من القدس إلى أمير- كان
رائد عبد اللطيف
لم يصطحب "عربي" زوّادةً، سوى دليل الشاخصات المروريَّة، وأجندةُ المحطَّات؛ سجَّل فيها بعض الملاحظات:
المحطة رقم(1): القدس
جيرانُ الحيّ يتقاذفون بألعابٍ ناريَّة.. وفي الطرف الآخر حواجز ومفرقعات،
قرأ شاخصةً كُتبَ عليها:
ممنوع التجاوز...
إسرائيل... والرَّبُ كريم..
المحطة رقم(2): بيروت
امرأةٌ تتشمَّس إلى جانب مسبح، تشرب (النرجيلة)، ودخان البناء المدمَّر- خلفها- يَملأُ المكان، وأوراق كثيرة على طاولة رئيس المحطَّة مليئة بكلام غير مفهوم..
وشاخصة جديدة، تقول:
منحدر خطر...
لم يغامر ولم يتفحص... فلا يعرف إلى أين سينحدر؟!.
المحطة رقم(3): بغداد:
على مدخل أحدى المدن العراقيَّة، نسورٌ كبيرة، فوق جُثثٍ كثيرة، وغُرابَان، أحدُهما أسود والآخر مُبرقش، تطاير ريشهما وهما يتناتفان، وقطُّ متسول يترقب في جوٍّ مُغبَر، لم يسمح إلا بقراءة شاخصة، تحوي سهماً، كتب تحته:
الهنود الحمر..
وعندما وصل "عربي" إلى المحطة، وجد أمير- كان، لوَّنَ وجوهَ الرعيَّة بحبر من الدم، ووزَّع عليهم شهادات وفاة، كُتب عليها:
الجنسيَّة: هنديٌّ أحمر...
المحطة رقم (4) : عواصم أخَر (ظنَّ أنَّها عربيَّة)
رأى جموعاً غفيرة، مرهقة، والأغلبيَّة نيام...
وشاخصات بعدد الحصا، كتب عليها:
أفضلية المرور للآخر..
وتصبحون على آخر..
المحطة رقم (5): بلاد "العم سام"
شاخصةٌ ضخمة، من تكنولوجيا الزفت المزركش، رسمت عليها جماجم بشريَّة، وفوقها أحرف توسعيَّة، وبما أنَّ "عربي" ليس مُتطوراً وحضاريَّاً، لم يستطع فكَّ رموز تلك الشاخصة.. سأل شخصاً مجهولَ الهُويَّةِ (كأنه إرهابيٌّ!)، فترجمها له، كانت تقول:
ممنوع التكلم مع السائق...
وإلا.. فإرهاب وتطرف.. و..و...
انتفض "عربي" بقوة..
هزَّ رأسه هزةً أرعبتِ الهواء من حوله!!، وإذا هو في محض الخيال، حمد الله أنه لم يكن في الحقيقة؛ فغلَّق عليه أبواب البيت، ودثَّر نفسه..
خاف أن يعتقلوه، فالحلم كان إرهابياً...

