اليتيمُ

عبد السلام الكبسي

عبد السلام الكبسي

" 1 "

يتنهدُ في الليل ِ

كالطير ِ ,

يخفتُ كالضوءِ , وجهُ اليتيم ِ الحزين ِ ,...

وفي الحزن ِ يمحو حزناً بآخر َ ,

قلب ُ اليتيم ُ ,

على مَنْ هنا , تركوهُ وحيداً ,

يواجهُ غربتهُ المستديمة َ,

حيثُ الأمانيُّ لا تتحققُ , والوعد ُ لا يتألق ُ

في واقع ٍ شائك ٍ بمريبِ الشجون ِ ,

اليتيم ُ بلا وعد ُ ,

يجلسُ منفرداً ها هنا , ذاهلاً ,

في الشرود الحَرُوْن ِ

كمَنْ فقد السيفَ في الحرب ِ

مَنْ فَقَدَ اللطفّ أيضاً , في الحُبِّ

" 2 "

مكر ُ اللياليْ

يكر ُّ عليه ِ ,

بطيئا ً , بطيئا ً بلا وَجْد ِ

ليس هناك َ سوى اليتم ِ ,

بالخوف ِ يقتات ُ ,

بالأَرَق ِ المدلهم ِ ,

يضج ُّ كدغل ِ الظنون ِ بلا حد ِّ

ليس له ُ بطبيعةِ حالِ اليتيم ِ ,

التجاوزُ نحو الأمان ِ من البحر ِ ,

بحر ِ الحياة ِ , في الجزر ِ و المد ّ

" 3 "

هذا اليتيم ُ ,

على عتبات ِ المنازلِ ,

يغفو مفترشاً يُتْمَه ُ المستطير َ ,

بأن ْ لا مكان َ, سيأويهُ حتّى ينام َ ,

كأقرانه ِ في السكينة ِ,

والدفء ِ ,

بالوِد ِّ ,

بعد نهار ٍ شقي ٍّ,

من اللعب ِ المتواصل ِ ,

في الهزْل ِ و الجد ِّ

أنْ لا مكانَ إذنْ ,

سوفَ يمنحهُ الظلَ ,

في كل ِّ هذا الهجير ِ اللعين ِ

من القسوة ِ الآدمية ِ ,

من أجل ِ ذلك َ ,عمّنْ أساءوا إليه ِ ,

فلا عفو ,

لا عن ضغائنَ ,

فالطفل ُ لا يعرفُ الكُرْهَ ,

ليس له من دفائن َ

لكنها عادة ٌ في البشر ْ

وبقدر ِ المسيء , يقالُ ,

تكونُ حجار الإساءة ُ أكبرْ

" 4 "

اليتيمُ هنا ,

لا يرى في المسراتِ أماً ,

ولا في الملمات أبْ

حين يمرضُ لا يحزنُ الآخرون عليهِ ,

ولا يفرحونَ إذا شب ّ ,

عند العطاس ِ ,

فليسَ

هناك الذي سيُشمّتَهُ

بالدعاءِ ,لذلكَ يضطر أن يتحدثَ للنفس ِ ,

عن نفسه : " ليباركك الله ُ ,

 يرحمكَ الله ُ " ,

ثم يدور ُ كما الحلزون ِ على نفسه ِ,

يمنة ً , يسرة ً يتلفت ُ مسترسلاً في الشجون ِ

ولا مَنْ يربّتَ كتفيهِ

إن أحسنَ القولَ ,عنْ قُرْبْ

"5 "

اليتيمُ هنا ,

مثلُ إسوارة ٍ لا ترنُّ من العاج ِ ,

مثلُ الوعاء المفرّغ ِ من كل شيء ٍ

عدا الحزنَ ,

نحو الفراغ ِ يُحدقُ ,

في الذكريات الأليمة ِ , يرمق ُ

يسقطُ قلب ُ اليتيم ُ

كتفاحةِ الجاذبية ِ ,

ما بينَ صد ٍّ و صد ِّ

" 6 "

هذا ليتيم ُ أخيراً ,

هنا ,

إنما لا أحدْ