نفق تحت سنابك البُراق

شعر: حكمت صالح

{سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}

         

{وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنّ في الأرض مرتين ولتعلنّ علوّاً كبيراً، فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولا. ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا}

         

كــلُّ ذرّاتِ  الــرِّمـالْ    أذّنَتْ: "حيَّ على سُوحِ القِتالْ"

إنْ عشقنا الموتَ درباً للحياةْ    فـيقيناً أنَّ نـصـرَ الله آتْ

         

صرخة أُولى، ويجتاز الصدى    حـاجز الصَّوت يُدوّي مَنشِدا

خـلفَ خطِّ النار جيلٌ يتنزَّى    شعـلة تُذكي  بنور الحقِّ نارا

أوقفَ التاريخ ركباً، واستنفزا    مَفرقَ الدَّرب، إذا ما النَّقع ثارا

مـزّق الظلمة  تذوي كالمدى   تغرزُ الخَنجر في خصرِ الردى

ليطيل الفـجرُ مـن خـلفِ المـدى

شاكيَ الوجنةِ في أُفق فلسطينَ احمرارا

مُـنذراً أنَّ انفجاراً، ثـارَ غيظاً وأثارا

         

صرخة أخرى امتراها غُصَصا  حاضرٌ يَحكي المواضي قِصصا

- إنها "القدس" استحالت، غَضَباً، فاليوم يَضرى

- شُهباً تَصهر رعبَ القهر

في بوتقة الجمرِ

كذا الأحداث تترى

         

- يـا خـيولَ الله  هبّي وأقيليه عِثارا

- إنَّ ميدانَ الفِدا اليوم اشتهيناه انتصارا

عرّجي صوبَ حِمى المعراج ليلاً  واحملي المصحفَ في الصدر شِعارا

- كي يذود الثأر عن "قبلته الأولى" ففيها

"قبة الصخرة" و "الأقصى" مع "المسرى" أُسارى

- قد نما من تحت جلد الصخر رعد

أطلق البرقَ شَراراً

         

- بات موت الفرد منّا وطناً

نَصبو إليه

نتوارى

- خلف أستار الدُّجى

نستلُّ من بين ثناياه النهارا

- نتحرّى دربه قُرب جدار، "المسجد الأقصى"

- فما زال البُراقْ

- يشحذ العزم

وتختطُّ طريقَ الإنطلاقْ

يا خيول الله: هُبّي

- ويقيناً يُثمر النخل جنى الطلعِ

- كما السيف إذا أُغمد في النَّطعِ

- سوف يأتي نبأُ البُشرى يُلبّي

         

كــلُّ ذرّاتِ  الـرِّمــالْ    أذّنَتْ: "حيَّ على سُوحِ القِتالْ"

إنْ عشقنا الموتَ درباً للحياةْ    فيـقـيناً أنَّ نـصرَ الله آتْ

         

صرخةٌ أخرى استجارتْ بالسلامْ    فارتدى غِمدَ الحَيا نَصلُ الحُسامْ

- "أيلياءُ" اليومَ قدْ جاءَكِ وعدُ اللهِ حقاً

- قيل صِدقا:

- "إنَّ للحقِّ حليفَه"

- فمفاتيحُكِ لا تُعطى

- كما صرَّحتِ الأسفارُ-

إلا لخليفهْ!

- مَلِكٌ يَلبسُ أحداقَ البِلى...

وهيَ سَرابيلُ

بها قدْ رقَّعَ الدهرُ صُروفَهْ

- يعبرُ الصحراءَ...

يَحدو ببعيرٍ يمتطيهِ خادمٌ

يَحمل في الخَرْجِ رغيفهْ

- يقطعُ الليل...

يُوافي الناسَ صبُحا

- وهو يتلو خاشِعاً

(إنّا فتحنا لك فتحا)

- أكرمي مَثوى عزيزٍ

لا تُطيلي الآن بالبابِ وُقوفَهْ

- إنه (الفاروقُ) يا "قُدسُ"

وهذا جَيشُهُ يُغمدُ في الأُفق سيُوفَهْ!

         

صرخة العصرِ.. تُرى ألاّ مَفَرّاً    مِنْ وَغىً تُمْسي سِجالاً مُستمِراً

- يا خيول الله هُبّي

- عددَ الأنجُم في أُفق (خليل اللهِ)

تَحدو بمجرّات، وتستهدي بشُهبِ

- ثمَّ صبِّي

- حُمَمَ اللافَا على "الليكود"

في أعمق جُبِّ

- قالت العاصفةُ الغَضبى: كما "نابالمُهُمْ" يوماً توارى

- فكذا الناطِقُ باسم الوُزرا اليومَ ارتدى وجهاً مُعارا

         

- صادروا كُلَّ هُويَّات الأهالي

- صادَروا الأقمار...

في نقطة تفتيش الليالي

- كم يكونُ البَونُ شاسعْ

- عندما تُمسي مناقيرُ الأبابيلِ...

- فوق باب "الحَرَمِ/ القدس" مدافعْ!

- وهي تتلو:

"سورة الفيلِ".

- ثم يزهو ريشُها

يغرِلُ أنغامَ التراتيلِ

تقذفُ الجَوْرَ بجمرٍ.. وبغسّاقٍ.. وسجّيلِ

- حُمَمُ البُركان قدْ ثارتْ شُواظاً مستطيرا

- وحُميّاً الكأس في حمأتها تَضرى سَعيرا

- في بلاد يُعمِلُ الطاغوتُ فيها السيفَ جَوْرا

- ثم تتلو نشرة الأخبار أبواقُ الإذاعاتِ،

لتستعرضَ أطرافَ الوقائعْ:

         

- غَصَّ شارعْ

- بَين "شرم الشيخ" و "الجولانِ"...

يجتازُ شرايين المَواجعْ

- "مَنْتَجَتْهُ" مُهَجَ الشعبِ مَصبّا،

فهو يَهفو للمنابعْ

- غَصَّ شارعْ

بعيون السُّنبل الممتد في كل المزارعْ

- حُنجرات أطلقتْ أصداءَها:

- "يا.. يا (نَتِن! يا – هو) طغى الخَطبْ

إذنْ لا.. لا تَراجعْ

         

سَجّلوهُمْ

سَجّلوا: هم أربعونْ

- وليكونوا الألفَ بعدَ الأربعينْ

- سَجِّلوا ثَبْتَ الشهادهْ

- بمِداد من قناديلِ السعاده

- كلمة التشريف خُطَّتْ

وسطَ أحداق العُيونْ

- وعلى بابِ الفراديسِ العَوالي

- بخُشوعٍ وجلالِ.

بشَّروهم...

بَشَّرُوا كُلَّ من اختار وَضوءْ...

- بينَ شُطآنِ الشهادةْ:

- "أُدخلوها بسلامٍ آمنين"

- وَرِدوا "تسنيم" حتى تشرَبوا من مائها..

ثم اغسلوا بالنور سيماءَ الجَبينْ

         

- ليتني كنتُ مع القومِ شَهيدا

- ليتني لم أبقَ في الدنيا غَريباً وشَريدا

- فخُذوني معكمْ،

"إنّي إلى اللهِ تَضرعتُ خَجولا.

- وخُذوني،

واصنعوا من جسدي الذّاوي فتيلا

- وانسِفوا مستوطناتٍ...

شُيّدتْ وسطَ بُحيرات الدماءْ.

- حيث يستشري الوباءْ

- حولَها، مُذ حَلَّها الجَورُ نَزيلا

         

صرخةٌ جرَّحَتِ الذّكرى عيونا    تَغزلُ اللحنَ سعيداً وحزينا

- يا أُهيل الحيِّ في "الضفّةِ" و "القطّاعِ"...

كم أرَّقنا الشَّوقُ إلى الليمونِ حينا

- إنَّ في تلكَ البساتينِ لُمى التين عَناقيداً...

تَدَلَّت بالمسرَّاتِ حَنيناً

- زغردات... وصبايا يتغنّينَ:

- "أيا ليمونُ: ثغرَ الأرض دَغدغْ

- كُهَجاً حَرَّى، وأسبِغْ...

- لاعِجاتِ الحُبّ في أضلاعِنا...

مِسكاً

وكافوراً مُذابا.

- إسقِنا، إنّا عصَرناكَ شَرابا

- ورحيقاً مُستطابا

- يُنعش العُرْسَ...

فيفترُّ انتشاءاتٍ عِذابا

- يتناشدنَ أغانيهنَّ أشعاراً..

يُؤجّجنَ حَماساً، ويُكهربنَ الشَّبابا

- بأغاني العُرسِ

في "القُدس"..

ولا يحسِرْنَ عنهنَّ النِّقابا

- حولَ سمّارٍ يُناغينَ النُّجيماتِ

ويَرشفنَ الرُّضابا

- في كؤوس من شفوفِ الريقِ

والنَّسماتِ يَسرينَ رِطابا

- ولَكمْ كانتْ ليالينا مِلاحاً وعِذابا!

         

- أين يا سُمَّارُ هاتيكَ الليالي

أينَها؟.. يا لكم الله، ويا ليـ

ليتَ في الأحلامِ للذكرى مآبا!

         

- يا لتعسٍ لليالي المُدلَهمّاتِ بسَطوِ الغرباءِ

- يسلبُ الكُحلَ من العينين...

يُدمي فيهما نبضَ الضِّياءْ

- عكَّروا النور الذي ينسابُ...

من بينِ مزيجٍ من: شُفوفٍ وصفاءْ

- أسَروا الحُبَّ نقيّاً في عيونِ الأبرياءْ

- كتموا الأنفاسَ في صدر السَّماءْ

- صادروا حتى النَُغيمات التي...

يحملها هَمسُ الهواء..

         

- يا أُهيلَ الحيّ في "الضفّةِ" و "القَطْاعِ"

دِفءُ الشَّوقِ وافَى..

- دفقات منهُ في "حيفا" و "يافا"

- يا عيوناً في "الخليلْ"

- يا جفوناً في "الجليلْ"

- يا قلوباً تسكنُ اليومَ العَراء

- في بيوت من صفيحٍ صَدِئَتْ منها سُطوحْ...

دون أن تخدِشَ سقفَ الكبرياء

- وبدفءِ العِشقِ تحمي...

رعشاتِ الثلج في برد الشتاءْ.

- أطلقوها...

أطلِقوها صرخةً واحدةً...

ترعُدُ في أُفق الفِداءْ.

         

- طُرِدَ الأهّلونَ من أرضي

فحنَّ البُرتقالْ

- واستعدّت كل زيتونةِ شَوقٍ للقتالْ

- والحصى يَرجم دبابات جيش الاحتلالْ

- قيل: من أي العصابات هَوى وخزُ العُصابْ؟

- شنَّجته هُوجُ ريحٍ صَرصرٍ...

تنسلُّ من بين طواحين العذابْ

- يَصعق البَرقُ شُعورَ السنبل الأخضرِ

في حضن الندى المُبتلِّ، صُبحاً، بالضبابْ

- لوّحت ريحُ الكآبات عقولا

حجَّرتها في دهاليز العَفَنْ.

         

- إنهم يغزوننا فِكراً، ويَغزون العقيدهْ

- قبل أن يغزوا الوطنْ!

- ليست الحُمَّى –إذن- في رحلةِ الحربِ جديده

- فـ (صلاحُ الدين) تاريخُ تحدّى...

كُلَّ آفاق المِحنْ

- ورصاصات المَطَاط الغِرّ مطَّاها الزمنْ

- إنها حربُ هلالٍ وصليبْ.

         

- بالرّشاوى برّؤوا (الحاخامَ) زُلفى،

منْ دِم (الفادي)!..

ومدُّوا جسرَ (بلفورٍ) إلى "تلِّ أبيبْ"!

- أينَ كانَ "الفاتكان"؟

- هكذا مصلحةُ العصر اقتضتْ:

"لا تَدنْ مَظْلَمةً كيلا تُدان"!..

         

- "أين أنتا؟"

- "أين أنتا؟"

- إنني "الأقصى" الجريحْ

- نِصفَ قَرنٍ، وأنا في مسمعِ الدنيا أصيحْ:

- "أيها (الفاروقُ)...

بالله، أيرضيك من "القُدس" تَنوحْ؟؟

- مَنْ مِنَ الحُكّامِ أفتى...

- باغتصابي...

يا (صلاحَ الدينِ)... أينَ اليومَ أنتا؟!"

         

صرخةٌ تستحضر التاريخَ لَهفى    فتُعيدُ المشهد المَردوفَ خَلفا

- إنَّ في "عكا" وفي "صورٍ" جيوشاً..

مدّها الإيمانُ...

حتى "عسقلانْ"

- تلتقي الراياتُ معقودٌ بها النصرُ...

الذي جَبْهَتُهُ المِحرابْ...

والأيدي حِرابُ

وسيوفٌ للطِّعان.

- صارت "الرملةُ" مَيداناً،

و"حطينُ" امتحانْ.

و(ابن شدّادٍ، بهاءُ الدينِ) في "بُصرى"...

يُروّي شجرَ التاريخ بالصدق مِدادا.

- قالَ في "السيرةِ":

(هذا قائدُ الإسلام يَبكي

ثم يستبكي العِبادا

- هو لم يَطعَمْ لنومٍ

- منذُ أيامٍ-

مذاقاً...

عاصبَ البطنِ ولم يطعمهُ زادا

- يستحثُّ الجُندَ للجُلّى

طَوال الليلِ

يستنهضُ ساحات الوَغى

مُنعطفاتٍ وَ وهادا)

- كيفَ (أرناطُ) يسبُّ "القبَةَ الخضراءَ"؟

كيفا!..

- يقطعُ الدرب على موكبِ نورٍ...

مرَّ بالأمس بحِضْن "الكَرَكِ"

- كيف شدّ البيدَ بالبيد بحبل الشَّرَكِ؟

- إنَّ (أرناطَ) تمادى

سَنُريه، في غدِ، كيفَ يكون الصَّلْفُ صَلْفا

-أتراه- وهو في قبضتنا-

يجرؤ أن يستلَّ سيفا؟

- أنتَ يا (أرناطُ) في خيمتنا اليوم أسيرْ

- و"المَلِكْ"

- غير أنَّ البونَ ما بينَ مصيرَ ومصيرْ

- مثلُ ما بينَ دمِ "المَلْكِ" وما بين دمكْ.

- بين عينيك بصيصُ الغسق المُحمرِّ يذوي،

إنه الكَسْرُ الذي لن نَجبُرَهْ.

- صَهِ، يا أعتى عِدى الله...

فلنْ تلفظَ إسماً

قد عقدنا عزمنا أن ننصُرَهْ..

- ويدور الفَلَكُ المزبدُ في أحداق (أرناطَ)...

وقد تلَّ الجبينا

- ها قد اسودَّتْ نجومُ البغْيِ في عينيه

يهوي تحتَ أقدامكِ يا...

يا سيدي، "الناصِرَ للدين"... طَعينا.

- و(صلاحُ الدينِ) ما زالَ يُناغي "المسجد الأقصى"

فيرتدُّ صَداهُ مُرهفاً

- يمسحُ المِنبر والمِحرابَ

والجِدرانَ والبابَ

بثوبٍ يرتديه شَرَفا

- ولقدْ أمضى القُرونا

- والمفاتيحُ تُحلّي الجيدَ منهُ بالسلاسلْ

- وإلى الأمسِ،

بصحنِ "المسجد الأقصى"...

يُصلّيها فُروضاً ونوافلْ

- مَنْ تُرى اليومَ سَيستلُّ من الغِمدِ...

حُسامَ القائد الناصِرِ؟

مَنْ ذا سيقاتلْ؟..

         

صرخةُ الغَوثِ استجارتْ بالأصائلْ   بشُعاعٍ في عيونِ العصر ذابلْ

- مِنْ صِراعٍ في الدهاليز التي تفصلُ

ما بين حياةٍ ووماتْ

- صولجاناتُ الملوكيّة تخشى..

أن يطيحَ الغضبُ الشعبيّ، فجراً، بالعروشْ

- والرئاسات التي خاضت غِمار الإنقلاباتِ

استغلّت كلَّ طاقات الجيوشْ

- يلتقون اليومَ في مؤتمراتٍ...

تمضغ "القاتَ"...

وتجترُّ "الحشيشْ".

- فهُمو –إن عقدوا "للقِمَّةِ"-

اختاروا ربوعاً...

خلفَ "بحر الظلماتْ"

- منذُ عصرِ الدبلماسيّاتِ"-

ماتْ.

- خدَمٌ – يا سيدي-

في مطبخ "البيتِ" الذي "ابيَضَّ"

عُيوناً شاخصاتْ

- إنَّ في "واشنْطُنَ" القِدرَ تَهدّى،

والمقاديرُ كما بَرمَجها (كلنتنُ)...

حسبَ الصفقاتْ.

         

سيّدي، إنْ تكُ بعضُ الصرّخاتْ   قدْ ذَوَتْ في صَخَبٍ، فالأخرياتْ

هي ذي الآنَ تعالى رَجْعُها   ولها الدنيا أصاخت سمعها

- هكذا قيلَ (نتياهو) تسجّى..

- ومقولُ القولِ فيه قدْ صَدَقْ

- هو ذا في "بُرنس الليل" تسجّى بالقلقْ

- كيفَ "أقصانا" أبى أن يُخْتَرَقْ!.

- رفضَ الأنفاقَ أن تنخَرَ رُكناً منه...

أو أن تقرضهْ

- كيف لا يسمحُ أن تأتي عليه الأرضَهْ!.

- إنه الطَّود الذي ماطلهُ الطاغوتُ..

إذْ ما طاله "خَوْدُ القتادْ"

         

- جانب من فصل مأساة البلادْ

- قيل: قَشّهْ

- قصمتْ ظهرَ البعيرْ

- قِصةُ القَشةِ هشّهْ

- أيَّ عيرْ

- تحمل الهمَّ الذي ضاقت بهِ

نارُ السعيرْ؟..

- أخطبوطيون شقّوا نفَقا

من تحتِ مِعراج "البُراقْ"!

- سيدي قافيتي ضاقتْ..

بما حلَّ بهذا البلد الآمِنِ

والعَصرِ الذي فيه دمُ الحقِّ يُراقْ

         

إنها، إن تكنِ الأحداث صعبهْ    فذراعُ الحقِّ لن يُعطيَ غُلبَهْ

- كُلُّ حبّهْ

- هكذا "الأقصى" يُنادي:

- (كُلُّ حبّة

- أبعدتَها عن ترابي عُنجهيّاتُ الأعادي

- إن تكنْ حُزناُ بكتْ

- وإلى الله اشتكتْ

- فلقد قالت زميلاتُ لها:

"لابدَّ للحبة أن تغدُوَ قُبّهْ

- في ربوعِ "القدس"...

رغم المِخلب الناغر

في عرق النَّفقْ..

- جيرتي.. لن نفترقْ

- كُلُّ حبّهْ

- ممكنُ أنْ تُرعبَ العُدوانَ..

أن تغرز في عينيه رُعبَهْ

- ممكِنُ أن تغدو الحبّة منكنَّ قذيفهْ

- فتهزُّ البغيَ في مستوطنة الأشرارِ..

هزّات عنيفهْ

- شيّدوها فوقَ أنقاض كويخ من صفيحْ

- وهو ما زال يُنادي ويصيحْ:

- (آن يا دفلى لكِ الآنَ...

انفضي عنْ عينكِ النومَ...

أفيقي.

- إنّ جِذع السّدر يمتصُّك نَسْغاً...

من مسامات العُروقِ)

- صاحت العاصفة الغَضبى: (أفيقي)

- صرخ الرّملُ بها (أيتها الدّفلى، أفيقي.

- إن يكن "بارليفُ" في تشرينَ أقعَى

- فلصهيون مثيلات تُواري أخطبوطَهْ

- تتدلّى من جبينَيْ رأسِهِ خمسونَ أفعى!

- كيف يا أرض بلادي

لا تُعيدي..

اليومَ تشكيلَ الخريطهْ!)

- واستفاقت زهرةُ الدُّفلى مِراراً

- نهضتْ من نومِها...

- وانتصبتْ

- أنجبَتْ

مَن أنجبتْ؟

- أنعمَ الله علينا بـ "حماسْ"

- رفعت في السّاحِ:

"إنَّ النصر للهِ"

شَعاراً

- ثم حَدَّثْ شفرة السيف بصوان المِراسْ

         

- الصواريخ تَهاوت شُهباً...

بعدَ هَزْعِ الليلِ...

في "تلِّ أبيبْ"

- فهي لا تطلق إلا لتصيبْ

- خفقَ القلبَ، وللُّقْيا هفا

- شجر الأرز بها اليوم احتفى

- صفّق الرُّمان... غنَّى البرتقالْ

كُلُّ ذرّات الرّمالِ    أذّنت: "حيَّ على سوح القِتالْ"

- وزغاريدُ الصبايا مثل كُوفياتهنَّ المُشْرَعاتْ

- رُحنَ يهتفن: بأنَّ النصر آتْ

         

- طاول المجدُ عمارات المباني

في "الخليلْ"

- والحمامات التي هَدْهَدَتِ الزيتونَ أغصاناً..

يُناغيها الهديلْ..

- غير أنَّ الشرَّ في قارعة الدرب أناخْ

- حيثما حاخامُهُمُ أصدر للعنف تصاريحَ...

فأذكى الشَّر في جعبة "تاخْ"

- حينما قال: اطلقي النار على كل الحماماتِ...

- اذبحي حتى الفِراخْ

- فاض في الشارع أصداء النشيدْ

- وهو ينساب لآلاف الحناجرْ

- شيَّعت نعش الشهيدْ

- بيدٍ تحملُ قُرآنا

وبالأخرى الخناجرْ

- لم تكن تلك المحطاتُ الأخيرهْ

- فلقد باغتتِ الأوباشُ بالغدر المسيره

- برصاصْ

- كان مكّوكُ الردى

ينسج أكفانَ الضحايا

- بخيوط غزلوها من دماءْ

- برصاصْ

- صُوِّبت نيرانُه صوب زغاريد الصبايا

- صُوِّبَتْ صَوبَ العصافير فأرْدَتْها

ومن ثَمَّ طَفَتْ

فوق دماء الشهداءْ

- فغدا الشارع نهرا

والمباني سَفُناً، مغمورة

تحت الصَّواري بالشَّقاءْ

- الحياديّون في العالم قد ضَجّوا

- وخطوط الطُّول والعرضِ

بُروقَ بَعْثَرَتْها

فهي تهتزُّ وترتجُ

- والسفارات التي قد طوّقوها

بشعاراتهمو الحمراء تحتجُّ!

- أنصِفوا يا أيها السّادَةْ

أسرابَ العصافيرِ

لتنجو!.

ساح (شيراكُ) بأجساد قضايانا

وأفتى

- لم يُعر للرُّوح مثقال اهتماٍم، حينما بالأمر بَتّا

- قال: "لوْ أنَّ حُدوداً..

تربط "الضفة" بـ "القطّاعِ"!..

ماذا عنك يا "عكا"؟

- ويا "يافا"

- ويا "حيفا"؟

- أفرغي صَبراً حُشاشاتِ الضميرْ

- كيف لا يقطع للطاغوت مُلكا!..

- مثل (شيراك) كثيرْ.

         

- أبشري (ليلى)!

على أعتابكِ الخُطّابُ يزدادونَ

يوماً بعد يومْ!..

- كلُّهم وصلا بـ (ليلانا) ادّعَوا!

هل؟.. هل، تُرى، ضامَكِ منهم أيُّ ضيمْ!

- قيل "للقدس": ألم تزدوجي؟

- صرت "قدسين" فهل من حَرَجِ؟"

- هكذا قد كانَ أفتى!

- وكذا بالأمر بَتّا!..

- قلْ لـ "عكا".. ولـ "يافا".. ولـ "حَيْفا":

"من تُرى منكنَّ في ذلك حيفا؟"

- صفّقي يا...

يا عناوين الصحافهْ

- وأحيليها –إذا شئتِ- زغاريداً

- وإلا.. فمناحه!

- قد يرى بعضٌ بعينيها حَصافةْ

- ويرى آخرُ في منطقها بعض الصَّراحهْ.

         

- وانتبهنا.. فإذا خارطة "القدسِ"

كما بالأمسِ

ثكلى!

- هل، تُرى، الحكمةُ ترثي لمصيرٍ...

بزَّنا معنىً وشكلا!

- قيل: "ما كان لهم أن يستقيم الأمرُ سَمْتاً".

- قالتِ الأحداث:

قد كان انتزاعُ الحقّ من "كيتا وكيتا"

- كل حق لم يُرَقْ فيه دمٌ،

يحسو قراح الذُّل موتاً"...

فهو في شرع سجيانا مَواتْ

- أيُّ أرض يستبيح القهرُ بعضاً من حِماها..

- باسم "توطيد السلامْ"!

- أيُّ أرضٍ؟... يا سلامْ!

- أيُّ أرض؟؟؟..... يا سلامْ!!!!

كلُّ ذرّاتِ الرِّمالْ    أذّنَتْ: "حيَّ على سُوحِ القِتالْ"

إنْ عشقنا الموتَ درباً للحياةْ    فيقيناً أنَّ نصرَ الله آتْ

- كل حق لم يُرق فيه دم،

يحسو قُراحَ الذّل موتاً....

- فهو في شرع سجيانا مَواتْ

قد عشقنا الموتَ درباً للحياةْ    فيقيناً أنَّ نصرَ الله آتْ