هوامش على وثائق قيصر .. ( 8 )

الحقَّ أقول لكم : وإنقاذ من بقي أولى ... لو كانوا صادقين !!

ونعلم جميعا أن خمسا وخمسين ألف صورة في وثائق قيصر ، إنما وثقت مقتل أحد عشر ألفا من السوريين ، في زمن محدود ..

ونعلم جميعا ، كما يعلم المندوبون في مجلس الأمن وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى كل منابر القرارات السياسية والإنسانية في العالم ، أن أعداد " معتقلي الرأي " في سورية المستباحة يعد بمئات الألوف ..

ونعلم ويعلمون ...

 أن في غمار هؤلاء المعتقلين من الأطفال والنساء والشيوخ والزمنى والمرضى ما لا نملك أن نقول حيال كثرته وتجاوزه غير : حسبنا الله ونعم الوكيل ..

ونعلم ويعلمون ..

أن " الهولكست السوري " في هوله ، وفي مساحته وعمقه وامتداده في الزمان والمكان ، قد تجاوز كل هولكست شهده التاريخ ؛ في رواندا أو في البوسنة أو حيث وضع قدما همجية النازي المجرم القبيح ..

ونعلم ويعلمون ..

أن وثائق القيصر لا تعطي صورة عن تاريخ سبق ، ولا عن جريمة مضت وانقضت، وإنما هي عينة حيّة عن جريمة مستدامة ما تزال فصولها تجري حتى الساعة ..

حتى الساعة ما زال على كرسي السلطة في سوري مجرمون طليقون يستبيحون من الإنسان روحه وعقله وعصبه وجسده وضروراته الأولوية وبأبشع الصور ، وبأقسى الأساليب..

نكتب هذا ...

 وما يزال السوط يلهب الظهر ، وما يزال تيار الكهرباء يصعق .. وما يزل الدولاب يطوي الإنسان كطي السجل ، وما يزال الإنسان المشبوح معلقا من يديه أو من رجليه ، وما يزال الجوع يفري حتى يتمنى الجائعُ الموتَ أن يزور ..وما يزال العطشان لا يجد الثرى يمد إليه لسانه ، ما تزال الحرائر يصرخن ، وما يزال الأطفال الأسرى يتضاغون .. وما يزال ..وما يزال ..وما يزال ..وما يزال العالم المزهو في شخص بوتين وترامب وماكرون مصر على الذهاب في الجريمة مع المجرم وبه حتى النهاية التي لم نعد نعرف لها حدا أو غاية ..

معاقبة المجرم حق وعدل وواجب نعم ..

ولكن الحقَّ والحقَّ أقول لكم : الأخذ على يده لئلا يتمادى في جريمته أحق وأولى وأوجب ..وقف الجريمة أولى ، ومنع المجرم من التمادي هو الأبدى ..وما زال إنقاذ من يمكن إنقاذه أولوية الحكماء من أصحاب العقول والقلوب ..

أقول للأدعياء المغرورين وللذين بقولهم يقولون..

أوقفوا الجريمة في سورية ..

خذوا على يد المجرمين فيها ..

ثم حاسبوهم على ما جنت أيديهم ..

حياة السوريين مهمة كما حياة الخلق أجمعين..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 882