غزة تسأل

   غزة تسأل

شعر : محمد الحسناوي

في غيرِ وادي النَّملِ ثَمَّةَ نملةٌ، صرختْ بوجهِ الذِّئبِ وَيلَكْ

يا بني قومي . ( سليمانُ ) النبيُّ مضى وجاءَ الخاسئون

تجمَّع َالنملُ ، استعادوا سيرةَ الأجداد

( هاشِمُ ) ، أيها الجدُّ العظيم

لِمَنْ تركتَ الماءَ و( البيت العتيق ) ؟

تَجَرْتَ بالديباجِ من ( صنعاءَ ) حتى بابِ قِنِّسرين

لم تغدرْ، ولم تبخلْ

هَشَمْتَ الخُبزَ بينَ الناسِ كلِّ الناس .

( هاشمُ ) ، أيها الجدُّ الكريم

لِمَنْ مددتَ الظِلَّ

أسلمتَ الشِفاهَ على الرِّمالِ ، رمالِ غزَّةَ يافعا ؟

هل كانَ حُبّ ُالأرضِ سُمًّا قاتِلا ؟

هل كانَ طَعمُ الرملِ شهداً أو طِلا ؟

يا راقِداً في حِضنِ ( غزَّةَ ) ، أيها الجدُّ المُتيَّم .

أزهرتْ فينا صَباباتٌ مُقَدَّسَةٌ .

رسولُ اللهِ باركها ، وسقَّاها

فكنَا النخلَ والزيتونَ من ( صنعاءَ ) حتى الرّافدَيْن .

تكَلَّمي إن شئتِ يا بيداءُ ،

يا أنهارُ

يا ظَمأَ الصوائفِ والشَّواتي .

نحنُ رملٌ

نحنُ نملٌ

نحنُ تسبيحُ الفُراتِ

         *

في غيرِ وادي النَّملِ ، وادٍ غيرُ ذي زرعٍ ، أضاءَ شِهابُنا

دَرَجَتْ نُجَيماتٌ على البطحاء ،

فانبجسَتْ عيونُ الأرضِ (أندَلُساً)  و (بغداداً) و (تاجَ  مَحَلّ)

يا أرْضاً ، شموسُ سمائِها

بعضٌ من السِرِّ الذي في مائِها وهوائِها

في صيفِها وشِتائها

في حُبِّها الإنسانَ : تُفّاحاً ولَيمونا

وفي الإحسانِ مرسوماً على حدِّ السيوف

على هُتاف القلبِ للمحبوبِ تغريداً وترتيلا

على الشُّبَّاكِ نمنمةً وإكليــلا .

إذا بَلِيَتْ رسوم ُ حروفِنا يوماً

فهل تَبلى صَبابتُنا ، وقد طُحِنَتْ على حجرٍ ،

وذُرَّتْ في مسامِّ الريحِ والأمطار؟

ذابتْ في جُذورِ التّين والرُّمَّان ؟

حتى أينعتْ شعراً وأهداباً وأعنابا

تُمَسَّحُ بالشفاهِ وباِلقلوب :

هنا مشى (موسى)، هنا طافَ (المسيحُ)، هنا سرى (طَــهَ) 

                 *

البَيْلَسانةُ خاطَبَتْ عُصفورةً قُزَحيَّةً :

لِمَ يَخْتِمُ الحِنَّاء بالدَّمِ قانِياً قُبُلاً وأقراطاً على أيدي العذارى ؟

قُلْتُ : أُختَ البيلسان ،

ألستِ أدرى بِالَّذي أذريتُ يوماً في مسامِّ الريحِ والأمطار ؟

                *

الماءُ أفرجَ عن لآليءِ ثغرِهِ

أغصانُ مجراهُ استضاءتْ بابتسام

يا غديرَ الحِبِّ ما أغراك ؟

قالَ نشيدُهُ البَرَّاقُ : سُبحانَ الإلـــه !

           *

طِفلٌ على بيًارةٍ نَوَّارة

ناغتْهُ مِرْوَحَةٌ ، فناغاها

فدارَ النورُ والتسبيحُ أمواجاً وديباجا

على كلِّ الشفاه

على المناقيرِ الزَّبَرجَد

قال سبحانَ الإلـــه !

          *

في أرضِنا ، أرضِ النُبُوَّاتِ استحالتْ كلُّ بارقَةٍ غزالا

كلُّ ريمٍ شَوكَةً

حِصناً من الأقداسِ والخَفَرِ العَصِيّ

إذا استُبيحَ تَضَرَّجَتْ أسيافُنا ورداً حلالا

             *

يا ( عمرُو ) ، يا جدَّ النبيّ

رِمالُ ( غزَّة َ ) والفُرات

تساءلتْ عنكَ الغداة

تساءلتْ عن عاشقين

فهل إلى وصلٍ سبيل ؟!