حديث أذرح

د. باسل نور الدين الرفاعي

حديث أذرح

شعر: د. باسل نور الدين الرفاعي

أذرح أثر فذّ بين الآثار، لأن من يقف عليه ويشاهده بوعي يرى فيه الحاضر الماثل ويراه حياً بيننا بتداعيات ما وقع فيه قبل أربعة عشر قرناً. إنه أثر يخرج من الماضي ويندمج في الحاضر وينشره ويبيّن علته ويصرخ في أهله طالباً كلمة حقٍّ تعيد إلى الأمة شأنها الأول".

وربـك  مـا يـجدي البلاد المصانع
ولا عـلـم أهـلـيها جنى iiجامعاتها
إذا  لـم يـقـم هـذا الـبناء iiوتحته
يـكـون  بـهـا للمرء رأي iiورؤية
وأخـذٌ  بـأسـباب الحياة على iiهدى
وحـريـة  فـيـمـا يـريد iiويدعي
بـحـيث  ترى قوماً تساوى iiأميرهم
ومـا  خـلـق الأحـرار إلا فضائل
إذا ضـيـع الإنـسـان لم تبق iiدولة
*                *                *
بـكـى  صـاحبي لما التقينا iiبأذرح
فـقلت: هنا الغالي من الدمع مرخص
فـلا  تـبخلن بالدمع وابلل به الثرى
وأفـصـح عن الحزن الدفين فما هنا
فـقـال هـنـا الـتاريخ بدل iiسيره
ومـا  قد جرى بين الخصيمين iiحوله
ومـذ  صـرع الحق الصريح بأذرح
فـقـلـتـ:  أجل لو قام أذرح iiناطقاً
وصـاح  بـسمع الأمة اليوم iiصيحة
وقـالـ:  هـنا دالت من العدل iiدولة
ودك بــنـاء شـيـدتـه iiنـبـوة
وعـطـل  شـرع واستبيحت خلافة
وألـبـس  حكم السيف حلة iiمصحف
هـنـا أجـلب الشيطان فالغي iiغالب
لـحـا الله تـحـكيماً به حكم iiالهوى
جـوامـع  مـن شرع وحكم iiجماعة
ومـنـهـج  شـورى أسسته شريعة
وحـريـة لـم تـخش سلطان iiحاكم
وحـرمـة  إنـسـان وعـزة مؤمن
ودسـتـور جـمـهورية شع iiنورها
هـي  الدولة الكبرى التي لم يكن iiلها
بـهـا  الـحكم للجمهور ليس iiبزائغ
فـإجـمـاعـه والوحي عاصم iiرأيه
فـسـل أذرحاً ماذا على سفحه iiجرى
يـقـل  لـكـ: صِفّين بداية iiأعصر
تـقـمـص فـيها الملك ثوب iiخلافة
تـعـطـل  فيها العقل والعزم فالفتى
كـأن  قـضـاء الله لـيـس iiلحكمة
ضـلال أشـاعـتـه مـذاهب iiفتنة
حـصـيـلـتـها إن ضيعت iiسببية
وإن  شـاع بـيـن المسلمين iiتواكل
وإن  ضـرب الـلـيل البهيم iiرواقه
ولاحـت نـجـوم نـيـرات iiخلاله
وقـد  كان موت القلب خطبهمو الذي
كـذاك نـعـى الـناعي بصفين iiأمة
إلـى أن أتـى يـوم عـلـيها iiمحتم
وصـارت ربـوع الخلد تندب iiأهلها
وصـاروا لأنـواع الطواغيت iiأعبُداً
وصارت صروح المجد تدرس عندهم
وكـانـوا بـآفـاق من المجد iiأنسراً
بـأنـدلـس  قـد أزهرت iiجامعاتهم
عـلى  منهج التجريب قامت iiعلومها
تـعـلّـم  أهلُ الغرب فيها iiفأزهرت
ولـم  تـك بـالـتجريب فيهم دراية
ومـمـا  رأوا فـي المسلمين iiتهذّبت
وإذ بـدأت فـيـهم إلى المجد iiنهضة
أقـول  الـذي قـد قـاله قبل iiشاعر
فـلا عـيـش إن لم تعل للحق iiراية
فـعـوداً إلـى ما قبل صفين iiمعجلاً
وَعَـوْداً إلـى عـهـد الصحيفة iiإنه
خذوا  مهجتي والعيش والعمر iiوالمنى




























































 
ولا  حـصـنـهـا أبراجها والمدافع
ولا خـيـرهـا مـا أنتجته iiالمزارع
أصـول  لأبـنـاء الـبـلاد جوامع
وعـزم  يـفلُّ السيف والسيفُ iiقاطع
تـبـيـنـه لـلآخـذيـن iiمـراجع
يـعـيـش بها بالصدق ليس iiيصانع
ومـأمـورهم  فالحكم في الكلّ iiشائع
ومـا  خـلـق الـعبدان إلا iiالشنائع
وكـل  الذي يرجى من العيش iiضائع
*                *                *
وسـالـت  على الخدين منه iiالمدامع
وبـاب القوافي في مدى الرزء iiواسع
فـدمـعـك  هـذا شـاهد لك iiشافع
رقـيـب  ولا ذو ريـبـة لك iiسامع
ومـن أذرح هـبـت علينا iiالزعازع
بـلاء جـرت مـنـه علينا iiالفواجع
تـوالـت علينا في القرون iiالمصارع
لـقـال الـذي ضمت عليه iiالأضالع
تـفـيـق  لها هذي القلوب iiالهواجع
لـتـنـهض  أخرى أسستها iiالمعامع
وأعـلاه حـكـم الـراشدين iiالمتابع
عـليها  دليل من سنى الشرع iiساطع
ولا  تـعـوز السيف المضل iiالذرائع
وصـوت الـمـنادي بالحقيقة iiضائع
وهـدت  بـه لـلـمسلمين iiالجوامع
وطـاعـة مـن تـخـتـاره iiوتبايع
تـحـاكـم  مـتـبـوع إليها iiوتابع
لـهـا  مـن ولـي الأمر حام iiمدافع
يـحـيـط بها سور من الشرع iiمانع
عـلى الأرض واشتاقت إليه iiالمطالع
بـمـنـهجها في الحكم نور iiمضارع
وقـد  عـصمته في الكتاب iiالشرائع
مـن  الزيغ برهان على الحق iiساطع
يـحـدثـك طَرْفٌ منه بالحزن iiدامع
مـن  الـظـلـم سود لم تزل iiتتتابع
تـعـاضـده  جـبـريـة لا iiتنازع
بـهـا مـسـتـنـيم للذي هو iiواقع
وأن خـطـوب الـسوء ليست iiتدافع
صـوارف عن وجه الصواب iiخوادع
عـلـيـهـا  براهين الكتاب iiقواطع
وقـلَّ  بـهـم نـحو المعالي iiالتدافع
وضـجت  لطول النوم منهم iiمضاجع
فـمـا  مـزّقـتـه النيرات الطوالع
تـهـون  الـبـلايـا دونه والفجائع
تـصـامم  منها السمع والدهر iiسامع
فـلـم  يـغـن بـنيان زها iiومرابع
سـدى  وعـلـوج الكفر فيها iiرواتع
وهـل يـعبد الطاغوت لله iiخاضع؟!
وتـبـلـى عـلـوم عندهم وصنائع
فـصـاروا فَـراشـاً لـلبِلى iiتتدافع
تـجـود عـلـيـها بالهداة iiالجوامع
لـهـا  مـن إشارات "الكتاب" iiمنابع
كـنـائـسـهم  من علمها iiوالمجامع
فـكـان  لـهـم أخـذٌ به فهو iiشائع
خـلائـق مـن أبـنـائـهم وطبائع
غـدونـا  عـلـى أعـقابنا iiنتراجع
(لـعـل الذي ولّى من الدهر iiراجع)
(ولا  عـيش إن لم تبق إلا iiالمطامع)
نـمـحّـص  فـيـه أمرَنا iiونراجع
مـنـار إلـى يـوم الـقيامة iiساطع
لـعـل الـفـدا فـيـما أُرجيه iiنافع