رمضان أقْبِلْ !
رمضان أقْبِلْ !
د.عدنان علي رضا النحوي
[email protected]رَمَـضـانُ أقْبِلْ ! لم تَزلْ تهفو إِلى
وتـظـلُّ أفـئـدةٌ تهيجُ لكيْ ترى
تـرنـو لـمطْلُعِكَ العيونُ ! حنينُها
غـلَـبَ الأسى فينا وهاجَتْ أَضلعٌ
* * *
رمـضـانُ أَقْـبِلْ ! فالقلوبُ كَليمةٌ
انظرْ إلى الساحاتِ ! هلْ تلْقى سوى
وَهـزائـمٍ تـلْـو الهزائمِ ! والقوا
وزلازلٍ مـلءَ الـدّيَـار كـأنّـها
والـناس ! ويحَ الناس في غَمَراتِهِمْ
و تُـسَـدُّ أبـوابُ الـمسالِكِ دونَهمْ
* * *
رمـضـانُ ! أَحْـيِ الذكْرَياتِ لعلَّنا
أقْـبِـلْ بـبَـدرٍ ! والزحوفُ غنيّةٌ
و أعِـدْ لـنـا ذِكْرى الميادينِ الّتي
وأعِـدْ لـنا ذِكْرى الملاحِم رفرَفَت
كـلُّ الـمـواقـع لم تزل ذِكْرى لنا
رَمـضانُ ! ويحي ! كَيْف نَلْقَاهُ وقد
* * *
رمـضانُ أقْبِلْ ! ذكرياتُ النّصْرِ لا
قـد كـنـتَ يا رمضانُ شَهْرَ إباءةٍ
قـد كـنـتَ شـهـرَ ملاحِمٍ ممتَدَّةٍ
قَـدْ كـنـتَ تـشْـهَدُ أُمّةً موصولةً
والـيـومَ قَدْ غلبَ الصّراعُ فَمُزِّقُوا
أُغْـضـي حَـيـاءً إِنْ بَدَتْ إطلالةٌ
* * *
الـدَّار ! يـا لِـلدار ! كانَتْ ساحةً
أنّـى الـتـفـتَّ زُهـورُها فوّاحةٌ
وتُـمَـدُّ أغْـصانٌ يَفيضُ عطاؤها
والـيـومَ قـد ذَبُلَتْ أَزاهرنا وَجَفّـ
* * *
قـد كنتَ يا رَمضان تُشْرق في ربى
والـيـومَ يـمرَحُ في مرابعه اليهو
رِجْـسٌ يَـسـودُ على الديار و فتنةٌ
الـمـسجدُ الأقصى ! وطالَ إِسارُهُ
ويـكـاد يَـصْرَخُ ثُمّ تُطْوَى صيحَةٌ
* * *
رَمَـضـانُ أقْبِلْ ! كَيْ تُعيد لنا جَلا
لِـتَـضُـمَّ آفَـاقَ الـدَّيار إِذا نأتْ
والـيـومَ تُـقْـبـلُ والـدّيارُ كَأنّها
ويـكـادُ يَصْرَعُني الأسى خجلاً لِما
* * *
انـظُـرْ إِلـى أُمَـمٍ هُـنَاكَ تهيَّأت
جَـمَـعُـوا أطاييب الطَّعام وأسْرفوا
يُـحْـيُـون لَـيْـلَهُمُ بأَفْنانِ الهوى
ومَـعَ الـنّـهـار هُمُ الغفاةُ النائمو
أيـن الـذيـن مَضَوْا إذا ما جِئْتَهمْ
يـحـيـون لَـيْـلَهُمُ بآيات الهُدى
* * *
قد كُنتَ تُشرقُ في ربى الإسلام يَجْـ
والـيـومَ مُـزَّقَـتِ الدّيارُ وقُطّعَتْ
أنّـى الـتـفـتَّ الـيومَ تَلْقى أَدْمُعاً
تَـلْـقَـى الثَّكالى واليتَامى و الأَسى
وتـرى الـمـجازرَ والعِدا يتواثبو
وتـرى بـني الإسلام يَقْتُل بعضُهم
وتَـرَى عَـدوَّ الـمُـسْلمين مَهَيْمِناً
مُـتَـربَّـصاً ! متسلَّلاً ! فُتِحَتْ له
وتَـراهُ صـفّـاً واحِـداً مُـتَماسكاً
* * *
رَمَضان أَقْبِلْ ! وامسحَنَّ من الأسى
واغـسلْ قلوب المسلمين وضعْ بهالُـقْـيـاكَ أَحْـنـاءٌ تَـحِنُّ وتُشْفِقُ
فـي الأفْـقِ يَـطْلعُ نورُك المتَدَفَّقُ
أمـلٌ وَ شـوْقٌ بَـيْـنَ ذلك يَخْفُقُ
بـالـذكـريات وغابَ صُبحٌ مُشْرِقُ
* * *
و الـنَّـفْـسُ بـيـنَ أنينهِا تتمزَّقُ
جُـثـثٍ مُـكـوَّمَّةٍ و طَرْفٍ يُطرقُ
رِعُ والأسـى مـوجٌ يَثور و يُحْدِقُ
نُـذُرٌ تَـشُـدُّ على القلوبِ و تُطْبِقُ
لـهـوٌ يُـخَـدَّرُهُـم و ذُلٌّ يَطْرقُ
قَـدَراً بـمـا كَسَبوا وقهْراً يَصْعَقُ
* * *
يـومـاً نُـفـيـق بِها ويوماً نَسْبقُ
لـلـهِ تـصْفو في الجهادِ وَ تَصْدُقُ
خَـفَـقَـتْ وجالَ بها الكماةُ السُّبَّقُ
رايـاتُـهـا نَـصْـراً يُعِزُّ و يخْفِقُ
بِـدَمٍ يـفـوحُ الـمِسْكُ منه ويَعْبقُ
غَـلـبَ الـهوانُ بنا وغَابَ المَنطِقُ
* * *
تُـمْـحى ! يُعيدُكِ مغربٌ أو مَشْرقُ
عِـزَّاً أجـلَّ ورايـةً لـكَ تـسمُقُ
حـقّـاً يَـجُـولُ و آيَـةً لا تَخْلَق
صـفّـاً تُـجَـمِّعُهُ العُرا و الموْثِقُ
إرَبـاً عـلـى أهـوائهمْ و تفرّقُوا
مِـنـه ونَـحْنُ بنا الهوانُ المُرْهِقُ
* * *
يُـجْـلـى بها مَغْنىً ورَوْضٌ مُوْنِقُ
عَـبَـقـاً ومِـسْكٌ في الدّيار يُفَتَّقُ
نُـعـمى تطيبُ و كلُّ غصنٍ مورقُ
ت فـي الـدَّيـار وغاض نبعٌ ريّقُ
* * *
الأقـصـى هُدىً أَغْنى وحقّاً يَنْطقُ
دُ وحـولَـه صَـمْتٌ هنالك مُطَبْقُ
تـعـلـو وسُـلْـطانٌ يُذِلُّ وَ يَخْنُقُ
وأنـيـنُـه و حَـنـيـنُه و تشوُّقُ
بـيـن الـضجيجِ وكلُّ دَرْبٍ مُغْلَقُ
* * *
لَ شَـهـادةِ الـتَّـوحيد نُوْراً يُشرقُ
ودَنَـتْ وطَـابَ جَـمـالُها المُتألَّقُ
قِـطَـعٌ تَـنَاثَرُ في الفضَاءِ وتُطْلَقُ
نَـلْقى ! أََميلُ ! أردُّ طرفي ! أُطْرِقُ
* * *
لَـكَ ! قَـدْ أَعَـدَّتْ كـلَّ ما يتحقّق
ومَـضَـوْا إلى لهوٍ يضجّ و يُحْدق
وإِلـى دواعـي " الفنّ " حشدٌ أسْبَقُ
نَ وحَـوْلَـهمْ زَحْفُ العُداةِ المُطبِقُ
هـبّـوا لـمـلحمةٍ تدورُ وصدَّقوا
ومـع الـنَّـهـار هم الأُباة السُّبَّقُ
* * *
مَـعُـهـا الهدى ساحاً تَجودُ وتُغْدقُ
تـلـك الحِبالُ وغاب عنها الرونَقُ
حَـرّى تُـصَـبُّ عـلى دمٍ يتدَفّقُ
فَـوْقَ الـوُجوهِ تَغيبُ فيه و تُرْهَقُ
ن عـلـى الـدّيارِ وكلُّ وثْبٍ موِبقُ
بـعـضاً ويُمْعِنُ في العِداءِ ويُغْرِقُ
يُـلْـقـي بـأحْمالِ الهَلاك ويُطِلقُ
جُـلُّ الـثُّـغـور فجال فيها الفيلقُ
والـمـسْـلـمون مَعَ الهَوان تفرَّقوا
* * *
وأعِـدْ لـنـا الأمَـلَ الـذي يتألَّق
أمـلاً بـه تـحـيا القلوبُ وتخفقُ