مفردات قرآنية تفضح استعمال العلمانيين مفردات بديلة للتمويه على جرائم أخلاقية

من الأساليب التي يعتمدها من ينعتون أنفسهم بالحداثيين أو العلمانيين  لتمرير ما يريدون تمريره  من فساد يستهدف هوية المجتمع المغربي المسلم  أسلوبا مكشوفا يعتمد طريقة تغيير مفردات قرآنية دالة على فواحش أو جرائم أخلاقية  واستبدالها بغيرها من المفردات المختلقة  التي يتوخون من ورائها نزع  صفة الفحش والجرم عنها تمهيدا لتسويقها وتمريرها في المجتمع بغرض التطبيع معها ، ومن ثم المطالبة برفع التحريم والتجريم عنها .

ومن المؤكد  أنهم يتوخون من وراء ما يخترعونه من مفردات خاصة بهم تغطي على  سلوكات  منحرفة ومتهتكة جر الرأي العام الوطني إلى مسايرتهم  في استعمالها و تداولها ، ومع مرور الزمن ينسى المفردات القرآنية الفاضحة لها .

وفيما يلي ما اخترعوه من مفردات تحيل على الإباحية  والتهتك مع ذك ما يفضحها من مفردات قرآنية :

1 ـ المثلية : وتعني عند دعاتها العلاقة الجنسية بين ذكرين أو أكثر ،وهي علاقة سماها الله تعالى فاحشة ، فقال في محكم التنزيل : (( ولوطا إذ قال لقومه أتأتون  الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون )).

 وفي آية أخرى يقول سبحانه وتعالى : ((  أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم  بل أنتم قوم عادون )). وقال أيضا على لسان نبيه لوط عليه السلام : (( رب انصرني على القوم المفسدين )).

 وقال سبحانه أيضا على لسان ملائكته الكرام الذين أرسلهم لمعاقبة قوم لوط : ((  قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين )).

وقال سبحانه وتعالى أيضا في سياق الحديث عن العذاب الذي سلّطه عليهم : ((  فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد )) .

ومعلوم أن  كلمة فاحشة في اللسان العربي تعني كل فعل أو قول شنيع ،شديد القبح ،بالغ السوء ، الممقوت ،المتجاوز للحد  .

بينما كلمة مثل التي يضيف إليها  الحداثيون أو العلمانيون ياء النسب بقولهم مثلي، فتعني في اللسان العربي الشبه أوالنظير .

وشتان بين ما تعنيه  كلمة فاحشة وما يعنيه  كلمة مثل ، وواضح  أنه  يراد من وراء تسمية سلوكا مشينا باسم لا يعكس قبحه وشناعته التمويه على الكلمة  القرآنية الدالة عليه  بغية طمس معالمها في الاستعمال اللغوي .

وعندما نتأمل النعوت التي وصف بها الله عز وجل قوم لوط نجدها كالآتي :

 ( مسرفون / عادون / مفسدون / مجرمون / ظالمون 

أما كلمة مسرف، فتعني في اللسان العربي  المبالغ والمفرط الذي يجاوز الحد ، وهذا النعت يلتقي مع نعت الفاحش  الممارس للفاحشة في تجاوز الحد والإفراط  في ممارسة الجنس المباح .

وأما كلمة عاد ،فتعني المعتدي ،والمتجاوز للحد أيضا ، وهو نعت يلتقي أيضا مع  نعت الفاحش .

وأما كلمة مفسد، فتعني المخرب أوالمتلف أوالمضر، وتفيد التجاوز أيضا وهي تلتقي مع نعت الفاحش أيضا .

وأما كلمة مجرم، فتعني مرتكب الجرم ، المجاوز للحد  في العدوان ،المستوجب أو المستحق للعقاب ،ويلتقي هذا النعت مع نعت الفاحش في التجاوز أيضا .

وأما  كلمة ظالم ، فتعني الجائر أوالطاغي ، والطغيان تجاوز للحد ، وهذا النعت يلتقي مع نعت فاحش أيضا .

والملاحظ أن هذه النعوت القرآنية  دقيقة الدلالة على فعل قوم لوط  الشنيع ،وهي تلتقي جميع في معان مشتركة تفيد الشناعة والقبح المستوجبان للذم والتجريم والعقاب .

ومعلوم أن طبيعة العقاب تعكس طبيعة الجرم ، ولما كان عقاب الله عز وجل لهؤلاء بجعل عالي قريتهم سافلها ، فإنه دل على شناعة جرمهم .

وبناء على على ذلك، فإن كل من حذا حذوهم  في فاحشتهم تصدق عليه هذه النعوت  وتشمله بغض الطرف عن زمانه ومكانه ، كما أنها تصدق على من يدافع عن تلك الفاحشة المنكرة  المنافية للفطرة  السليمة التي فطر الله عز وجل الناس عليها.

2 ـ الرضائية : وتعني عند دعاتها العلاقة الزوجية بين الجنسين خارج إطار الزواج  الشرعي ، وهي علاقة سماها الله تعالى زنا أو فاحشة ، فقال في محكم التنزيل : (( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا)).

وعلى غرار وصف الله عز وجل  قوم لوط بما يناسبهم من نعوت تعكس  شناعة جرمهم ، وصف أيضا الزناة بما يناسبهم من نعوت فقال : (( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرّم ذلك على المؤمنين)).

فكلمة رضائية نسبة إلى الرضا ، والرضا في اللسان العربي تعني الموافقة والاستحسان والقبول عن طيب نفس ، والارتياح .

وشتان بين معاني كلمة رضائية المنسوبة إلى الرضا  ومعنى  كلمة زنا أو كلمة فاحشة . وقد اختار مستعملو كلمة رضائية كلمة الرضا ذات الدلالات الحسنة الوقع في النفس  لطمس معالم جريمة الزنا الشنيعة التي تتقزز منها النفس ، والتي تدل على ممارسة جنسية خارج إطار رباط الزوجية الشرعي.

وكما خص الله عز وجل قوم لوط بعقاب ، خص الزناة بعقاب كما جاء في قوله تعالى : (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم فيهما رأفة في دين الله  إن كنتم يؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ))  . هذا بالنسبة لحد غير المحصنين أما عقاب المحصنين فهو الرجم حتى الموت كما قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وطبيعة العقاب هنا أيضا تدل على شناعة فاحشة الزنا .

3 ـ الإجهاض : ولم يجد دعاة رفع التجريم عنه لفظا بدليلا يموه على طبيعته الإجرامية  كما فعلوا مع فاحشة قوم لوط بتسميتها مثلية ، ومع فاحشة الزنا  بتسميتها رضائية .

 والله تعالى يسمي الإجهاض قتلا في قوله تعالى :  (( ولا تقتلوا  أولادكم  خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا )) .وإذا كان قتل الأولاد خشية إملاق محرما ، فمن باب أولى أن يكون قتلهم خشية افتضاح  حمل فاحشة الزنا أشد تحريما . وقتل الأولاد بالإجهاض لا يختلف عن قتلهم بالوأد كما كان  الشأن في الجاهلية . و لقد وصف الله عز وجل هذا النوع من القتل بأنه خطء ، ويحكى عن العرب أن الخطء ما كان متعمدا ، أما الخطأ فما كان عن غير عمد. والخطء كما جاء في شعر العرب يعني الفاحشة حيث قال الشاعر :

 ووصف الخطء بالكبير في كتاب الله عز وجل دليل على شناعته .

ومشكلة الحداثيين أو العلمانيين عندنا  أن القرآن الكريم يسمي وينعت بدقة  متناهية أصناف الناس وصفاتهم حسب أفعالهم، فالمؤمنون هم الذين يؤمنون به ، والمسلمون هم من أسلموا له ، والكفار هم  من يكفرون به ،والمشركون هم من يجعلون له شركاء ، والمنافقون هم من يبطنون الكفر ويظهرون الإيمان ، والفاسقون هم الخارجون عن طاعته ...إلى غير ذلك من الصفات والنعوت

ولا ينفع الحداثيين والعلمانيين تلميع الصفات والنعوت القدحية الواردة في كتاب الله عز وجل من خلال استبدالها بنعوت وصفات بديلة توحي بعكس ما تدل عليه تلك النعوت والصفات القرآنية من شنيع الأفعال وقبيحها .

ومن المثير للسخرية أنهم يقعون فيما وقع فيه من وصفهم الله عز وجل بتلك النعوت والصفات القدحية ، ولا تختلف مواقفهم  في شيء عن مواقف من وصفوا بها ، ولكنهم لا يقبلون أن ينعتوا بنعوتهم وصفاتهم ، وتضيق بذلك صدورهم ،ويغضبون، وقد يهددون من يصفهم بها بالمقاضاة مع أنهم لا يترددون في نعت ووصف غيرهم ممن يخالفهم التوجه بنعوت وصفات مسيئة من قبيل الظلاميين والمتزمتين والتكفيريين ...وهلم جرا، ولا يرون في ذلك بأسا بل يعتبرونه ممارسة لما يسمونه حقا مكتسبا ومشروعا دونما أدنى التفات إلى  ما يتسببون فيه من إساءة لغيرهم .

ونختم بالقول إن أنجع طريقة لمواجهة أسلوب الحداثيين والعلمانيين المكشوف في تلميع ما يرومون تمريره أو تسويقه إعلاميا من قبيل الأمور الإباحية الساقطة ، هو مواجهة ما يخترعونه من مفردات بمفردات قرآنية فاضحة لها.

وسوم: العدد 848