مقدمة الكتاب، الذي يقع في 208 صفحة من القطع المتوسط، فسر المؤلف "أنس دنقل"، وهو شقيق الشاعر، أسباب تأخر صدور الكتاب بوجود خلافات بين أرملة الشاعر الصحفية عبلة الرويني، وبين عائلته التي تقيم في محافظة قنا (جنوب الصعيد)، وهو ما أعاق صدور هذا الكتاب لفترة طويلة.

لكنه يكشف أيضا أن "دنقل" كتب عملين لم ينشرا حتى الآن، وهما: مسرحية بعنوان "الخطأ"، مكتوبة فى مطلع ستينيات القرن الماضي، تتناول بالنقد أنظمة الحكم العسكرية، والثاني بعنوان "قريش عبر التاريخ"، وهو عبارة عن دراسة نثرية، وعد المؤلف بنشرهما قريبا.

لا تصالح

يضم الكتاب عشرات القصائد، الطويلة المتوسطة والقصيرة، معظمها كتب في بواكير حياة الشاعر (1940ــ 1983م)، وهذا هو سبب ضعفها الفني أحيانا، كما يقول النقاد، ولكنها تشير أيضا إلى موهبة مبكرة في كتابة الشعر، نضجت كثيرا في أخريات حياته، عندما كتب قصيدته الشهيرة: "لا تصالح" على لسان الملك "كليب"، ضمن ديوان: "أقوال جديدة عن حرب البسوس".

ومن بين قصائد الكتاب قصيدة بعنوان: "إهداء"، عن تغول أجهزة الأمن في مراقبة المثقفين والأدباء والشعراء، يقول فيها:

للشرطي السري

الجالس في زاوية المقهى

في نفس الكرسي

أذناه مائدتان

وعيناه منكرتان

وفمه مطوي..!

للشرطي السري

الآكل لحم أخيه..

كى يطعم منه زوجته وبنيه

ويعود ليطبق فمه الدموي

حتى لا يسقط منه فتات الخبز اليومي!

تل الزعتر

وقصيدة أخرى بعنوان: "بكائية إلى تل الزعتر"، المخيم الفلسطيني في لبنان، يقول فيها دنقل:

رويدك لا ترتفع يا علم!

رويدك إن العصافير غابت عن الحقل،

وهي التي حملتك مناقيرها الخضر

(في سنوات التدلي)

وظلت ترفرف عبر سماء الحلم

فهل أنت ناس؟

ثم يقول:

رويدك لا ترتفع يا علم

يدي صارت الآن مقطوعة

هل أحييك بين الصفوف

كما كنت أفعل في الزمن المنصرم

أم تعود يداي كما كانتا

شعلة في الظلم

وقناديل ماس؟

وفي قصيدة بعنوان: "الفارس" يقول الشاعر:

لا تنتظري أن يبتسم العابس

فالفارس ليس الفارس

مدي بإنائك

عبر السلك الشائك

واسقيه من مائك

مدي طرف ردائك

حتى يصنع منه للقلب ضمادا

ويسد شقوق البرد القارس

ويرد البرد القارس

تتوالى كل فصول العام على القلب الباكي

لم يستروح عبر الأشواك سوى رؤياك

شعر القافية والوزن

لم يكتب "أمل دنقل" الشعر الحر فقط، وهو اللون الذي اشتهر به، بل كتب أيضا بالفصحى ملتزما بالوزن والقافية، ومنها هذه القصيدة بعنوان: "نهر الخطايا" يقول فيها:

ونهر طهر لديه                 تذوب كل الخطايا

النور يسكب فيه                 مشاعرا كالشظايا

أتيته وذنوبي                      تلف كل الحنايا

معاصيا في معاصي           أنفقت فيها صبايا

عشرون عاما تقضت          أعصى بها مولايا

العام فيها كأفعى               تخذت منها عصايا

واليوم فيها لهيب                 أحرقت فيه ندايا

وعشت يوما بأرض           الرجس فيها سجايا

نهارها في نفاق                  وليلها.... للبغايا

ثم يقول:

خطيئتي أنت تدري               بها قبيل ابتدايا

وأنت قدرت ذنبي             من قبل فلق البدايا

فكيف تعصيك             بالطهر والعفاف يدايا

غفرت أم لم  فإني             لازمت بابك يا يا

يارب

وفى الجزء الأخير من الكتاب صفحات مصورة من كتابات "أمل دنقل" بخط يده، للعديد من قصائده وأيضا لبعض مسرحياته ومقالاته، التي جمعت بين الألم والأمل.