خيانة صديق

"في الطريق إلى الله يتهاوى الكثير ولا يصل إلا من حسنت سابقته"

قال صديقي:

أنت حبيبي وصديقي

وأنت سندي ورفيقي

وملاذي عند ضيقي

قضيت معك أجمل الأوقات

وأحلك الساعات

كم بنينا جسور النجاة

على أوتار الآهات

كم لعبنا... كم ذكرنا

كم بكينا... كم تعاهدنا

أن نكون معاً في ركبنا

في عمقنا... في فكرنا

كم تسابقنا في حيِّنا

كم تعانقنا عند البكاء

كم حلّقنا في كبد السماء

كم وكم

وكنت يا صديقي مزيلاً للهم

ومازلت حبيبي وصديقي

وملاذي عند ضيقي

لكن

لكن يا صديقي لم يعد الطريق يتسع

ضاق الطريق يا صديقي

ولا بد واحد من أن يرتفع

لا بد من أن تقتنع

اجلس بقربي واستمع

لا بد عنك أن أفترق

وأخترق

سحب السماء

لأنطلق

لأبني عرشي على أعناق الرجال

والكل يقول هاك تعال

أرى أعناق الرجال تناديني

وأكفهم بسخاء تمنحني وتعطيني

وأصواتهم تناديني وتحميني

وصوتك يا صديقي يؤرقني

يقتل فيَّ حب الذات وحب الأناة

ويمنعني من أخذ وهات

فقلت في هدوء:

إياك يا صديقي أن تعلو فوق القمم

وترى الناس ذرات رمم

إياك أن يذيبك الهنا

في بحر الأنا

في عمق الضياع...

في نور الصراع...

في تكويرة العمائم

في يمّ الكلام

في ذمّ اللئام

لكن صديقي لم يقتنع

ولم يستمع

وأنا أدعو له الليل والنهار

أن يرتجع.