الفقير واللص

م. محمد ماهر مكناس

الحكمة من القصة : " من حفر حفرة لأخيه وقع فيه "

كان سعيد رجلاً فقيراً معدماً .. تكالبت عليه الآفات والأزمات حتى لم تترك له من السعادة والهناء إلا اسمه .. كان يعمل حمالاً في أسواق المدينة يحمل أمتعة هذا وذاك مقابل دريهمات معدودة لا تكاد تكفيه قوت يومه ناهيك عن بقية حاجيات الإنسان من الألبسة والأحذية وغير ذلك من متطلبات الحياة .

ورغم الفقر والفاقة والعوذ فلقد كان سعيد رجلاً طيباً يستعين على مصاعب الحياة بالمرح والمزاح لذلك فقد نال عطف الجميع ومحبتهم ومساعدتهم بين فترة وأخرى .

وجلس سعيد في غرفته الصغيرة المظلمة التي لا تحتوي من مظاهر الحياة إلا فراشاً رثاً ووسادة ولحافاً خلقاً  إضافة إلى قلة ماء ، وخابية مكسورة فيا كمية من الحنطة لا تكفيه سوى اسبوع أو أسبوعين وبينما هو على هذه الحال مطرقاً يفكر في أثوابه الخلقة البالية التي لا ترد لسعات البرد القادم على الأبواب ، إذ به يسمع صوت لص اخترق باب دراه ودخل يريد السرقة .. ضحك سعيد في نفسه من غباء هذا اللص وقلة حيلته .. فكيف يدخل إلى بيت ليس فيه ما يستاهل السرقة فقعد ينظر ذلك اللص ليرى ماذا يصنع .

تجول اللص في بيت سعيد فلم ير شيئاً يستحق السرقة ، فتش في أركان البيت فلم يحظ ولو بقطعة من حديد أو خشب يحملها معه حتى لا يعود بخفي حنين .. وأخيراً وجد الخابية المكسورة وفيها كمية من الحنطة .. فقال في نفسه شئ بسيط أحسن من لا شئ ولكنه استخسر أن يحمل تلك الخابية المكسورة لذلك خلع رداءه ووضعه على الأرض وسكب فوقه الحنطة الموجودة  في الخابية المكسورة ولما رآه سعيد يفعل ذلك ويريد أن يسرق قوته لأسبوعين قام من مخبأه وصرخ بأعلى صوته .. هيه .. أيها اللص الماكر .. والله لاقطعنك إرباً .. أحس اللص بالخطر وعجل بالهرب ناسياً رداءه الجديد وعليه كمية الحنطة التي أراد سرقتها .. نظر سعيد إلى الرداء الجديد وإلى كومة الحنطة فوقه وضحك ضحكة طويلة وقال ، الحمد لله .. الحمد لله  هذا رزق ساقه الله إليك يا سعيد .. حمداً لك يارب العالمين .

أعاد سعيد الحنطة إلى الخالبية .. ونفض الغبار عن الثوب الجديد .. ثم لبس هذا الثوب وخرج إلى السوق يمشي بشئ من الزهو والخيلاء .. لقد رزقه الله ثوباً جديداً يرد لسعة البرد القادم من بعيد .

نظر السارق إلى سعيد وهو يتبختر بثوبه الجديد ولكنه لم يستطع أن يتفوه بكلمة واحدة خوفاً من أن ينكشف أمره أو يعرف الناس أنه هو السارق الذي أراد أن يسرق هذا الفقير المسكين الذي لا يملك شروى نقير .

وقف أهل السوق الطيبين حول سعيد يسألونه عن سر هذا الثوب وهو الفقير المسكين الذي لا يملك قيمة مثل هذا الثوب .. فقص عليهم القصة وهو فرح مسرور وقال : " ومن يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب" وفرح الجميع وضحكوا على غباء هذا السارق وهنأوا سعيداً على ثوبه الجديد.

وسوم: العدد 801