العلامة الشهيد النابغة الشيخ د. محمد سعيد بن رمضان البوطي 1

ssadfadggfs10281.jpg

معرفتي بالشيخ البوطي - شذرات من حياته -

قصيدتي: دمعة وفاء ورثاء له، مع شرحها

بمناسبة ذكرى استشهاده العاشرة - رحمه الله تعالى وأجزل مثوبته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله بجميع محامده كلها ما علمنا منها وما لم نعلم، على جميع نعمه وآلائه كلها ما علمنا منها وما لم نعلم.

اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، وأكرمنا بنور الفهم، وافتح علينا بمعرفة العلم، وسهل أخلاقنا بالحلم، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

يا ربنا لك الحمد أنت خلقتنا وأنت تهدينا، وأنت تطعمنا وأنت تسقينا، وأنت تُميتنا وأنت تُحيينا.

اللهم اكلأنا بعين عنايتك، وبأتم رعايتك، اللهم اكلأنا كلاءة الوليد في المهد، واحفظنا بما تحفظ به عبادك الصالحين. (*)

والصلاة والسلام الأتمَّان الأكملان على سيدنا محمد مصباح الهدى، ورسول السلام، وعلى وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد: فهذا البحث المختصر كتبته عن شَيْخَيَّ العلَّامة الشيخ الشهيد د. محمد سعيد رمضان البوطي، ووالده رحمهما الله وطيب ثراهما.

تكلمت فيه عن معرفتي بالشيخ البوطي وكتبه عامة منذ نحو عام 1984م وحتى استشهاده عام 2013م، وما بعد ذلك حتى اليوم؛ أي على مدى نحو أربعة عقود من الزمان.

وتكلمتُ فيه أيضًا بشكل خاص عن معرفتي به عن قرب خلال 4 سنوات، هي سنوات دراستي الجامعية بدمشق، والتي امتدَّت ما بين

--------------------------------------------------------------

(*) هذه الأدعية كلها، كان يقولها الشيخ سعيد البوطي رحمه الله في دروسه وخطبه المختلفة، رحمه الله تعالى.

سِنِي 1987- 1990م؛ من خلال حُضوري أغلب دروسه وخطبه تلك الفترة في "جامع الرفاعي" في حي "ركن الدين" قرب "ساحة شمدين"، وفي "مسجد السنجقدار"، قرب "قلعة دمشق"، و"مسجد تنكز" قرب "ساحة الحجاز".

*كما ذكرت مقالات وأخبارًا عِدَّة لِعُلماء وكُتَّاب حَولَ الشيخ البوطي وموقفه من النظام السوري، وعلاقته معه، ومع رأس النظام الأسبق حافظ أسد، وحتى اغتياله على يدي ابنه السفاح بشار، وطبيعة هذه العلاقة وبعض مُلابستها، ثم عن قاتله الحقِيقيِّ، ولماذا قتله؟

وختمت كتابي وبحثي بقصيدة لي في رثائه وبعض مناقبه ومنزلته العلمية، قلتها قبل نحو ست سنوات، مع شرحي لها.

وما كتبته من سيرته هو غيض من فيض، وهي بعض حقه.

كما ترجمتُ خلال شرحها لوالد الشيخ محمد سعيد وهو شيخي "الشيخ ملا رمضان البوطي" العلامة الزاهد والفقيه الشافعي الذي هاجر في سبيل الله، هَرَبًا بدينه من ظلم العلمانية المتوحشة زمن الطاغية مصطفى كمال من وطنه الأصلي قرية "جيلكا" في "جزيرة ابن عمر؛ بوطان" بتركية، إلى سورية سنة 1933م، وبينت بعضا من مناقبه وأخلاقه، وعلمه وزهده، وبقية مسيرة حياته، مع نموذج لدرس من دُروسه حضرتُه. ثم وفاته بدمشق، وشهودي جنازته الحافلة التي حضرها وشيَّعها عشراتُ الآلاف سنة 1990م، ودفنه في "مقبرة الباب الصغير" بدمشق، وقد رأيت ما كُتب على نعشه:

أتَيتُكَ بِالفقرِ يا ذا الغِنَى!       و أنتَ الذي لَم تَزَلْ مُحْسِنَا

هذا، وإني أسال الله تعالى القبول، وأن يُجنبني الخطأ والزلل، ويرزقني إخلاص القول والعمل، وحسن الختام عند انتهاء الأجل.

بين يدي الكتاب

العلامة المُجاهد الشيخ محمد سعيد البوطي:

داعية كان يعمل في الستار الحديدي السوري للنظام البعثي الفاجر

وهو من أركان الصحوة الإسلامية في سورية والعالم الإسلامي

هو كبديع الزمان النورسي: حافظ على الإيمان في عصر الطغيان (*)

كثيرون هم المُنَظِّرون والمُنتقدون للشيخ محمد سعيد البوطي خاصة، ولكل العلماء والدعاة العاملين الربانيين عامة.

هؤلاء الذين لا يعملون، ويجلسون في أبراج عاجِيَّة -كما كان يقول العلامة الشهيد البوطي رحمه الله، وينتقدون العاملين للإسلام؟!

أو الذين يُقيمون خارج سورية حيث الحرية والراحة، والغرف المُكيفة في بيوتهم، أو في مجالسهم الفارهة والفاخرة، أو في الفنادق والمُتَنَزَّهات والحدائق، في الهواء الطلق، أو على شطوط الأنهار البحار؟!

هؤلاء الإخوة المرتاحون والمُتنفسون الصُّعداء، والمنتقدون للعلماء والدعاة الصادقين العاملين للإسلام في سورية بأقوالهم وأفعالهم، هم لا يعرفون طبيعة نظامنا البعثي الحاكم الفاجر الذي لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة.

هذا النظام الوحشي الطائفي العنصري الحاقد الغادر الفاجر الفاسد حتى النخاع، المستبد الطاغي الذي لا يشبهه نظام في عصرنا الحاضر، لا في العالم العربي، ولا الإسلامي، ولا العالم كله؟؟!!

أقول: لا يوجد له شبيه في عصرنا الحاضر، ولا الغابر؛ إلا نظام الاتحاد

--------------------------------------------------------------------

(*) للأستاذ العراقي أديب محمد الدباغ كتاب: "سعيد النورسي: رجل الإيمان في محنة الكفر والطغيان".

3

السوفييتي السابق البائد، عدو الأديان والحريات.

هذا النظام الذي عشنا في ظله وذُقنا مرارة حكمه نحو نصف قرن من الزمان؛ فما رأينا أنحس ولا أنجس ولا أقذر ولا أوسخ ولا أخبث منه؟؟!!

هذا النظام "الحِلِس المِلِس النَّجِس" كما يقول إخواننا في الشام؟!

هذا النظام المُعادي لله ورسوله، ولكل عباده الصالحين؟!

هذا النظام البطَّاش الذي يرتعب منه الكبير والصغير، والمُقَمَّط في السرير، كما يقال في المثل العامي الشهير!!

هذا النظام الذي أسس حزب البعث العربي الاشتراكي، وجعله حاكما وسيفا مُصلَتًا على الشعب السوري المسكين؛ الذي حكمه بالحديد والنار بأجهزته وفروعه الأمنية المتعددة من: "أمن الدولة"، إلى "الأمن العسكري"، إلى الأمن السياسي"، و"الأمن الجوي"... .

هذا النظام بفروع مخابراته وأقبيتها التي تُشيب الوِلدان، وقد أذاقت الناس الويلات، ورأوا منها الويل والثبور وعظائم الأمور.

هذا النظام بقمعه وتعذيبه للناس، وتنكيله بهم، بأساليب وحشية تنسي محاكم التفتيش في إسبانيا، وسجن الباستيل في فرنسا.

إنه صاحب السجون الشهيرة في صحراء "تدمر"، و"المزة"، و"عدرا"، و"صيدنايا"، و"السجن المركزي" بحلب، وسجون المخابرات الخاصة!

إنه صاحب: نكبة و"مجازر حماة" سنة 1982م؛ التي راح ضَحِيَّتَها عشرات الآلاف من الأبرياء العُزْل، وصاحب "مجزرة تدمر" في صحراء حمص؛ والتي راح ضحيتها أكثر من ألف سجين أعزل، ومجزرة "المشارقة" بحلب يوم العيد والتي راح ضحيتها العشرات من الشُّبَّان العُزل، و و و؟!!

هذا النظام إنه صاحب فروع المخابرات الجهنمية ولا سيما "فرع فلسطين" وما أدراك ما فرع فلسطين؟!

4

*هذا النظام الذي يقول رئيس نظامه السابق المقبور حافظ الأسد، ووزراء داخليته عن الشرطة الشرفاء القلة الذين لم يكونوا يرتشون، وطالبوا بزيادة رواتبهم؛ فجاءهم الجواب العجيب الغريب الصاعق:

"ألِأجْل حفنةٍ من المُوظفين الدروايش المُغَفَّلين الحمقى نزيد رواتب مئات الآلاف من عناصر الشرطة"؟؟!!

وكان شِعار بعض الموظفين في دولة البعث: "اِرشِ تَمْشِ".

وبعضهم الآخر يقول لك بكل صفاقة: "أعطنا رِزقتَنا"؛ يقصد رشوتنا؟؟!!

ولما تقول له: "ألست موظفا ولديك راتب"، يجيبك بصفاقة فاقعة: "إن راتبي لا يكفيني"، أو: "إن راتبي لا يكفيني ثمن خُبز لأسرتي"؟!.

*هذا النظام البائس الذي من أراد أي وظيفة ولو إماما أو خطيبا، ومن أراد فتح أي محل ولو لبيع الفلافل؛ فلا بد أن يحقق معه أكثر من جهة أمنية، وأن يكتب أسماء أسرته فردا فردا، أحياء وأمواتا وماذا يعملون، ثم يدرس ملفك، وبعدها يوافق على طلبك أولا؟؟!!

كما حصل معي سنة 2011م لما تقدمت إلى وظيفة إمام وخطيب في مدينة أعزاز؛ فحققت معي جهتان أمنيتان في منبج وأعزاز؟!

هذا النظام هو الوحيد في العالم الذي لا يدخل النفط في ميزانيته العامة، ولا يعرف أحد عنه شيئا غير الرؤوس الحاكمة الكبيرة؟!

ولما يسألون عن النفط وميزانيته يجيبون بتفلسف: "هو في أيدٍ أمينة"؟!

هذا النظام هو الوحيد الذي يقول قانونه 49 بإعدام كل من يتمي إلى "جماعة الإخوان المسلمين" السياسية المدنية؟!!

هذا النظام هو الوحيد الذي يبغض ويُشيطن الإخوان والدولة العثمانية فيعدها مستعمرة محتلة منذ عشرات السنين؟!

5

في ظل هذا النظام كان يتوجَّس الناس خيفة من أقرب الناس منهم؛ الأخ من أخيه، والابن من أبيه والعكس صحيح، والزوج من زوجه، والعكس؟!

هذا النظام هو الوحيد في الوطن العربي الذي يمنع الصلاة واللحية والصيام أحيانا، في أغلب قطع الجيش ومعسكراته وثكناته؛ مع أن البلد مسلم، وسكانه ذوو أغلبية مسلمة؟؟!!

هذا النظام هو الوحيد الذي يشعر أتباعه بالخوف من بعضهم خارج سورية؛ إذا رأى بعضهم بعضا من أن يتجسسوا عليهم؟؟!!

هذا النظام هو الوحيد الذي يشعر أتباعه بالخوف والهلع حين يذهبون إلى سفارات بلدهم في الخارج؟!

هذا البلد هو الوحيد الذي تكثر في ثكناته ومعسكراته من ضُبَّاطه خاصة الألفاظ الكفرية؛ من سَبٍّ لله ورسوله؛ كالتسبيح والذكر لدى المسلمين؛ فيسب أحدهم: رَبَّكَ، ودِينَكَ، ونبيَّكَ؟؟!!

بل يتفنن بعض الضباط فيه بالكفر؛ كما سمعت عن بعضهم قوله: "أنا أصغر ضابط عندي، أشرف مِن محمَّد"، أستغفر الله العظيم، وقاتله الله ما أجرأه على الكفر والفجور.

بل الكفر تسمعه في الشوارع والقرى دون أي رادع؛ فقد سمعت بعضهم يهتف في حلب في نحو منتصف الثمانينات في مسيرات الانتخابات للمقبور حافظ الأسد: "حَيّدُ وحيدو حافظ أسد بعد الله بنِعبَدُو"؟!

تسمع هذا الكفر الصريح المُقَزِّز ولا حسيب ولا رقيب، فضلا عن العقوبة الرادعة والزاجرة؟!

في حين لا يجرؤ الناس على سب أصغر مسؤول في الدولة؟َ!

ولله در الشاعر وليد الأعظمي القائل:

يُقاد للسجن إن سب المليك، و إن         سبَّ الإلَهَ فإن الناسَ أحرارُ؟!

6

*هذا النظام الذي فيه الفجور وبيع الخمور يجري علنا؟!

هذا النظام السفاح القاتل الذي قتل مئات الآلاف من السوريين، ومنهم الشيخ البوطي الذي قتله، ثم نفى قنله وتبرأ من قتله، ثم أصبح يتاجر بدمه، وراح يكيل الثناء عليه ويصفه بالإمام والشهيد البوطي، والعلامة البوطي؟! كما قتل فيما بعد - قبل نحو سنة- الشيخ محمد عدنان الأفيوني الدمشقي، وتبرأ من ذلك، ثم راح يتاجر بدمه؟!

في ظل هذا النظام المُجرم الإرهابي، كان الناس يقولون من خوفه: "إن للحيطان آذانًا" لمن يتكلم بصوت مُرتفع؛ خشية من أن يتجسس عليه أحد!

في ظل هذا النظام بقيت قلة قليلة قائمة بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وداعية إلى الخير بإذن ربها، دون خوف أو وجل.

ولا أتكلم هنا عن العلماء التقليديين الصامتين عن المنكرات، والذين لا يحركون ساكنا، والمستفيدين من مساعي الشيخ البوطي في الدعوة، ولا عن علماء السُّلطان المُنافقين السائرين في ركابه، والواقفين بأبوابه، والمسبحين بحمده، والمُسوغين لأفعاله وأقواله المخالفة للإسلام؛ كأحمد حسون، وبشيرعيد الباري، ومحمد عبد الستار السيد ...

في ظل هذا النظام الماجن الفاجر والسيِّئ جدا، وفي هذا الجو القاتم جدا كان يدعو الدكتور محمد سعيد البوطي رحمه الله، وثلة قليلة من إخوانه الدعاة المخلصين الصادقين؛ من "أولي بَقِيَّة".

ولم يكن الطريق أمامهم مفروشا بالورود والأزهار كما يُقال، وكما يُظَنُّ؛ بل كانوا يمشون في طريق ملؤه الأشواك، وفي حقل مزروع بالألغام.

وكما يقول المثل المعروف: "من يأكل العِصِيّ، ليس كمن يَعُدُّها، و"من كانت يده في النار ليس كمن كانت يده في الماء"، و"اللي ما داق المِغراية، ما بيعرف شُو الحكاية"، كما في المثل الشعبي الشامي.

7

الشيخ البوطي وقليل جدا من إخوانه ممن كان ينكر المنكرات القائمة في دروسه وخطبه؛ مِن منع الصلاة في الجيش، وعن الحجاب، ووجوب السماح للمسلمات الموظفات والطالبات بارتدائه في الجامعات والمدارس، ودوائر العمل الحكومية، وعن منع بعض الكتب الإسلامية كـ "رياض الصالحين"، و"إحياء علوم الدين"، وغيرهما.

كما توسَّط لمئات من العلماء والناس العاديين بالعودة إلى سورية مِمَّن سافر بعد أحداث الثمانينات وأزمة الحكومة والإخوان، فعادوا إلى أعمالهم وحياتهم الطبيعية السوية، وخرج بسببه مئات آخرون من مقابر سُجون الأسد.

وبسببه وسبب الشيخ أحمد كفتارو بقيت المعاهد الشرعية الخاصة التي قرر حافظ أسد إلغاءها؛ فأعيدت، وأنشئت معاهد الأسد لتحفيظ القرآن.

كان الشيخ البوطي يفعل ذلك قبل الثورة، وخلال نحو أربعين عاما!!

ثم بعد الثورة السورية، كان الوحيد الذي تكلم عن كل هذه الأمور مُجتمعة؛ من الزيادة في مساحة الحريات، والمطالبة بالمزيد من الإصلاحات، وعن حرمة قتل المتظاهرين السلميين، وعن مشكلة الحزب الواحد، وعن ضرورة إنشاء "قناة إسلامية"، وتلبية مطالب المتظاهرين، وأنكر سجود بعض جنود النظام لصورة بشار، واعترض على فصل المنقبات من وظائفهن، وعن مناهج المدارس الخاصة المنافية للإسلام، وعن بعض المسلسلات المخالفة للإسلام كمسلسل: "وما ملكت أيمانكم"، ... .

*سِجِلُّ البوطي الحافِل في خِدمة الإسلام والدعوة الإسلامية:

فالشيخ البوطي رحمه الله قضى نحو ستين سنة يخدم دين الله عزوجل، داعيا إلى الله تعالى، ومدافعا ومنافحا عن دينه الحنيف عبر المئات من محاضراته في "كلية الشريعة" نحو أربعة عقود، وفي كليات أخرى، وفي الآلاف من دروسه وخطبه في المساجد المختلفة في دمشق، في "مسجد حمو ليلى"، وفي "جامع الرفاعي" خطيبا ومدرسا للتفسير ومجيبا عن أسئلة الناس واستفتاءاتهم، وفي "جامع السنجقدار، و"جامع تنكز"، و"جامع الإيمان"

8

بحي المزرعة والذي استشهد وهو يدرس فيه، وفي "الجامع الأموي" خطيبا، وفي الاحتفالات المختلفة بذكرى المولد والهجرة والإسراء والمعراج، وفي حضور الندوات والمُلتقيات الفكرية المختلفة في الجزائر، وعمَّان، والإمارات، وفرنسا، وأمريكا ... .

وفي المئات من كتاباته ومقالاته في مجلات "التمدن الإسلامي"، و"حضارة الإسلام"، الدمشقيتين، و"مجلة العربي" الكويتية، ثم "مجلة الأمة القطرية"، ومجلة "طبيبك"، وأخير مجلة "نهج الإسلام" الدمشقية.

هذا عدا عن مناظراته للعلماء المسلمين كالشيخ ناصر الألباني، وغير المسلمين كمناظرته الشهيرة للدكتور طيب تيزيني.

هذا عدا مؤلفاته وكتبه ومصنفاته النفيسة التي جاوزت التسعين مؤلفا ورسالة؛ في الفقه المُوَازَن "المُقَارَن"، والأصول، والحضارة الإسلامية، والحضارة الإنسانية، والفكر عامة، والفكر الإسلامي خاصة، والفتاوى والاستفتاءات، والعقيدة الإسلامية، والفكر المعاصر، والسيرة النبوية وفقهها، والأدب والنقد، والتاريخ والتراجم، ... .

مزية الشيخ البوطي أنه ثبت قبل الثورة وبعدها على مواقفه من الدعوة إلى الله تعالى؛ فلم يخرج من سورية، مع الإغراءات والمكاسب الدنيوية التي جاءته، فرفضها، وآثر البقاء والعمل في سورية للإسلام، وعد ذلك جهادا في سبيل الله من أعظم الأعمال المُقربة إلى الله تعالى.

وكان بوسعه أن يخرج من سورية كما خرج المئات من العلماء والدعاة السوريين، وآثروا السلامة، وأنا أتكلم عمَّن خرج من سورية، ولم يكن مُضطرا للخروج، وإنما خرج للدنيا، وإيثارا للسلامة مع تمكنه من البقاء!

9

كما أني لا ألوم المشايخ الذين تكلموا على الشيخ البوطي وأنكروا عليه مسائل خالفوه فيها، أو بلغتهم فيها مشوهة أو مبتورة؛ كالشيخ محمد علي الصابوني، والشيخ يوسف القرضاوي، والشيخ محمد فتحي الحريري، رحمهم الله تعالى، والشيخ أبي الهدى اليعقوبي، حفظه الله تعالى، وغيرهم؛ فهم قاموا بواجبهم في إنكار المنكر، وبيان الحق، وتاريخهم حافل بالدعوة إلى الله تعالى، ونشر العلم، وتدريسه، ونصرة دينه.

لكني ألوم من يتكلم على الشيخ البوطي، ويلغ في عِرضه، ويأكل لحمه، وهو مُتَّكِئٌ على أريكته، ولم يفعل شيئا للإسلام، ولم يُقدِّم في سبيله شيئا؛ بل لم يعرف له أي خدمة له في نشر علم، أو دعوة إلى الله تعالى؟!!

وأصبح أكبر همه ومبلغ علمه، الطعن في الرجل، وتجريحه، ونهش لحمه، بالكلام في كل مجلس، وبالكتابة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

أقِلُّوا عليهِم ،   لا أبًا   لِأبيكُمُو

       مِنَ اللَّوْمِ، أوسُدُّوا المَكَانَ الَّذي سَدُّوا

 

ssadfadggfs10282.jpg

 

10

معرفتي بشيخي العلامة د. محمد سعيد البوطي

*أولا: في بيتنا لدى والدي رحمه الله تعالى:

أول ما عرفت شيخنا العلامة د. محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله تعالى، - وأنا في ميعة الصبا وريعان الشباب- كان في بيت والدي الشرطي محمد السيد؛ الذي كان يحب الشيخ البوطي حُبًّا جَمًّا، وكان يشتري ويقتني جُلَّ كُتبه، بمكتبته العامِرة بقرية "أبي كهف"، ثم في "منبج"، كاقتنائه لجل كتب أستاذنا المؤرخ الكبير د. شوقي أبو خليل رحمه الله تعالى أيضا.

وكان من تلك الكتب "البوطية" النفيسة على ما أذكر كتب: "من الفكر والقلب"، و"فقه السيرة النبوية"، و"كبرى اليقينيات الكونية"، و"من روائع القرآن"، و"هذه مشكلاتهم"، و"الجهاد"، و"شخصيات استوقفتني"، ... .

*ثانيا: في "دار الأرقم" بمنبج:

ثم كان عن طريق كتبه الثلاثة الفذة "فقه السيرة النبوية"، و"من روائع القرآن"، و"كبرى اليقينيات الكونية".

فالأول درسناه في معهد وثانوية "دار الأرقم بن أبي الأرقم الشرعية" في مدينتي مدينة منبج؛ على يد أستاذنا العلامة الشيخ حمزة عبد الله الويسي حفظه الله ورعاه، في الصف الأول الثانوي على ما أظن.

والثاني: كان في دار الأرقم بمنبج أيضا، في مادة "علوم القرآن"، على الشيخ حمزة الويسي، أيضا.

أما الثالث: فكان في دار الأرقم، أيضا، على الشيخ حمزة وغيره أيضا على ما أظن، وفي "كلية الدعوة الإسلامية" بدمشق، كذلك؛ فدرسناه مرتين.

*ثالثا: في دمشق الفيحاء في الجامعة:

ثم عرفته عن قرب في المرحلة الجامعية بدمشق منذ عام 1987م؛ وكان ذلك في أماكن ومناسبات عدة؛ منها:

11

أ- في جامع السنجقدار: مقابل قلعة دمشق تقريبا، وخلف ساحة المرجة جنوبيَّها، وهو جامع قديم، وصغير نسبيا؛ لكنه يعبق برائحة القدم، البادية عليه من بنائه القديم، وزخرفته وتصاميمه القديمة.

حضرت في هذا الجامع المبارك على شيخنا البوطي بعض دروسه في تاريخ التشريع الإسلامي، وأواخرها في ذلك الوقت.

كما حضرت فيه بعض دروسه في شرحه البارع للكتاب العظيم والفذ كتاب "رياض الصالحين" للإمام الشهير والولي الخطير يحيى بن شرف النووي ت 676هـ، رحم الله روحه، ونوَّر ضريحه، وهو الكتاب الجليل الذي كتب له القبول، وبركة سعة الانتشار الواسع في العالم الإسلامي.

وكان ذانك الدرسان يُقامان يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع بعد صلاتي المغرب والعشاء مباشرة.

ومما أذكره من تلك الدروس شرحه لحديث سيدنا خَبَّاب بن الأرتِّ رضي الله عنه أنه قال -"فيما معناه"-: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يرتدي بردة في ظل الكعبة، وكان المشركون قد عذبوه عذابا شديدا، حتى إنهم كانوا يكوون ظهره بالحديد المُحَمَّى- يقول خبَّاب- فما كان يُطفئ لهب النار وحرارتها إلا وَدَكُ ظَهْري "دِهْنُه"؟! فأتيته فقلت: يا رسول الله ألا تدعو لنا، ألا تستنصر لنا؟ فقال: لقد كان الذين من قبلكم يعذبون فيُمشَطُونَ بأمشاط الحديد ...، فما يَصُدُّ أحَدَهم عن دينه، وليُتِمَّنَّ الله هذا الأمرَ حتى ترى الظعينة تخرج من الحيرة إلى صنعاء، لا تخشى إلا الله، والذئب على غنمها، ولكنكم تستعجِلون"، أو كما قال رسول الله عليه الصلاة والسلام.

ب- في "جامع تنكز":

ثم انتقل الشيخ إلى "جامع تنكز" غربي سوق الحميدية و"القصر العدلي"، وقبل "محطة الحجاز"، وكان بناؤه واسعا وأبيض، وفي طابقين، وذلك بعد ما ضاق مسجد السنجقدار، وأمسى يغص بمئات المصلين والحضور لدرس الشيخ البوطي؛ حتى صاروا يصلون في الخارج!

12

وكنت أحضر فيه عنده يومي الاثنين والخميس بعد المغرب والعشاء درسيه في شرح كتاب "رياض الصالحين" للإمام النووي رحمه الله تعالى.

*ومن تلك الدروس التي أذكرها شرحه لحديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصحيح الذي قال فيه: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه؛ فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي".

*ومما ذكره من المسائل حول شرح هذا الحديث:

مسألة أقوال العلماء واختلافهم في تمني الموت شهادة في سبيل الله، أو في الأراضي المقدسة كالموت في الحرمين الشريفين، وأتى بقول سيدنا سلمان رضي الله عنه لأحدهم وقد قال له أريد أن أدفن في الأرض المقدسة فأجابه قائلا رضي الله عنه: "إن الأرض المقدسة لا تقدس أحدا".

*الحِرمان من العَشاء، والتضييق علينا في الدخول إلى "مجمع أبي النور" بسبب الدكتور البوطي؟!

ومن المواقف الطريفة المُضحكة والمُبكية أن بعض المسؤولين والإداريين في "جامع ومجمع أبي النور الإسلامي" الذين كنا ندرس، ونقيم فيه- كانوا لا يحبون الشيخ البوطي؛ فكانوا أحيانا ينتقمون منا بالتضييق علينا لدى رجوعنا بعد الساعة التاسعة ليلا؛ فيغلقون أبواب المسجد الخارجية؛ فلا يدخلوننا إلى مسكننا إلا بعد توسلات ورجاءات حارَّة؟!

كما كنا نُحرم من العَشاء الذي يفوت وقته، ويكون وقت درس شيخنا البوطي رحمه الله؛ بين المغرب والعشاء!

فكنا نتعشَّى في بعض مطاعم السوق؛ فنأكل شطيرة فلافل من عند "فَلافِلِيٍّ" على عرَبَة، أو ما تيسَّر مثلها، أو نجلبها إلى السكن معنا، أو نذهب إلى دكان صغير قريب من جامع أبي النور جَنُوبِيَّه، على طريق "جامع الشيخ محيي الدين بن عربي"، على الجانب الأيمن منه، بعد "مدرسة الصاحب" وهو "مُطَيعم" للفول والحمص والفلافل فنأكل عنده شطيرة، أو فَتَّة حمَّص ...، على حسابنا الخاصِّ، إن كان فاتحا لم يُغلق، وإلا فنذهب إلى الأبعد منه!

*الإدارة في "مجمع أبي النور" لا يحبذون حضور دروسه؟!

*وبهذه المناسبة أذكر فأقول: إن الطلاب الذين يدرسون في "كلية الدعوة الإسلامية- مجمع أبي النور"، قل منهم من يحضر دروس الشيخ البوطي؛ فقد كان أكثر الطلاب يخافون من الحضور عنده، بسبب أن المسؤولين في المجمع أكثرهم لا يرغبون في حضورنا دروس البوطي؛ فهو كان "كالعدو لهم"، ولا نعرف سببا ظاهر لذلك؟!

بل بلغ الحقد ببعض أساتذتنا في "كلية الدعوة" أن يقول عن الشيخ البوطي هو "بُوطي" بتفخيم الباء، والعياذ بالله تعالى، ولما شرح السبب تبين أنه يحقد عليه لأنه كان يدرس عنده في كلية الشريعة وقد أعطاه في مادته في "العقيدة الإسلامية" -على ما أظن- درجات قليلة؟!!

فكنت أحضر أنا العبد الفقير، وبضعة طلاب آخرين، من مئات من طلاب كليتنا، هذا في السنة الأولى، من الجامعة، لكنهم بحمد الله كثروا فيما بعد، وأصبحوا بالعشرات، وتجرؤوا بسببنا، بفضل الله تعالى.

لكن هذا المنع غير المُعلَن من حضور دروس البوطي كان غريبا، بل مناقضا لكلام شيخ المجمع مجمع أبي النور وهو العلامة الشيخ أحمد كفتارو رحمه الله؛ فقد سمعته يقول مرة: "يا ابني في الطريق لا تعدد الشيخ"؛ أما في العلم فخذ عن مشايخ عديدين"!

والذي يبدو لي والله أعلم في سبب ذلك المنع من حضور دروس البوطي غير المعلن، وشبه المُعلن من خلال بعض الإشاعات، أن السبب هو البون الشاسع بين ما يطرحه الشيخ البوطي، وما يعطيه مشايخ مجمع أبي النور من علم ودروس أقرب ما تكون إلى الوعظ والأسلوب العامي، بخلاف دروس الشيخ البوطي المنهجية والفكرية وذات المستوى العالي والرفيع!

*سؤال الشيخ أسامة الخاني رحمه الله عن ذلك: وأذكر أني مرة مرة بادرت فسألت الشيخ والرجل الصالح المخلص الرباني الشيخ أسامة الخاني رحمه الله -حين سمعت بعض الطلاب يشيعون منع حضور دروس الدكتور البوطي- فقلت له بعد حضور درسه الذي كان يلقيه بعد صلاة المغرب يوم

الأربعاء: شيخي! سمعت أنكم لا تريدون أحدا يحضر عند الدكتور البوطي فهل هذا صحيح، ولماذا؟! فأجابني جوابا غريبا؛ فقال لي: نعم صحيح. أما السبب فهو إن كان ما يقوله البوطي موجودا عندنا فلماذا تذهبون إليه؟ وإن لم يكن موجودا عندنا فسنحاول أو نوجد لكم مثله عندنا؟!

ج- خطبة الجمعة وصلاتها ودرس التفسير أو الفتاوى في "جامع الرفاعي" بحي "ركن الدين":

وهو الجامع الذي يقع في "حي ركن الدين - ساحة شمدين" على هضبة ومرتفع نصعد إليه؛ فنذهب من مجمع أبي النور، ونتجه شمالا فنمر من جانب منزل الشيخ د. محمد سعيد البوطي، وأحيانا نصادفه ذاهبا إلى هذا المسجد ليخطب الجمعة فيه، ثم ننعطف يسارا إلى جهة الغرب، لنصعد إلى هذا الجامع المتوسط، ذي الطابقين، أو الثلاثة.

كنت أحضر في هذا الجامع المبارك "خطبة الجمعة" للشيخ البوطي، غالب العام الدراسي؛ فلا أتخلف عن حضور الخطبة فيه، إلا أن يكون الشيخ مسافرا، أو أكون في العطلة الصيفية؛ فأكون إماما وخطيبا ومعلما للقرآن في أحد المساجد السورية؛ في ريف حلب أو الرقة، طيلة المرحلة الجامعية، وقبلها سنتان من المرحلة الثانوية.

كما كان الشيخ البوطي يلقي في هذا الجامع نفسه بعد صلاة الجمعة مباشرة درسا في التفسير متسلسلا لثلاثة جُمَع، ويخصص درسا رابعا في الشهر لأسئلة الناس واستفتاءاتهم المختلفة المكتوبة في أوراق.

*من المواضيع التي أذكرها من تلك الخطب:

كلامه عن المغريات والفتن في هذا الزمان التي يتعرض لها الشباب المسلمون ليصدوهم عن دينهم بمختلف الوسائل والسبل الشيطانية، بالنساء، والإعلام الفاسق ...، وذكَّر الشباب بالتمسك بتقوى الله وعظم الأجر والثواب الذي ينتظرهم، وبالاقتداء بسيدنا يوسف الصديق عليه السلام الذي قالت له امرأة العزيز (هَيتَ لك؛ فقال: معاذَ الله).

15

*نماذج مما أذكره من تلك الدروس:

حَدْبُ الشيخ البوطي على الشباب، وشفقته عليه، وحِرصه على هِدايتهم:

مما أذكره أن بعض الحاضرين سأله عن المذي وهل يجوز أن يصلي الشاب المسلم به؟

فقال الشيخ البوطي رحمه الله: هو نجس لا تجوز الصلاة به، لكن إذا كان الشاب مبتلى بكثرته، وتعذر عليه التطهر منه، وكان سيحُول بينه وبين الصلاة فليأخذ بالقول الضعيف بطهارته، وليُصَلِّ، (والله غفور رحيم)، و(لا يُكلف الله نفسا إلا وسعها).

ذكر الشيخ البوطي مرة عند قول الله تعالى: (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون* وإذا مروا بهم يتغامزون*) فذكر أن منهم من يمنعون الناس العساكرَ من الصلاة، أو يَسخَرُون من المُصلِّين منهم؟!

يقصد منع النظام السوري الجُنود في كثير من ثُكْناتهم العسكرية من أداء فريضة الصلاة من ضُبَّاطهم ومسؤوليهم، وهم مُسلمون، وفي بَلَد مُسلِم؟!

*تفسير "في ظلال القرآن" لسيد قطب رحمه الله:

سأله أحدهم عن "تفسير الظلال" فقال رحمه الله: هو تفسير جيد بل رائع، ولا سيما في أسلوبه الأدبي، لكن ليس لأنه لأستاذ سيد قطب فهو معصوم، ولا أخطاء فيه. ثم تكلم عن مسألة إنكار سيد قطب لحديث سحر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه من أخطائه رحمه الله.

*تحذيره من قراءة كتب د. مصطفى محمود رحمه الله:

وسئل مرة عن كتب د. مصطفى محمود فحذر من قراءاتها؛ لأن فيها أخطاء شرعية وعقدية، وهو ليس عالما، بل طبيبا.

*ومن فتاواه: تحريمه إعطاء الزكاة المفروضة للمدارس الشرعية التي فيها طلاب أغنياء لسببين: الأول: عدم جواز إعطاء الزكاة للغني، والثاني:

16

يُشترط في الزكاة التمليك، والقائمون على هذه المدارس لا يُمَلِّكون الطلاب تلك الزكوات والأموال؛ بل يجعلون أنفسهم وُكلاء عليهم، وهُم بالغون.

*ومن فتاواه كذلك:

تحريمه التصرف بأموال الجمعيات الخيرية بغير ما وُضعت له؛ بالسفر إلى دول بأموال تلك الجمعيات، والنزول بالفنادق، ... .

*سؤال عن حزب البعث العربي الاشتراكي:

وسأله سائل عن حكم الانتساب إلى حزب البعث فقال: يا أخي! اجعل الكتاب والسنة ميزانكَ، ثم انتسب إلى أيِّ حِزب شِئتَ.

*زلزال أغادير:

*وذكرَ مرة قُدرة الله تعالى في التدمير فذكر "زلزال أغادير" في المغرب، وأنه دمَّر الأبنية الشاهقة في المدينة ومنها فُندقها الذي لم يبق منه سوى لوحة اسمه التي أمست على وجه الأرض، بعدما كانت في الأعلى؟!

*عدم جواز تفضيل النبي محمد موازنا بينه وبين بقية الأنبياء:

سألته مرة هل يجوز الموازنة بين النبي محمد عليه الصلاة والسلام وبين بقية الأنبياء فيظهر نقصا لهم، أو يشعر بذلك؛ مثل قول الشيخ عبد الرحيم البرعي رحمه الله تعالى في نونيته الشهيرة:

وإنْ ذَكرُوا نَجِيَّ الطور فاذكُر               نجيَّ العَرْشِ مُفتقِرًا ؛ لِتَغْنَى

فإن يكُ   دِرعُ   داود   لَبًوسًا               يَكونُ مِنِ التِباس البَأسِ حِصنا

فدرعُ مُحَمَّدِ   القرآنُ ،   لمَّا               تلا: (و اللهُ يعصمك) اطمأنّا

و مُوسى   خرَّ   مَغشِيًّا   عليه              و أحمد لم يكن لِيزيغَ   ذِهنا

وأهلكَ قومَه في الأرض نوحٌ                 بدعوة (لا تذر أحدا) فأفنى

و دعوةُ أحمد رب اهد قومي               فهم لا يعلمون   كما   علِمنا

17

فقال: لا يجوز ذلك، ونوح عليه السلام إنما دعا على قومه بعدما أوحى الله إليه: (أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن).

*موقفه يوم وفاة والده، وتعزية حافظ الأسد به:

أذكر أننا في يوم وفاة والده "الشيخ مُلَّا رمضان"رحمه الله، في "جامع العثمان؛ الجامع الكويتي" وكان والده في التابوت مُسجَّى أمامنا؛ فألقى الشيخ محمد سعيد البوطي كلمة مقتضبة قال فيها:

رحم الله والدي الذي كان يقدر العلم وأهله، وكان أهم شيء لديه حتى أنه قال لي مرة: لو كنت أعلم وسيلة تقربك إلى الله أكثر من العلم الشرعي لجعلتك تسلكها، ولو أن أجعلك زَبَّالًا تكنس القمامة!

وإني أشكر الرئيس حافظ الأسد الذي أرسل لي تعزية بوالدي، وأسأل الله تعالى أن يلهمه للعمل لمثل هذا الموقف، وأشار إلى جنازة والده.

*من أقوله وأدعيته وعباراته التي حفظتها:

"ذكر الجفا في موطن الصفا من الجفا":

قال هذه الكلمة في إحدى الكلمات له بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي، بعد كلمة للشيخ عبد الرؤوف أبو طوق رحمه الله، كان قد ألقى كلمة قال فيها: "هؤلاء القوم -يقصد الوهابية السلفية- يقولون عن المولد مولد سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام: "بدعة، لهم الوَجْعَة"؟!

فقال الشيخ البوطي بعدها معلقا على كلامه: يا أخي دعنا من ذكر هؤلاء القوم؛ فذكر الجفا في موطن الصفا من الجفا".

*كان يسمى عصرنا هذا: "عصر التيارات والأهواء".

*قال مرة عن مجلة "الناقد" الخبيثة العلمانية:

وهي مجلة أظنها ليبية مسمومة تطعن في الإسلام ونبي الله محمد عليه الصلاة والسلام والوحي، وقد رأيت فيها مقالة بعنوان: "أوهام الغيبيات"؟! قال عنها الشيخ البوطي: "مجلد الناقد مجلة تنقد الحق، وتُزخرف الباطل".

*وسمعته في أحد دروسه مرة يقول في معرض الرد على بعض الشبهات وبعض أعداء الإسلام:

"أيها الإخوة! لو أردنا أن نتتبع خصوم الإسلام للرد عليهم في شبهاتهم وأفكارهم، فلن ننتهي، وخير وسيلة للرد عليهم أن نحصنا أنفسنا بالعلوم والثقافة الإسلامية؛ فيكون لدينا وقاية ذاتية للشبهات.

*حبه وتعظيمه لله تعالى:

ما كان يذكر الله تعالى إلا بالتعظيم؛ فيقول عنه غالبا: "الباري عزوجل يقول"، أو يقول الله تعالى ... .

وكثيرا ما كان يروي هذه القصة عن حب الله تعالى؛ وهي:

أن رجلا كانت لديه أمة عابدة صالحة؛ فسمعها يوما تدعو في قيامها لليل بقولها: "اللهم إني أسألك بِحُبِّكَ لي أن تُعطِيَني كذا"؟! فقال لها: ويحكِ ماذا تقولين؟! وكيف عرفتِ أنه يُحِبُّكِ؟! فقالت له: يا سَيِّدِي! لولا حُبُّه لي لَمَا أيقظَني في هذه الساعة المُبارَكة!

*وسمعته مرة يقول معلقا على قول الشاعر في حبيبته:

لي   لذة   بتذللي ، و خضوعي         و يطيب بين يديكِ سَفْكُ دُموعي

يقول: لو عرف هذا الشاعر المسكين حب الله تعالى لقال:

لي   لذة   بتذللي ، و خضوعي         و يطيب بين يديكَ سَفْكُ دُموعي

لقال: "بين يديكَ" لا "بينَ يديكِ"؟!

*ما سمعت أحدا يتحدث عن الحب الإلهي بهُيَام كما سمعت الشيخ سعيدا البوطي، ولا عرفت أحد يتحدث عن العبودية لله تعالى، و"محراب العبودية"، كما سمعت البوطي رحمه الله.

*وسمعته يقول مرة: "الجِذْع الأعظم للحب هو حب الله عزوجل".

19

*وسمعته يقول مرة:

خير وسيلة لشكر الله تعالى، أن تربط النعم بالمُنعم عزوجل.

*حبه وتعظيمه لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

ما كان الشيخ البوطي رحمه الله يذكر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا بالتعظيم والتوقير والسيادة، والصلاة والسلام عليه، وكم كان يذكره بالمحبة والشوق إليه، وكل من قرأ فقه السيرة النبوية له يعرف ذلك، ولا سيما ما كتبه في الدفاع عنه ونصرته، في باب هجرته عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة، وتعليقه على حب أبي بكر وآل بيته والصحابة عموما في سبيل محبته.

وكذلك في باب زيارة قبر النبي ومسجده صلى الله عليه وآله وسلم في معرض رده على ابن تيمية رحمه الله في عدم جواز شد الرحل لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام استقلالا، وإنما الزيارة إلى مسجده، ورده عليه ردا علميا، وبيان شذوذه عن العلماء في هذه المسألة التي أخطأ فيها ابن تيمية وخالف فيها جماهير العلماء.

*ومن هذا الباب حبه لإقامة المولد النبوي الشريف، وحضوره لمجالس المولد والاحتفال والاحتفاء بمولد سيدنا رسول الله في كل عام.

*رأيه في المولد النبوي وحكمه:

كان يرى أنه جائز، وأنه من فعل الخير المندوب إليه شرعا، وأنه داخل ضمن قول الله تعالى: (وافعلوا الخير لعلكم ترحمون*).

*رأيه في مدعي السلفية الوهابيين الذين يحرمون المولد والتوسل، وينكرون على الناس حبهم الشديد لرسول ...:

قال عنهم مرة في أحد احتفالات المولد: دعنا من ذكر هؤلاء أخي فقلوبهم لا تعرف الخشوع، وأعينهم لا تعرف الدموع.

20

*حبه لآل بيت رسول الله الأطهار عليهم السلام وتعظيمه لهم:

كان يجلهم ويذكرهم بالإجلال والتوقير، وقد سمعته مرة ذكرهم في جامع الرفاعي، وأنشد هائما بحبهم قول الشيخ البوصيري من همزيته رحمه الله:

آلَ بيت النبي طبتم فطاب الـ             ـمدح لي فيكمو وطاب الرثاءُ

أنا حسان مدحكم   فإذا   نُحْـ             ـتُ   عليكمْ ؛   فإنني الخَنْسَاءُ

سُدتُمُ الناسَ   بِالتُّقَى و سِوَاكُم             سَوَّدَتْهُ   الصفراءُ   و البَيضاءُ

*حبه للصحابة الكرام وتوقيرهم ودفاعه عنهم:

كذلك كان رحمه الله، كان يجل الصحابة الكرام عامة، والخلفاء الراشدين الأربعة خاصة، ومن يقرأ ملحقه بكتابه "فقه السيرة النبوية" الذي سماه: "موجز لتاريخ الخلافة الراشدة" يجد ذلك جليا واضحا.

*ومرة سمعته في أحد دروسه يُدافع عن سيدنا عثمان فيقول: كيف يحق لنا أن نتكلم عن سيدنا عثمان وقد زوجه سيدنا رسول الله بنتيه، وقال له: لو كان لنا ثالثة لزوجناكها"، وقال فيه بعد تصدقه العظيم في غزوة ذات العسرة "تبوك" قال: "ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم، اللهم ارض عن عثمان فإني راض عنه".

وقال في الطاعن في سيدنا عثمان أيضا: "من يتكلم في سيدنا عثمان فليشمَّ رائحة كفه، وليقطع لسانه".

*من علامات شدة إخلاص وتقوى وورع الشيخ البوطي:

قلما حضرت درسا للشيخ البوطي أو خطبة جمعة، أو صليت وراءه صلاة جهرية، إلا وبكى أو أبكى الحاضرين؟!

*سمعته مرة يقول: يا إخوة لا تؤاخذوني في بعض الأحيان، أحْتَدُّ في الإجابة عن بعض أسئلتكم؛ فأنفعل، فأرجو أن تسامحوني.

21

*فصاحة لسانه وعذوبة بيانه:

وما رأيت أفصح من الشيخ محمد سعيد البوطي في كتاباته ودروسه ومحاضراته؛ فقد اجتمعت له الفصاحة وجمال الأسلوب، وعذوبته وجزالته نُطقا وكتابة، وقَلَّمَا تجتمعان لشخص.

ومن يقرأ كُتبه جميعها، ويستمع دروسه ومحاضراته وخطبه يجد هذا واضحا بينا؛ فهو حين يتكلم في موضوع أو يشرح مسألة تجده يصوغها بأجمل عبارة، وأعذب أسلوب، وإذا كررها، أو زادها إيضاحا تجده يبهرك بإعادتها بقالب آخر، وبجملة وعبارة أخرى حتى تتجلى لك بأحلى بيان، وأعذب أسلوب وبيان، ولا يكررها بنفس العبارة والكلمات؟!

وحتى الكلمات الغريبة والحوشية التي يستعملها تجدك تفهمها من سياق استعماله لها، ومن الغرض الذي جيئت له.

*ومن الكلمات والعبارات الغريبة التي سمعتها منه لأول مرة:

1- أي استِخْذاءٍ هذا؟! أيُّ مأفُونٍ هذا؟!

2- "طُفَّ الصاع، طُفَّ الصاع، متى كان لابن السوداء فضل على ابن البيضاء يا أبا ذر؟!" قالها النبي عليه الصلاة والسلام لأبي ذرٍّ لمَّا عيَّر بلالًا بأُمِّه، رضي الله عنهم أجمعين.

3- هذا إنسان وضع عقله في حِذائه؟! "عن الشخص الذي يقول شبهة أو فكرة غريبة، ويُطلق عبارة على عواهنها، ولم يفكر في مضونها".

*جمال صوته ورقته: وكم كان صوته جميلا وهو يتلو القرآن بصوت خاشع مُخبت رخيم في الصلوات الجهرية فيَبكي ويُبكي المُصَلِّينَ خَلْفَه.

وإن أنس لا أنسى قراءته بضع آيات من سورة النمل؛ وهي قوله تعالى:

{ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ(59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60)

أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64) }.

ولا يزال يرن في أذني صوته الخاشع الرخيم وهو يردد (أإله مع الله، بل هم قوم يعدلون*)، (أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون*) ... .

ولا أنس كذلك تلاوته لأواخر سورة المؤمنون، وهي آيات من قوله تعالى:

{ قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (92) قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (93) رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (94) وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (95) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (96) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (98) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (105) قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106)

رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111) قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (114) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ(118) }.

*ومثل قراءته لأواخر سورة الزمر من قوله جل جلاله:

{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (63) قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ (64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)

24

وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين (75)}.

*تمسكه بالحق، وبعده عن هوى النفس وحظه الشخصي، وقبوله النصيحة:

*سمعته مرة يقول رحمه الله:

بعدما ألفت كتابي "اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية" ألف الشيخ ناصر الألباني أو بعض جماعته كتابا سماه: "جهالات البوطي، التعصب المذهبي هو البدعة"، ولم أرد عليه؛ فقال لي بعض الإخوة: لماذا لا ترد عليه؟ فقلت له: أول مرة كان قصدي بيان الحق، وقد فعلت؛ أما هذه المرة فهو انتصار لنفسي، فلن أفعل؟!

*وحين سَمَّى كتابه: "أحسن الحديث: تأملات علمية وأدبية في كتاب الله" قيل له: هذا يوهم الإعجاب بكتابك؛ فكأنك تقول للناس: كتابي أحسن الحديث، مع أن قصد الشيخ البوطي بـ "أحسن الحديث" كتاب الله تعالى، لكنه غيره فورا إلى: "من روائع القرآن"؟!

*تراجعه عن الخطأ على الملأ:

وإن نسيت فلن أنسى موقفا رائعا للشيخ البوطي أخطأ فيه في مسألة مواريث، ثم تراجع عن خطأه وبكى، وقال: أين السائل؟ أخبروه أني أخطأت في توزيع القسمة، ظننت كذا وكذا بدل كذا، وأنا بشر أخطئ، وأستغفر الله من فتواي هذه، والصواب كذا؟!

*موقفه المتسامح مع خصومه؛ "بينه وبين جماعة الشيخ أحمد كفتارو":

*سأله أحدهم مرة في درس بجامع الرفاعي سؤالا مكتوبا قال فيه: هل تنصحني أن أدرس في "معهد أبي النور" عند الشيخ أحمد كفتارو؟ فقال: نعم يا أخي، توكَّل على الله.

25

قال الشيخ البوطي هذا، في حين كان بعض جماعة الشيخ كفتارو يمنعون الطلاب من دروسه، ويقول بعضهم: إنه جاف، وجامد؟! أو: كلامه ليس فيه روح؟؟!! مع أنه يعمل مُستخدما في مطعم بجامع أبي النور؟!

*وسمعت أحدهم مرة وقد رأى الدكتور البوطي يحمل بعض أمتعته من السوق؛ فقال ساخِرًا: المسكين، لم يرب مريدا واحدا يخدمه؟!

*ومن تَعَصُّب أحد تلاميذ الشيخ كفتارو قوله:

سبحان الله! أنا كم رأيت من مشايخ، فما رأيت مثل شيخنا؟؟!!

يقول المسكين هذا الكلام، وهو لا يحضر لغير الشيخ أحمد كفتارو، فكيف يعرف غيره من المشايخ!!

*من أدعيته التي حفظتها منه: *اللهم اكلأنا بعين عنايتك، وبأتم رعايتك، اللهم اكلأنا كلاءة الوليد في المهد.

*اللهم افتح علينا بمعرفة العلم، وسهل أخلاقنا بالحلم، وافتح علينا فتوح العارفين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحَزْن إذا ما شئت سهلا، سهل لنا أمورنا مع الراحة لقلوبنا وأبداننا.

*يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.

*الحمد لله بجميع محامده كلها ما علمنا منها وما لم نعلم، على نعمه وآلائه كلها، ما علمنا منها وما لم نعلم. اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها دِقَّها، وجِلَّها

*اللهم أنت خلقتنا وأنت تهدينا، وأنت تطعمنا وأنت تسقينا، وأنت تميتنا وأنت تحيينا، لا نهلك وأنت رجاؤنا.

*يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.

*اللهم اجعل هذه البلدة آمنة مطمئنة، وسائرَ بلاد المسلمين.

*اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وأكرمنا ولا تُهِنَّا، وأرضنا وارضَ عنَّا.

26

*كان يفتتح دروسه غالبا بهذا الدعاء، وهو للحفظ والفهم؛ فيبدأ بقوله:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ثم يدعو قائلا:

"اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم، وأكرمنا بنور الفهم، وافتح علينا بمعرفة العلم، وسهل أخلاقنا بالحلم، واجعلنا مِمَّن يستمعون القول فيتبعون أحسنه".

*من أدعيته الجامعة المانعة:

"اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم صل على عبدك ونبيك محمد في الأولين، وصل على عبدك ونبيك محمد في الأخرين، وصل على عبدك ونبيك محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين، اللهم بلغ روح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم منا تحِيَّةً وسلاما، اللهم كما آمنا به ولم نرَهُ فلا تحرِمنا في الجنان رُؤيته يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم إنا نسألك الرضا بعد القضاء، وبَرْدَ العيش بعد الموت ولذة الشوق إلى لقاءك يا رب العالمين، اللهم إذا حانت رحلتنا عن هذه الحياة الدنيا فكرِّه إلينا الدنيا بكل ما فيها وحبِّب إلينا لقاءك، وأملأ اللهم قُلوبَنا شوقا إليك حتى يُخفِّف اشتياقُنا إليك من بُرَحاء الموت، وآلامِه علينا يا ربَّ العالمين.

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك، نسألك يا ربي رضاك والجنة ونعود بك من سخطك والنار، اللهم ما قضيت لنا من أمر فاجعل عاقبته رشدا بخفي لطفك ورحمتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم يا من لا يشغله سمع عن سمع يا من لا تغلطه كثرة المسائل يا من لا يتبرم بإلحاح عباده الملحين عليه، أنت أنيسنا في الوحشة، أنت أملنا عند اليأس، أنت عوضنا عن كل مصيبة، لا تُبعدنا عن جَنَى رحمتك، أذقنا برد إحسانك ولطفك، يا رب العالمين يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما، أعنا على ما قد أقمتنا فيه بما يرضيك يا رب العالمين، اللهم طهر بلدنا هذا مِن كل مَن يريد سوء بدينه أو دنياه يا ذا الجلال والإكرام.

يا ذا الجلال والإكرام ويا ذا الطول والإنعام أعد فرحة الأمن والطمأنينة ورغد العيش تدخلها إلى قلوب عبادك الذين أقمتهم فوق هذه الأرض المباركة بما شئت وكيف شئت يا رب العالمين، اللهم إن لم نكن أهلا لأن تستجيب دعاءنا فأنت أهلا لذلك وأنت ربنا القائل كلٌ يعمل على شاكلته شاكلتك الرحمة شاكلتك المغفرة شاكلتك الصفح يا ذا الجلال والإكرام اصفح اللهم عنا صفحك الجميل متعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا.

اللهم من أراد بالإسلام والمسلمين خيرا وفقه اللهم إلى كل خير، ومن أراد بالإسلام والمسلمين شرًا خده اللهم أخد عزيز مقتدر يا قيوم السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم إنا نتوسل إليك بعبادك الشعث الغبر لو أقسم عليك واحدا منهم لأبررت قسمه، نسألك يا ربي أن تستجيب الساعة دعاءنا، وأن تحقق رجاءنا، أعطِ يا ربي كل واحد منا الساعةَ سُؤله بما يرضيك، يا رب العالمين.
اللهم يا من لا تضيع عنده الودائع نحن عبادك استودعنا لديك دعاءنا ورجاءنا، ولا تخيبنا في أمالنا وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد النبي الأمي الحبيب العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وصحبه أجمعين آمين آمين آمين والحمد لله رب العالمين".

*موقع "نسيم الشام" من أدعية فضيلة الشيخ الشهيد البوطي، مشاركات الزوار: فاطمة حكيمة، 17/2/2014م.

*مناجاة قلب كسير:

"ﺇﻟﻬﻲ! ﺳﺄﻟﻮﻧﻲ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩﻙ، ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻬﻢ: ﻣﺘﻰ ﻋﺮﻓﺘﻢ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﺭﺃﻳﺘﻤﻮﻩ، ﻭﻟﻮﻻ ﺿﻼﻟﻜﻢ ﻋﻦ ﻛﻴﻨﻮﻧﺘﻜﻢ ﻟﻤﺎ ﺍﻓﺘﻘﺪﺗﻤﻮﻩ.

ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺫﺍﻫﻼً ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﻣﻨﻈﺎﺭ، ﺟﺪﻳﺮ ﺑﻪ ﺃﻥ ﻳﻔﺘﻘﺪ ﻣﻨﻈﺎﺭﻩ ﻭﻻ ﻳﺮﺍﻩ، ﻭﻣﻬﻤﺎ ﺃﺩﺍﺭ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺣﻮﻟﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻌﺜﺮ ﻋﻠﻴﻪ، ﺣﺘﻰ ﻳﻬﺘﺪي ﺇﻟﻰ ﺫﺍﺗﻪ، ﻭ ﻳﺘﺤﺴﺲ ﺍﻟﻤﻨﻈﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﻴﻨﻴﻪ.

28

ﻭﺳﺄﻟﻮني ﻋﻦ ﺃﻗﺪﺱ ﺳﺮ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭﻙ؛ ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻬﻢ: ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻘﻠﺐ! ﻳﺨﻔﻖ ﻭ ﻳﺤﺲ ﻭﻳﺌﻦ، ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻻ ﺗﻄﻮﻟﻪ ﻓﻴﻪ ﻳﺪ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﻉ، ﻭﻻ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﻭﺍﻟﺨﺪﺍﻉ، ﻭﻻ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺯﺧﺮﻓﻬﺎ، ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻭﻗﻴﻤﻬﺎ! ﻋﺮﻭﺵ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﻤﺎﻟﻜﻬﺎ، ﻭﺑﻄﺸﻬﺎ ﻭﺳﻠﻄﺎﻧﻬﺎ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻭﻡ ﺧﻔﻘﺔ ﻣﻦ ﺧﻔﻘﺎﺕ ﻗﻠﺐ ﻣﺤﺐ ...

ﻭﻧﻌﻴﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺃﻓﺮﺍﺣﻬﺎ، ﻭﻟﻬﻮﻫﺎ ﻭﻟﺬﺍﺋﺬﻫﺎ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺨﻠﻖ ﻟﻤﻌﺔ ﻓﺮﺡ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺣﺰﻳﻦ.

ﻳﻤﻀﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻣﺪﻧﻴﺎﺗﻬﻢ ﻭﺣﻀﺎﺭﺍﺗﻬﻢ، ﻭﻳﺘﺴﺎﺑﻘﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺩﻧﻴﺎﻫﻢ ﻭﻣﻠﺬﺍﺗﻬﻢ، ﻭﺗﺒﻘﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺨﻔﺎﻗﺔ ﻓﻮﻕ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ، ﻻ ﺗﻄﻮﺭﻫﺎ ﻳﺪ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ، ﻭﻻ ﺗﻐﻴﺮﻫﺎ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ؛ ﻓﻬﻞ ﻓﻲ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ شيء ﺃﻗﺪﺱ ﻭﺃﻋﺠﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﺐ"؟!

*"فيس بوك؛ وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر، مناجاة قلب كسير: بقلم العلامة الشهيد الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، رحمه الله"، 22/8/2019م".

*ملاحظة: لم يكن الشيخ سعيد البوطي خلال مدة حُضوري عنده درسه وخُطَبه -"ما بين أواخر 1986-1990م"- يدعو للرئيس حافظ الأسد بالاسم؛ بل كان يدعو لِحُكَّام المسلمين عامَّة بما يُشبه قوله:

اللهم وفق حاكم هذا البلد ووليَّ أمره، وسائر ولاة المسلمين؛ بما فيه صلاح البلاد والعباد، وهَيِّئ لهم بِطانة صالحة.

رابعا: في دولة الإمارات المتحدة: في مجلة "طبيبك" الدمشقية:

وبعدما سافرت إلى دولة الإمارات المتحدة سنة 1992م، - وكنت في "رأس الخيمة"- تابعت للشيخ البوطي أول ما ذهبت إليها فتاوى وأجوبة لاستفسارات القراء في مجلة "طبيبك"؛ فكنت أشتريها خِصِّيصَى للزاوية التي يكتب فيها فتاواه وأجوبته عن أسئلة القراء.

29

ثم حضرت له محاضرتين: إحداهما في "جمعية الإصلاح والتوجه الاجتماعي" في دبي، والأخرى: في "المنتدى الإسلامي" في الشارقة.

تابعت للشيخ البوطي أول ما ذهبت إلى الإمارات عام 1992م فتاوى أجوبة لاستفسارات القراء في مجلة "طبيبك"؛ فكنت أشتريها خِصِّيصَى للزاوية التي يكتب فيها فتاواه وأجوبته عن أسئلة القراء.

*عبر وسائل الإعلام: سمعت وشاهدت له بفضل الله تعالى:

1- "مناظرته للدكتور طيب تيزيني" حول "هل القرآن الكريم تراث؟". عبر الإذاعة السورية، وأنا في الجامعة بدمشق في أواخر الثمانينات.

2- "دراسات قرآنية: تأملات في كتاب الله تعالى". عبر التلفاز السوري، ثم عبر الفضائية السورية، ثم في "قناة نور الشام الفضائية".

3- "شرح كبرى اليقينيات الكونية". بعض حلقات منه على "قناة اقرأ الفضائية".

4- "الإسلام في ميزان العلم". على "قناة الرسالة الفضائية"، بعض حلقات منه، من برنامج "الكلم الطيب".

5- "يُغالطونك إذ يقولون". حلقات منه عبر "قناة الشارقة الفضائية.

6- "فقه السيرة النبوية". في "قناة اقرأ الفضائية"، حلقات منه.

7- "مع البوطي". الذي أجراه معه الإعلامي موسى العمر، أكثر حلقاته، وقد عُرض على "قناة شام الفضائية" في 30 حلقة، إحدى الرمضانات.

30

*من كتبه التي قرأتها أو تصفحتها:

1- كتابه الرائع والفذ "فقه السيرة النبوية".

2- كتابه المهم والفريد "كبرى اليقينيات الكونية". درسته مرتين.

3- كتابه الرائع: "من روائع القرآن".

4- كتابه الرائع وذو الأسلوب الأدبي المشرق "من الفكر والقلب".

5- "هذا والدي"، وقد قرأته 3 مرات، بفضل الله تعالى.

6- "من أسرار المنهج الرباني". 7- "إلى كل فتاة تؤمن بالله".

8- باطن الإثم".                   9- "الإسلام ومشكلات الشباب".

10- "الجهاد كيف نفهمه، وكيف نمارسه؟".

11- "هذه مشكلاتهم".           12- "وهذه مشكلاتنا".

13- "السلفية مرحلة زمنية مباركة، لا مذهب إسلامي".

14- "مختارات من أجمل الشعر في مدح سيدنا رسول الله".

15- "يغالطونك إذ يقولون".   16- "حوار حول مشكلات حضارية".

17- "منهج العودة إلى الإسلام".

18- "المرأة بين طغيان النظام الغربي، ولطائف التشريع الرباني".

19- "شخصيات استوقفتني".

20- "مموزين؛ قصة حب نبت في الأرض وأينع في السماء".

21- "محاضرات في الفقه المقارن".

22- "اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية".

23- "الإسلام ملاذ المجتمعات الإنسانية: لماذا، وكيف؟".

31

شذرات ولمحات من حياة العلامة

الشيخ د. محمد سعيد البُوطي

(1347- 1434هـ = 1929- 2013م)

*هو العلامة الشيخ د. محمد سعيد بن ملا رمضان، بن عمر، بن مراد البوطي، الدمشقي؛ الفقيه والأصولي الشافعي، والمفكر الإسلامي الكبير، الأشعري الصوفي، والداعية الشهير.

*نسبته: إلى "جزيرة بوطان؛ جزيرة ابن عمر" في تركية.

*ولد في قرية "جيلكا" الصغيرة الواقعة على ضفاف نهر دجلة عند نقطة التلاقي بين حدود سوريا والعراق وتركيا، التابعة لجزيرة ابن عمر المعروفة عند الأكراد بـ "جزيرة بوطان"، وهي على مرمى النظر من بلدة "عين ديوار" السورية؛ كما يقول المُتَرجَم رحمه الله في "هذا والدي" 13.

*والده: العلامة والفقيه الشافعي الربَّاني الورع من بقية السلف الصالح الشيخ ملا رمضان البوُطي (1888- 1990م) رحمه الله تعالى، وهو الذي هاجر إلى دمشق سنة 1933م إثر الإجراءات التي اتخذها كمال "أتاتورك" في سبيل مُحاربته للإسلام واللغة العربية... .

*والدته: اسمها "مَنْجِي" وهي امرأة كردية من أقرباء والده.

*التحق بمدرسة ابتدائية في منطقة ساروجة، لكن تلقيه للعلم لم يقتصر على جهد المدرسة فحسب؛ بل كان لوالده الدور الأبرز.

*ولد محمد سعيد لوالده، وكان وحيدَه، جاءه بعد حِرمانٍ، وتخَطُّفِ المَوت لعدد من أولاده، كان آخِرَهم محمد سعيد؛ الذي حَمَله والده غِبَّ ولادته إلى شيخه "الشيخ سعيد؛ شيخ سِيدَا" الأثير لديه والصالح الجليل عنده؛ فسماه شيخه المذكور"محمد سعيد" على اسمه، مع أن رغبة والده كانت أن يُسمِّيَه "محمد فَضيل"!

32

*وعن تلقيه العلم في تلك المرحلة يقول الشيخ:

"كان أبي بعد ذلك هو معلمي الأوحد، علمني أولاً مبادئ العقيدة الإسلامية، ثم علمني موجزًا من سيرة سيدنا رسول الله، من خلال رسالة صغيرة اسمها: "ذخيرة اللبيب في سيرة الحبيب".

ثم أخذ يعلمني مبادئ علوم الآلة من نحو وصرف. وسلّكني في طريق حفظ ألفية ابن مالك في النحو. فكان يفسر لي كل يوم خمسة أو ستة أبيات منها، وكان عليَّ أن أتقنها بعد ذلك حفظا في بياض ذلك النهار. فأذكر أنني حفظت الألفية كلها خلال أقل من عام، ولم أكن قد ناهزت البلوغ بعد، وفي الفترة ذاتها حفّظني والدي "نظم الغاية والتقريب للعِمْريطي" في الفقه الشافعي، وهي (ألف ومائتا بيت).

*توفيت والدته وله من العمر ثلاثة عشر عامًا؛ فتزوج والده من زوجة أخرى، من أسرة تركية فاضلة، فكانت سببا في إلمامه باللغة التركية، إضافة إلى اللغتين الكردية والعربية.

*بعد انقضاء المرحلة الابتدائية التحق بجامع منجك عند الشيخ حسن حبنكة الميداني.

يتحدث الشيخ عن هذه المرحلة بالقول:

(... أقبل إلي ذات يوم قبل أن يمضي بي فيسلمني أصغَرَ تلميذ إلى شيوخ معهد التوجيه الإسلامي، ينصحني ويحدثني عن آماله التي يعلقها علي .. وقال لي فيما قال: اعلم يا بني أنني لو عرفت أن الطريق الموصل إلى الله يكمن في كسح القمامة من الطرق، لجعلت منك زبالًا، ولكني نظرت فوجدت أن الطريق الموصل إلى الله هو العلم به وبدينه، فمن أجل ذلك قررت أن أسلك بك هذا الطريق. ثم شدد عليّ وأكد كثيرًا، أن لا أجعل قصدي من دراسة هذا العلم أي شهادة أو وظيفة ...، بعد أيام مضى بي إلى دار الشيخ حسن حبنكة رحمه الله، وتركني أمانة بين يديه وفي معهده، ومضى عائدًا إلى شأنه).

33

ومنذ ذلك اليوم انقطعت عن الدار، وأصبحت طالبا داخليا في معهد التوجيه الإسلامي، وكنت أتردد على الدار لرؤية والدي أيام الثلاثاء فقط من كل أسبوع، أبقى عنده بياض ذلك النهار، حتى إذا أقبل المساء استأذنته عائدًا إلى منجك.

كنت أشترك مع الطلبة الكبار في الجلوس إلى دروسهم التي يتلقونها من الشيخ دون أن أعي منهم إلا النزر القليل، ولكني تبينت بعد ذلك أن حضوري كان مُفيدًا، وفي أيام الثلاثاء كنت أتلقى على والدي مزيدًا من الدروس.. تلقيت عليه دروسًا في النحو وفي البلاغة، وقد حفظت على يديه "عقود الجمان للسيوطي"، كما درست عليه كتبا في المنطق، و"المقولات العشر"، ودرست عليه "شرح جمع الجوامع في الأصول".

*وفي تلك الفترة تقدم للخطابة وصعد المنبر ولم يكن قد تجاوز بعد السابع عشرة من عمره، وكان ذلك في أحد مساجد الميدان القريبة من "جامع منجك" بدمشق.

*رغّبه بعض أساتذته في حفظ القرآن الكريم وشجعوه على ذلك، وبالفعل فقد استجاب وبدأ بالحفظ، ولكن والده رحمه الله على الرغم من أنه بيّن له عظيم الأجر الذي ينتظر حافظ القرآن، فقد حذره من الوزر والإثم اللذين يلحقان بمن يحفظ القرآن الكريم ثم ينساه.

فتوقف عن مواصلة حفظه، لكنه غدا بعد ذلك من المكثرين لتلاوته، حتى إنه كان يختم في كل ثلاثة أيام ختمة، فكان من نتيجة إكثاره لتلاوة القرآن الكريم حفظه للعديد من السور مع استحضاره لجل السور ومواضع الآيات فيها، من دون أن يقوم بأي جهد للقيام بحفظ شيء منها على الطريقة التقليدية التي يتبعها من يريد أن يحفظ شيئاً من القرآن الكريم.

وكان لإكثاره من تلاوة القرآن الكريم في تلك الفترة الدور البارز في اهتماماته الأدبية، وتمتعه بالسليقة العربية، والبلاغة؛ التي تتجلى في أحاديثه وكتاباته.

34

*تزوج وهو في الثامنة عشرة، وله من الأولاد ستة ذكور، وبنت واحدة.

*في هذه الفترة أصبح مولعا بقراءة الكتب الأدبية لأدباء معاصرين وغابرين مثل: مصطفى صادق الرافعي، والجاحظ، والعقاد والمازني، إضافة إلى مقامات الحريري، وفي عام 1952 ظهرت أولى أعماله وهي مقالة بعنوان "أمام المرآة"، نشرتها له "مجلة التمدن الإسلامي"، ثم تبعتها في المجلة ذاتها مقالات أخرى.

*لكن باكورة أعماله الأدبية بحق كانت قصة ترجمها من اللغة الكردية، وهي المعروفة باسمها الكردي (ممو زين)، وهي قصة تمثل الحب العفيف والعاطفة الملتهبة والوفاء النادر. وقد أفرغها المُترجِم في بيان عربي مشرق، وبنيان قصصي جذاب، ولا تزال طبعاتها الكثيرة تتوالى.
*وفي عام 1953 أتم دراسته في "معهد التوجيه الإسلامي"، الذي كان قد تحول حينئذ إلى معهد شرعي نظامي. وبذلك قضى ست سنوات في "جامع منجك" عند الشيخ حسن حبنكة.

*وفي عام 1373هـ - 1953م ذهب إلى القاهرة لاستكمال دراسته الجامعية فالتحق بـ "كلية الشريعة - جامعة الأزهر"، وحاز إجازة في الشريعة عام 1955م.

*كما حصل على دبلوم في التربية من "كلية اللغة العربية - جامعة الأزهر" عام 1956م.

*ويتحدث عن تلك المرحلة وخاصة عن تجربته الأدبية: (ولما أنهيت دراستي الثانوية وشيئا مما فوقها وتحولت إلى الأزهر لاستكمال دراستي الجامعية فيها، كنت أرسل من القاهرة في كل أسبوع مقالا أدبيا أو اجتماعيا إلى "جريدة الأيام" التي كان يصدرها المرحوم نصوح بابيل تحت عنوان "من أسبوع إلى أسبوع" كان ذلك خلال عام 1954-1955).
*نال الأستاذية "الدكتوراه" من "جامعة الأزهر" عام 1385هـ - 1965م بامتياز بمرتبة الشرف الأولى، في أصول الفقه الإسلامي، على رسالته "ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية".

*عين مُدرسًا لـ "التربية الدينية" في بعض ثانويات حمص عام 1958م، ثم في "دار المعلمين" بدمشق.

*أصبح مُعيدًا في كلية الشريعة بجامعة دمشق، فمُوفدًا إلى القاهرة لنيل درجة الأستاذية (الدكتوراه) في الفقه وأصوله، وكانت اطروحته كتاب (ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية) نال عليها مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بالتبادل، وكان ذلك عام 1965م.

*في عام 1965م عين مدرسًا في "كلية الشريعة - جامعة دمشق"، فأستاذًا مساعدًا، فأستاذًا.

*عُين في عام 1975م وكيلًا لـ "كلية الشريعة"، ثم في عام 1977م عيّن عميدًا لها، ثم رئيسًا لـ "قسم العقائد والأديان" فيها، ثم تقاعد وتعاقد مع الجامعة مُحاضِرًا.

*بدأ دروسه في المساجد منذ ستينات القرن العشرين من "جامع حمو ليلى"، ثم "جامع السنجقدار"...

*خلال هذه الفترة وحتى عام 1981 كان بعيدًا عن المحافل العامة، ومُكتفيًا بالحقل الأكاديمي، بالإضافة إلى درسين أسبوعيين في "مسجد السنجقدار" استقطبا الكثيرَ من شباب دمشق وما حولها.

*ظل سنوات يخطب الجمعة في "جامع الرفاعي" الذي كان مسجد والده "الشيخ ملا رمضان"، مع درس تفسير بعد صلاة الجمعة لثلاثة أسابيع، ودرس في كل شهر للفتاوى والإجابة عن أسئلة الناس في ذلك المسجد.

*ثم انتقل من "جامع السنجقدار" بسبب ضيق المكان إلى "مسجد تنكز" فـ "مسجد الإيمان"، وظلت دروسه قائمة فيه حتى استشهاده.

من أبرز دروسه في "جامع السنجقدار" دروسه في "تاريخ التشريع الإسلامي"، وشرحه لبعض رياض الصالحين للنووي.

*من أبرز دروسه في "جامع تنكز" تتمته لشرح رياض الصالحين للنووي.

36

*من أبرز دروسه في "جامع الإيمان" شرحه للحكم العطائية.

*تولى خطابة "الجامع الأموي" في السنوات الأخيرة من عمره؟، كما عُيِّن رئيسا لـ "اتحاد علماء بلاد الشام".

*بعد عام 1985م ربطت بينه وبين الرئيس الراحل حافظ الأسد علاقة شخصية عندما طلب الرئيس اللقاء بالدكتور البوطي إثر قراءته لبعض كتبه. وأصبح يستدعيه بين الحين والآخر في جلسات طويلة، وقد كان من أبرز نتائج تلك اللقاءات استجابة الرئيس لطلبات عِدَّة منه؛ إذ:

1- أطلق سراح عدد كبير من المعتقلين على دفعات.

2- فتح المجال لعودة المئات، من الذين خرجوا بسبب أحداث الإخوان في الثمانينات من القرن الماضي.

3- بالإضافة إلى معالجة كثير من القضايا الأخرى المتعلقة بالمعاهد الشرعية، والإعلام والكتب الإسلامية... .

وقد تسببت عن هذه العلاقة افتراءات كثيرة ألصقت عمدا بالدكتور البوطي، تبين للناس جميعا فيما بعد بُطلانها وتفاهتها.

*من أبرز الأفكار التي تميز بها في مسيرته العلمية والدعوية:
أ- يعتب على بعض المفكرين الإسلاميين انصرافهم عن العبادات والأذكار والأوراد؛ التي هي الزاد الأول في طريق الدعوة إلى الله.
ب- يناقش العمل على ترويج كلمة "الفكر الإسلامي"، و"المفكرين الإسلاميين"، وله في ذلك وجهة نظر معروفة.

*من أخلاقه ومناقبه: عُرف الشيخ د. محمد سعيد البوطي - بِبرِّه الشديد لوالده "مُلَّا رمضان البوطي" رحمهما الله تعالى، وكان يتمتَّع بروح شفافة، وكان رحمه الله، رقيق القلب، سريع الدمعة بكَّاءً مِن غير تكلُّف، ويُلاحَظ هذا في كثير من دروسه ومُحاضراته.

*كما أنه لم يتوقف عن نصح الحاكم، وكان له وقفات مع الحكام في سورية سرًّا وجهرًا، لا سيما فيما يتعلق بـ:

1- منع النظام الحاكم الجنود من الصلاة في ثكنات الجيش.

2- الوقوف بوجه بعض المسلسلات المُخالفة لتعاليم ومبادئ الإسلام كمسلسل "وما ملكت أيمانكم".

3- موقفه المُعارض لفصل المنقبات من بعض الدوائر الحكومية معروف.

4- اعتراضه على بعض مناهج التربية الإسلامية، واللغة العربية.
*تشعبت اختصاصاته العلمية والفكرية وانعكس هذا على نشاطاته العلمية في سفره وحضره، وفي كتبه ومحاضراته: فقد مكنه تبحره في العلوم العقلية والنقلية من تشرب مقاصد الشريعة، والفهم الدقيق لمراميها وغاياتها؛ مما أكسبه مقدرة فائقة على ربط القديم بالجديد، كما كان تميزه وتفوقه الفكري والعلمي وتجديده سببا في حضوره الدائم في لجُل المحافل العلمية والفكرية؛ التي تطرح فيها على بساط البحث والمناقشة أهم وأخطر القضايا التي تشغل الحيز الأكبر من التفكير الإنساني، والتي لها دور الأكبر في توجيه المجتمعات الإنسانية فكريًّا وعلميًّا.

*اختار "المركز الملكي للدراسات الاستراتيجية" في الأردن الشيخَ البُوطِيَّ في المركز 27 ضمن قائمة أكثر من 500 شخصية إسلامية تأثيرا في العالَم، لعام 2012م.

*تميّزت كتاباته بأنه لم يقف فيها موقف المُدافع الضعيف، بل واجه الغربيين والعلمانيين عامة بتسفيه أفكارهم، وإبراز الدلائل العلمية على تهافتها، لا سيما تلك التي تتناول بالطعن حقائق الإسلام، ملتزما خلال رُدوده كلها جانب الدقة والحيطة العلميتين، في كل ما يكتبه أو يقوله.

*من أنشطته العربية والدولية: 1- شارك في كثير من المؤتمرات والندوات العربية والدولية كـ "الملتقى الفكري الإسلامي في الجزائر" لسنوات عديدة.

2- حاضر في عدد من الدول العربية والغربية، ومن أبرز محاضراته تلك: "محاضرته في مجلس برلمان الاتحاد الأوربي في ستراسبورغ" عن: "حقوق الأقليات في الإسلام" سنة 1991م.

38

3- عمل مُستشارًا في بعض لقاءات "المجمع الفقهي الإسلامي".
4- عضو في "هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية".
5- عضو "جمعية نور الإسلام في الغرب - فرنسا".

6- عضو في "مؤسسة طابا - أبو ظبي".

7- كان المشرف على النشاط العلمي في "الجامع الأموي" بدمشق.
8- سمي عضو "المجلس الأعلى لأكاديمية أكسفورد".

9- عضو في "مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي؛ المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية - عمَّان".

10- نال جوائز عديدة منها: "جائزة دبي لشخصية العام 2004م"، وقد اختارته لذلك "جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، في دورتها الثامنة عام 2004م، ليكون "شخصية العالَم الإسلامي"؛ بوصفه "شخصيةً جمعَت تحقيق العُلماء، وشُهرة الأعلام، وصاحِبَ فِكرٍ مَوسُوعِيٍّ".

11- أتقن من اللغات العربية، والكردية، والتركية، وألم بالإنجليزية.

*مقتل الشيخ البوطي واستشهاده على يد نظام السفاح بشار الأسد:

قتل الشيخ البوطي ومعه اثنان وأربعون مُصَلِّيًا معهم حفيده، وجُرح ضِعْفُهم -بتفجير قام به النظام السوري الفاجر على أرجح أقوال المُحللين- وهو يلقي درسا بجامعه "جامع الإيمان" في "حي المزرعة" بدمشق، وكان ذلك في مساء يوم الخميس الكائن في 10/جمادى الأولى/1434هـ - 21/آذار- مارس/2013م رحمهم الله تعالى.

*وقال الشيخ محمد أبو الهُدى اليعقوبي المُعَارِض للنظام السوري: إن الشيخ البوطي كان على وَشْك الانشِقاق، وأنه كان ينوي إعلانَ موقفه، والهُجومَ على النظام، وإن عملية الاغتيال نَفَّذها النظام السوري بعدَ أنباء تَسَرَّبَتْ عن نِيَّة عائلته السفر خارجَ سُورية؟!

*هذا وقد شُيِّع جثمان الشيخ البوطي يوم السبت 23/مارس - آذار/2013م

39

من منزله الكائن في دمشق، وصُلِّيَ عليه في "الجامع الأموي"، وشيعت جنازته منه في احتفال ألقيت فيه كلمات.

ثم دُفن شمالِيَّ الجامع الأموي، بجانب ضريح البطل القائد المسلم السلطان صلاح الدين الأيوبي، القريب من "قلعة دمشق".

*هذا، وقد حضر جنازة البوطي مُمثلون من الأردن ولبنان وإيران وغيرها، كما أعلن يوم السبت المذكور يومَ حِدَاد عامٍّ في سورية على الشيخ البوطي، ومن استُشهِد معه.

*هذا، وقد استنكرت المعارضة والنظام اغتياله، كما استنكرته "رابطة العلماء السوريين"، و"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، والشيخ د. يوسف القرضاوي -رحمه الله تعالى- في خطبته للجمعة ثانيَ يوم التفجير، و"حركة حماس"، والجهاد الإسلامي"، وأحمد مُعاذ الخطيب رئيس "الائتلاف الوطن السوري المُعارض" آنئذٍ.

*كما نعى شيخ الأزهر أحمد الطيب الشيخ البوطي واصفا إياه بأنه "علامة الشام"، وأدان قتل العلماء، والاعتداء على حرمات المساجد وبيوت الله.

*كما أدان التفجير كل من: "الجيش السوري الحُرُّ"، و"مجلس الأمن التابع للأمم المُتَّحِدة"، و"جامعة الدول العربية"، والجزائر، وروسيا، وإيران.

كما ظهرت صورة الشيخ البوطي بعد مقتله بـ 18 يوما في شريط فيديو بثته "قناة العربيَّة الفضائية" تبيَّن فيه أنه لم يُقتل في ذلك التفجير المزعوم؛ بل تقدَّم إليه شخص مُباشَرَةً وحالَ بينه وبين المُصَوِّرَة "الكامِرة"؟؟!!

*يُنظر: موقع "قناة العربية الفضائية" عنوان: "فيديو يظهر اغتيال البوطي بعد نجاته من انفجار قرب منبره،

يتقدم شخص نحوه أثناء تعديله عمامته وينصرف مخلفاً الشيخ والدماء تسيل من رأسه". نشر يوم 9/4/2013م.

ورجَّحت المُعارَضة السورية ومُحَلِّلون كثيرون بأنه هو الذي أطلق عليه النارَ وقَتَلَهُ؛ وذلك لأنه عارض الحكومة، ولم يَتَحمَّل ما تُوقِعه بالشعب ...؛ كما يقول الأستاذ محمد خير رمضان يوسف. "تتمة الأعلام" 8/24.

*نتاجه وآثاره: *أولا: من برامجه الإذاعية والتلفازية:

*كان له برامج عديدة من الحلقات العلمية الدينية والاجتماعية بُثَّت وتبث من أقنية إذاعية وفضائية متعددة، منها:

1- "حُكم وحِكمة". بُثَّ من إذاعة الكُويت، ثم طُبع في كُتيب: "من أسرار المنهج الرباني"، ضمن سلسلة "أبحاث في القِمَّة".

2- " دراسات قرآنية" الذي بدأ إلقاءه عبر الرائي -"التلفزيون السوري" ثم "القناة الفضائية السورية"- منذ بداية التسعينات الميلادية، ولا يزال يُذاع منذ ثُلث قرن، وقد تابعت بعض حلقاته.

3- "الإسلام في ميزان العلم". كان يُذاع على "قناة اقرأ الفضائية"، ثم أذيع على قناة "نور الشام"، وقد تابعت بعض حلقاته.

5- "شرح كتاب كبرى اليقينيات الكونية له". ضمن برنامج "الكلم الطيب"، على "قناة الرسالة الفضائية"، وقد تابعت بعض حلقاته.

6- "فقه السيرة النبوية". على "قناة اقرأ الفضائية".

7- "يُغالِطُونَكَ إذ يقولون". أذاعته "قناة الشارقة الفضائية" في رمضان من   أوائل العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين الميلادي، وقد تابعت بعض حلقاته، بفضل الله تعالى.

8- "شرح الحِكَم العَطَائيَّة، لابن عطاء الله السكندري ت 709هـ". على "قناة الإرْث النبوي الفضائية".

9- "مشاهد وعبر من القرآن والسنة". على "قناة الرسالة الفضائية".

10- "الجديد في إعجاز القرآن". على "قناة اقرأ الفضائية".

11- "مع البوطي في قضايا الساعة".

12- "مع البوطي في حياته وفكره".

13- "هذا هو الجهاد". على "قناة أزهري الفضائية".

*ثانيا: كتبه ومؤلفاته:

خَلَّف الشيخ البوطي - رحمه الله تعالى- كتبا ومصنفات عديدة؛ في علوم الشريعة الإسلامية، والتصوف، والآداب، والفلسفة، والاجتماع، والفكر الإسلامي، ومشكلات الحضارة، كان لها أثرها الكبير على مستوى العالمين العربي والإسلامي خاصة، والعالم بشكل عام.

وهي كثيرة جدا، وقد جاوزت الثمانين بين كتاب وكتيب، وها هي ذي مرتبة على الحروف الهجائية:

1- "إحياء جوهر الإسلام في حياة المسلمين". في 128ص.

2- "أدَبُ الحِوار في كتاب الله عَزَّوجَلَّ". 27 ص.

3- "استفتاءات الناس". 275 ص.

4- "الإسلام ملاذ كلّ المجتمعات الإنسانيّة، لماذا وكيف؟". في 272ص.

5- "الإسلام والعصر: تحديات وآفاق" (حوارات لقرن جديد). بالاشتراك مع د. طيب تيزيني. في 244ص.

6- "الإسلام والغرب". في 216ص.

7- "الإسلام ومشكلات الشباب". (5) من سلسلة "أبحاث في القِمَّة". في 104ص.

8- "إشكالية تجديد أصول الفقه". بالاشتراك مع د. أبي يعرب المرزوقي. في 328ص.

9- "الإمام أبو الحسن الأشعري".

10- "الله أم الإنسان أيهما أقدر على رعاية حقوق الإنسان؟". 144ص.

11- "إلى كل فتاة تؤمن بالله". (4) من سلسلة "أبحاث في القمة". في 96 ص.

42

12- "الإنسان مُسَيَّر أم مُخَيَّر؟". في 240ص.

13- "الإنسان وعدالة الله في الأرض". (9) من سلسلة "أبحاث في القِمَّة". في 88 ص.

14- "أوربة من التقنية إلى الروحانية - مشكلة الجسر المقطوع". بالعربية والإنكليزية. في 112ص.

15- "باطن الإثم". (2) من سلسلة "أبحاث في القمة". في 96 ص.

16- "البدايات: باكورة أعمالي الفكرية". في 352ص. يجمع باكورة أعمال المؤلف منذ عام 1949 وعلى امتداد أكثر من عقد من الزمان ويعالج موضوعات راجت في وقتها وانتشرت وكان لها حضورها الفاعل الهام وحققت الغاية المرجوة من نشرها، وبنشر تلك الباكورة مرة أخرى يغطي أعمال الدكتور البوطي التي نفدت وهي: أمام المرآة، ومقال آخر، وفي سبيل الله والحق، والمذهب الاقتصادي بين الشيوعية والإسلام، ودفاع عن الإسلام والتاريخ، وحقائق عن نشأة القومية.

17- "بديع الزمان سعيد النورسي".

18- "تجربة التربية الإسلامية في ميزان البحث". في 128ص.

19- "التعرف على الذات هو الطريق المُعَبَّد إلى الإسلام". في 240 ص.

20- "التغيير مفهومه وطرائقه". (ندوات الفكر المعاصر). ندوة فكرية شارك فيها.

21- "الجهاد في الإسلام: كيف نفهمه؟ وكيف نُمارسه؟". في 332 ص.

22- "الحب في القرآن، ودور الحب في حياة الإنسان". في 176 ص.

23- "حرية الإنسان في ظل عبوديته للّه" من (سلسلة هذا هو الإسلام). في 128 ص.

24- "حقائق عن نشأة القومية". وقد طبع مع كتابه "البدايات".

43

25- "حقوق المرأة وعقد التناقض بينها وبين الشريعة الإسلامية".

26- "الحكم العطائية: شرح وتحليل". 4ج، في 2104 ص.

27- "حوار حول مشكلات حضارية". في 232 ص.

28- "الحوار سبيل التعايش". (ندوات الفكر المعاصر). "مع آخرين".

29- "الخطبة الشامية: الأخوة، الإخلاص، ذاتية الإنسان وأمانة الله عنده، لبديع الزمان النورسي". ترجمة د. محمد سعيد البوطي مع عبد المجيد النورسي، وعبد الله الخالدي.

30- "دراسات قرآنية". هو البرنامج التلفازي المشهور، في 3 أجزاء.

31- "دفاع عن الإسلام والتاريخ". (رد على كتاب: في التاريخ العباسي. للدكتور شاكر مصطفى). 61 ص، وقد طبع أيضا مع كتابه: "البدايات".

32- "دور الأديان في السلام العالمي". مع هانز كينج. في 192 ص.

33- "الدين والفلسفة، أو: بيني وبين رئيس قسم الفلسفة". (10) من سلسلة "أبحاث في القِمَّة". في 96 ص.

34- "السبيل الوحيد في زحمة الأحداث الجارية. "عن القضية الكردية".

35- "السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي". في 264 ص.

36- "سيامند .. ابن الأدغال". في 216 ص.

37- "شاهد على الإسلام والمسلمين". 301 ص.

38- "شبهات حول تطبيق الشريعة الإسلامية". في 60 ص.

39- "شخصيات استوقفتني". في 286 ص. يتحدث فيه عن شخصيات استوقفت المؤلف، الفضيل بن عياض - عبد الله بن المبارك - الإمام الغزالي- جلال الدين الرومي- بديع الزمان النورسي- جمال الدين الأفغاني- مصطفى السباعي- روجيه غاوردي- ويبين موقفه منهم كاشِفًا عن الغموض وراداً على الباطل الذي قد يحيط بهم.

44

40- "الشورى في الإسلام". في 288 ص.

41- "ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية". رسالته للأستاذية "الدكتوراه" من "كلية الشريعة والقانون - جامعة الأزهر"، نالها بامتياز سنة 1965م. في 456 ص.

42- "الظلاميون والنورانيون: محاولة لمعرفتهم من خلال سلم العلم فالدين فالأخلاق". في 200 ص.

43- "عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أيامها ... وسيرتها الكاملة في صفحات". 144ص.

44- "العُقوبات الإسلامية وعقدة التناقض بينها وبين ما يُسمى بطبيعة العصر". في 32 ص، وهو مأخوذ من كتابه المعروف "على طريق العودة إلى الإسلام".

45-"العناية بالعبادات أساس لا بد منه لتثبيت المجتمع الإسلامي". 36 ص.

46- "فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة: دراسات منهجية علمية لسيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وما تنطوي عليه من عظات ومبادئ وأحكام". طبع كثيرا، وهو من أهم كتبه وأروعها. في 400 ص.     47- "في الحديث الشريف والبلاغة النبوية". في 88 ص.

48- "في سبيل الله والحق". وطبع أيضا ضمن كتابه: "البدايات".

49- "قضايا ساخنة". في 352 ص.

50- "قضايا فقهية معاصرة". في جزأين.

51- "كبرى اليقينيات الكونية: وجود الخالق ووظيفة المخلوق". في 360 ص. وهو كتاب فذ وفريد في باب العقيدة الإسلامية؛ لذكره المسائل الجديدة في العقيدة وهي النظريات والمبادئ الإلحادية والرد عليها؛ كنظرية المادية الجدلية التاريخية الديالكتيكية، ونظرية داروين في النشوء والارتقاء، واللاماركية، القديمة والجديدة.

52- "كلمات في مناسبات - من حصاد الإنترنت". في 182 ص.

53- "اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية". في 160 ص. وهو من أهم كتبه؛ يشرح فيه ويوضح أهمية بل وجوب اتباع مذهب من المذاهب الأربعة للمسلم غير المُجتهد، وهو خلاصة حواراته ومُناقشاته ومناظراته للشيخ ناصر الألباني في أواخر الستينات.

54- "لا يأتيه الباطل - كشف لأباطيل يختلقها ويلصقها بعضهم بكتاب الله عز وجل". في 240 ص.

55- "مبادئ العقيدة الإسلامية والفكر المعاصر". 400 ص.

56- "مجمل الشبهات التي تثار حول تطبيق الشريعة الإسلامية في العصر الحديث". في 49 ص.  

57- "محاضرات في الفقه المقارن". في 208 ص.

58- "مختارات من أجمل الشعر في مدح الرسول صلى الله عليه وآله وسلم". مع كتابة مقدمة له للشيخ البوطي. وهو رائع ماتع.

59- "مختارات من خطب الجمعة". في 3ج. الجزء الأول في 656 ص. الجزء الثاني في 592 ص. والثالث في 552 ص.

60- "مدخل إلى فهم الجذور". في 144 ص.

61- "المذاهب التوحيدية والفلسفات المعاصرة". في 336 ص.

62- "المذهب الاقتصادي بين الشيوعية والإسلام".

63- "المرأة بين طغيان النظام الغربيّ ولطائف التشريع الربانيّ". في 224 ص.

64- "مسألة تحديد النسل وِقايةً وعلاجًا". وصدر بعنوان: "تحديد النسل". في 232 ص.

46

65- "مشكلات في طريق النهوض". "مع آخرين".

66- "مشورات اجتماعية". ويقع في 280 ص، وهو يتناول مشورات علمية جاءت تعقيبا على استشارات، وفتاوى جاءت جواباً عن استفتاءات تتعلق بالطهارة والعبادة والمعاملات، والأسرة والعلاقات الزوجية وانحرافات الشباب ومشكلاتهم، والأطعمة والأشربة، وقضايا العقيدة والاجتماع والأخلاق.

67- "مع الناس: مشورات وفتاوى". جزآن. الجزء الأول في 270 ص. والجزء الثاني في 264 ص.

68- "مُلخَّص موجز في العقيدة الإسلامية". 31 ص.

69- "مموزين: قصة حب نبت في الأرض وأينع في السماء". رواية. صاغها شعرا أحمد الخاني، نقلها إلى العربية وأقام بنيانها القصصي د. البوطي. في 192 ص.

70- "من المسؤول عن تخلف المسلمين؟". هو الجزء (8) من سلسلة "أبحاث في القمة".

71- "من هو سيد القدر في حياة الإنسان؟ ويليه: ملحق حول: أمية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومعنى كلمة (أمي). هو الجزء (7) من "أبحاث في القمة".

72- "من أسرار المنهج الرباني". (6) من سلسلة "أبحاث في القمة". نشر من قبل باسم "حكم وحكمة: فصول قصيرة يتضمن كل منها حكما شرعيا هاما مع بيان الحكمة والفائدة من مشروعيته". وأذيع من "إذاعة الكويت".

73- "من روائع القرآن: تأملات علمية وأدبية في كتاب الله". في 304 ص. وهو من أهم كتبه وأروعها، والوحيد في علوم القرآن.

74- "من سنن الله في عباده. قوانينه المُنبئة عن عدله، وبياناته المُجيبة عن اعتراضاتك". في 184ص.

47

75- "من الفكر والقلب: فصول من النقد في العلوم والاجتماع والنقد". 304ص. وهو رائع وماتع، والوحيد في الأدب والنقد له.

76- "منهج تربوي فريد في القرآن". (3) من سلسلة "أبحاث في القمة". في 88 ص.

77- "منهج الحضارة الإنسانية في القرآن". في 176 ص.

78- "منهج العودة إلى الإسلام". وطبع بعنوان: "على طريق العودة إلى الإسلام: رسم لمنهاج، وحل لمشكلات". بسبب منع النظام السوري له بالعنوان المُتقدم؟! فكأن كلمة "منهج تخيفه؛ بل تُرعبه؟!!

79- "من هنا ... وهناك: هموم من قضايا الساعة". 392ص.

80- "نقض أوهام المادية الجدلية: الديالكتيكية". في 304 ص، وهو كتابه الفذ والفريد في بابه، والذي أتى على نظرية ماركس الإلحادية من جذورها وقواعدها، وحطمها بالأدلة والبراهين العلمية الساطعة، والحجج العقلية الدامغة، وبالأسلوب الفلسفي الذي يفهمه الملاحدة، ولم يأت فيه بآيات قرآنية، أو أحاديث نبوية، وتحدى به أحد كبار المفكرين الملحدين؟!

81- "هذا ما قلته أمام بعض الرؤساء والملوك".

82- "هذه مشكلاتهم". في 248 ص.

83- "هذا والدي: القصة الكاملة لحياة الشيخ ملا رمضان البوطي". في 200 ص. وهو رائع وماتع للغاية؛ يتحدث فيه عن والده العلامة الرباني الشيخ ملا رمضان البوطي، رحمه الله تعالى، وقد قرأته 3 مرات.

84- "وهذه مشكلاتنا". في 304 ص.

85- "هكذا فلندع إلى الإسلام". الجزء (1) من سلسلة "أبحاث في القمة". في 112 ص.

48

86- "يغالطونك إذ يقولون: أسلوب حواري يكشف عن مغالطات خطيرة في موضوعات هامة". في 320 ص، وقد أذيع أصله في حلقات تلفازية في "قناة الشارقة الفضائية" في أحد الرمضانات، وتابعتُ بعض حلقاته.

*دروس في السيرة النبوية. قرص مضغوط.

*تُرجم العديد من مؤلفاته إلى لغات عدة: كالإنكليزية، والفرنسية، والألمانية، والتركية، والروسية، والملاوية.

*ومما كتب فيه وعنه:

1- "محمد سعيد رمضان البوطي: بحوث ومقالات مهداة". إعداد د. ناصر الدين الأسد وآخرين.

2- "الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي وآراؤه الاعتقادية: عرض ونقد في ضوء عقيدة السلف". رسالة تخصص "ماجستير" للطالب سمير روبين عبد الحليم الجعبري، "جامعة الخليل - قسم أصول الدين"، بإشراف أ. د. حافظ محمد حيدر الجعبري، في: 2/1437هـ - 12/2015م.

3- "البوطي: الدعوة والجهاد والإسلام السياسي". لكل من: هشام عليوان، وفادي الغوش.

4- "أضواء على كتاب الجهاد في الإسلام لمحمد سعيد رمضان البوطي". لمحمد عدنان سالم.

5- "شاهد على الإسلام والمسلمين: روائع أفكار محمد سعيد رمضان البوطي". ريما محمد أنيس الحكيم.

6- "دفاع عن الحديث النبوي والسيرة في الرد على جهالات الدكتور البوطي في كتابه: فقه السيرة". لمحمد ناصر الدين الألباني.

7- "المذهبية المُتعصبة هي البدعة، أو: بدعة التعصب المذهبي وآثارها الخطيرة". لمحمد عيد عباسي.

49

*من شمائله وصفاته وأخلاقه:

*كان رحمه الله: وَرِعًا مُخلصا تَقِيًّا مُخْبِتًا رَبَّانِيًّا، كثير البُكاء من خشية الله تعالى في الصلاة، وخُطبه، ودروسه، وأدعيته وابتهالاته.

*وكانت تعتريه حِدَّةٌ عُمَرِيَّةٌ أحيانا؛ فيغضب لانتهاك حدود الله، أو ما يظنه انتهاكا لها؛ فإذا تبيَّن له خطأ في فُتيا، أو مسألة، أو تصرُّف، تراجع عنه فَورًا على الملأ دون حياء أو خجل، أو خشية انتقاد من أحد.

*كما كان رحمه الله عالمًا عصريًّا مُجدّدًا، سليمَ الطوية، حسن النية والمقصد، غيورًا على شرع الله تعالى والأخلاق الإسلامية، جريئًا في الحق، ملأ حياته وحياة الناس بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، والحكمة النافعة، بالكتاب والسنة النبوية، كان متبعًا للسلف الصالح، محذرًا من البدع، وداعية إسلامي متفوقًا في جُلِّ الميادين.

ssadfadggfs10283.jpg

خط الشيخ البوطي وتوقيعه

وسوم: العدد 1028