أنا وقدري
الدكتور عبد الحق حمادي الهواس
أَلقَيتُ عِندَ رُؤَى عَينَيكِ مَرسَاِتـي رُوحاً تَمُوجُ عَلَى أَنغَـامِ أَنَّـاتِي
فَاسْتَأْنَسَتنِي الصَّبَـا نَايـاً لأُغنِيَـةٍ ثَمْلانَـةٍ تَتَهَـادَى فَوقَ
آهَـاتِي
واستَعذَبَتني المَغَانِي رَفًّ أَجنِحَةٍ صَوْبَ المَغِيبِ عَلى جُنْحِ
الحَمَامَاتِ
واستَقبَلَتنِي البَوَادِي شَمسَ مَاطِـرَةٍ تُسَامِرُ الرِيحَ في هَمْسِ
المُنَاجَاةِ
أُرَافِقُ المَدَّ في عَينَيـكِ تَرقُبُنـي شَوَاطِئُ الهَمِ مَسْلُوبَ
الإِشَـارَاتِ
قَد أَطفَأَتْ عُنوَةً في غَيـرِ مَوعِدِهِ دربـي تعتمـه كـل
المنـاراتِ
أَبكِي الرِمَالَ وَأَمحُـو كُلَّ مَا كَتَبَتْ يَدَاكِ ظُلماً عَلَى زَخَّـاتِ
دَمْعَاتِي
أُكَبِّلُ الجرح يغفو عنده سهـري فتوقـظ الجـرح آمالاً
شراعاتي
أُصَبّرُ الرُوحَ مَكتُوماً بهَـا أَلَمِـي وَاللَيلُ حَولِيَ مَشلُولُ
الهَزِيعَـاتِ
وَالَوْعَتَاهُ اسْتَبَاحَـتْ قِصَّتـي أَمَمٌ مُشَتَـتٌ أَنَـا مَنْثُورُ
الحِكَايَـاتِ
أَطْوِي المَسَارَاتِ رَحَّالاً بِلا هَدَفٍ فَتَختَفِي عُمقَ أَحلامِـي
مَسَارَاتِي
أُسَامِرُ الوَجْدَ عَلَّ الوَجْدَ يَمْنَحُنِـي دِفْءَ الأَمَـانِ
فَتَثْنِينِـي مَسَافَاتِي
أُحَاوِرُ الرُوحَ تَطْمِينَـاً وَأَلْجُمُهَـا لَعَلَّ رُوحِي زَمَانٌ دُونَ
هِجْـرَاتِ
أَوْدَعْتُ في وَهَجِ الآمَالِ أُمنِيَتِـي وَعُدْتُ أَبحَثُ في الأَوهَامِ عَن
ذَاتِي
مَأْسُورَةُ الوَجْدِ كَمْ تَلْتَاعُ مِن قَدَرِي وَتَسْكُبُ الدَمعَ
تَهْتَانـاً لِدَمْعَاتِـي
تُجَـدِّلُ الدَمْـعَ تَعـوِيذاً لِقَافِلَتِـي وَتَنسُـجُ العَيـنَ إِكْلِيلاً
لأَوْبَـاتِي
تَحْنُو عَلَيَّ شِغَافُ القَلْـبِ غَالِيَتِـي تَبكِي عَلَيَّ وَأَبكِي فَرطَ
مَأْسَـاتِي
تَمْضِي وَتَسْكُنُ رُوحِي عُمقَ خَافِقَةٍ عَلَى أَنِينِ النَـوَى لَهفَ
اللِقَاءَاتِ
أَرْنُو إِلَيْهَـا طَرِيـداً يَقْتَفِـي أَثراً مَاتَتْ مَعَالمُـهُ بَيـنَ
المَتَاهَـاتِ
أَشْدُو بهَا الجُرحَ مَكتُوماً وَأَحمِلُـهُ فَتَشرَبُ الصَبـرَ مَفْرُوغاً
بِكَاسَاتِي
َوأَنثَني كَمَـداً يَختَـالُ فـي أُفُقِـي فَتُنكِرُ العَينُ خَجْلَى خَفْقَ
رَوْعَاتِي
وَاغُربَتَـاهُ تَمَادَتْ تَحْتَسِي رَمَقِـي وَتُشْعِـلُ الجُـرحَ قِندِيـلاً
لأَوقَاتِي
الله يـَا قَدَرَ المَحـرُومِ مِن وَطَنٍ يَحْيَا بِأَكْفَـانِ مَوْتَى دُونَ
أَمْـوَاتِ
يَشُدُهُ مِن بَرِيقِ الزَيْـفِ بُهرُجُـهُ يَطوِي الزَمَانَ زَمَاناً دُونَ
غَايَـاتِ
تَجْتَاحُنِـي دُوَلُ الدُولارِ تَصفَعُني أَوَّاهُ مُتَهَمــاً صِفـرَ
الحِسَابَـاتِ
أَنَا الغَرِيقُ عَلَى أَمـوَاجِ أَرصِفَـةٍ أَنَا المُضَيَّـعُ في عُلْيَـا
شَهَادَاتِـي
أُدَنْدِنُ الآه مخنُوقـاً بِـهِ سَقَمِـي يُهَامِـسُ القَلْبَ مَشْلُولَ
النِـدَاءاتِ
شَكْوَايَ أَنْتِ فَلا حُبٌ وَلا أَمَـلٌ أَطْوِي السَرَابَ خَرِيفاً في
شِتَـاءاتِي
وَغُربَتي أَثْخَنَـتْ جُرحِي تُعَـوِدُهُ تُشَاغِلُ الصَبرَ عَزماً في
مُجَارَاتِي
يَامَنْ شَرِبْتِ كُؤُوسَ الهَجرِ مُتْرَعَةً فَعُدْتِ في نَاظِرِي مَدَّ
السَمَـاوَاتِ
أَسَقَيْتِنـي كَأْسَ إِبدَاعِي وَمَوْهِبَتـي غَنَّيتِهَـا عِشقَ أَحلامِي
الجَمِيلاتِ
دَاعَبتِ فيّ رَفِيـفَ القَلـبِ مَودِعَـةً بَينَ الَحَنَايَا أَحَاسِيسِي
البَرِيئَـاتِ
أَفرَغْتِ في سِجنِ جَلادِي وَمُضطَهِدِي أَحلَى الأَمَاني كَسِيراتٍ أَسِيرَاتِ
ذَرفَ الدُمُوعِ عَلَى صَمتِ النَحِيبِ رُؤىً مَسرَى الخَيالِ بِلَوعَاتِ
اليَتِيمَاتِ
أَسْرَجْتُهَا بِدِمِي المَسْفُـوحِ أُغنِيَـةً حَرَّى تَنُوحُ عَلى صَبرِ
الحَزِينَـاتِ
فَاستَوحَشَتني الفَيَافي صَوتَ قَاحِلَـةٍ أَشدُو المَدَائِنَ محمُولاً
بِلَوعَاتِـي
وَأَنكَرَتني لَيَالـي الهَجـرِ تُبعِدُنـيِ كَأَنَّنَا مَا الْتَقَينَا فـي
العَذَابَـاتِ
شَدُّوا وِثَاقِي وَمَاتَ الحُبُّ في بَلَدِي وَفَجَّرُوا كُلَّ أَحزَانِي
الكَسِيـرَاتِ
أَدْمُوا بهَا فَجرَ أَفكَـارِي وَبهجَتَـهُ وَبَعثَرُوا كُلَّ أَورَاقِي
العَزِيـزَاتِ
وَصَادَرُوا حِبرَ أَقلامِي وَمَكتَبَتِـي وَمَزَّقُوا كُلَّ أَشعَـارِي
الحَبِيبَـاتِ
وَزَوَّرُوا دَربَ إِيمَاني وَمُعتَقَـدِي وَغَيرُوا خَطَّ أَلفَاظِي
الأَصِيـلاتِ
وَكَفَّرُوهَا بِسَيفِ القَهرِ وَاختَلَقُـوا كُلَّ الأَكَاذِيبِ عَنـي
وَالإِشَاعَـاتِ
سُجِنتُ وَاستَعَرَت نِيرَانُ عَاتِيـةٍ وَطَوَّقُـوا كَلَّ أَحيَـائِي
القَدِيمَـاتِ
وَزَمجَرَ السَّوطُ في جِلدِي يُشَوِهُهُ طَعنَ اليَهُودِ بِتَوحِيـدِ
العِبَـادَاتِ
وَعَربَدَ الحِقدُ يَغتَالُ الصِغَارَ ضُحىً وَخَيَّمَ اللَّيلُ أَستَارَ…
البَهِيمَـاتِ
وارْتَاع في دَمِي وَالسَّوطُ يَصرَعُنِي وَالجَلدُ يجعَلُني نهبَ النِـدَاءاتِ
حَطُّوكَ يَا زَمَنَ الحُكَامِ تَسحَقُنِـي فَـلا وُجُودَ وَلامَـاضٍ وَلا آتِ
مِنْ ذَا يَفُكُّ قُيُودَ الـذُلِّ مُحكَمَـةً عَني وَيمضِي طَلِيقاً في
القَرَارَاتِ
لِتَصْطَفِي الأَرضُ فَجراً نحنُ نَصنَعُهُ وَتُشرِقُ الشَمسُ شمساً في
الغَمَامَاتِ
وَنَصنَعُ المَجـدَ أَخلاقـاً تُزَينُـهُ وَنمنَحُ الكَونَ مَعنىً
لِلحَضَـارَاتِ
يَاقَلبُ تَرْحَالُكَ المحرُومُ مِن وَطَنٍ أَضنَى بِرُوحِي وَأَودَى
بِابتِسَامَاتِي
أَبكِي عَلَيكَ وَتَبكِي مِنكَ رَاحِلَتِـي وَأَشتَكِي الله مِن مُـرِّ
المُعَانَـاةِ
لِلظَالِع الزَمَنُ المَنكُودُ يَسلِبُنِـي أَغلَى الأَمَاني وَيَرمِي
بِالكَسِيحَـاتِ
الغَادِرُ السَادِرُ المَعتُـوهُ يَطلِبُنِـي فِعْـلَ الجَبَانِ وَيُغرِي
بِالطَلِيقَـاتِ
أَوَّاهُ يَا وَطَـنَ الآلامِ يَا وَطَنِـي
يَاحَامِـلَ الآهِ صَمتاً في الجِرَاحَاتِ