حديث أذرح
25أيلول2004
د. باسل نور الدين الرفاعي
حديث أذرح
شعر: د. باسل نور الدين الرفاعي
أذرح أثر فذّ بين الآثار، لأن من يقف عليه ويشاهده بوعي يرى فيه الحاضر الماثل ويراه حياً بيننا بتداعيات ما وقع فيه قبل أربعة عشر قرناً. إنه أثر يخرج من الماضي ويندمج في الحاضر وينشره ويبيّن علته ويصرخ في أهله طالباً كلمة حقٍّ تعيد إلى الأمة شأنها الأول".
وربـك مـا يـجدي البلاد المصانع ولا عـلـم أهـلـيها جنى جامعاتها إذا لـم يـقـم هـذا الـبناء وتحته يـكـون بـهـا للمرء رأي ورؤية وأخـذٌ بـأسـباب الحياة على هدى وحـريـة فـيـمـا يـريد ويدعي بـحـيث ترى قوماً تساوى أميرهم ومـا خـلـق الأحـرار إلا فضائل إذا ضـيـع الإنـسـان لم تبق دولة * * * بـكـى صـاحبي لما التقينا بأذرح فـقلت: هنا الغالي من الدمع مرخص فـلا تـبخلن بالدمع وابلل به الثرى وأفـصـح عن الحزن الدفين فما هنا فـقـال هـنـا الـتاريخ بدل سيره ومـا قد جرى بين الخصيمين حوله ومـذ صـرع الحق الصريح بأذرح فـقـلـتـ: أجل لو قام أذرح ناطقاً وصـاح بـسمع الأمة اليوم صيحة وقـالـ: هـنا دالت من العدل دولة ودك بــنـاء شـيـدتـه نـبـوة وعـطـل شـرع واستبيحت خلافة وألـبـس حكم السيف حلة مصحف هـنـا أجـلب الشيطان فالغي غالب لـحـا الله تـحـكيماً به حكم الهوى جـوامـع مـن شرع وحكم جماعة ومـنـهـج شـورى أسسته شريعة وحـريـة لـم تـخش سلطان حاكم وحـرمـة إنـسـان وعـزة مؤمن ودسـتـور جـمـهورية شع نورها هـي الدولة الكبرى التي لم يكن لها بـهـا الـحكم للجمهور ليس بزائغ فـإجـمـاعـه والوحي عاصم رأيه فـسـل أذرحاً ماذا على سفحه جرى يـقـل لـكـ: صِفّين بداية أعصر تـقـمـص فـيها الملك ثوب خلافة تـعـطـل فيها العقل والعزم فالفتى كـأن قـضـاء الله لـيـس لحكمة ضـلال أشـاعـتـه مـذاهب فتنة حـصـيـلـتـها إن ضيعت سببية وإن شـاع بـيـن المسلمين تواكل وإن ضـرب الـلـيل البهيم رواقه ولاحـت نـجـوم نـيـرات خلاله وقـد كان موت القلب خطبهمو الذي كـذاك نـعـى الـناعي بصفين أمة إلـى أن أتـى يـوم عـلـيها محتم وصـارت ربـوع الخلد تندب أهلها وصـاروا لأنـواع الطواغيت أعبُداً وصارت صروح المجد تدرس عندهم وكـانـوا بـآفـاق من المجد أنسراً بـأنـدلـس قـد أزهرت جامعاتهم عـلى منهج التجريب قامت علومها تـعـلّـم أهلُ الغرب فيها فأزهرت ولـم تـك بـالـتجريب فيهم دراية ومـمـا رأوا فـي المسلمين تهذّبت وإذ بـدأت فـيـهم إلى المجد نهضة أقـول الـذي قـد قـاله قبل شاعر فـلا عـيـش إن لم تعل للحق راية فـعـوداً إلـى ما قبل صفين معجلاً وَعَـوْداً إلـى عـهـد الصحيفة إنه خذوا مهجتي والعيش والعمر والمنى |
|
ولا حـصـنـهـا أبراجها والمدافع ولا خـيـرهـا مـا أنتجته المزارع أصـول لأبـنـاء الـبـلاد جوامع وعـزم يـفلُّ السيف والسيفُ قاطع تـبـيـنـه لـلآخـذيـن مـراجع يـعـيـش بها بالصدق ليس يصانع ومـأمـورهم فالحكم في الكلّ شائع ومـا خـلـق الـعبدان إلا الشنائع وكـل الذي يرجى من العيش ضائع * * * وسـالـت على الخدين منه المدامع وبـاب القوافي في مدى الرزء واسع فـدمـعـك هـذا شـاهد لك شافع رقـيـب ولا ذو ريـبـة لك سامع ومـن أذرح هـبـت علينا الزعازع بـلاء جـرت مـنـه علينا الفواجع تـوالـت علينا في القرون المصارع لـقـال الـذي ضمت عليه الأضالع تـفـيـق لها هذي القلوب الهواجع لـتـنـهض أخرى أسستها المعامع وأعـلاه حـكـم الـراشدين المتابع عـليها دليل من سنى الشرع ساطع ولا تـعـوز السيف المضل الذرائع وصـوت الـمـنادي بالحقيقة ضائع وهـدت بـه لـلـمسلمين الجوامع وطـاعـة مـن تـخـتـاره وتبايع تـحـاكـم مـتـبـوع إليها وتابع لـهـا مـن ولـي الأمر حام مدافع يـحـيـط بها سور من الشرع مانع عـلى الأرض واشتاقت إليه المطالع بـمـنـهجها في الحكم نور مضارع وقـد عـصمته في الكتاب الشرائع مـن الزيغ برهان على الحق ساطع يـحـدثـك طَرْفٌ منه بالحزن دامع مـن الـظـلـم سود لم تزل تتتابع تـعـاضـده جـبـريـة لا تنازع بـهـا مـسـتـنـيم للذي هو واقع وأن خـطـوب الـسوء ليست تدافع صـوارف عن وجه الصواب خوادع عـلـيـهـا براهين الكتاب قواطع وقـلَّ بـهـم نـحو المعالي التدافع وضـجت لطول النوم منهم مضاجع فـمـا مـزّقـتـه النيرات الطوالع تـهـون الـبـلايـا دونه والفجائع تـصـامم منها السمع والدهر سامع فـلـم يـغـن بـنيان زها ومرابع سـدى وعـلـوج الكفر فيها رواتع وهـل يـعبد الطاغوت لله خاضع؟! وتـبـلـى عـلـوم عندهم وصنائع فـصـاروا فَـراشـاً لـلبِلى تتدافع تـجـود عـلـيـها بالهداة الجوامع لـهـا مـن إشارات "الكتاب" منابع كـنـائـسـهم من علمها والمجامع فـكـان لـهـم أخـذٌ به فهو شائع خـلائـق مـن أبـنـائـهم وطبائع غـدونـا عـلـى أعـقابنا نتراجع (لـعـل الذي ولّى من الدهر راجع) (ولا عـيش إن لم تبق إلا المطامع) نـمـحّـص فـيـه أمرَنا ونراجع مـنـار إلـى يـوم الـقيامة ساطع لـعـل الـفـدا فـيـما أُرجيه نافع |