جنازة كوكب
صالح الشاعر
مات الفتى
نعاهُ شيخُ الحارهْ
وأُسدلتْ ستارهْ
*
ولا يزالُ ظلُّنا مستنكرًا نهارهْ
ولا يزال الجبن جاثمًا على صدورنا
وماتت الجسارهْ
*
نعيش كلَّ يومٍ مثلما اعتدنا قرونا
نمجِّد الطعامَ والشرابَ والمُجونا
نقبِّل اللحى ونطعنُ الظهورَ بالخناجرْ
نُبهرجُ المساجدَ التي –من هجرِها- تحولتْ مقابرْ
والربُّ –ربُّنا- يجيءُ حاملاً دولارهْ
*
مات الولدْ
لأنه كان -ككل عاشقٍ- يهوى البلدْ
ويزرع الأحلام في ترابها
وفي سبيل عزِّها يفني الجسدْ
ويهزم انكسارهْ
*
مات الفتى
نعاه شيخ الحارهْ
واستقبل الوفودَ من حاراتِنا المهلهلهْ
وأُقفل الكِتاب واستقالت الأحلامْ
واصطفت الشاشاتُ ترصدُ الدموعْ
كزيف فيلمٍ هولِيووديٍّ
فتبًّا للذي أخرجه ومثَّلهْ
وأنتمُ يا أيها الجرذان والأقزامْ
حيَّ على الرجوعْ
*
مات الفتى
نعاه شيخ الحارهْ
لو أنه كان يغنِّي حاملا قيثارهْ
لقيل: ذلك الجدعْ!
لكنه أعلن بالحقِّ وبالحقِّ صدَعْ
سقاكم المرارَهْ
أطعمكم وجعْ
*
مات الفتى
في غفلةٍ من الزمان.. لم يقل لنا: متى؟
وسُطِّر النعي بأسماء المعزِّينَ
بآلاف المنافقينَ
كتبوا أسماءهمْ
وأقرباءهمْ وأصدقاءهمْ
وأعلنوا ولاءَهمْ
وامتلأت صحائفْ
وانتشرت صورتُهُ على المقاهي
في الملاهي
فوقَ جدران المعابدْ
جنبَ أبواب المساجدْ
في المتاحفْ!
*
وكان موتُ الفتى بابًا لأرزاقِ!