في ظلال الستين
07آب2004
خالد البيطار
في ظلال الستين
شعر : خالد البيطار
سـتون قدْ مرَّتْ مـرورَ
السحابْ
مـرَّتْ وأرجـو اليوم حُسنَ
المآبْ
ستون من عمري انقضت
وانتهى
-حين انتهت- عهدُ الصِّبا والشبابْ
وقـد وهَـى العزمُ – وكم
صنتُه-
لـكنَّ طـولَ المكث يَفْري
الإهاب |
* * لـم أدر كيف اجتزتُ ذاك المدى وكـيف أصـبحتُ على شـاطئ وكـلُّ فـردٍ خـائـفٌ واجـفٌ * * * مـا كـان ظني أن أرى عارضي وها هـو اليـوم عـلا مَفـرقي * * * كـنتُ أرى الـستين مـن عاشها لـكنني الـيوم وقـد عـشتُـها * * * اليـومَ كـالأمس الذي قد مـضى والـشهـرُ مـا غـادر إلا أتـى والـمرءُ يـعدو ثـم يـعدو فـلا * * * أمـضي إلـى مـا أبتغي جاهداً لكـنـني قـبـل بـلوغ المـنى * * * بـالأمـس فارقتُ رياضي وكم فـارقتُـها والقلب فـي غـصة فـارقـتها والـقـلب ثـاوٍ بـها حـاولـتُ أن أسـلوَ كـي أتّقي لـكنها صـارت حـديثي فـلا ولا أداري غـيـرَ شـوقي لها ألمـح بـالعيـنين أطـيارهـا والبـلبلُ الغِـرِّيـدُ أرنـو لـه يـبوحُ بـالشوق لأزهـارهـا * * * كم سرتُ في الأرض وكم أشرقتْ وكـم تـشوَّقـتُ لـما أشـتهي وكـم بـذلت الجهد كي ينجلي وكـم تـشوّقتُ لـنشر الـهدَى وكـم تحـرَّقتُ وقـد أبصرتْ وسـرتُ أدعـو راغـباً راجياً فـلا أرى الجَـورَ ولا أهـلَه وكـم تـحملتُ صنوفَ الأذى وكـم حُـرمتُ الـخيرَ لكنني وكم شحذت العزمَ حتى وهت وكـم سهرتُ الليلَ مستـلهماً وكم رأيتُ الشمسَ فـي مهدها وكـم ركبـت البـحر مستأنساً والقـلبَ كم أمسكتُ خوفاً وقـد وكـلُّ مـا مـرَّ ومـا شاقـني راح كـطيفٍ لاح ثـم أمَّـحى * * * وطـالت الأيـامُ فـي ناظري ولـم يـعد زادي كما أشـتهي وأصـبح الجـسمُ ثقيلَ الخطا وكـاد ظـهري يـنحني عوده * * * والـيوم فـي الستين لي وقفةٌ وأنـتقي الـزهر وأمـشي به وأتـركُ الأشـواكَ ما لي بها هـذا طـريقي لا أرى غـيره * * * وسـوف أمـضي فيه لا أنثني هـذا الـذي أرجـوه لـكنني أنـيـب للِـه وأعـنـو لــه |
*
|
* * وكـيف جاوزتُ جميعَ الصعاب!؟ الـركبُ فيه كلُّهم في اضطراب!؟ مـن أنْ يُـنادَى بـغـتةً للحساب * * * وشـعرَ رأسي يـكتسي بالخضاب فـهل أُواري مَفرقـي بالحجاب!؟ * * * كـأنما جـاوزَ عـمرَ العُـقـاب لـم أر فيـهـا أيّ شـيء عُجاب * * * والغـدُ مـثلُ اليوم دون ارتياب والـعامُ مـا سـافـر إلا وآب يـحصدُ بـعد الجهد إلا السراب * * * والـظنُّ أني فـي طريق الذهاب أبـصرُ أنـي فـي طريق الإياب * * * سعـدتُ فـيها بالجنى المستطاب مـما سألقى مـن جوىً واغتراب يـرسلُ لـي فـي كل حينٍ كتاب غـصّات قلبي والجوى والعتاب أنـطق إلا واسـمها في خطاب ولا أنـاجي غـيرها مـن رواب أشـم رغـم البـعد نفحَ التراب يـطوف مـا بين الرُّبى والشعاب يُبـدي بـه فـي لوعةٍ وارتقاب * * * نـفسي بتحقيق الأمـاني العِذاب مـن مطعم أو مـلبس أو شراب هـمُّ حـزينٍ أو مريضٍ مصاب كي ينتهي في الأرض شرعُ الذئاب عـيناي ظـلماً فـاضحاً وانتهاب أن يـنعمَ الـناسُ بـنور الكتاب ولا أرى اسـتعـلاءَ ظُـفرٍ ونابْ وكـم تـجشّمتُ طـريق العذاب صـبرتُ حـتى جاءني بانسكاب كـفّي –فـلم أفلح- وماد الركاب مـن بدره فـيما أصـوغُ اللُّباب وكـم شهدتُ الشمسَ عند الغياب بـألطف الأنـسام وسـط العُباب جـاوزتُ في الجوِّ رُكامَ السحاب أو سـاءنـي أو جـرَّني للتباب أو كـنسيمٍ مـرَّ فـوق الهضاب * * * وضاق من حولي فسيحُ الرحاب حـتى لَـوَ اْنّ الزاد شهدٌ مُذاب إن سار بعضَ الخطو جَفَّ اللعاب مـن طولِ ما عاناه قلبي ولاب * * * أنـثرُ فـيها كلّ ما في الوطاب وأنـشر الخـيرَ وعِطرَ الملاب أمـا كـفاني وخـزُها كالحراب يُنـقذُني مـن كـل دربٍ يباب * * * حـتى أُوارى فـي ثنايا التراب راضٍ بـما قُـدّرّ لي في الكتاب والله يعـطي فـضلَه من أناب |
*