الشِّعرُ العربيُّ الأصيلُ مدرسة

عبد الله ضرَّاب - الجزائر

[email protected]

هذه القصيدة انتصار للقصيدة العمودية الأصيلة ، التي تهزُّ المشاعر بنغمة وزنها وقافيتها ، وتربِّي الضَّمائر بأمثالها وحكمتها ، وتهذِّب الأذواق ببديعها وبلاغتها ، وفيها أنتقد الهذيان الذي سمُّوْه شعرا حداثيا ، حيث حرَّروه من قواعد النَّحو والبلاغة ، ومن الوزن والقافية ، ومن الآداب والأخلاق ، فتجده مشحونا بالكلمات والعبارات العامِّية النَّابية ، فإذا به مجرَّد لطخة على الأوراق والأسماع ، تماما كلطخة الرَّسّام الحداثي الذي تجاوز به اتقان فنِّ الرَّسم الحد ، حتى انقلب الى الضِّد فتراه يلطِّخ لوحته بالألوان والأشكال المتداخلة المتشابكة ، ثمّ يزعم متبجِّحا ان ذَاللَّوحة من الفنِّ الرَّاقي وتعبِّر عن معاني عميقة لا يفهمها الا هو ، واجزم ،بل أقسم انُّه لا يفهمها حتَّى هو ، لا نَّها لا تحمل أيَّ دلالة أو معنى ، فما قيمة لوحة أو قصيدة إذا لم تفهم ؟؟؟

أَعَـاذِلِـي عَـذَلَ الـمعلومُ iiعُذاّلاَ
فـلا  تَـسَلْ بائساً قد غارَ iiمنطِقُهُ
انـظـرْ أسيرَ همومٍ ساءَ iiحاضرُه
انظرْ، ففِي نظراتِ الحُزْنِ قِصَّتُه iiُ
أَعْيَ  البلاءُ يَرَاعي فانْطَوى iiكَدِرًا
نـاءَتْ  بِـصُـلْبِهِ آهاتٌ مُلَوِّعَة ٌ
قـد كـانَ يَـهْدِرُ بالأبياتِ مُبْتَدِراً
ترى القريضَ إذا فاضَ الشُّعورُ به
إنَّ الـهُمومَ سمومٌ انْ سَطَتْ iiقَتلَتْ
تـطغىَ فتُفسدَ نَبْعَ الشِّعْرِ iiسَطْوَتُهاَ
*              *              ii*
يا  لائمي عن فراقِ الشِّعرِ مَعذرة iiً
عـاثـتْ  بِـرَبْـعِهِ أقلامٌ مُلَوِّثَة iiٌ
أقـلامُ  طـائفةٍ ،  بالغربِ iiهائمةٌ
جـاؤا بـداهيةِ التَّحْدِيثِ فاعتَبَرُوا
دَكُّـوا القوافيَ والأوزانَ iiوانتَحَلُوا
سِـحْـرُ القصيدةِ سِرٌّ في iiتَنَاغُمِهاَ
تَـرَى الـشُّوَيْعِرَ مَحْمُومًا iiبِلَطْخَتِهِ
يَـرْوِي  عـلى القوْمِ أقوَالا iiمُلَفَّقَةً
فـيـنْعتُونَهُ رَبَّ الشِّعرِ عن iiدَخَلٍ
ظـنُّـوا الـقـوافيَ أغلالا iiتقيِّدُنا
إنَّ الـسَّـواقيَ لا تُخْطِي iiمَجاَرِيَهاَ
وهـل  ترونَ جمالَ الوَرْدِ iiمُعْتقَلا
لـهفي عليك أيا شِعرَ الذينَ مَضَوْا
كـنتَ القذائفَ إن أُحْكِمْتَ iiمُنطَلِقاً
فـكـم  قـصيدةِ تَحْمِيسٍ iiمُدَمْدِمَةٍ
وكـم  مُـقـارعِ أبـطالٍ iiوعُدَّتُهُ
أو أهـل فـاجعةٍ جُنَّ الجُنونُ iiبهم
وكم حفِظتَ عن النِّسيانِ من iiحَدَثٍ
وكـمْ  كـشفتَ على دُرٍّ مُصَدَّفَة iiٍ
وكـمْ  رِجالِ تُقَى ذاعتْ iiفضائلهمْ
وكـمْ  طـريحِ هَوَى داوتْهُ iiرائعةٌ
كـان البخيلُ إذا أزرى الهجاءُ iiبه
فـالشِّعرُ  مدرسةٌ تُبرَى الطِّباعُ iiبه
لـم يُـخْـتَـتَـمْ أبَدًا قولٌ iiبقافيةٍ
تـأتِـي  معانيهِ مثل الدُّرِّ iiساطعةً
إن راحَ مُنتَصِرًا ، أو راحَ iiمُعتبِرًا
أو  راحَ يُـبـدعُ لـوحاتٍ iiبِرِقَّتِهِ
يـا  هادِمَ الشِّعرِليسَ iiالشِّعرُمهزَلَةً
ولـيـسَ  كـلُّ دَعِيٍّ قالَ iiمُقْتََدِرًا
دَعْ عـنـكَ لَوْثَةَ تَخْرِيفٍ iiتُمَارِسُهُ
*              *              ii*
إنَّ  الـقـريضَ شُعورٌ أسْتَظِلُّ به
أبـقـيـهِ  مُدَّخَرًا بالصَّوْنِ iiأكْلَؤُهُ
إنِّـي سـقيمُ جَوَى قد كُظَّ iiخاطِره
حَسْبِي من الشِّعرِ أنْ آسى iiبِحِكْمَتِهِ
فَـهْوَ  الجليسُ إذا حاطَ الجفاءُ iiبنا















































لـمَّـا غَـدتْ كلماتُ العُذرِ بَطَّالهْ
واسـألْ مـلامـحَه إنْ كُنتَ سَآلا
كَـسَّـاهُ مُـعتكِرُ الأحزانِ iiسِرْبَالا
فَـرُبَّ  مُـفْـصِحِ أقوالٍ وما iiقالَ
عَـيَّ الـعـبـارةِ كَلَّ الحَدِّ iiمَلَّالا
فَـكَـمْ  تَجَشَّمَ في الأشجانِ أحْمَالا
مـثـل الـيَـنـابيعِ دفَّاقاً وسَيَّالا
يـنـهـالُ  من فُتَقِ الأقلامِ iiشَلَّالا
غَـضَّ  القَريضِ إذا لَأوَاؤُها iiطَالَ
ويُـصبح النَّبعُ بعد الصَّفْوِ iiأوْحَالا
*              *              ii*
صارتْ بيوتُ بناتِ الشِّعرِ iiأَطْلالا
فـانـهَـدَّ منه قِوَامُ النَّظْمِ iiوَانْهَالا
بـالـدِّيـنِ  عابثةٌ ، للضَّاد خَذالَهْ
أحـكـامَ  مدرسةِ الأشعارِ iiأغْلالا
فـي  الـشِّعرِ طارئَةً للشِّعرِ iiقتَّالهْ
مَا  بالُهمْ جَعلُوا المَوْصُولَ iiأوْصَالا
يُـطْـرِي  الرَّداءَةَ مُغْتَرًّا iiوَمُخْتَالا
فَـيَـسْـتَخِفُّ بها في القَوْمِ iiجُهَّالا
ويـمـدحـونـه  تقديرًا iiوإجْلالا
وتـمنعُ  الشِّعر أن ينسابَ iiسَلْسَالا
فـهلْ ترَوْنَ دُرُوبَ السَّيْلِ أغْلالا؟
وقـد  تَـنَـاظَـمَ ألوانًا iiوأشْكَالا؟
أراكَ  تُـوأَدُ فـي التَّحدِيثِ مُغْتَالا
يُـلْـقِي دَوِيُّكَ في الأرواعِ iiزِلْزَالا
رَدَّتْ  فُـلُـولَ طِبَاعِ الجُبْنِ بُسَّالا
شِـعْرٌ  أذَلَّ به في الحربِ iiأبطَالا
قـد  ردَّهـم حَسَنُ المنظوم iiِعُقَّالا
قـد  صارَ مُدَّكَرًا في الدَّهرِ أجْيَالا
اخـتارها النَّاسُ عبْرَ الدَّهرِ iiأمْثَالا
كـانـوا  قُبَيْلَ سَمَاعِ الشِّعرِ iiأنذالا
وكـم  تـدارَكَ نَظْم ُالشِّعرِ iiضُلَّالا
يـغـدو  بـلا مَـطَلٍ للمالِ بَذَّالا
يـبـني على نَبَراتِ الوزنِ iiآمالا
إلَّا  وكـانَ مـرادُ الـقـولِ فَعَّالا
أو كـالـدُّموعِ من الأجْفَانِ iiهطَّالةْ
أو  راحَ يُـنـصِفُ عُشَّاقاً وعُذَّالا
سَـقْـيـاً لِوصْفِهِ أشْكَالا iiوأحْوَالا
أقْـصِـرْ وليسَ مُرِيدُ الشِّعرِهَزَّالا
ولـيـسَ  كـلُّ كثيرِ القولِ iiقَوَّالا
وامـلأ فَـرَاغكَ إن أُتْرِفْتَ iiطَبَّالا
*              *              ii*
ولا أريـدُ بـه جـاهًـا ولا iiمَالا
مـادامَ  مُـنْـتَقِدُو الأَشْعَارِ iiضُلَّالا
فـسـاحَ في عَبَرَاتِ النَّظْمِ iiجَوَّالا
قـد  حَطَّ عن كَبِدِي بِالوَعْظِ iiأثقَالا
وَهْـوَ الأنيسُ إذا ليلُ الأسى iiطَالَ