الغريب

د. سعيد عبيد

[email protected]

( إلى الأخ الشاعر رشيد سوسان في مشفى باريس، متعه الله و أخاه بالصحة و العافية )

من أين أتيت إلى باريس

و دماء الحب تفجَّرُ من شريانك

و تمر خلال تجاويف عظامك

ريح بسخاء الشهداء

و على شفتيك ترانيم الملإ الأعلى

و فؤادك يلهج بالتسبيح و بالتقديس؟

من أين أتيت لتحيِيَ أرضا ميتا

تتساقط أوراق الأغصان اليابسة الثكلى فيها

تتشقق مثل خريف العمر طوى سر الأسرار

الموتَ الكامن خلف جدار الدار؟

ها دمُّك يأتي مثل أذان الفجر فيسقيها

يسقي فيها الإنسان... فينبت خَلقا آخر

بين زهور النرجس و القرآن

و فؤاده مثل فؤادك يلهج بالتسبيح و بالتقديس.

ذو القفازين الشفافين يسائل كل ممرضة:

Parfait!

من أين أتى هذا الكهل الأشيب

هذا الممدود بصمت القديسين على فُرُش من نار

و سخاء دمائه لا ينفد؟

قلن له قد جاء من المغرب

أومأت و كنت بعيدا: لا، كلا لم يأت

و لكنا نحن الغرباء.

*   *   *

و سمعت صدى كلماتي في صوت الريح المهموس تداعبه الأنواء:

"... سنبلغ صاحبك المعطاء

سلامَ الله من الأنصار

و أبي الدحداح يبشر زوجته

برياض في وسط الفردوس على  نهر جار.

لكنْ، بدّل عنوان قصيدتك المكتوب بماء

أنتم حقا غرباء".