12عاما على إنشاء صالة العرض للفنون في أم الفحم

صرح فني- ثقافي شامخ ومسيرة عطاء وإبداع متواصل

أسامة محاميد

*الفنان سعيد أبو شقرة:"يكفينا فخرا بأن صالة العرض نجحت في أن تحتل مرتبة رفيعة ومرموقة بين صالات العرض في البلاد وخارجها وان تستقطب آلاف السياح لمدينة أم الفحم"*

*أصبح لصالة العرض للفنون في أم الفحم مكانة فنية- ثقافية لا تنافسها فيها أية صالة من نوعها على مستوى الوسط العربي، بفضل ما أنجزته، خلال اثني عشر عاما منذ تأسيسها، من نشاطات فنية- ثقافية- أدبية بمشاركة مئات المبدعين من البلاد وخارجها.

ولا شك أن للقائمين على هذه الصالة، ممثلة بجمعية "الصبار" بأعضائها وهيئتها الإدارية، وعلى رأسهم مديرها الفنان سعيد أبو شقرة، دورا فعالا وهاما في النهوض بهذا المعلم الثقافي- الحضاري، ليتحول على مدار السنوات الأخيرة من صالة عرض متواضعة إلى منارة مشعة للأنشطة الفنية محليا وعالميا، وصرح ثقافي شامخ، ليس لمدينة أم الفحم فحسب بل أيضا لكافة المدن والقرى العربية في البلاد.

"المسار" التقت الفنان أبو شقرة في حوار حول مسيرة هذه الصالة بمناسبة إطفائها شمعتها الثانية عشرة وإضاءتها الشمعة الثالثة عشرة:

**الفنان سعيد أبو شقرة، حدثنا بداية عن فكرة إنشاء الصالة قبل 12 عاما؟

-بداية الصالة كانت بمبادرة شخصية مني ومن أخي فريد عام 1996، حينما أخرجنا إلى حيز التنفيذ فكرة إقامة مركز ثقافي في أم الفحم، يجمع ما بين الفنانين والمبدعين من شتى المجالات في المدينة. وقد أصبح هذا المركز شيئا فشيئا وبعد سنوات قليلة صالة تحتضن المئات من الفنانين والأدباء والشعراء والمبدعين من شتى المجالات والبلدان، ولتصبح أم الفحم مركزا حضاريا يجمع بين كل هؤلاء.

**في نظرة إلى الوراء ما هي، حسب رأيك، أهم المشاريع التي حققتها الصالة؟

-على مدار (12) سنة تم عرض العشرات من المعارض بمشاركة المئات من الفنانين من البلاد وخارجها، بالإضافة إلى معارض مميزة للفن التشكيلي الفلسطيني شارك فيه العشرات من الفنانين الفلسطينيين من القدس والضفة الغربية وقطاع غزة. كذلك أقيمت العديد من المهرجانات الفنية المميزة في مجالات النحت والخزف والسيراميك والفخار والخط العربي، بمشاركة فنانين من ايطاليا، تركيا، ألمانيا، والولايات المتحدة.

اما اليوم فان معرض "ذاكر المكان"، الذي يعكس هوية وتاريخ الشعب الفلسطيني على مدار (1500) سنة الماضية، هو أهم معرض يعرض في صالة العرض لأنه يعكس الحكاية الفلسطينية برمتها. فهذا المعرض المميز أتاح لنا الفرصة كي نوثق تاريخ أم الفحم ووادي عاره بمجهود كبير جدا كلف صالة العرض حوالي (150) ألف دولار. وشمل المشروع إقامة أول أرشيف فلسطيني مصور على صعيد البلاد، والضفة والقطاع، ومن خلاله بنينا طاقما مهيئا يقوده المؤرخ الدكتور مصطفى كبها ويصبو لتجميع الذاكرة الفلسطينية من كبار السن والصور الفوتوغرافية القديمة من سنوات ماضية من مصادر مختلفة.

وقد تم حتى الآن توثيق (150) من أجدادنا وآبائنا الأفاضل من كبار السن من منطقة أم الفحم ووادي عارة، وسجلنا مع كل واحد منهم ما بين 3-5 ساعات، جنبا إلى جنب مع تصوير حوالي (500) شخصية من كبار السن، وتخزين المواد في الأرشيف ليصبح كنزا ثمينا لأهالي أم الفحم ووادي عاره الكرام.

وفي هذه الأيام يجري الاتصال لإقامة علاقة مهنية مع مؤرخين فلسطينيين من الضفة الغربية، وآخرين من سكان الأردن، ليساهموا في تطوير هذا الأرشيف التاريخي- الوطني في المستقبل.

وعلاوة على هذه النشاطات قامت الصالة بإصدار عشرات الكتب والكتالوجات الفنية- المهنية المتخصصة والتي تحتفظ بها كبرى صالات العرض والمتاحف الفنية في البلاد وخارجها. ناهيك عن أفلام الفيديو الفنية التي بادرت الصالة إلى إنتاجها وإخراجها على مدار السنوات الأخيرة.

كذلك يعود فضل بدايات إقامة الصالة إلى شقيقي الفنان، الشيخ وليد أبو شقرة، شيخ الفنانين الفلسطينيين المحليين ورائد الحركة التشكيلية في البلاد. وكوننا ننتمي إلى عائلة فنية منذ الصغر كان له دور بالغ الأهمية في إطلاق هذا المشروع. فهناك- كما ذكرت- شقيقي الفنان فريد أبو شقرة، الذي اشرف على عشرات المعارض الفنية، وشارك في عدد كبير من المعارض الشخصية والجماعية ونال جوائز قيمة على ذلك.

وان انس فلا أنسى دور الفنان المبدع، ابن عمي المرحوم عاصم أبو شقرة، الذي ترك وراءه سجلا حافلا من الأعمال والإبداعات الفنية قبل ان توافيه المنية وهو في ريعان شبابه. وهو ها الفنان الشاب حمزة (كريم) أبو شقرة، الذي سيقيم معرضا فنيا قيما في مدينة طمرة ويبشر بمستقبل فني واعد.

وبالمناسبة فان ابن عمي الشيخ رائد صلاح، رئيس بلدية أم الفحم سابقا، هو أيضا رسام مبدع، ولولا مؤازرته المعنوية الهامة في حينه- كرئيس للبلدية- لكان من الصعب ان ننجح في تحويل فكرة الصالة إلى ارض الواقع.

**ما هو جديد متحف أم الفحم للفن المعاصر؟

-قبل نحو شهر تم الانتهاء من المناقصة العلنية لإقامة المتحف، وشارك فيها عشرات المكاتب الهندسية والمعمارية من البلاد وخارجها، وأيضا من الوسط العربي والضفة الغربية. وقد فاز فيها أهم مكتب للهندسة المعمارية في البلاد وهو مكتب "أمنون بار- أور"، وهو حاليا يعكف على إعداد التخطيطات الهندسية اللازمة تمهيدا للشروع في إخراج مشروع المتحف إلى حيز التنفيذ.

وفي الوقت نفسه نعكف حاليا في الصالة على تجنيد الأموال الطائلة لتحقيق هذا المشروع، الذي سيكون بلا شك أضخم مشروع فني- تشكيلي من نوعه على مستوى المنطقة. مع الإشارة إلى اننا سنواجه صعوبات متوقعة في هذا المجال أخذا بعين الاعتبار الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها البلاد ودول العالم بأسره.

**الم يكن أجدر بكم ان تمنحوا هذا الامتياز لمكتب هندسة من الوسط العربي؟

-من البديهي انه لدى التفكير في إنشاء مؤسسات وبنايات كبيرة ومعقدة ينبغي الأخذ بالحسبان مهنية المكتب الهندسي وتجربته، وهذا شأن الكثير من المؤسسات العربية، مثل المدرسة "الأهلية" ومستشفى "النور" الذي يقام حاليا في أم الفحم، فقد فاز بهما مهندسون يهود بفضل تجربتهم المهنية المثبتة، باعتبارها العنصر الأهم في التخطيط لمشاريع ضخمة ومركبة من هذا النوع.

ومن الجدير ذكره اننا في السابق تعاقدنا مع المهندس المعماري سليمان عبد القادر من الطيبة، وقد فشلت هذه المحاولة فشلا ذريعا، واضطررنا بعدها إلى نشر مناقصة علنية ومفتوحة تفسح المجال لكل المكاتب المعمارية المعروفة ان تأخذ قسطا فيها.

**هناك من يدعي ان هذه الصالة، التي أصبحت صرحا فنيا ثقافيا محليا وعالميا، لا تعطي الاهتمام الكافي للفنان المحلي، حتى ان البعض يدعي انها تتجاهل هذا الفنان؟

-أولا يكفينا جميعا، في أم الفحم ووسطنا العربي، فخرا ان هذه الصالة أصبحت حقا وحقيقة صرحا فنيا وثقافيا على سعيد إسرائيل وخارجها، ويكفينا فخرا أيضا انه بفضلها أصبح يدخل أم الفحم آلاف السياح والزوار.

ومع ذلك فان صالة العرض، وعلى مدار (12) عاما، حرصت حرصا شديدا على فسح المجال لكل الفنانين العرب لكي يعرضوا أعمالهم بكل فخر واعتزاز. ولا يوجد فنان عربي، تقريبا، لم تعرض أعماله على مدار هذه السنوات. وانا أتحدى ان يكون هناك فنان قد تجاهلناه، إذا كان قد توجه الينا وكان عمله الفني بمستوى مهني يليق بمستوى صالة العرض.

وهنا أريد ان أؤكد بصراحة وبوضوح ان صالة العرض عملت بشكل متواصل لكي تبني لنفسها هذه المكانة، والمرموقة والتي تستند أولا وأخيرا على المهنية والتخطيط السنوي المعمق. وليس أمامنا أي اعتبار غير هذه المهنية، خشية ان يتسبب الضرر لهذه المكانة التي تمكنا من انجازها، والحمد لله، بفضل عمل دؤوب وشاق. ولذلك انا على ثقة من تفهم أهلنا وفنانينا العرب من كل مكان لهذا النهج الذي لا يعرف سوى المهنية لتحقيق مسيرة الصالة.

**هناك من يتساءل عن ميزانية الصالة ومصادرها، ومساهمة أهالي أم الفحم فيها؟

-صالة العرض بدأت مشوارها بمبالغ زهيدة جدا ولكن مع الوقت تطورت الفعاليات ومعها تطورت أساليب عملها لتجنيد الأموال، جنبا إلى جنب مع توسع حجم هذه الفعاليات.

وصالة العرض لا تترك أي باب من اجل طرقه وفتحه للمساهمة في دعم فعالياتها، فوزارة العلوم والثقافة والرياضة تقدم لنا ميزانية سنوية، وهذه السنة تم الاعتراف من قبلها بصالة العرض كأهم مؤسسة ثقافية – فنية في البلاد، وهذا الأمر عزز من ميزانيتها للسنة القادمة. كذلك نجحنا في إقناع العديد من الصناديق الثقافية في الخارج والبلاد لتدعمنا سنويا.

اما بالنسبة لبلدية أم الفحم فإنها مشكورة، على ما قدمته لنا من دعم منذ إطلاق الصالة في عهد رئيس البلدية الشيخ رائد صلاح ثم الرؤساء الذين أعقبوه، الدكتور سليمان اغبارية والشيخ هاشم عبد الرحمن وحاليا الشيخ خالد حمدان. فهي مثلا تعفي الصالة من الضرائب السنوية، أسوة بغيرها من الجمعيات الخيرية التي ليست لأغراض الربح. ويكفينا فخرا انها خصصت ارض بمساحة (15) دونما لصالح جمعية "الصبار"، لغرض بناء متحف أم الفحم للفنون المعاصرة، والذي ستبلغ تكاليف بنائه حوالي (30) مليون دولار. وبالطبع فان المتحف وكل ما يملك من وثائق ولوحات نادرة سيكون ملكا خاصا لمدينة أم الفحم وأهاليها، وهذا بحد ذاته انجاز هام أقدمه هدية لمدينة أم الفحم وأهلها بكل فخر واعتزاز، وفي الوقت نفسه فان دعم أهالي بلدنا لا يتعدى ما قيمته عشرة آلاف شيقل سنويا من المتبرعين الأفاضل. ولكنني مع ذلك أقول ان دعم أهالي أم الفحم لهذا المشروع منقطع النظير، ونحن نحظى بتأييد جماهيري واسع ومحبة الأهالي لنا، وخاصة بعد إقامة الأرشيف وتجميع الصور التاريخية المميزة، وهو المشروع الذي فاق في نتائجه كل تصور وتوقعات.

**سعيد أبو شقرة**

-  من مواليد أم الفحم عام 1956.

- خريج كلية الفنون الجميلة في تل أبيب عام 1986، وحاصل على اللقب الجامعي الأول في مجال التربية اللا منهجية عام 1994.

- عمل كضابط أحداث قطري في مجال مكافحة مظاهر الجنوح عند أبناء الشبيبة في جميع أنحاء البلاد، وخاصة في مجال مكافحة المخدرات والعنف، وعمل عدة سنوات محققا في قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة (ماحش) بوزارة العدل.

-  فنان تشكيلي شارك في العشرات من المعارض الفردية والجماعية.

-  في أهم صالات إسرائيل والخارج، وخاصة في ألمانيا والولايات المتحدة.

- أسس صالة العرض للفنون في أم الفحم "بدافع الانتماء والمحبة لهذا البلد الطيب"- كما يقول، وبذل جهودا كبيرة لتحقيق حلم إقامة أول متحف عربي للفن المعاصر في المنطقة بأسرها.

- متزوج من المربية سهام أبو شقرة، مدير مدرسة "ابن خلدون" الابتدائية في أم الفحم، ولهما خمسة أبناء: ملاك (تدرس في كندا للقب الدكتوراة في علم النفس – تخصص أعصاب)، هديل (تدرس طب الأسنان)، محمد (الصف الثاني عشر في المدرسة "الأهلية" – أم الفحم)، روان (الصف العاشر في "الأهلية")، وبشير (الصف السابع في مدرسة "المخلص" الناصرة").

- يعرف نفسه "بالإنسان الفحماوي المحب لبلده، بجبالها ووديانها وشوارعها وأزقتها، وبأهلها على جميع أطيافهم"..!!

**قالوا عن الصالة:

*أسد عزمي- فنان تشكيلي فلسطيني، يافا:

"عندما نقول صالة العرض للفنون الجميلة أم الفحم نقول سعيد وفريد أبو شقرة، وعندما نقول ما قدمته وما تقدمه فهو أن أم الفحم لبست حلة جديدة من قرية فلسطينية نائية إلى عاصمة الفن الفلسطيني، وعندما ننظر بعيني سعيد أبو شقرة إلى المستقبل فاننا نرى متحف الفن التشكيلي المعاصر الذي تفخر به الأمة كلها".

*الكاتب والأديب- سلمان ناطور، دالية الكرمل:

"إقامة صالة العرض للفنون التشكيلية في أم الفحم هي استمرار لموروث فني عربي تاريخي عريق، وحين يتمتع القيمون عليها برؤية مستقبلية واعية وطموح بلا حدود بحيث توثق الذاكرة الفلسطينية من جهة وتبني متحفاً عصرياً لأدوات حداثية من الجهة الأخرى، فان هذه الصالة تصبح معلماً يتجاوز فحماويته وحتى فلسطينيته ويوضع في مواقع حضارية عالمية".

*الإعلامية- إيمان القاسم سليمان:

"صالة العرض للفنون في أم الفحم نجحت في رفع مكانة مدينة أم الفحم بل والجمهور العربي من خلال مسيره طويلة من العمل والانجازات والمبادرات الثقافية والفنية ذات البعد السياسي والتاريخي".

*سليمان منصور- من رواد الحركة الفنية الفلسطينية في الأراضي المحتلة اشتهر برسمته العالمية "جبل المحامل " للقدس الشريف، رام الله:

"صالة العرض للفنون – أم الفحم هي صرح ثقافي عربي هام تقدم الفن العربي الفلسطيني بأفضل صورة ممكنة وتساهم في تطوير الخبرات الفنية العربية بما يتلاءم مع روح العصر".

*الأستاذ محمد كلش- فنان كليغرافيا وخط عربي، كفر قرع:

"صالة العرض في أم الفحم أعطت الوجه الحضاري الحقيقي لمجتمعنا العربي الفلسطيني وأصبحت منصة شرف للفنان العربي أينما كان".

*الدكتور خالد أبو عصبة- باحث ومحاضر في العلوم الاجتماعية، جت المثلث:

"صالة العرض في مدينة أم ألفحم فتحت آفاقا جديدة أمام ألفنان العربي الفلسطيني والمجتمع العربي بشكل عام. ولا شك أن هذا الانجاز العظيم يتمثل بالتواصل مع الموروث الحضاري للمجتمع العربي والتواصل والحوار مع الحضارة الإنسانية أجمع بشكل عام".

*الأستاذ أحمد مصاروة- ناشط سياسي واجتماعي، عرعرة المثلث:

" صالة العرض للفنون أم الفحم استطاعت بقوى خارقة أن تخترق الحصار الإعلامي على أم الفحم وتفرض نفسها على الواقع الحضاري والثقافي داخل إسرائيل وخارجها، وتعمل بإصرار من أجل إظهار الوجه الحقيقي لهذا البلد الطيب".

*تيسير بركات- من رواد الفن التشكيلي الفلسطيني، رام الله:

"صالة العرض للفنون أم الفحم قامت بدور ريادي لتنشيط الحركة الفنية التشكيلية في داخل فلسطين، وقامت بدور ايجابي في التواصل بين الفنانين الفلسطينيين بالضفة والقطاع مع فلسطيني الداخل، وبالتالي قامت بتعريف الجمهور الفلسطيني على التجارب المتنوعة والفنية للفنانين الفلسطينيين. وقد تميزت هذه القاعة بالمعارض الاحترافية من حيث الموضوعات ومن حيث التنظيم والتقديم".

*الدكتور سمير محاميد- مدير المدرسة "الأهلية"، أم الفحم:

"صالة العرض للفنون في أم الفحم فتحت آفاقا لكثير من جيراننا اليهود، ومن أبناء أمتنا من القرى والمدن المختلفة، وأصبحت عنواناً للجميع، عدا عن دورها في دعم النشاط الاقتصادي للمعالم في المدينة، وعدا عن مشاركة المدارس والمؤسسات في فعاليات صالة العرض للفنون".

*الدكتور عفو اغبارية- طبيب جراح وناشط سياسي، أم الفحم:

"صالة العرض هي انجاز وطني وتراثي جدير بالاحترام والتقدير والدعم المعنوي والمادي".